اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

غزة.. قصةُ دمٍ مُختلف!// د. ادم عربي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. ادم عربي

 

عرض صفحة الكاتب 

غزة.. قصةُ دمٍ مُختلف!

د. ادم عربي

 

دَمٌ جَدِيدٌ يُسفَكُ الآنَ في أَرضٍ عَرَبِيَّةٍ، قِطاعُ غَزَّةَ، حَيثُ يُسفَكُ هَذَا الدَمُ بِأَيدِي الجَيشِ الإِسرَائِيلِيِّ في نِزاعٍ جَدِيدٍ ضِدَّ قُوَى المُقاوَمَةِ الفَلَسطِينِيَّةِ وَفُروعِها العَسكَرِيَّةِ. تَتَمَركَزُ هَذِهِ القُوَى في هَذِهِ المَنطَقَةِ السَاحِلِيَّةِ الصَغِيرَةِ وَالضَيِّقَةِ وَالمُسَتَوِيَةِ وَالفَقِيرَةِ بِالمَوارِدِ وَالمُكتَظَةِ بِالسُكَّانِ وَالمُعزُولَةِ عَنِ العَالَمِ الخَارِجِيِّ بَرًّا وَبَحرًا وَجَوًّا، مُحاطَةً بِإِسرَائِيلَ مِن كُلِّ الجِهَاتِ بِاسثِناءِ مَعبَرِ رَفَحِ البَرِّيِّ مَعَ مِصرَ، وَالذِي غَالِبًا مَا يَكُونُ مُغلَقًا. وَمَعَ ذَلِكَ، نَحنُ نَفتَخِرُ بِهَذَا الدَمِ وَنَعتَزُّ بِهِ وَلا نَخجَلُ مِنهُ، لِأَنَّهُ لا يُسفَكُ في نِزاعٍ قَبَلِيٍّ عَرَبِيٍّ جاهِلِيٍّ عَلى مَا هُوَ أَقَلُّ قِيمَةً مِنَ الكَلَأِ. كَانَ لا يُوجَدُ في قِطاعِ غَزَّةَ أَيُّ جُنُودٍ أَو مُستَوطِنِينَ إِسرَائِيلِيِّينَ، وَتَستَخدِمُ إِسرَائِيلُ هَذَا الواقِعَ لِتَنفِي حَقَّ الفَلَسطِينِيِّينَ في المُقاوَمَةِ بِالقِطاعِ، مُعلِنَةً انتِهاءَ الاحتِلالِ. وَمَعَ ذَلِكَ، لا تَزالُ إِسرَائِيلُ تَتَعَرَّضُ لِهُجُماتٍ بِالصَوارِيخِ وَالقنابِلِ مِنَ القِطاعِ. وَبِالمِثلِ وَعَمَلاً بِهَذَا المَنطَقِ الإسرائيلي، يُتَوقَّعُ مِن أَيِّ مُحافَظَةٍ في الضَفَّةِ الغَربِيَّةِ أَن توقِفَ مُقاوَمَتَها لِلاحتِلالِ الإِسرَائِيلِيِّ بِمُجَرَّدِ انسِحابِ الجُنُودِ وَالمُستَوطِنِينَ الإِسرَائِيلِيِّينَ مِنها. تعرَّفُ إِسرَائِيلُ إِنهاءَ الاحتِلالِ بِأَنَّهُ إِزالَةُ جُنُودِها وَمُستَوطِنِيها مِن أَجزاءٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ الأَراضِي الفَلَسطِينِيَّةِ المُحتَلَّةِ عامَ 1967، مِثلَ قِطاعِ غَزَّةَ. وَلَكِنَّ، اسثِمرارُ الحَصارِ وَالعزلَةِ عَنِ العَالَمِ الخَارِجِيِّ، وَالسَيطَرَةِ عَلى الدُخولِ وَالخُروجِ مِن هَذِهِ المَناطِقِ وإليها ، يُعَدُّ دَلِيلاً عَلى اسثِمرارِ الاحتِلالِ، لا عَلى انتِهائِهِ. إِسرَائِيلُ لَيسَ لَدَيها الرَغبَةَ في الاسثِمرارِ بِالسَيطَرَةِ عَلى قِطاعِ غَزَّةَ وَلَم تَعُد تَتَحَمَّلُ تَكالِيفِ اسثِمرارِ هَذَا الوَضعِ؛ لِذا انسَحَبَت مِنهُ، مُخلِيَّةً المَكانَ مِن جُنُودِها وَمُستَوطِنِيها، وَتارِكَةً القِطاعَ في حَالَةٍ أَشَدَّ سُوءًا مِنَ الاحتِلالِ المُباشِرِ. كَما أَنَّ حُلمَها في تَرحِيلِ سُكَّانِ القِطاعِ، ما زالَ قائِمًا أَو جُزءًا كَبِيرًا مِنهُم، إِلى مِصرَ الا أَن مِصرَ تعارِضُ هَذَا الاقتِراحِ. طالَما لَم يُحَلَّ النِزاعُ بَينَ إِسرَائِيلَ وَالفَلَسطِينِيِّينَ بِشَكلٍ يُرضِي الأَخِيرِينَ، فَإِنَّ قِطاعَ غَزَّةَ لَن يُعَتَبَرَ مَصدَرًا لِلأَمانِ بِالنِسبَةِ لِإِسرَائِيلَ. وَبَالتَّالِي، مِن المُتَوقَّعِ أَن تسثَمِرَ العَلاقاتُ بَينَ إِسرَائِيلَ وَالقِطاعِ ، الذِي يُعَدُّ مَركَزًا لِقُوَى المُقاوَمَةِ الفَلَسطِينِيَّةِ وَخاصَّةً الفُروعِ العَسكَرِيَّةِ، في كونِها عَلاقَةً مُتَبادِلَةً لِلعَداءِ. هَذَا الوَضعُ يُلزِمُ إِسرَائِيلَ بِاللَجوءِ إِلى الحُروبِ ضِدَّ القِطاعِ لِإِقامَةِ نَوعٍ مِنَ العَلاقاتِ التِي تُمَكِّنُ جَيشَها مِن رَدعِ المُقاوَمَةِ عَنِ اسثِهدافِ البَلداتِ الإِسرَائِيلِيَّةِ المُجاوِرَةِ لِقِطاعِ غَزَّةَ بِالصَوارِيخِ وَالقَذائِفِ. في الوَقتِ السابِقِ، حَيثُ أَطلَقَت إِسرَائِيلُ حَملاتِها العَسكَرِيَّةِ مَرَّاتٍ عَلى القِطاعِ، تَبرُزُ قَضِيَّةُ الرَدعِ الفَلَسطِينِيِّ. عَلى الرَغمِ مِن نِظامِ الدِفاعِ الصَاروخِيِّ الإِسرَائِيلِيِّ القُبَّةِ الحَديدِيَّةِ، يُمكِنُ لِعَدَدٍ كَبِيرٍ مِن صَوارِيخِ المُقاوَمَةِ أَن تُصِيبَ أَهدافًا وَمَناطِقَ وَمُدُنٍ إِسرَائِيلِيَّةٍ، بَعضُها قَرِيبٌ مِنَ الحُدودِ الشَمالِيَّةِ لِإِسرَائِيلَ مَعَ لُبنانَ. هَذِهِ الصَوارِيخِ، رَغمَ أَنَّها لَم تُسَبِّب خَسائِرَ بَشرِيَّةً أَو مادِيَّةً كَبِيرَةً لِإِسرَائِيلَ، فَإِنَّها تُفرِضُ عَلى الإِسرَائِيلِيِّينَ تَغيِيرًا في نَمطِ الحَياةِ اليَومِيِّ الذِي لَم يعتادُوا عَلَيهِ وَيَجدُونَ صُعوبَةً في التَأقُلُمِ مَعَهُ. وَبَالتَّالِي، لا يَبقى أَمامَ الجَيشِ الإِسرَائِيلِيِّ سُوى خِياراتٍ قَد تَكُونُ أَسوأَ في تَداعِياتِها، وَهُوَ الاسثِمرارُ في حَملاتِهِم العَسكَرِيَّةِ الشَديدَةِ عَلى قِطاعِ غَزَّةَ، وَالتِي قَد تَشمُلُ مَعارِكَ بَرِيَّةً عَنِيفَةً تُؤدِي إِلى خَسائِرَ بَشرِيَّةٍ كَبِيرَةٍ في صُفوفِ الجَيشِ الإِسرَائِيلِيِّ. بَعدَ أَحداثِ السابِعِ مِن أَكتُوبرَ، تَعَرَّضَت إِسرَائِيلُ لِضَربَةٍ قَوِيَّةٍ أَثَّرَت عَلى صُورَتِها العَسكَرِيَّةِ وَالاسثِخباراتِيَّةِ. وَفقًا لِلتَقارِيرِ، فَإِنَّ الهُجُومَ الذِي شَنَّتهُ حَرَكَةُ حَماسَ وَالفُصائِلِ المُسَلَّحَةِ الأُخرى في غَزَّةَ أَدَّى إِلى مَقتَلِ 1,400 إِسرَائِيلِيٍّ وَأَسرِ أَكثَرَ مِن 200. هَذَا الهُجُومُ الغَيرُ مُتَوقَّعٍ أَظهَرَ هَشاشَةَ الدِفاعاتِ الإِسرَائِيلِيَّةِ وَأَسقَطَ العَديدَ مِنَ الأَساطِيرِ التِي كَانَت إِسرَائِيلُ تُروجُ لَها عَن نَفسِها وَظَهَرَت لا حَولَ وَلا قُوَّةَ لَها الا مِن حَلِيفِها الغَربِيِّ، وقد أثبتَ هذا الهجوم أنَّ إسرائيل ليستْ سوى وَهْم دونَ الغرب ، وفي حقيقة الأمر فقد مُنيتْ إسرائيل بهزيمة قاتلة ، وما نشهده الآن ليس سوى تداعيات تلك الهزيمة . الرَدُّ الإِسرَائِيلِيُّ عَلى هَذِهِ الأَحداثِ كَانَ عَنِيفًا وَوُصِفَ بِأَنَّهُ وَحشِيٌّ وَابادَةٌ جَماعِيَّةٌ ، بمباركة غربية أمريكية ، حَيثُ أَعلَنَ رَئِيسُ الوَزراءِ الإِسرَائِيلِيِّ أَنَّ الحَربَ عَلى غَزَّةَ سَتَسثَغرِقُ وَقتًا طَوِيلًا وَسَتُغَيِّرُ منطَقَةَ الشَرقِ الأَوسَطِ. مُقاوَمَةُ غَزَّةَ تَحَقَّقُ النَصرَ، وَتَسثَمِرُ في الانتِصارِ؛ وَلا يُغَيِّبُ هَذَا النَصرُ إِلا عَن أُولئِكَ الذِينَ تَعَوَّدَت عُقُولُهُم السِياسِيَّةِ عَلى رُؤيَةِ "النَصرِ" أَو "الهَزِيمَةِ" دُونَ النَظَرِ بِمُنظُورِ "النِسبِيَّةِ". وَكَمَثَالٍ عَلى ذَلِكَ، نَعلَمُ أَنَّ فيتنامَ حَقَّقَت النَصرَ عَلى الوِلاياتِ المُتَحَدَةِ في نِطاقِها "الفيتنامي" وَلَيسَ "العالمي"، رَغمَ أَنَّ خَسائِرَها كَانَت أَكبَرَ بِكثِيرٍ مِن خَسائِرِ الوِلاياتِ المُتَحَدَةِ وَلا تُقارِن سواء بشرياً أوْ مادياً ، لَكِنَّها دَفَعَت ثَمَنَ الحُرِيَّةِ. في غزة الآنَ ، الحَربُ مَسرَح ، حَيثُ كَانَ "النَفقُ" مَلجَأً لِلمُقاوِمِينَ الفَلَسطِينِيِّينَ، وَ"النفوقُ" مَصِيرَ الجُنُودِ الإِسرَائِيلِيِّينَ، والإبادة الجماعية نصيب الغزيين المدنيين ، ومن الجدير بالذكر أنَّ هذه الابادة الجماعية غير مسبوقة أو معهودة في التارخ ، حيث تمت وتتم بثا حيا وماشر، وهو ما يبعث على التساؤل : هلْ فعلاَ شهدنا إبادات جماعية عبر التاريخ؟ ، لدرجة تطرح علينا سؤال محوري ومهم وهو ، هل الفلسطيني دمه مٍباح عالميا؟، وَ"النِفاقُ" سَمَةً لِلأُمَّةِ العَرَبِيَّةِ جيوشاً وشعوباً ونخب سياسية وليس قادة ، باعتقادي أنَّ القادة مفروغ من أمرهم ؛ والانهيار هو إنهيار المنظومة الاخلاقية العالمية متمثلة بالديموقراطيات الغربية ، حتى أن الشعوب الغربية بدتْ أكثر إنسانية من النخب السياسية التي سقطتْ في إختبار الأخلاق ، بَينَما غَزَّةُ، بَدَت وَكَأَنَّها تَفوُقُ الوَطَنَ العَرَبِيَّ الكَبِيرَ في قُوَتِها وَمَكانَتِها رَغمَ حَجَمِ الدَمارِ الهائِلِ وَالتَجوِيعِ وَالابادَةِ ، وأنَّ الشعب الغزيّ هو الوحيد الحر، وما عداه محتل ، وستفرض المقاومة على الأمريكان رؤيتها ومصالح شعبها .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.