اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

الخصخصة في العراق واهداف من يدفع نحوها// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعد السعيدي

 

الخصخصة في العراق واهداف من يدفع نحوها

سعد السعيدي

 

تثبت التجربة يوميا بان المعرفة والوعي بما يجري حولنا هما اكثر ما يرعب القوى المسيطرة خصوصا في العراق.

 

يدور كل موضوع ما يسمى بالخصخصة في العراق حول الجهة التي الى يدها يراد تحويل الاموال العامة، والسلطة والنفوذ بالتالي. وهذا التحويل يكون دائما لصالح حفنة من الاشخاص على حساب الجهة او الجهات التي كان يجب ان توجه اليها هذه الاموال. ويجري تحصيل الاموال من مصادرها بطرق شتى شرعية كانت ام غير شرعية. النتيجة المراد التوصل اليها هو تحول الحفنة الى اشخاص ذوي تأثير وقدرة كبيرين على حساب المجتمع. ويكون هؤلاء مرتبطين بجهات اجنبية في الغالب. بالمقابل يكون القطاع العام هو وسيلة تركيز الاموال والنفوذ بيد الدولة، وبيد الشعب حسب الظروف، وليس بيد اية حفنة.

 

يحاول الكاظمي إفقار الدولة بداية لتجبر لاحقا على التخلي عن قطاعها العام بحجة تكلفته. وهو وإن افلح وبالتواطؤ مع مجلس النواب بعرض بضعة معامل واصول لهذا القطاع حتى الآن للبيع، فإن العملية ما زالت تواجه العراقيل. وهو يقوم بإفقار الدولة عن طريق غض النظر عن اي فساد يمكن ان يؤدي الى اضاعة اية اموال من العوائد العامة مما يجب ان تذهب الى الدولة. وكذلك بابعاد الاخيرة عن اي نشاط او وظيفة يمكن ان يؤدي الى تحسين الاداء فزيادة الموارد. وقد استغل الكاظمي امر الموازنة مؤخرا لترتيب اي انفاق بولغ بمقاديره لاثقال كاهلها به. وتدور المحصلة دائما حول حجم اية موارد يمكن له هو ووزير ماليته من تجريد الدولة منها. وبالتخلي عن القطاع العام تتخلى الدولة فعليا عن احد مقومات قوتها لتصبح مكشوفة وضعيفة وعاجزة عن تأمين حاجات البلد والشعب. اقرب مثال الى هذا هو شركات الهاتف النقال. فهذه هي نموذج لما يراد للامور ان تؤول اليه في البلد. اي شركات خاصة تحميها السلطة ومتحالفة معها تتصرف كما تشاء دون ادنى اعتبار للناس ومصالحها وما تريده.

 

بهذا يكون الكاظمي هو ابن الجهات الدولية التي تريد القضاء على العراق. إذ لا يمكن فصل امور الخصخصة عن هذه. ويكون الاستنتاج هو ان الخصخصة هي ليست إلا عمل ذو اهداف سياسية واستراتيجية. ومع القضاء على العراق وقدراته وتعطيل دوره تأتي بالتوازي مسألة امن اسرائيل وتأمين مصالح الدول الغربية واستمرار تسيدها عالميا.

 

في ظل هذه الاهداف والنتائج المتوخاة يتوجب توضيح صراع السيطرة على العراق بين ايران وامريكا. إذ ان الامر يتعدى العراق الى اقليم الشرق الاوسط كله. فعدا عن كونه احد مصادر الطاقة فالشرق الاوسط هو اولا واخيرا منطقة اتصال بين القارات. تحكم ايران طغمة صغيرة تريد السيطرة على العراق لتتمكن بالتالي من بسط سيطرتها على كامل الشرق الاوسط. ونظرا لعجز هذه الطغمة عن ابتلاع العراق بقوتها العسكرية فقط، استبدلت الاحتلال المباشر بالمجاميع المسلحة او الميليشيات التي خلقتها ودعمتها. وهي قد استفادت من إخلاء الساحة في العراق بفعل الاحتلال الامريكي. وتكون ايران بهذا مجرد دولة توسعية تحاول بالميليشيات تحقيق مصالحها في العراق. وتحاول ايران من ادخال قطاعها الخاص في العراق بحجة الاستثمار الحصول على حصة من موارده النفطية وتأمين وجودها الثقافي والسياسي فيه. وهي لم تكن تستطيع القيام بهذا لولا ادعاءات جذب المستثمرين بالتوازي مع محاولات تغييب قطاع الدولة. ولا من شك لدينا من انها حتى كانت تراودها احلام فصل البصرة عن العراق بتشجيع قيام اقليمها. إذ ان قيام هذا الاقليم سيحول العراق الى دولة مغلقة بحريا يسهل ابتزازه. لهذا الهدف ركزت ميليشياتها على هذه المحافظة مع تأمين حكومة موالية لضمانها لنفسها. وقطعا لضمها لاحقا في حال قيام هذا الاقليم. وايران كما هو واضح هنا تحاول تجيير الافكار الامريكية لتقسيم العراق لصالحها هي.

 

إن توافر الدولة العراقية على قطاع عائد لها يؤدي الى تحصينها وتقويتها. بينما يؤدي تجريدها من هذا القطاع الى العكس تماما ومن ثم اجبارها على فتح الباب امام من يسمون بالمستثمرين لاختراق السوق العراقي بدعم من دولهم. وبسبب من اهمية العراق موقعا وتأثيرا لا يمكن النظر الى هذا الاستثمار بعين محايدة كما يريد ان يوهمنا به مؤيدوه. ولمن يريد الاطلاع على القطاع العام العراقي في سابق عهده مراجعة مقالات الكاتب سلام كبة حول البارادوكس الصناعي.

 

ونرى من المهم التنويه الى ان المستثمرين خصوصا الاجانب لن يعيدوا إحياء التصنيع في العراق بالشكل الذي كان قائما في السابق مع القطاع العام. وهذا إن صدقنا بان احد اجزاء الخطة الغربية هي جذب هؤلاء. إذ يمكن دائما الاعتماد على الامريكيين وحلفائهم الايرانيين لايجاد الطرق لتنفير المستثمرين من القدوم الى العراق.

 

ونعيد التذكير بان اجبار الدولة على بيع قطاعها الذي كان يضيف الكثير من الموارد الى الدخل الوطني والاعتماد فقط على سلعة واحدة اسعارها تحدد في الخارج يهدف في النهاية الى حشر الدولة في خانة الازمة فالمديونية تمهيدا للسطو على ثروته النفطية. ويهدف تجريد العراق من موارده الى تصفيته كقوة صاعدة متطورة اقتصاديا واجتماعيا وتحويله الى تابع مستهلك غير منتج لصالح مراكز القوى العالمية. وهو ما يشير في المحصلة الى ان الهدف النهائي هو سياسي لضمان عدم افادة العراق من اي شيء مقابل تخليه عن صناعاته وقطاعه العام.

 

إن من يريد الاستحواذ على الاموال والارباح في البلد كل لصالح جهته الداعمة هو كما هو واضح ومعروف طغمة مجلس النواب ومن تمثله. وكل هؤلاء يمثلون الحفنة التي اشرنا اليها آنفا. ومن هذه الطغمة قد خرجت كل زمر حكومات 2003 التي كانت السباقة لما يقوم به الكاظمي حاليا. ونتائج مصادرة وسرقة موارد الدولة المالية مثل ضرب المصلحة العامة ودور الدولة في ضمانها ليست غير متوقعة او غير محسوبة. إذ تريد القوى الدولية اعادة العراق الى الاوضاع التي كانت قائمة فترة العهد الملكي البائد حيث كان المورد النفطي بيد الشركات الاجنبية انتاجا وتسويقا والقطاع الخاص في غالبيته اجنبيا. وحيث انه لم تتغير الاحوال إلا في العهد الجمهوري بعد ثورة تموز.

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.