اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مبدعون وابطال الحرية

وفاءاً للشهيد البطل أثير كوركيس داود عم مرقس// كمال يلدو

 

الموقع الفرعي للكاتب

وفاءاً للشهيد البطل أثير كوركيس داود عم مرقس

كمال يلدو

 

في أحد خطابات الداعية الامريكي لحقوق الانسان القس مارتن لوثر كنج يقول:

كُن شتلة، إن لم تستطع أن تكون شجرة

وكن نجماً، إن لم تستطع أن تكون شمساً، فالنجاح أو الفشل لا يقاس بالحجم، بل قدّم وكُن الأفضل فيما أنتَ عليه !

وهكذا كانت سيرة الشهيد أثير كوركيس داود عم مرقس.

ولد عام ١٩٦٦ في محافظة الانبار، مدينة حديثة، رحلت والدته في حادث مرور وهو بعمر ثلاث سنوات. أنهى المرحلتين الابتدائية والثانوية هناك، وبعد أن تم قبوله في الجامعة المستنصرية، انتقل الى العاصمة بغداد وسكن مع أخويه في مدينة بغداد الجديدة، منطقة الامين الاولى.

يتذكره (فارس ججو ) جيدا  ـ وزير العلوم والتكنلوجيا السابق ـ فقد ارتبطا بعلاقة وثيقة رغم الظروف الصعبة التي كان يعيشها المناضلون في عقد الثمانينات، حيث كان فارس يتنقل بين العمل المسلح في منظمة الانصار بكردستان، وبين العمل السري في العاصمة بغداد ويقول في معرض ذكرياته: في اثناء الحرب العراقية الايرانية، كان النظام يسعى بكل الطرق لتجنيد الناس لتلك المحرقة، ومنهم طلبة الجامعات، فقد اقيم معسكر لطلبة الجامعة المستنصرية في العطلة الصيفية عام ١٩٨٦  في معسكر للجيش الشعبي في الديوانية، وبعد يومين من التحاقه، كان له موقفا واضحاً وجريئاً من تلك الحرب ،ومن فكرة المعسكر والتدريب على السلاح حيث قرر الهروب، وفعلا تمكن من ذلك، والتجأ الى الاهالي هناك الذين قدموا له ولبعض زملائه الحماية من السلطات حتى تمكن من العودة لبغداد سراً . وفي تموز عام ١٩٨٧ قرر الانضمام لصفوف مناضلي الحزب الشيوعي العراقي، وكان نشطا وجريئاً، ويمضي فارس ججو قائلاً: (كنّا أنا وهو وبعض الرفاق) نقوم بتوزيع المنشورات في مناطق وقوف الباصات في شارع فلسطين وكانت تدعو لوقف الحرب الكارثية، وفي يوم ١٨ آذار عام ١٩٨٨، أي بعد يومين من قصف حلبجة بالكيمياوي، غطينا مناطق كثيرة في الكرخ والرصافة بالمناشير التي كانت تدين هذه الجريمة وتدعو الجنود والضباط الى التمرد على حكم صدام حسين الدكتاتوري، وافترقنا في آيار ١٩٨٨، وفي اثناء تصدينا لمعارك الانفال سيئة الصيت وردتنا برقية تفيد  بإعتقال (الناشط أثير ـ واسمه الحزبي بركان) ، وعلمتُ في آب من نفس العام بأنه اعتقل لوحده، وعند عودتي الى بغداد يوم ١٣ كانون ثان ١٩٨٩، تأكدتُ بأنهم اعتقلوه أثناء توزيعه  مناشيرا مناهضة للحكم الدكتاتوري في سوق الدورة في أحد أيام آب ١٩٨٨.

 

أما رفيق دربه وصديقه (فريد طوانا) فإنه يحمل للشهيد أثير كثيرا من الذكريات الحلوة، برغم قصر المدة التي امضياها سوية وطبيعة المراقبة من قبل جلاوزة الامن والمخابرات فهو يقول: كان الشهيد أثير ذكياً ومحباً للقراءه وصاحب نظرة ثاقبة، ويحمل عقلاً سياسياً واقتصادياً متميزا. فبالرغم من تفشي الارهاب والقمع والخوف في الشارع آنذاك، إلا انه انكب على دراسة الماركسية وعلومها خاصة وانه كان يدرس في قسم (الادارة والاقتصاد) في الجامعة، وكان حريصا على رفاقه، حيث كان يقوم بكتابة المحاضرات الثقافية مستخدما (ورق المحاضر الخفيف) ويقوم بتسليمها لنا أثناء اللقاءات، ومن ثم نناقشها في اللقاء التالي، ولم تكن لتفوته اية أزمة اقتصادية تعصف بالنظام الرأسمالي، فقد كان حريصا على تفسيرها لنا وتبسيطها.

 

أما صديقه الحميم (كامل زومايا)، والذي اقتسم مع الشهيد أثير ايام السجن والزنزانات والمحاكم وحكم الاعدام، فله ذكريات تأبى الايام أن تمحوها ويقول: في يوم ١٨ تموز ١٩٨٩ تقدمت كوكبة من مناضلي الحزب الشيوعي العراقي الى ما يسمى ب (محكمة الثورة) التي كانت آنذاك برئاسة الجلاد عواد البندر، وكان تسلسل الشهيد رقم (١)، وطلب المجرم منه إقراراً بأنه مذنب، واعداً اياه بتخفيف الحكم عليه، لكن اجاب الشهيد عليه بأنه: بريئ من التهم الموجهة اليه، وطالب بأن تكون المحكمة عادلة، وأن الافادات المكتوبة قد جرى تدوينها تحت التعذيب الوحشي، وإن كل ما جاء في مطالعة  المدعي العام كذب وافتراء، وهكذا كانت اقوال رفاقه ال (١٥) المتواجدين في المحكمة ذاك اليوم. وبعد المداولة (المسرحية) بين اعضاء رئاسة المحكمة تم النطق بالحكم على الرفيق (أثير كوركيس) بالاعدام شنقا حتى الموت، وقد هتف بوجههم: الموت للفاشية، والتمجيد بحياة الحزب الشيوعي العراقي مما دفع الحراس الى شد وثاق الشهيد كالوحوش الكاسرة ورميه في سيارة (البوكس)  التي نقلتنا بعدها الى سجن (ابو غريب).

في السيارة التي أقلتنا كان جالسا قبالي، ابتسم وقال لي: اكيد سوف نلتقي، من المؤكد ان عمرهم قصير، وكنتُ أشد على يديه فيما تعالت اصوات الجلاوزة بعدم الحديث.

نقلتنا القافلة التي كانت محاطة من قبلهم الى قاطع الاعدام في سجن ابوغريب، فنزل الشهيد ليتم استلامه من قبل قاطع الاعدام، فتم العناق بيننا  بالرغم من صراخ السفلة بعدم الحديث الى الشهيد، ودعّنا امام باب القاطع وهو يرفع باصبعيه علامة النصر!

ويتذكر فريد طوانا الذي كان معه في السجن وفي تلك اللحظات العصيبة، بأنهم تريثوا بالاعدام وكان مؤملا ان يجري اطلاق سراحنا بعفو رئاسي، لكنني سمعت بأنهم أعادوا تقديمه الى مديرية أمن الكرخ، وتم تنفيذ حكم الاعدام به في احد ايام تشرين أول عام ١٩٨٩، وسلمت جثته الى أهله، الذين قاموا بدفنه في مقابر الكلدان على طريق بعقوبة.

" حينما سلّمت الاجهزة الأمنية جثة الشهيد، كانت بلا عيون، وإدعوا بأن الشهيد تبرع بعينيه (خضراوتان) الى بنك العيون ....فكيف جرى ذلك؟؟؟ قبل الاعدام ام بعده؟؟ اليست هذه جريمة ثانية الى جانب جريمتهم الاساسية في محاكمته واعدامه، مع انه كان معارضا سياسيا سلميا لم يحمل سوى منشورات"

**المجد لذكرى الشهيد أثير كوركيس عم مرقس

**مواساتنا لعائلة الشهيد وأحبته وكل من عرفه

** الخزي والعار للقتلة بحزب البعث وجلاوزته وكل المجرمين الذين يسيرون على طريقه

**النصر حتما، حليف نضال الشيوعيين والوطنيين وكل القوى الخيرة العراقية

((ملاحظة: اتقدم بجزيل الشكر والامتنان لكل ما قدمه ويقدمة الاعلامي الوطني الاستاذ باسم عم مرقس لتسهيل مهمة كتاباتي عن شهداء تللسقف الابرار ..ولولا مساعدته لكان الامر اصعب بكثير ..دمت لنا استاذ))

 

كمال يلدو

شباط ٢٠١٨

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.