كـتـاب ألموقع

إضحك تضحك لك الدنيا- 4: الفرح قرار// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب

 

عرض صفحة الكاتب 

إضحك تضحك لك الدنيا- 4: الفرح قرار

د. سمير محمد ايوب

 

سألني نقَّاقٌ شكَّاءٌ بكَّاءٌ ، ممن لا يعرفون طريقا إلى فرح ، ما الفرح يا سيدي ؟!

 

قلت مبتسما : علمتني الحياة فيما علَّمت ، أن الفرح ، فيها لا خارجها . وأيقنت من حينها ، أننا لسنا بحاجة لمعجزات كثيرة لننعم به . فهو حبٌّ مقصودٌ بقرارٍ ذاتي . نزرعه في قلوبنا أولا ، قبل أن نغرسه في أيٍّ مِنْ مناحي الحياة . 

 

سأل المُتَجَهِّمُ بقلق ولهفة : كيف ؟!

 

قلت مُطَمْئِناً : بداية بأن يكون قلبك مستعدا للفرح ، فثمة قلوبٌ يطوف الفرح حولها ولا يدخلها ، لأنها مصفحة بالحقد أو اليأس أو بالحسد . ومن ثم إزرع في قلبك  شجر الحب المثمر . وبارك حياتك . فإن لعنت فرحك أو انتقدته ، سَتَهزِم نفْسَك لا محالة .

 

قبل خروجك من بيتك كلَّ يوم ، أُنظُر في مرآتك ، وقل وأنت مبتسم لمن تراه أمامك فيها ، صباح الخير أيها المخلوق الجميل . وأنصت بعناية له . لتسمع صوت فرح يحاصرك ، وهو يمنحك حياة تمكنك من تجاوز عتم الشكوى ، واستدعاء الهزائم ، وتوقع الفشل . توقع الفرح ، فالفرح يغيرك كليا . ستكون مدفوعا بكلماتك التي تبارك مستقبلك .

 

لا تبحث عن الفرح المُطلق . يكمن الفرح الطازج في يوميا تنا العادية ، في أشيائنا البسيطة العابرة ليس أكثر . قد يأتيك عبر صوت تحب أن تسمعه ، أو شعاع شمس يتسلل إلى سريرك ويلامس جبهتك وأنت تتثاءب ، أو عبق قهوة تخالط أنفاسك ، وتعطر النسيم على شرفة مطبخك او صالة بيتك ، أو التأمل في بديع ما خلق ربك في السماء وفي الارض ، أو مع زقزقة عصفور يُصرُّ يرتل لك مجانا أعذب الألحان ، أو طمأنينة تطوف بك إثر لمسة حانية ودودة من شريك ، أو نظرة حب وامتنان من ولد أو حضن من حفيدة ، أو عقب تواصل إيماني عميق  مع رب رحيم غفور كريم سِتّيرٍ.

 

كلما اقتربت من أيٍّ مِنْ هذه ، وغيرها كثيرٌ كثير، يكْبُر فرحُك ويتّسع ويتجذّر ويورقُ ويُزهر ويُثمر .إفْرَحْ ، تفرحُ الدنيا  لك ومعك .

 

 الاردن – 16/7/2020