كـتـاب ألموقع

• العراق كما نفهمه و نتمناه

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسن حاتم المذكور

مقالات اخرى للكاتب

العراق كما نفهمه و نتمناه

 

وجهات نظر و تمنيات حول خارطة طريق تأخذ بيد العراق نحو مستقبل أمن مستقر زاهر , و من النقطة التي عليها الوضع الراهن , ترسم طرق معبدة و نهايات جميلة , البعض يكتب من داخل المؤسسة الحكومية و البعض الأخر من خارجها و فريق ثالث أنهكته الشتائم و الانفعالات يرى العراق محنطاً لا حول له لا بعد أن يصبح (هو) مسؤولاً كبيراً .

الأمر ليس كذلك , فالعراق يتحرك و يعيد صياغة نفسه و تهذيب مسيرته , يحبو على سكة مستقبله , لكن و من أجل أن تكون النظرة أكثر موضوعية متمردة على تراكمات الماضي , يجب أن نضع الحالة في نصابها , حيث لا يمكن للرؤيا أن تكون واضحة , إلا إذا نظرنا العراق من داخله , هناك فقط يمكن أن نرى صراع الإرادات و ميل الاتجاهات و تراكم التجارب و تدخل الوعي في عملية الإصلاح و التغيير التي ستفرض شروطها لتحديد الطريق الأسلم للعراق .

لا أريد تجاوز حدود إمكانياتي المتواضعة , لكني أتكي على مقدار معايشتي للواقع و ما تراكم لدي من وجهات نظر مختلفة , أستطيع القول أن العراق الراهن يشكله أكثر من عراق و بوجوه متعددة و كل عراق فيه يلد عراق , أنه الواقع الذي يجب أن نقره أولاً ثم نفكر في إصلاحه و تغييره .

عراق المنطقة الخضراء مثلاً :- تعقيداته تعدد وجوهه تشابك ملفاته كثرة صراعاته من داخله , يعزله جدار من فوضى ألإبتزازات و المساومات و لعب التوافقات و التحاصصات , هذا العراق لا يشبه الذي خارجه و يختلف عنه و يتصادم معه و يحتال عليه .

عراق الشارع العراقي :- مزقه فوران الفتن الطائفية العرقية و فرقته الميليشيات متعددة الانتماءات و الوظائف , إلى جانب شحن الأحقاد و الكراهية بين المدن و المكونات , فعراق مجتمع الجنوب و الوسط لا يشبه مجتمع المناطق الشمالية الغربية و يختلف عنه , و كلاهما يختلفان مع مجتمع مدن الإقليم , و عراق الأقليات يعيش خوفاً مستديماً من عراق ألاغلبيات , و تذهب الانقسامات في الشارع العراقي إلى مديات أخرى , فالتمزق الحاصل بين جيلي القديم و الجديد يرافقه انشطارات مخيفة داخل الجيل الجديد , فهناك من يجذبهم النشاط الديني لأسباب و دوافع مختلفة , تقابلهم شرائح واسعة جذبتهم أفلام الرعب و إلاندماج مع الفنون الرخيصة و المسلسلات الهابطة و الإنفلاتات المنحطة في الشوارع و الأزقة , و هناك تجمعات شبابية لا يستهان بها تعايشت و اندمجت مع الفنون و ألاداب و النتاج المعرفي .

أرجو أن أكون غير دقيقاً في وجهة نظري تلك ,لكنه الواقع المحكومين به و الممكن تجاوزه أيضاً , هذا إذا ما تجمعت الإرادات الوطنية في تيار عراقي منسجم متآلف موحد صادق مع ذاته , تلك المهمة التي لم تنجح أطراف العملية السياسية في انجازها لحد ألان مع أنه هناك قوى خيرة من داخل مؤوسسات الدولة حريصة على أن يبقى العراق على سكة مستقبله , كذلك يمارس الشارع العراقي أدواره عبر مختلف الفعاليات الوطنية و الاجتماعية , أنه العراق الديمقراطي المتحرر يتشكل من داخله , ذاك الذي أصبح هدف و حاجة الملايين , و قد تستطيع قوى الظلام و الردة أن تعيق ولادته و نهوضه و تقدمه لكنها غير قادرة على اقتلاعه من سكته ولا حتى إيقافه أو حرف مسيرته .

بعد وجهه نظري المتواضعة تلك قد يسأل البعض .

من أين و كيف و متى سيبدأ العراق طريقه ...؟؟؟

لا شك أن طريق المستقبل العراقي سيبدأ من حيث المشروع الوطني المشترك , و رغم الانتكاسات و الهزائم و التراجعات , لم تنجح قوى الردة داخلية أو خارجية أن تجتث جذوره من العمق العراقي , أما كيف سيبدأ .؟؟ فتلك مسألة سيطول الجدل حولها , لكن يمكن تلخيصها ببعض النقاط .

1 . إلغاء مواد الفرقة و التشرذم و الإنهاك التي وردت في الدستور , ثم أعادة صياغتها وطنياً , و مع أنه توجد فيه بعض المواد التي أريد فيها أن تكون جسراً لعبور الأسوء , فالسلبي فيه قد أبتلع الإيجابي حتى افقده مضمونه و ضرورته , و على العراق هنا أن يغتسل تماماً من مواد التمزق و الفرقة في دستوره .

2 . تجنب أضعاف دور الدولة و مركزية القرار فيها من اجل أقلمة الوطن و الناس و محاصصته طائفياً و عرقياً , فتلك عاهة دستورية مررت بغفلة من الشعب و يجب إلغائها في يقظته , و هنا على الحكومة أن تساعد نفسها و شعبها و وطنها عبر إنقاذ العراق من مصائد دستوره .

3 . أعادة النظر في التجارب المشوهه لمفاهيم التوافقات و المحاصصات و المشاركات , فما يحصل الان تشويه طائفياً عرقياً عشائرياً للجوهر الوطني للمصالحة و المشاركة , فعلى الصعيد الشعبي لا توجد ثمة إشكاليه بين المواطنين على مختلف انتماءاتهم القومية و الطائفية و العقائدية و الفكرية , فالمشكلة تكمن في طبيعة الصراعات بين النخب السياسية و التي تشكل محرقة لمستقبل الملايين من بنات و أبناء المكونات العراقية .

4 . أن افتعال التخوف و إثارة الذعر إزاء الحد المقبول من مركزية الحكم , يخفي وراءه أهداف و نوايا أخرى أكثر خطراً من المركزية ذاتها , نلاحظ أول غيثها في الهوس المنفلت لإعلان الأقاليم على أسس طائفية عرقية تهدد كيان الدولة العراقية لهذا ينبغي معالجة الأمر بما يستحقه و ما تتطلبه وحدة الناس و الوطن , خاصة و أمامنا أمثلة مخيفة تشير إلى عدة مشاريع تهدف إلى تفتيت الدولة العراقية و إلغائها ككيان من الخارطة الدولية و استبدالها بكيانات هامشية , إن هروب بعض المتهمين بأعمال فساد أو جرائم إرهابية إلى إقليم كردستان و تمتعهم بالحماية و كأنهم اجتازوا الحدود الدولية للعراق أمر يشير إلى عدة أخطار تهدد كيان الدولة , هذا الأمر سيتكرر حتماً و بأبشع صوره إذا نجحت بعض المحافظات كصلاح الدين مثلاً و الانبار و الموصل و البصرة و غيرها في تشكيل أقاليمها , أنه أمر يستهدف صميم الدولة و تدمير شخصيتها المعنوية و هذا هو الهدف النهائي لمشروع أقلمة العراق.

5 . أن علاج الفوضى المتمردة يكمن في اللجوء إلى الديمقراطية في أعادة تشكيل الحكومة على أساس الأغلبية البرلمانية , ليتمكن رئيس الحكومة تشكيل طاقمه الوزاري من بين الذين يثق بهم و يتفق و ينسجم معهم ليجعل حكومته مؤهلة لتحمل مسؤوليتها تجاه الشعب و الوطن , بنفس الوقت تكون الحكومة مراقبة من قبل المعارضة داخل البرلمان هكذا حل سيمكن جميع الكتل و المكونات من المشاركة في الحكم و صنع القرار مع ضمان حق الأقليات في أن يكون لها تمثيلها الثابت دستورياً , أما الحديث و في مثل الحالة العراقية الراهنة ,عن تفرد في الحكم و انبعاث الدكتاتورية يشكل خرافة , خاصة إذا ما احترم و التزم الجميع النهج الديمقراطي السليم و اعتمدوا الشفافية إزاء حرية المواطن في اختيار من يمثله في الانتخابات .

6 . أن تفرض قوانين واضحة و تطبيقات صارمة ضد أي حزب أو طرف أو مكون يعتمد تظليل الناس أو يلعب دوراً في تدمير العقل العراقي عبر شعارات و سلوكيات تؤثر سلباً على الذات العراقية , و على الأطراف ان تراقب نفسها و بعضها عبر الشفافية مع ناخبيها في الأقل , و يبتعدوا عن افتعال التصعيد و الإثارة و التحايل على وعي الجماهير و القفز على معاناتهم , هنا يجب مراقبة جميع الفعاليات و الشعارات غير المنضبطة التي تصدر الفتن و الكراهية من داخل الشارع العراقي و التقليل من أضرارها .

7 . على الحكومة العراقية تحديداً أن تلتزم جانب الشفافية و المصارحة مع المواطن خاصة فيما يتعلق بملفي الفساد و الإرهاب , أنها على علم بتورط البعض من أطراف العملية السياسية بعلاقات مشبوهة مع قوى إقليمية و دولية ترعي الإرهاب و تصدره للعراق , إلى جانب التمدد المخيف لمافيات الفساد و التي أفسدت أغلب أن لم نقل جميع مؤوسسات الدولة .

أن التعتيم على أمور تتعلق بمصير البلد و مستقبل المواطن يشكل كارثة جدية تتحمل مسؤوليتها الحكومة مباشرة , فهوة انعدام الثقة بين المواطن و المسؤول اتسعت حد الطلاق و لم يعد ترقيعها ممكن أن لم تتخذ الحكومة خطوات ملموسة , فالمواطن لم يعد يصدق بما يصرح أو يوعد به المسؤول حتى و أن كان بعضه صدقاً كما يقول المثل " يفوتك من الكذاب صدق كثير " وجهه النظر تلك و رغم تواضعها تلخص ما يراه و يتمناه الكثير من العراقيين و من ضمنهم مسؤولين من داخل السلطة , لكن الأمر مجرد وجهات نظر و تمنيات و أحلام أن لم تتضافر الجهود مصارحة و مصالحة و مشاركة وطنية داخل إطارها الشعبي من اجل إنقاذ العراق من مأزقه الراهن و دفعه أمن مستقر مزدهر على سكة مشروعه الوطني .

 

27.12.2011