رسالة مفتوحة في حضرة الغياب// رانية مرجية
- تم إنشاءه بتاريخ الجمعة, 13 حزيران/يونيو 2025 11:28
- كتب بواسطة: رانية مرجية
- الزيارات: 609
رانية مرجية
رسالة مفتوحة في حضرة الغياب
رانية مرجية
أمي،
ها أنا أكتب لكِ كما كنتِ تكتبين لي القصص قبل أن أعرف كيف أمسك القلم،
أكتب لكِ لأن الحرف لم يعد مجرد صوت في الهواء، بل ظلّك الذي يرافقني،
ودفئك الذي يتسلّل خفية من بين السطور.
كنتِ أول من وضع كتابًا في يدي،
وقلتِ لي: “اقرئي… فإن القراءة نجاة”،
ولم أكن أعلم أنني ذات يوم سأقرأ الغياب نفسه،
سأقرأ موضعك الفارغ على الطاولة
وسأُدمن قراءة الوجوه لأبحث عنكِ بينها… ولا أجدك.
أمي،
كل كتاب أقرأه اليوم يحمل شيئًا منكِ:
نبرة صوتك، نظرة إعجابك، سؤال طفولي كنتِ تطرحين عليّ لأعيد التفكير مرتين.
كنتِ أستاذتي الأولى، ولم تكوني مدرسة.
كنتِ مكتبتي، دون أن تملكي مكتبة.
كنتِ القصيدة، حتى قبل أن أكتب شعري الأول.
أفتقدك،
لكنّ الحنين لا يصرخ في قلبي، بل يهمس كما كنتِ تهمسين لي عند النوم.
ولا أبكيك بالبكاء، بل أشتاقك بالنصوص.
كل مرة أضع نقطة في آخر السطر،
أشعر أنّ يدكِ ما زالت على كتفي، تربّت عليّ وتقول:
“أحسنتِ… لكنك قادرة على أجمل”.
رحلتِ يا أمي،
لكنّك ما زلتِ تقرئينني… في سرّك.
وأنا ما زلت أكتبك… كلما حاولت أن أكتب عني.
إلى التي جعلتني أعشق القراءة كي لا أموت من الواقع،
إلى التي رحلت ولم ترحل،
إلى التي لا تُعوّض، ولا تُنسى، ولا تُختصر.
المتواجون الان
636 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع