اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

حول الاحالات للاستثمار.. مصنع فوسفات القائم// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعد السعيدي

 حول الاحالات للاستثمار.. مصنع فوسفات القائم

سعد السعيدي

 

 

سبق وان سجلنا اعتراضنا لمرات عدة في السابق على احالة شركات القطاع العام الى الاستثمار. والاستثمار هو كما يعرف الجميع ليس إلا بيعا للمعامل الوطنية حيث لا تكون تسميته بالاستثمار إلا كذبا صريحا، حيث تصبح كل احالة في ظل غياب اجماع وطني عليها سرقة. لعلم القائمين على عمليات السرقة هذه هو ان القطاع العام ليس مجرد مبان ومكائن تائهة على الارض. انه اصول صناعية تعود لنا بنيت بالمال العام لتأدية وظيفة اجتماعية واقتصادية، اي وطنية. ولا يمكن الاستمرار بالعمل وفق قانون الاستثمار الذي شرع بعجالة من خلف ظهورنا العام 2006 من قبل نواب فاسدين خلال فترة الاحتلال. فلابد من اعادة النظر فيه وإبعاد القطاع العام عنه.

 

الخبر الذي يدور الكلام حوله هنا هو المتعلق بمصنع فوسفات القائم. يقول الخبر الذي يعود تاريخه الى ايار الماضي بانه قد جرى تأجيل العمل في إعادة تأهيله. وإن وزارة الصناعة والمعادن كانت قد احالت هذا المعمل أواخر كانون الأول الماضي كفرصة استثمارية الى شركتين تشيكية وبرتغالية لمدة 25 عاما بعدما كانت هيئة استثمار الأنبار قد طرحته للاستثمار في نيسان عام 2018 للشركات العالمية. وهذا المصنع الذي كما قال مدير الهيئة مهدي صالح النومان بقيمة 700 مليون دولار، قد تعرض للسرقة والدمار من قبل عصابات داعش الإرهابية.

 

حول هذه الحجج والاقاويل لدينا هنا ملاحظات. اولها هو ان الدولة العراقية هي المسؤولة عن التفريط بالمعمل عندما تركته نهبا للاوباش. ويكون غامضا لنا سبب عدم مبادرة هذه الدولة الى نقل المصنع الى محل آمن لدى علمها بوجود هؤلاء على مقربة فيما لو كانت تقدر فعلا قيمة المال العام. ونحاول الا نشك بتعمد الدولة ممثلة بالمالكي وقتها ترك المعمل يسقط بيد داعش ونهبه. لذلك لا يمكن ان تكون نتيجة الجريمة الحكومية في التقصير بحماية اصول البلد الصناعية هو بعرضها للبيع. ولنا الحق في حال حصول هذا بمقاضاة الدولة على تعمدها التفريط بهذه الاصول وهدر المال العام وتعريضه للضياع. ومقاضاتها مرة اخرى على قيامها بعرض المصنع للبيع (او الاستثمار سموه ما شئتم) بحجة تعرضه للتدمير!! وهو ضحك على الذقون يبين فقط مستوى الضحالة والاستهتار واللصوصية التي انحدرت اليها حكومات 2003.

 

علاوة على ذلك فالحكومة السابقة التي قامت باحالة المصنع لم تكن إلا حكومة مستقيلة تقوم بتصريف الاعمال. وهي بحالتها هذه التي تعني انعدام الثقة بها تعني عدم وجود تخويل بالتصرف باموال الدولة. والاحالة التي حصلت بعد استقالتها هي تصرف غير قانوني ومرفوض ونعتبره لاغ.

 

وقد كتبنا وكتب الكثيرين من الناشطين في السابق حول امر بيع معامل القطاع العام حيث يلقى هذا الامر معارضة شعبية كبيرة. لذلك نكرر بان استمرار التصرف بالاصول الوطنية خلال فترة تصريف الاعمال هو سرقة وتجاوز على المال العام والارادة الشعبية. وكان يجب تأطير امر حكومة التصريف وما يحق لها القيام به وما لا يحق بقانون. لكن يبدو ان علينا الانتظار طويلا جدا قبل الحصول على مجلس نواب نظيف ناهيك عن حكومة نظيفة اليد هي ايضا، يحترمان انفسهما وشعبهما ويستمعان اليه.

 

كذلك فحسب ما يقول الخبر فان إنتاج المعمل له مردود مالي كبير يخدم الدولة العراقية والقطاع الزراعي. واعجباه !! لما كان الامر كذلك لماذا جرى طرحه للبيع إذن، ام لعل الهدف كان الدعاية بمعنى ان ثمة من هو مستعد لبيع كل ما هو مربح ماليا؟ يلاحظ بانه في امر الشركات المعروضة للبيع انه تارة يقال بانها خاسرة تكلف الدولة مبالغا لاعادة تأهيلها لذلك يتوجب طرحها للاستثمار.. وتارة يقال عنها انها رابحة وتكون بالتالي مربحة للمستثمر، مثلما جرى لمثال آخر هو معمل البان ابو غريب!! وكل هذا كما يرى ليس إلا تحايلا مفضوحا.

 

ومن الناحية الاقتصادية لن يكون طرح الاستثمار خدمة للبلد ابدا على العكس. إذ سيتوجب في هذه الحالة توفير دعماً مالياً حكومياً للاسمدة المنتجة بعد شرائها من معمل القطاع الخاص هذا. اي اننا سنخسر عدة مرات، مرة بشراء المنتج باسعار المالك الجديد ومرة اخرى بتوفير الدعم الحكومي. بينما فكرة بناء هذا المصنع كانت بالضبط لتجنيب الدولة (ذات الموارد غير الكافية اصلا وإن كانت نفطية) الاضطرار لتوفير الاموال لشراء الاسمدة الزراعية. ومع الفساد الناشب في العراق حيث يجري ما شاء الله تناسي جمع ضرائب الدخل من الافراد والشركات على حد سواء تكون هذه خسارة اضافية ثالثة. ولا من ضمان لنا طبعا من عدم وقوع الامر كله في خانة الفساد اكثر حيث ستدخل فيه المحسوبيات والرشاوى والابتزازات مما نرى حصوله في كافة انحاء البلد... وهلم جرا. بعدها لا ضمان لدينا خامسا من رصانة الشركتين او تطابق الاحالة مع القانون خصوصا مع "الخبرة" التي تكونت لدينا مع الشركات الرصينة منذ ايام شركات استثمار الكهرباء... كل هذا يسهم في حرمان الدولة من موارد لها لخنقها ولتتحول الحكومات بهذه الطريقة الى قاتل اقتصادي. وكل الامر يجري لارضاء جهات دولية كما هو واضح.

 

ومع بيع المصنع للاجانب نتوقع حدوث طرد للعمالة المحلية واستبدالها بالاجنبية مما سيزيد البطالة. وهو ما نرى حدوثه مع كل الشركات العربية والاجنبية العاملة في البلد. وهذا هو من نتائج تقاعس الدولة وتراجعها عن فرض تطبيق شروطها وقوانينها. وهو عكس ما جرت اشاعته حيث ان تشغيل العاطلين هو احد الحجج المستخدمة لتبرير تصفية معامل القطاع العام.

 

وكما ذكرنا يجب عدم التعويل على مجلس النواب. إذ ان لهذا المجلس مصلحة في بيع مصانع الدولة ليصبح بدوره قاتلا اقتصاديا اضافيا. ولو لم يكن الامر كذلك لما استعجل تشريع قانون الاستثمار آنف الذكر وصمت عنه من يومها. وما زال مجلس النواب الذي لا يتمتع بالاستقامة او نظافة اليد او ثقة الشعب مليئا بخبراء القتل الاقتصادي، حيث يجهد العراقيون لحله منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في تشرين اول الماضي.

 

وربما قد جرى الانتباه الى الالعوبة اياها حيث تكرر الدولة الضحك علينا. فمع ادعائها هي ومهرجيها النيابيين عدم توفر المال اللازم لاعادة تأهيل الشركات الحكومية، كادعاء المالية النيابية التي قالت ذات يوم بان تلك الشركات خاسرة تُثقل ميزانية الدولة من خلال رواتب موظفيها، نرى توفر هذه الاموال لترسل الى الاقليم والى الكويت لتعويضاتها بمئات المليارات والى الفضائيين ومزدوجي الرواتب بانواعهم مع مختلف اشكال الهدر والسرقات في الموارد العامة.

 

بهذا نرى تشتيت حكومات القاتل الاقتصادي، اي حكومات 2003 للمال العام لتدعي العوز ولتقوم بعدها بسوق التبريرات لعرض معامل القطاع العام للبيع. على هذه الحكومة ايقاف عمليات الخصخصة المقنعة بالعوبة الاستثمار هذه، او سنبادر الى مقاطعة منتجات كل معمل مستثمر بهذه الطريقة حتى تعود ملكيته بالكامل للشعب. وهذا في حال رفض مالكي المصنع التخلي عنه طوعا. نكرر بانه لا يحق لاية حكومة احالة اي شيء للاستثمار دون العودة للشعب ودون اعادة النظر بامر قانون الاستثمار الحالي. ولما كانت الحكومة الحالية انتقالية (او مؤقتة حسب آخرين) فلا يحق لها هي الاخرى التصرف بالاصول الصناعية حيث تعتبر هي ايضا في طور تصريف الاعمال في هذا الموضوع بالذات، خصوصا وانها لم تأت نتيجة انتخابات. إنما تمخض قدومها بمعية ازمة وطنية كبيرة وحادة سقط خلالها الكثير من الشهداء والجرحى وحيث ما زالت هذه الازمة قائمة. إن عمل هذه الحكومة الانتقالية قد حدد ببضعة نقاط حسب ما اتفق عليه معها. وبسبب هذا التحديد لا يمكن لها من التصرف باصول البلد بحجة الاصلاحات الاقتصادية. وإلا فستكون حكومة لصوص وسرقة وتلاعب وعدم ثقة.

 

إن هذا المصنع (واي آخر مشابه) هو ملك للعراقيين لا للحكومة لكي تتصرف به، إذ انه قد بني بالمال العام. انه لامر عجيب حقا اننا في كل مرة نعلن فيها عن معارضتنا لهذه التوجهات المرفوضة نجد من يوغل بها اكثر واكثر في الظلام. وفي حال عناد رئيس الحكومة لا يكون الحل هنا إلا بدعوته لتقديم استقالته. وسنقوم باسترجاع كل ما جرى بيعه للاجانب.

 

نطالب بالغاء احالة مصنع فوسفات القائم للبيع واية احالة اخرى قادمة والحفاظ على المال العام وتجميد قانون الاستثمار واعادة طرحه للنقاش العام وإبعاده عن القطاع العام.

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.