اخر الاخبار:
سامراء.. القبض على الإرهابي "أبو إخلاص" - الخميس, 30 تشرين1/أكتوير 2025 20:34
فائق زيدان يوجه بإزالة اسمه من أحد شوارع الموصل - الأربعاء, 29 تشرين1/أكتوير 2025 11:14
ترمب: إن لم تُحسن حماس التصرف فسيتم تدميرها - الأربعاء, 29 تشرين1/أكتوير 2025 11:11
العراق.. توقعات جوية غير متفائلة للموسم المطري - الثلاثاء, 28 تشرين1/أكتوير 2025 19:26
نتنياهو يأمر بتنفيذ ضربات قوية وفورية في غزة - الثلاثاء, 28 تشرين1/أكتوير 2025 19:22
انخفاض كبير في أسعار الذهب في بغداد واربيل - الثلاثاء, 28 تشرين1/أكتوير 2025 11:10
البطريرك ساكو يشارك في مؤتمر عن السلام بروما - الثلاثاء, 28 تشرين1/أكتوير 2025 11:04
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

المغرب، وطني الجريح// عبدالحق الريكي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

عبدالحق الريكي

 

للذهاب الى صفحة الكاتب 

المغرب، وطني الجريح

عبدالحق الريكي

المغرب

 

لقد قررت اليوم أن أخطو خطوة جديدة في مساري ونضالي من أجل العدالة والحرية والكرامة. قررت أن أقول لكم، بصراحة ودون مواربة، إنني لا أوافق على مضمون خطابكم ليوم الجمعة 11 أكتوبر 2025. لا تتسرعوا في الحكم على كلامي قبل أن تقرؤوا هذه الرسالة حتى نهايتها.

 

ما أقدِم عليه اليوم فعلٌ نادر وخطير في مجتمعنا. خطير، لأن بعض أفراد عائلتي وأصدقائي يعتقدون أن مجرد مخاطبتي لجلالتكم قد يعرّضني للسجن، أو لما هو أسوأ، كما حدث لأصوات حرّة أخرى، وعلى رأسهم الزعيم السابق لجماعة العدل والإحسان. ونادر، لأن من غير المألوف في بلادنا أن يجرؤ مواطن بسيط على مخاطبة ملكه بهذه الصراحة.

 

لكن الظلم الذي ينخر مجتمعنا أقوى من كل خوف أو تردد. والانحرافات التي نشهدها بلغت مستويات غير مقبولة، خصوصاً في هذا القرن الواحد والعشرين، من طرف حكومتكم.

 

آلاف الشباب اعتُقلوا ظلماً وبشكل تعسفي من طرف مختلف أجهزة الأمن. الأرقام الرسمية تتحدث عن 400 معتقل، لكن مصادر أخرى تقدّر العدد بالآلاف — شباب لم يكن “ذنبهم” سوى استجابتهم لنداء حركة "جيل زد".

 

في البداية، فكرت في إيصال هذه الرسالة إلى جلالتكم عبر بعض أعضاء ديوانكم، على أمل أن تصل إليكم شخصياً. لكنني كنت أعلم أن المرور عبر القنوات الرسمية سيجعلها تُعترض من طرف بعض مستشاريكم النافذين، الذين سيرمونها في سلة المهملات قبل أن تصل إليكم. عبثاً.

 

لذلك قررت اليوم أن أجعل هذه الرسالة علنية، حتى تصل إليكم دون تحريف أو رقابة أو تلاعب. أكتب إليكم لأن الوضع أصبح لا يُطاق، ولأنه يهدد بانفجار مآسٍ إنسانية واجتماعية حقيقية.

 

حركة جيل زد، شكّلت نقطة تحوّل. ومع ذلك، لا تزال أجهزتكم الأمنية تمارس الترهيب والابتزاز والإذلال ضد الشباب الذين يرفضون الانصياع. كل شيء يُسخّر لإسكات الأصوات: الترغيب، التهديد، الرشوة، القمع. إنها آلة تعمل في الظل، بانتظام، لإخماد كل بارقة أمل.

 

أنا مدرك تماماً لما أكتبه، وأتحمل مسؤوليته كاملة. لأن الكيل قد فاض. لقد رأيت رجالاً ونساءً يبكون كالأطفال، عاجزين عن فهم ما يتعرضون له من اضطهاد أو ما يعانيه أبناؤهم وبناتهم وأقرباؤهم.

 

عند قراءتكم لهذه السطور، قد تتخذون إحدى ثلاث مواقف:

الأولى، موقف اللامبالاة — لأنكم تعلمون كل ما يجري في البلاد، وتقبلونه.

الثانية، موقف الملك الذي تصله المعلومات جزئياً، فيسأل مرافقيه عن التوضيحات.

الثالثة، موقف الملك الذي يُفاجأ حقاً بما يقرأ — وفي هذه الحالة، قد يتسرب العرق البارد إلى جسدكم قبل أن تأمروا فوراً بالتحقيق والمساءلة.

 

وأتخيلكم أيضاً، جلالتكم، بعد نشر هذه الرسالة، محاطين بمستشاريكم الغاضبين والمصدومين لأن مواطناً بسيطاً تجرأ على مخاطبة ملكه بهذه الطريقة.

 

أراهم يستعدون للرد، يسلطون الضوء على “العبارات الجارحة”، محاولين إقناعكم بضرورة إسكاتي بأي ثمن. سيقول المتشددون: «من يظن نفسه؟ من يكون ليتجرأ على كتابة رسالة كهذه ونشرها؟» ثم يضيفون باستهزاء: «واش هادي ظسارة؟ فين مشات الهيبة؟» قبل أن يقترحوا العقاب الصارم "ليكون عبرة".

 

سيقولون إنني مجرد مواطن بسيط، بلا حزب، بلا نفوذ، ومن الريف لا من فاس أو الرباط. وبالتالي يمكن معاقبتي بلا خوف ولا ضجة.

 

أما المعتدلون فسيطالبون بالتحقيق والتمهل. والأكثر حذراً سيقولون إن هذه الرسالة لم تُكتب دون دعم من جهات سياسية أو إعلامية، وسيقترحون المراقبة الهادئة إلى حين.

 

وأنا أتخيلكم، جلالتكم، تصغون إلى الجميع، تزنون كلماتهم، قبل اتخاذ قراركم — أيّاً كان.

 

لكن قبل أن أصل إلى تلك اللحظة…

اسمحوا لي أن أقول إنني حزين بعمق لما آلت إليه الأمور. لقد قضيت أكثر من سبعة وستين عاماً من عمري في خدمة هذا الوطن الذي منحني كل شيء: عملاً، راتباً، تقديراً، بيتاً، أسرةً، وأبناء. لست من أولئك الذين لا يرون سوى الظلام.

 

لقد سمح لي المغرب بالتعبير عن آرائي، وخضت معارك اجتماعية ونقابية كثيرة. عرفت النجاح والإخفاق، الصراع والاتفاق، لكنني لم أسع يوماً وراء المجد أو المال. السياسة عندي واجبٌ أخلاقي قبل أن تكون طموحاً شخصياً.

 

ربما يُقال عني أنني حالم — لا بأس. أستعير قول فرانسوا ميتران: «لقد كان لحظة سياسية جميلة» — مؤتمر نزيه، حملة كريمة، نصرٌ مستحق. تلك اللحظات تمنح المعنى للنضال. لذلك كنت وسأظل في صف المظلومين ضد الظالمين.

 

أعلنها صريحة: إن الظلم والإهانة بلغا حدّاً لا يُحتمل. خرجنا من الربيع العربي بآمال دستورية جديدة، وبفضاءات حرية، فكيف نقبل اليوم أن يُهان شبابنا ويُقمع؟

 

جلالتكم، لا أكتب لأتحداكم أو لأضع نفسي في مستواكم. كلا. أكتب لأقول بصوت مرتفع ما يُقال همساً، لأدعوكم إلى النظر في عمق ما يجري. فالمجتمع المغربي يعيش اليوم في دوامة خوف وقلق، وإن استمر المسار الحالي، فسيترك وراءه جسداً اجتماعياً مريضاً — قنبلة موقوتة.

 

ما زال بين أيديكم، جلالتكم، السلطة — والواجب — لاتخاذ قرارات شجاعة تعيد العدالة للمظلومين وتضمد الجراح. فأنتم قادرون على سماع صوت شعبكم وحمايته.

 

أما أنا، عبد الحق الريكي، مواطن لا رعية، فضميري مرتاح. اخترت طريق المقاومة السلمية، لا من أجل المجد أو الشهادة، بل من أجل السلام والكرامة، على نهج المهاتما غاندي.

 

قد يحاول بعض الأجهزة مضايقتي أو عزلي أو تلفيق التهم ضدي، لكنهم لن يستطيعوا قتل فكري ولا إسكات صوتي. فالتزامي بالحق والعدالة والكرامة باقٍ لا يتزعزع.

 

تذكّروا أن دستور 2011 منح الملك صلاحيات تقابلها مسؤوليات. فالمادة 42 تجعلكم ضامناً لوحدة الأمة وحامياً للحقوق والحريات، والمادة 51 تخوّلكم حلّ البرلمان في إطار القانون، والمادة 58 تمنحكم حق العفو. هذه ليست امتيازات فقط، بل أمانة تستوجب الحكمة والعدل.

 

لقد صوتُّ على دستور 2011 آملاً في قيام ملكية برلمانية — ملك يسود ولا يحكم. ومع ذلك، فالتصويت لا يعني الصمت أمام الانحرافات. حاولت مراسلة وزارة الخارجية والمندوبية السامية لقدماء المحاربين دون جدوى، وسأكتب حتى إلى ملك إسبانيا إن لزم الأمر، لأنني أرى أن مساعيي الرسمية أُهملت.

 

لديّ الكثير لأقوله، لكنني أختتم هنا مؤقتاً، وأترك لجلالتكم ضمير القرار ومسؤولية الجواب.

إنكم تملكون السلطة والواجب لإعادة الحرية إلى الشباب، ولجبر ظلم المظلومين، ولإعادة البسمة إلى أطفال المعتقلين.

أما أنا، فقد قمت بما يمليه عليّ ضميري. ضميري مرتاح.

 

مع خالص الاحترام لمقامكم السامي،

 

عبدالحق الريكي

إمزورن – الرباط، 11–25 أكتوبر 2025

ملاحظة: رسالة مستوحاة ومعدّلة من نص سابق.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.