أوراق الخريف- رواية: الفصل الثامن// د. آدم عربي
- تم إنشاءه بتاريخ السبت, 18 أيار 2024 20:28
- كتب بواسطة: د. آدم عربي
- الزيارات: 2003
د. آدم عربي
أوراق الخريف- رواية: الفصل الثامن
د. آدم عربي
أحمد يُتابع القراءة، يقرأ روايةً جديدة من حيث المضمون ،بدت له تحمل أفكار جديدة . كانت الصفحات تنبض بالحكايات والشخصيات المثيرة. وفيما كان يتبادل الأحداث مع الورق، شعر بأنه يرى في هذه الرواية أفكارًا جديدة تتسلل إلى عقله. كأن الكلمات تنمو وتتحول إلى أفكار ملهمة، تجعله ينظر إلى العالم بعيون جديدة.
كانت الرواية تحمل طابعًا سياسيًا مميزًا. كانت تتناول قضايا الحرية والظلم والتحولات الاجتماعية. أحمد أدرك أن الكاتب كتب بشجاعة، وأن الرواية تحمل رسالة قوية. وعلى الرغم من أنها كانت خيالية، إلا أنها كشفت له الكثير عن الواقع والسياسة.
وفي لحظة معينة، انفصل أحمد عن الرواية وانغمس في مقطع تخيلي. كان هذا النص يصف عالمًا موازيًا، حيث يمكن للأشياء أن تكون مختلفة تمامًا. كانت الأفكار تتداخل والحدود تتلاشى. حيث يقول الكاتب :
وقفت في قصر باكنجهام في القاعة الذهبية في قلب الإمبراطورية الغاربة، وأنا أنظر في المرايا، وأنتظر الدخول إلى عالم الحكمة. كان لا أثر هناك من الماضي، وأنا على أية حال أقف دائمًا خارج فوهات المدافع وأنين الأمم، أنظر إلى ظلي وما حوله، بما في ذلك عروش الملوك.
- سير، هتف مرافقي، إنها اللحظة!
تقدمنا بخطوات واسعة والباب الضخم لمكتب صاحبة الجلالة يفتحه على مصراعيه اثنان من حراسها. كانت تقف ببساطة امرأة عظمى، وهي تبتسم لي، ولسرعة خطواتي تقدمت مني، وشدت على يدي بحرارة.
- أحييك سيدي بكل مشاعري الودية، قالت إليزابيث الثانية.
- أسمى تحياتي لجلالتك، قلت للملكة.
- هل تفضل الجلوس على هذه الكنبة المريحة أم التمشي هناك تحت شمس لندن النادرة حتى في الفصل القائظ عند غيرنا؟
- لنتمشَّ.
- التمشي من الأفضل لي ولك.
- لم تزالي في كامل أناقتك يا صاحبة الجلالة.
- تريد القول في كامل صحتي، أشكرك على دماثة أخلاقك. أنت كذلك في كامل صحتك كما أرى مع فارق العمر ما بيننا ها ها.
- ليس كثيرًا.
- هذا ما يدعوه الفلاسفة بالتواضع الزائف ها ها.
- صاحبة الجلالة اسمحي لي أن أعبر لك عن إعجابي بكل هذا الورد.
- و... لكننا على السطح التابع لمكتبي فأين الورد؟ نحن لسنا في حدائق باكنجهام!
- دعيني أتأمل أجمل الجواهر في تاجك.
- إِ... لكني لا أضع على رأسي أيَّ تاج من تيجاني.
- اتركيني أنعم باستقبالي من طرف كل الملكات الإنجليز.
- ها ها أنا أفهم الآن ما لم أفهم، منذ متى وأنت تمارس الكتابة يا سيدي؟ منذ خمسين عامًا؟
- منذ خمس دقائق يا سيدتي.
- منذ خمس دقائق وتنتهي من كتابة أعظم رواياتك؟
- ها ها ها نحن في الذكاء خلقنا لبعضنا.
- لو كان فيليب لم يزل على قيد الحياة لطلب من وزير الدفاع ما لم يطلبه في حياته مرة واحدة ها ها.
- أنا قلت في الذكاء جلالتك ها ها ها.
- أعرف، في الشيء الآخر الوقت ليس الوقت.
- نِعْمَ القول جلالتك.
- .............
- وماذا عن وقتك الأول منذ أخذ العرش منك وقتك الثاني؟
- قصدك وقتي الشخصي؟
- وقتك كامرأة.
- الحياة.
- تحبينها بنهم؟
- آكلها بنهم نعم إنه المصطلح بقدر ما آكل أطباقكم الفرنسية (وبالفرنسية) إسكلوب نورماند، ستيك فريت، بات أَ لا بولو...
- ها ها ها!
- أوه معذرة هذا الأخير إيطالي ها ها.
- ها ها ها!
- أقضمها كما أقضم سكاكركم الشرقية، السكر ليس جيدًا للصحة ها ها.
- ها ها ها!
- أشربها كما أشرب عصير البرتقال بشرط أن يكون من يافا.
- أنت إذن الحياة!
- أنا الحياة! والبرهان على ذلك أنني لم أزل على قيد الحياة بعد كل هذا العمر الطويل.
- والموت؟
- أنا أتركه للغير.
- .........
- أنت فهمتني.
- أنا فهمتك.
- الموت شيء رهيب في وقتنا شيء غير عادل شيء يجب أن يفكر المتحكمون بنا فيه بكثير من الجد، وهم لو يهدأون قليلاً ويناقشون الأمر فيما بينهم بروية لأمكنهم التغلب عليه بسهولة.
- مصالح الموت أعظم من مصالح الحياة.
- أنا خلال بضعة أيام سأقول باي باي للجواهر التي أملكها والتي تجعل مني أثرى امرأة في العالم.
- .........
- سأترك كل شيء من بعدي.
- .........
- السعادة ما هي؟ ألا تترك شيئًا من بعدك.
- ..........
- أوه! مساعدي يظهر من جديد لموعدي القادم.
- وما هي النصيحة التي تعطينها لشعوبي؟
- في أمريكا الجنوبية قبائل هندية تصلي لله مرة واحدة في السنة كيلا تزعجه فيما لو صلّت كل يوم وخمس مرات عندكم ها ها وكيلا تعيقه في أعماله لأنه الله المدبر لشئون الكون ولا حاجة إليه لدعاء من أحد أو لشكرِ أيٍ كان.
يتبع في الفصل التاسع .....
المتواجون الان
490 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع