عشتار تيفي - سيريك برس/
تعرّضت كنيسة عمانوئيل المعمدانية في حي الأرمن لاعتداء الأسبوع الماضي، بعد أن اقتحمت مجموعة وُصفت بـ “المتطرفة” مبنى الكنيسة، وعبثت بمحتوياته، وفق ما أعلنته إدارة الكنيسة في بيان رسمي.
وقال القائمون على الكنيسة إن المعتدين قاموا بتحطيم الأبواب، وتمزيق نسخ من الإنجيل، وإحداث تخريب داخل القاعات المخصّصة للنشاطات الدينية، فيما لم يُسجَّل أي تدخل فعّال من الجهات الأمنية الموجودة في المنطقة خلال الحادثة. وأضافت الإدارة أن “ما جرى يمثّل تعدياً على حرمة أماكن العبادة، وضربة لوحدة المجتمع الهشّ الذي يحاول استعادة استقراره”.
الاعتداء، الذي لم تُعلن أي جهة مسؤوليتها عنه، يأتي في لحظة تُوصَف بالتوتّر المتصاعد في بعض أحياء حموث، حيث تتداخل عوامل اقتصادية واجتماعية وطائفية تُعيد فتح جراح السنوات الماضية.
إدارة الكنيسة أعلنت وقف خدمة مدرسة الأحد واجتماعات الإعدادي والثانوي خلال هذا الأسبوع، مشيرة إلى أنّ فرق الصيانة تعمل على إصلاح الأضرار. وأضاف البيان أنّ الكنيسة ستخصص أسبوعاً كاملاً للصوم والصلاة “من أجل عودة الأمن إلى المنطقة ورفع الضيق عن العائلات”.
وجاء في البيان مقطع من سفر المزامير:
“من الأعماق صرخت إليك يا رب… لتكن أذناك مصغيتين إلى صوت تضرعاتي”، في رسالة تُظهر حجم الضغوط النفسية التي يعيشها أبناء الطائفة عقب الحادثة.
الحادثة أثارت مخاوف سكانه، ولا سيما أن الاعتداء يأتي في ظل تراجع الخدمات الأمنية وانتشار مجموعات غير منضبطة في بعض مناطق المدينة.
وقد أصدرت إدارة الكنيسة يوم أمس بياناً جديداً حذّرت فيه من “الفتن والتضليل”، مؤكدة أنّ عدداً من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي قامت بتحريف ما نشرته الكنيسة خلال الأيام الماضية، وأضافت أو حذفت منه بما يخدم روايات طائفية لا علاقة للمجتمع المحلي بها.
وأشارت الكنيسة في بيانها المنشور إلى أنّ مراجعة بسيطة لمنشوراتها السابقة تُظهر أنها تدعو إلى “محبة البلد ومحبة جميع المواطنين من كل الأطياف والمذاهب”، مؤكدة أنّ ما جرى من تخريب قامت به “مجموعة من المنفلتين والمخربين الذين يسيئون للبلد والمجتمع بأكمله”.
وأكدت إدارة الكنيسة أنّ “السلطات الحكومية تجاوبت من أعلى المستويات”، وأنّه تمّ وضع حراسة على مدار الساعة منذ ثلاثة أيام أمام الكنيسة لحمايتها، مشيرة إلى أنّ ما يُنشر من معلومات مجتزأة أو مضلّلة “يهدف حصراً إلى زرع الانقسامات والخلافات”.
وجاء في البيان: “نحذّر كل صفحة أو جهة تتعمّد التشويه، ونحمّلها كامل المسؤولية عمّا قد ينتج عن تضليل الرأي العام”.
هذه الرسالة حملت لهجة حازمة تعكس رغبة الكنيسة في وقف موجة التأويلات التي رافقت حادثة الاعتداء، خصوصاً في مدينة حساسة مثل حمص التي تعافت جزئياً من سنوات طويلة من الانقسام.
وفي موازاة ذلك، أعلنت الكنيسة أنها ستعود لفتح أبوابها أمام المصلّين في مواعيدها المعتادة، وأنّ خدمات مدرسة الأحد واجتماعات الإعدادي والثانوي ستُستأنف يوم الجمعة وفق جدولها الطبيعي، بعد انتهاء أعمال الصيانة وإعادة ترتيب القاعات التي تضررت من الحادثة.
وقد اختتمت الكنيسة بيانها برسالة روحية مع اقتراب موسم عيد الميلاد ورأس السنة، داعية إلى ولادة جديدة “تعمّ الجميع”، ومستشهدة بقول من سفر زكريا:
“وأنا، يقول الرب، أكون لها سور نار من حولها، وأكون مجداً في وسطها”.
حتى اليوم، لم تُصدر السلطات السورية بياناً يوضح ما إذا كان قد تم توقيف أي من المتورطين. هذا الصمت الرسمي، كما يقول مراقبون يعزّز الشعور بأنّ المواطنين تُركوا للتعامل مع المخاطر وحدهم.
حموث التي دفعت ثمناً باهظاً خلال سنوات الحرب، ما زالت تحاول إعادة بناء نسيجها الاجتماعي، إلا أنّ مثل هذه الحوادث تعيد التذكير بحساسية التعايش فيها. ورغم ذلك، تبدو رسالة الكنيسة واضحة: التمسك بالصلابة الروحية ومواصلة الحياة اليومية قدر الإمكان.
ورغم الغموض الذي يحيط بالجهة المعتدية ودوافعها، يبقى مطلب الأهالي الأساسي هو استعادة الهدوء، وضمان عدم تكرار مثل هذه الاعتداءات التي تندرج في خانة “الرسائل الخطيرة” في مدينة تبحث عن استقرار دائم.