مقالات وآراء
يوميات حسين الاعـظمي (1351)- مانشيت/ 7 التراث الاندلسي العربي
- تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 12 حزيران/يونيو 2025 20:31
- كتب بواسطة: حسين الاعـظمي
- الزيارات: 858
حسين الاعـظمي
يوميات حسين الاعـظمي (1351)
مانشيت/ 7 التراث الاندلسي العربي
حلقات مقتطعة من كتابي (افكار غناسيقية) الجزء الثاني، كتاب مخطوط لم يصدر بعد.
بعض المانشيتات الداخلية من (الفصل الثالث) والبحث المشارك في (مؤتمر الحضارة الاسلامية في الاندلس/ القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي) بالعاصمة الجزائرية آذار 2007.
البحث (الموسيقى الاندلسية، في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي).
***
مانشيت/ 7 التراث الاندلسي العربي
فكرة عن الموسيقى الاندلسية
تميز التراث الغناسيقي الاندلسي العربي الاسلامي بشمولية طابعه الموحد في اصوله والمتنوع في روافده. مستمدا طابعه من الروح الاسلامية واللغة العربية. وقد كان لاهالي سكان شمال افريقيا الاصليين، دورا كبيرا ومهمّاً في تبلور الابداع الفني العربي الاسلامي عموما والمغاربي الاندلسي على وجه الخصوص. وازدهاره واثرائه بخصوصيات شكلية وتعبيرية ميزته عن باقي الاشكال والمضامين التعبيرية لموسيقى الشعوب العربية الاخرى. فضلا عن دور كبير آخر في نشر هذا التراث الغناسيقي العربي.(هامش1)
بدأت اولى الفتوحات الاسلامية للشمال الافريقي عام 647م وبنى القائد العربي الكبير عقبة بن نافع مدينة القيروان عام 670 م فكان التأثير الاعظم للموسيقى العربية في الشمال الافريقي مع توافد عشائر اعراب بني هلال على البلاد منذ القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي.
وفي القرن التاسع وحتى العاشر الميلادي، إنتقل عدد كبير من الموسيقيين والشعراء الى الاندلس وعلى الاخص في عهد عبد الرحمن الناصر وابنه الحكم. والمغربين الاوسط والاقصى وجزيرة صقلية فضلا عن اقطار المشرق العربي. وما أن حلَّ النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي، حتى بلوغ القرن السادس الهجري. وقع في المغرب العربي و ليبيا حدث كبير، حيث دخلت جحافل قبائل بني هلال وبني سليم إليها، وفي نفس التاريخ اسس المرابطون غربي البلاد اول امبراطورية مغربية(1056 – 1147م) وعاصمتها مراكش. إمتد نفوذها من المغرب الاقصى حتى الجزائر شرقا والاندلس شمالا. عصر إزدهرت فيه الروابط الثقافية وإزدادت متانة، وبرز فيه فن التوشيح الذي نما وتألق من خلال مبدعيه البارزين. يحيى بن بقي، الاعمى التطيلي، الامام الاعظم ابو بكر بن باجة (1070 – 1138م).
وفي تونس إزدهرت مدينة المهدية التي إستقبلت أبا الصلت أمية بن عبد العزيز الداني الاندلسي(1067 – 1134م). وكان متضلعا في الآداب والعلوم والفنون، وإليه تنسب الاغاني الافريقية. وشاعت طريقته التي استمر بها ابنه عبد العزيز المتوفى سنة 1152م اذ وصلت حتى مدينة بجاية. وفي فترة الموحدين(1147 – 1269م) توطدت العلاقات الثقافية بين المغرب والاندلس. وكان للغناء والموسيقى استمرارا في الازدهار والتطور. وبمرور الزمن وبعد سقوط غرناطة(1491م) اصبحت بلاد المغرب عرضة للمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفي عهد الاحتلال العثماني جرى تقسيم المغرب العربي الى الوضع الذي نعرفه الان، المغرب والجزائر وتونس وليبيا..!!
رصيد النوبات
يعتبر رصيد النوبات من خصوصيات التراث الموسيقي الكلاسيكي للمغرب العربي برمته. اذ يعرف بـ(المدرسة المغاربية الاندلسية) ومن الجدير ذكره ان هذا الرصيد يسمى في كل من ليبيا وتونس ومدينة قسنطينة بالجزائر بـ(المالوف)، وفي العاصمة الجزائرية بـ(الصنعة)، وفي مدينة تلمسان الجزائرية بـ(الغرناطي)، وفي المغرب يسمى بـ(الآلة) او الطرب، في حين ان مصطلح(الموسيقى الاندلسية) يعتبر حديث التسمية. حيث ظهر في عهد الاحتلال الفرنسي. والرصيد يتكون من عدد من النوبات، والنوبة عبارة عن "تاليف موسيقي" متكامل يتضمن مجموعة من القوالب الآلية والغنائية تتتالى حسب نسق معين. وهي تعتمد في تراكيبها اللحنية على وحدة الطبع(اي المقام). اما نظامها الايقاعي فهو متنوع في تركيبته وسير حركته، وتكون من خمس مراحل غنائية اساسية، لكل منها ايقاع خاص تسمى باسمه من البطئ الموسع الى الخفيف السريع. ويعتبر هذا الرصيد قاعدة موسيقية متينة، ثري المعاني ودقيق التركيب، فهو ثمرة عريقة ووليد مجتمع متمدن.
تبلور الموسيقى الاندلسية في الشكل والمضمون
ما أن حلَّ القرن العشرون الميلادي يبشِّر بديناميكية جديدة للحياة، حتى غدا التطور الصناعي يزداد إتساعا وقوة بصورة عامة في كل مجالات الحياة. وغدت الموسيقى والغناء بطبيعة الحال من اكثر ظواهرالحياة تاثراً وظهوراً على ساحة الواقع. وغدا ايضاً، التطور الملحوظ لاجهزة النشر والحفظ والتوزيع والتسجيل، من المعالم الكبيرة التي ميّزت هذه الحقبة الزمنية. مما حتّم ذلك على الانسان، والانسان المبدع بصورة خاصة ولأول مرة. ان يخرج من طوق المحلية الى آفاق واسعة رحبة اخرى خارج هذه المحلية. وقد أتاح هذا التطور المستمر في تزايده فرصاً جديدة اخرى للإبداع والتفكير والإبتكار اكثر من السابق بكثير ومن خلال الوسائل الكثيرة التي استحدثت نتيجة هذا التطور المطّرد. وطبيعي ان الإبداع قد شمل الكثير من نواحي الحياة، بل الحياة برمتها، بفنونها وعلومها. وكانت الإبداعات الفنية اكثر ظهوراً من غيرها على ساحة الحياة باعتبارها فنوناً تهتم بها غالبية المجتمعات. وكان ما أصاب الفنون التراثية الشيء الكثير من ذلك، وفي اخصِّها كانت الفنون الموسيقية التراثية. وفي المغرب العربي كان الرواد الاوائل من فناني هذه الموسيقى، الحاج العربي بن صاري في الجزائر وخميس ترنان في تونس والفقيه المطيري وعمر الجعيدي في المغرب. أول من أثارالانتباه الى الموسيقى الاندلسية والمغاربية من خلال جهاز التسجيل الصوتي مطالع القرن العشرين. حيث امست هذه التسجيلات منعطفاً جديداً في تاريخ التطور التراثي المغاربي الاندلسي. خاصة بعد تسجيلات القاهرة ابان انعقاد المؤتمر الاول للموسيقى العربية عام 1932 وما تلا ذلك، فقد وضع اولئك الفنانين الكبار الأسس المتينة لتدوين هذه الغناسيقى لاول مرة عن طريق جهاز التسجيل الصوتي التي سار على هدْيِها المؤدون اللاحقون من بعدهم.
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
هوامش
- مكالمة هاتفية اجراها الباحث من عمّان مع الباحث الموسيقي الامين البشيشي في الجزائر يوم 8/شباط/2007.
صورة واحدة/ من أحد مهرجانات المقام العراقي في عام 1986. حسين الاعظمي يغني ترافقه الفرقة الموسيقية من اليمين سامي عبد الاحد وستار جدوع ونصير شمة ومحمد كمر ووسام العزاوي وعلي كامل ومحمد مرزوق.