اخبار عامة

أول اختبار مطري "يفضح هشاشة" البنى التحتية في بغداد

 

شفق نيوز- بغداد

كشفت موجة الأمطار الغزيرة التي هطلت على العاصمة بغداد وعدد من المحافظات العراقية الجمعة والسبت الماضيين، حجم التحديات التي ما تزال تواجه منظومات الصرف الصحي والبنى التحتية، بعدما تحولت طرقات رئيسة وفرعية إلى برك مياه أعاقت الحركة وشلّت الحياة اليومية في بعض المناطق.

 

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تظهر غرق شوارع رئيسة في العاصمة، ما دفع الجهات الخدمية إلى إعلان حالة الاستنفار للتعامل مع الموقف.

 

ورغم تأكيد المؤسسات الحكومية استعدادها المبكر لموسم الأمطار، فإن مشهد تجمع المياه تكرر مجدداً وبصورة واسعة، ما أعاد فتح ملفات الأداء الخدمي، وطبيعة الخطط الموضوعة لمعالجة الاختناقات، ومدى قدرة الدولة على تنفيذ مشاريع إستراتيجية تستوعب النمو السكاني والتوسع العمراني المتسارع.

 

إهمال وفشل إداري

وفي هذا السياق، يحمّل عضو لجنة الخدمات النيابية محما خليل، الحكومة والسلطات المحلية مسؤولية ما وصفه بـ"فشل تقديم الخدمات"، مؤكداً أن المشكلة أصبحت متجذرة بسبب غياب الإدارة المهنية وضعف الرقابة والمحاسبة.

 

ويقول خليل لوكالة شفق نيوز إن "الحكومة أعلنت نفسها (حكومة خدمات)، لكن الخدمات مفقودة رغم توفر الأموال"، مشيراً إلى أن سوء الإدارة وشبهات الفساد وتعاقد الحكومات المحلية مع شركات "رديئة" من دون محاسبة واضحة، فاقم الوضع الخدمي.

 

ويضيف أن البنى التحتية الحالية ما تزال تعتمد على "بيانات قديمة" لا تتناسب مع الزيادة السكانية الكبيرة، موضحاً أن بعض المناطق تضاعف عدد سكانها عدة مرات من دون تحديث للقدرات الاستيعابية لشبكات الصرف.

 

ويتابع خليل أن غياب الرقابة البرلمانية على المحافظات خلق "فجوة" أفضت إلى ضعف المتابعة، داعياً إلى تشريع قانون لتصنيف الشركات بحسب الجودة والأداء، ومحاسبة المقصرين في القطاعين العام والخاص على حد سواء.

 

سبب طفح المياه

من جانبها، أرجعت أمانة بغداد ما حدث من ارتفاع منسوب المياه في بعض الشوارع إلى انطفاء التيار الكهربائي عن محطات الضخ خلال الموجة الأولى من الأمطار، مؤكدة أن الفرق الفنية تمكنت من سحب المياه بالكامل خلال ساعات الليل.

 

ويقول الناطق باسم الأمانة عدي الجنديل لوكالة شفق نيوز إن الاستعدادات بدأت مبكراً، إلا أن "العوارض الكهربائية" أثرت على أداء المحطات العاملة على المولدات، مما خفّض طاقتها التشغيلية إلى 50%، بينما عملت المحطات المرتبطة بالكهرباء الوطنية بكامل طاقتها "من دون أي ارتفاع للمناسيب".

 

ويشير الجنديل إلى أن التنسيق بين أمانة بغداد ووزارة الكهرباء أسهم في إعادة التيار إلى المحطات بسرعة، مما سمح بسحب المياه المتجمعة.

 

ويلفت إلى أن شدة الأمطار تطلبت ساعات إضافية لتصريف الكميات الكبيرة، مؤكداً عدم وجود مشاكل فنية في منظومات السحب، باستثناء ما نتج عن الانقطاع الكهربائي.

 

ويوضح أن الأمانة نفذت خلال العام الماضي خطوط طوارئ ومحطات فرعية في بعض المناطق التي عانت من الغرق سابقاً، وأن هذه المناطق "لم تشهد أي مشكلة هذا العام".

 

وكشف الجنديل عن مشاريع إستراتيجية قيد التنفيذ، أبرزها: مشروع قناة الشرطة الكبير بطاقة تصريفية تصل إلى 400 ألف م³ يومياً، ضمن خطة 2026، لخدمة مناطق الشعب والصدر والتوسع العمراني شرقي بغداد، وكذلك مشروع شمال الكاظمية لخدمة 17 منطقة سكنية بخط ناقل ومحطات سحب ودفع ومعالجة مياه الصرف قبل طرحها إلى النهر.

 

ويؤكد أن ما حدث "تأخير لساعات فقط" بسبب العارض الكهربائي، وأن الأمانة تعمل بالتوازي على حلول آنية وأخرى بعيدة المدى.

 

خطة 2024–2028

بدورها، ربطت وزارة التخطيط العراقية الاختناقات الحالية بحاجة البلاد إلى استكمال مشاريع البنى التحتية المدرجة ضمن خطة التنمية الخمسية (2024 – 2028)، خاصة في قطاعات الصرف الصحي والماء والطرق والسكن.

 

وقال المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي لوكالة شفق نيوز إن الخطة "أولت البنية التحتية مساحة واسعة"، مشيراً إلى وجود مشاريع قيد التنفيذ في مجال المجاري ومياه الشرب بعدة محافظات.

 

ويؤكد أن إنجاز هذه المشاريع سيحدث "تحسناً واضحاً" في تخفيف الضغط على شبكات الصرف وتقليل الاختناقات خلال السنوات المقبلة.

 

ويبيّن الهنداوي أن الخطة تعتمد أيضاً على إشراك القطاع الخاص في تنفيذ جزء من مشاريع البنى التحتية، خاصة في مجالي الطرق والطاقة، مما سيسهم في رفع كفاءة الأداء وتقليل العبء على الحكومة.