د. حسين الديك
تحول استراتيجي في الموقف الاوروبي من اسرائيل
د. حسين الديك
اعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية عن تعليق دعم الاتحاد الأوروبي لإسرائيل، ومناقشة فرض عقوبات على وزراء متطرفين ومستوطنين، وتعليق جزئي لاتفاقيات التجارة مع اسرائيل ،حيث وقعت اتفاقية الشراكة بين اسرائيل والاتحاد الاوروبي في بروكسل في 20 نوفمبر 1995، ودخلت حيز التنفيذ في 1 يونيو 2000، بعد التصديق عليها من قِبل برلمانات الدول الخمس عشرة الأعضاء والبرلمان الأوروبي والكنيست، حلت محل اتفاقية التعاون القديمة لعام 1975م وبهذا القرار تصبح هذه الاتفاقية في خطر ومجمدة جزئيا بين اسرائيل والاتحاد الاوروبي.
فرغم الانقسام في الموقف الاوروبي الذي سيطر طيلة الاشهر الماضية الا ان هذا التحرك يعتبر تحولا استراتيجيا ولطالما أعربت دول عدة، منها ألمانيا والنمسا والمجر وبلغاريا وجمهورية التشيك، عن معارضتها لفرض عقوبات على إسرائيل من اجل إتاحة الوقت لتقييم الوضع على الأرض، وفي ذلك صرح رئيس وزراء التشيك بيتر فيالا "ندعم إسرائيل، ونسعى لضمان أن تكون جميع القرارات المتعلقة بالوضع في غزة متوازنة، ولكن لا يعني هذا أن دعمنا غير مشروط، أو أننا ندعم كل خطوة تتخذها الحكومة الإسرائيلية".
ومن جانب اخر رحبت الحكومة الإسبانية بمقترح المفوضية الأوروبية تعليق التعاون بشكل جزئي مع إسرائيل، لكنها رأت أن على الاتحاد الأوروبي اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في قطاع غزة وتعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، كما واعلنت مملكة هولندا بانها سوف تمنع وزراء متطرفون في الحكومة الاسرائيلية من دخول اراضيها وصرح رئيس وزراء هولندا بأن بلاده تؤيد خطة تعليق مشاركة إسرائيل في برنامج "هورايزون أوروبا" إذ خلص الاتحاد الاوروبي إلى أن إسرائيل لا تفي بالتزاماتها المتعلقة بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة وأضاف أنه في هذه الحالة، "سوف تضغط هولندا أيضا من أجل اتخاذ المزيد من الإجراءات الأوروبيةفي مجال التجارة".
وقال رئيس وزراء سلوفينيا روبرت جولوب "نتوقع أن توافق الدول الأعضاء على اقتراح تعليق مشاركة إسرائيل جزئيا في برنامج هورايزون أوروبا بأغلبية مؤهلة، وسوف تواصل سلوفينيا الدعوة إلى اتخاذ إجراءات أكثر حسما ضد الحكومة الإسرائيلية"،و أعلنت الحكومة السلوفينية ان وزراء إسرائيليين غير مرغوب بهم في سلوفينيا ، حيث إنهما يحرضان على العنف وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان الفلسطيني بتصريحات تردد أنها إبادة جماعية.
ان تلك القرارات تشكل اعادة صياغة للمشهد الجيو استراتيجي للعلاقة ما بين الاتحاد الاوروبي واسرائيل ، اذ يعتبر الاتحاد الاوروبي الشريك التجاري الاكبر لإسرائيل ، اضافة الى العلاقات الجيو استراتيجية المميزة بين دول الاتحاد الاوروبي واسرائيل والتي تميزت بالتحالف على صعيد القيم المشتركة والقيم الثقافية والحضارية ، فان تلك القرارات تشكل صفعة قوية لحكومة بنيامين نتنياهو لأول مرة في تاريخ اسرائيل من قبل الحليف الاوروبي التاريخي لها.