كـتـاب ألموقع

• ايمانويل ، الأم كيلي والعراق!

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

كمال يلدو

مقالات اخرى للكاتب

ايمانويل ، الأم كيلي والعراق!

 

 

        

 

طاف قبل ايام في فضاء الانترنيت الساحر ، فديو كليب لشاب من اصل عراقي تقدم لمسابقة اختيار الاصوات الجديدة بأستراليا . اما المسألة المثيرة تفجرت حينما سئل الشاب ( ايمانويل) عن عمره ، فأنطلق برحلة ممزوجة بالحزن والأمل ، تبين بعدها بأنه وشقيقه قد ولدا في بغداد في عقد التسعينات ، بلا اطراف كاملة ، وان الجهات الرسمية عثرت عليهما ملقيان في صندوق احذية في احدى الساحات العامة ، فأخذوا الى دار الايتام ، وصادف ان كانت السيدة الاسترالية ( مورري كيلي) التي تدير ملجأ للأطفال ، بزيارة الى بغداد ، فسارعت الى اخذهما ، وقدمت لهما الرعاية الصحية ، وبعد تماثلهما للشفاء، تبنتهما واصبحت لهما اما .
المشهد برمته كان دراميا بأمتياز، فلجنة التحكيم لم تكن في بادئ الامر متحمسة للشاب ( ايمانويل) ، وهو الذي يمشي بصعوبة وليست لديه اطراف علوية كاملة، مضافا اليها سحنته السمراء وملامحه غير الاسترالية . لكن ، بعد ان استمعوا لمقدمة عن حياته ، سأله احد الحكام عن الأغنية التي سيشارك بها في المسابقة ، فأجابهم ، ( اماجن – تخيل) للمغني جان لينون عضو فرقة البيتلز الأنكليزية .
وما ان انطلقت حنجرته بالغناء، وتفاعلت تقاطيع وجهه مع اللحن والكلمات ، لم تهدأ القاعة من التصفيق والهتاف ، فيما ذرف كل فريق التحكيم ( المعروفون بتشددهم مع المتسابقين) دموعا سـاخنة لم تتوقف حتى بعد انتهاء الوصلة الغنائية والتي اجتازها ( ايمانويل) بتفوق منقطع النظير، وغمرت الفرحة امه وشقيقه وبعض اعضاء العائلة الذين قفزوا ابتهاجا وقبل احدهم الآخر فرحا بالنتيجة المشرفة في المسابقة وانتقاله للمرحلة اللاحقة .
هذه باختصار كانت قصة هذا الفديو وبطله بأمتياز ( ايمانويل) ، لكن ، كيف استقبل الجمهور العراقي هذا الحدث والذي عد لحد الآن بمئات الألوف ، وماذا كانت تعليقاتهم ؟
كان هناك مشهدان تقاسما تعليقات القراء ، الأولى كانت لهذا الشاب الذي حرم من الكثير لكنه وجد الأمل بأمه وشقيقه وحياته اللاحقة ، والثانية ، هي عن مدى قدرة الانسان للعطاء فيما لو توفر الظرف الصحيح ومنح الفرصة ، حتى لو كان مصابا بعاهة بدنية !
اما ردة الفعل عند كل من شاهد الفديو فهي تلخص مدى تشبث العراقيين بالأمل برغم كل ما يمر به وطنهم وناســه من مآسي وآهات ، تماما كما ذرفت دموع الفرح وانطلقت الحناجر حينما توج العراق بطلا لآسيا عام 2007 ، او حينما فازت شذى حسون بمسابقة الغناء ، او بالمعمارية زها حديد او بأحد الفنانين والشعراء والادباء او المبدعين العراقيين الذين تنطلق صورهم وأسماؤهم عبر قارات العالم المختلفة . ان ردة الفعل هذه تشي بحقيقة ربما لايختلف عليها اثنان ، وهي ، ان سفينة العراق وركابها تواقون للوصول الى بر الأمان ، وهم بحاجة الى ربان يأتمون له ويثقون به ، وعندها سيعلم العالم ، اي شعب معطاء نحن ، وماذا يمكن ان نقدم للبشرية ....لكن ؟

اكثر التعليقات اثارة كانت بصيغة سؤال عما كان سيكون مصير ( ايمانويل) لو انه كان قد بقى في العراق لحد الآن ؟؟؟
وأنا بدوري احوله الى القراء الكرام ، والى السياسين ورجال الدولة ، من اعضاء الرئاسات الثلاث والبرلمان والوزراء وقادة الاحزاب والكتل . الا يختصر السؤال عن مصير ( ايمانويل) ، المشهد العراقي ؟
اليس الشعب العراقي اليوم ( ايمانويل) في دار الايتام ، بلا افق ولا مستقبل ولا حتى أمل ؟

الطريف في الأمر ، ان الأغنية التي اختارها ايمانويل ( ايماجن – تخيل) تعتبر واحدة من روائع الغناء العالمي لما تحمله من معان انسانية فريدة . فهي تدعو لعالم خال من الحقد والكراهية ، خال من الحروب ، عالم مليء بالمحبة والعدالة والســــلام ، هكذا كان يريده الفنان ( جان لينون) ، وربما لو كان حيا يرزق لليوم ، وســـمع بالمشهد العراقي ، ربما كان سيضيف على الاغنية ..... ( ايماجن – تخيل ) ....عراق خال من المحاصصة الطائفية ، خال من الفساد الأداري والسراق ، خال من الميليشيات وأصحاب الشهادات المزورة

ايماجــن ....تخيل ....وتخيلوا معي

فهل يصبح ايمانويل – البو عزيزي العراق ، ويشرع المتظاهرون برفع صوره في المظاهرات للمطالبة بمنح العراقيين فرصة الحياة والتقدم ، كما منحته السيدة كيلي ذلك ؟
لمشاهدة الفديو :

http://www.youtube.com/watch?v=W86jlvrG54o&feature=related

ايلول 2011