اعلام البطريركية الكلدانية/
افتتح صاحب الغبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو، في الصرح البطريركي في المنصور – بغداد صباح يوم الاثنين 17 تشرين الثاني 2025 اعمال السينودس الكلداني بصلاة الصباح والقداس الذي ترأسه غبطته ومن ثم الرياضة الروحية التي قدمها سيادة المطران رمزي كرمو تناول فيها (الصلاة علاقة مستمرة مع الله) وعكسها على واقع الحياة اليومية.
عصرا بدأت الجلسة الاولى لاباء السينودس بحضور كل من السادة الأساقفة: توماس ميرم، باواي سورو، انطوان اودو، رمزي كرمو، ميشال قصارجي، ميخا مقدسي، اميل نونا، بشار وردة، يوسف توما، حبيب النوفلي، سعد سيروب، فرنسيس قلابات، عمانوئيل شليطا، باسيليوس يلدو، نجيب ميخائيل، روبرت جرجيس، فيلكس الشابي، ازاد شابا، وعماد خوشابا وتأخر بالوصول المطران صبري انار بسبب الفيزا.
ادناه كلمة البطريرك في افتتاح السينودس:
الاخوة الأساقفة،
يسرني ان أُحييكم جميعاً على حضوركم، وأود ان أؤكد في افتتاح سينودسنا السنوي الدوري، على بعض النواحي الضرورية لتقدم كنيستنا الكلدانية، والكنيسة في العراق.
القيادة في الكنيسة هي مواقف روحيّة، ومباديء وقيم واضحة وأفعال منسجمة. المصداقية مع حقيقة كهنوتنا يجب ان تنبع من ضميرنا، ومسؤوليتنا الكنسية والقيمية، والثقة التي حملتنا إياها الكنيسة، وبالوعد الذي قطعناه علناً يوم رسامتنا. من هنا اجدد دعوتي الى جميع اباء السينودس باحترام قرارات السينودس، وإيجاد وسائل فعالة لتطبيقها في أبرشياتهم، علامةً للوحدة والجماعيّة الأسقفيّة.
السينودس فرصة لمراجعة الذات، وتجديدها، وترسيخ الإنتماء الى المسيح والكنيسة والنمو معا. لهذا السبب خصصنا صباح هذا اليوم للصلاة والتأمل والإسترشاد.
الكنيسة مبشرة، هذا الحس الذي كان منذ البدء عند الرسل بالكاريزما الخاص بكل منهم، ينبغي ان يكون راسخاً عندنا، وأن نوظف كلَّ شيء من اجل ان يتعرف الناس على الله والمسيح، من خلال الالتزام بمسار التجديد بأسلوب التعليم والوعظ والليتورجيا لكي يتلاءم مع التغييرات الثقافية والإجتماعية، وتطلعات كنائسنا في بلدان الشتات، مع المحافظة على الاصالة والهوية! كما علينا ان نفكر برسالتنا تجاه الغالبية المسلمة التي نعيش معها؟
متابعة تنشئة الاكليروس، تنشئة شاملة وراسخة ومستدامة، تمكنهم من القيام برسالتهم الراعوية على أحسن وجه في هذه الظروف الصعبة. لا تكفي الرياضة السنوية التي تنظمها البطريركية، لكن على كل اسقف ان يتابع تنشئة كهنته ايمانيّأً وراعوياًّ بروحانية الاب الحنون والمربي الواعي والحكيم، متذكرين دوما أننا آباء ولسنا أصحاب سلطة فحسب. أن قيمة سلطتنا الحقيقية هي بما نقدمه من خدمة بإيمان ومحبة وإخلاص، مقتدين بيسوع المسيح الذي كان خادماً للجميع.
أزمة الدعوات. الدعوات لا تنبع من غياب الشباب الراغبين في بذل أنفسهم، بل من الجوّ السام الذي يُسيطر عليهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. انهم يعانون غالباً من عدم الاستقرار النفسي، لكن أيضا الانتقادات بين افراد الاكليروس لا تشجعهم. علينا الاهتمام بالدعوات وأن ننضجها بحرص. كما يجب ان ندرك انه من الحكمة ان ندقق في ترشيح اشخاص للرسامة الكهنوتية أو الاسقفية ممن لهم كفاءة لاهوتية وروحية وإدارية وراعوية وقانونية. هذه الكفاءة هي ضمان الشفافية والمصداقيّة والنجاح. للأسف تردنا من حين لاخر شكاوى.
العلاقة مع الكنائس الأخرى. المشكلة الحالية ليست جديدة، انها قديمة لان لا توجد أرضية صادقة للعمل معا باحترام خصوصية كلِّ كنيسة. عملت كثيرا على لمّ شمل الكنائس، ودعوت أكثر من مرة الى اجتماعات، لكن لم تتحق بسبب ولاءات بعض الكنائس لجهات سياسية، وخوف البعض من تقليل وزنها، اذا انضمت الينا في دراسة وضعنا والتنسيق في قضايانا. العلاقة ينبغي ان تنطلق من الارادة الصادقة، وليس المجاملة و ترسيخ العمل المشترك. هذا يتطلب الجديَّة والانفتاح والإصغاء والحوار بعقلانية. حاليا التقيت بصاحبي القداسة البطريرك مار اغناطيوس افرام الثاني كريم ومار اوا الثالث روئيل وبصاحب الغبطة البطريرك يوسف الثالث يونان، آمل ان تكون فاتحة خير.
العلاقة مع المرجعيات المسلمة طيبة جداً. حضورنا فاعل لتعزيز الرجاء، وشهادتنا واضحة ومن دون خوف. حوارنا هو حوار الحياة. عَمِلنا بوثيقة المجمع الفاتيكاني الثاني في “عصرنا- Nostra Aetate” التي تعني بحوار الأديان مباشرة، خصوصاً اننا احتفلنا هذا العام بمرور 65 سنة عليها. تقدمنا كثيراً في تنظيم لقاءات عديدة حول المسائل ذات الاهتمام المشترك، وقدرنا ان نفكك خطاب الكراهية. وكلَّلتها زيارة البابا الراحل فرنسيس للايام 5-8 اذار 2021، حيث ترك اثراً طيِّباً عند الجميع ببساطته، وتواضعه، ومصداقيته ولقاءاته وخطاباته. وعندما توقفنا بسبب جائحة كورونا تواصلنا البعض مع بعضنا من خلال الزيارات والاتصالات.
8. العلاقة مع الدولة والتعامل مع السياسة. ليس صحيحاً ما يُروِجُه البعض ان البطريركية تتدخل في السياسة. هدف الكنيسة من خلال موقعها الهيراركي تجاه مؤمنيها والاخرين، يتمثل في إنارة الضمائر حول القضايا التي تمس حياة الناس في كرامتهم وحقوقهم الأساسية. وتندد بالظلم، وتطالب بتطبيق القانون ومفهوم المواطنة وتحقيق السلام والأمان. هذا ما فعلناه وما نزال. هذه أولويّة حيويّة لكلِّ كنيسة، كما يفعل البابا على الصعيد العالمي. كنيستُنا لم تنخرط في الأحزاب، ولم يشترها أحد، ولم تدعم جهة سياسية معينة، انما دعمت ولا تزال قضيّة إرساء نظام مدنيٍّ يُّساوي بين جميع المواطنين على حدٍّ سواء. الكل يجب ان يفهم اننا نصارع من اجل البقاء في الشرق الأوسط.
صحيحٌ أن كنيستنا فقيرة، لكنها حيّة بايمانها وثقتها بالرب ورجائها بالرغم من التحديات الكثيرة وخدمتها المتفانية وحضورها وبشهادة العديدين عراقيا ودوليا. قال لي أحد الكرادلة: كنيستُكم هي من بين الكنائس الشرقية الأكثر حضوراً. بإمكان كنيستنا ان تتقدم بديناميكية اكثر عندما تعمل بروح الفريق الواحد.
الشكر لله على كل النعم التي أنعمها على الكنيسة من خلالكم، وعلى المحبة التي زرعها في قلوبكم، وعلى الخدمة المتفانية من اجل رعاياكم. اسأل الله ان يجازي كلَّ الخدام الأمناء بمائة اضعاف (لوقا 12/ 42).