اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

من أجواء الصراع داخل الحزب الشيوعي العراقي// جاسم الحلفي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

جاسم الحلفي

 

عرض صفحة الكاتب 

من أجواء الصراع داخل الحزب الشيوعي العراقي

جاسم الحلفي

 

اولا لا ندعي ان الصراع الفكري والسياسي داخل الحزب يسير بصورة مثالية، فقد كانت ترافقه نواقص وهفوات غير قليلة، ولكن وفي كل الأحوال هناك حرص لا ريب فيه على توفير اجواء صحية لاستمراره وادامته عبر تحسين تنظيمه وادارته. فالصراع الفكري المرتبط بالاختلاف في وجهات النظر السياسية داخل الحزب الشيوعي، يعد ظاهرة ايجابية جديرة بالترسيخ، نظرا الى ما فيه من نفع عام. ذلك ان إيجابيات اطلاق الحوار الداخلي تفوق كل السلبيات التي ترافق ادارته.

 

وهكذا جاء الاستفتاء الذي اجراه الحزب حول خوض الانتخابات القادمة او مقاطعتها، ضمن ادارة الصراع لحسم الجدل داخل اللجنة المركزية للحزب، التي انقسم الرأي داخلها بين المشاركة والمقاطعة. وبهذا المعنى فالصراع حول الموضوع عمودي الشكل، يمتد من أعلى الهرم الحزبي وصولا الى قواعده، وليس صراعا افقيا بين قواعد الحزب وقيادته، حيث ان موضوع الصراع نوقش في اجتماعات المكتب السياسي واللجنة المركزية، واخذ وقته المناسب، وكذا الامر في جميع الهيئات التنظيمية.

 

صحيح ان هذا الاستفتاء لم يكن الأول الذي يقدم عليه الحزب، فقد سبق ان اجرى عددا من الاستفتاءات، منها ما هو محدود العيّنة، وشمل القيادات المحلية ولجان الاختصاص وبعض الشخصيات الحزبية القيادية السابقة الى جانب قيادة الحزب. كما كانت هناك استفتاءات أسهمت فيها قطاعات حزبية أوسع.

 

وقام الحزب في بعض الحالات باستمزاج رأي أوسع كادر قيادي عبر اجتماعات استشارية، استشف من خلالها اتجاه الرأي العام الحزبي، وجري العمل على اشراك الجسم الحزبي في صناعة القرار المعين.

 

فالاستفتاء بهذا المعنى آلية تنظيمية تعزز المشاركة في الرأي، وتسهل اتخاذ القرار السياسي المناسب، سيما في القضايا التي تتطلب أوسع تشاور داخلي، وتحتاج توفير القناعات الضرورية وحسم الجدل الذي لم يتوقف في أروقة القيادة، نظرا لأهمية الموضوع وحساسيته. 

 

وقد حاول هذا الاستفتاء ان يكون واسعا وشاملا بسبب تعقد الوضع السياسي وتشابكه،  والحاجة الى حسم الموقف بما يوفر قناعات عامة ويضمن رضا الاغلبية الحزبية التي يتنازعها رأيان: الاول يرجح المشاركة في الانتخابات انطلاقا من فكرة اساسية، تقوم على دور الحزب الشيوعي العراقي وواجبه في  ترسيخ الحياة الديمقراطية عبر مشاركته في الانتخابات، نظرا الى ان كل خطوة انتخابية هي انقطاع او ابتعاد عن الحقبة الدكتاتورية التي صادرت الرأي العام. كما انها تنمّي الوعي الشعبي بأهمية الانتخابات، وتطور الثقافة الديمقراطية، وتربي على السلوك الانتخابي. وهي احدى وسائل مشاركة المواطنين في تقرير مصير البلد، خاصة وانه يمر بمرحلة انتقالية من فترة الدكتاتورية الى التحول الديمقراطي، مرحلة تحتاج الى ثقافة وبنى تحتية وتدريب وتأهيل واستعدادات شعبية واسعة لإدارك اهمية التحول.

 

يقابل هذا الرأي رأي آخر، يشدد على مقاطعة الانتخابات باعتبار ان المشاركة فيها غير ذات جدوى، ما دامت مخرجاتها تعيد انتاج طغمة الحكم، المسؤولة عن الخراب ونقص الخدمات والفساد الذي عم البلاد. فلا جدوى من انتخابات إن لم تكن رافعة للتغيير، وبحيث توفر امكانيات لإزاحة قوى الفساد. ولا أهمية للانتخابات إن لم تصلح العملية السياسية عبر فتح بوابة الامل للقوى الشبابية الجديدة، وتمثيلهم بما يشكلون من حجم وثقل في بنية المجتمع. ولا ضرورة للمشاركة في الانتخابات ان لم تؤسس للقطيعة مع طغمة الحكم وترسم معالم التغيير، ولا مشاركة في انتخابات تسهم في تزييف الديمقراطية وأحقية التمثيل السياسي وعدالته.

 

نعم، لا مشاركة في انتخابات ان لم يكن هدفها القطيعة مع نهج المحاصصة والفساد، واذا لم تؤسس للاستقرار والتنمية والبناء. فالابقاء على العملية السياسية بأخطائها الفادحة هو ابقاء للازمة مفتوحة على أكثر الاحتمالات خطرا على البلاد. وان الدفع الى انتخابات لا تستوعب إرادة الانتفاضة وأهدافها، هو لعب بمصير البلد واستقراره، ودفع الى المجهول. وان نظرة سريعة الى تجربة تونس تدعونا الى الانتباه لخطورة إعادة انتاج السلطة وترسيخ طغمة الحكم فيها.

 

بالعودة الى الصراع بين الرأيين داخل الحزب، نكتشف ان لا مصلحة شخصية فيه لحاملي الرأي من كلا الاتجاهين. فمصلحة العراق ومصلحة بنائه وحق الشعب في الاستقرار والعيش الكريم، هي الدافع الأساسي عند الشيوعيين، وليس لهم غير سلامة العراق وكرامة شعبه.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.