صالح مهدي محمد
ظل المطر
صالح مهدي محمد
الجدرانُ قمرٌ من حلم،
ترسمُ ملامحَ وجهي كما أشاء.
تبتعدُ أعماقُ الشارع،
خطواتٌ تتعثّرُ في الأفق،
أعتصرُ لها ألوانًا مشتّتة.
يستوقفني المطر،
يرافقني السير،
غزارةٌ تتلألأ بين قسماتِ وجهي،
تتوجّه نحو الأرصفةِ للمباغتة،
ذاويةً ثم عائدة.
أصغي إلى هديرٍ خفيٍّ يخرج من الجدران،
وأسمعُ حوارًا بين الظلال والفراغ،
بين ذاكرةٍ مشطورة،
وخطواتٍ لا تملك جسدًا.
أمدّ يدي، فلا أمسك
إلا بارتجافٍ يتساقط من الضوء،
وأقتفي أثرَ رائحةٍ غامضةٍ،
كأنها انسكبت من نافذةٍ لم تُفتح أبدًا.
في آخر الطريق،
ينحني الزمن على نفسه مثل ورقةٍ مبتلّة،
وأنا، في مرآة الغياب،
أبحثُ عن وجهٍ لم يولد بعد،
وأتلمّسُ ملامحَ مدينةٍ
تحتمي بالوهم كي لا تذوب.