كـتـاب ألموقع

نهاية المجلس الأعلى!// صائب خليل

تقييم المستخدم:

/ 1

المجموعة: صائب خليل

تم إنشاءه بتاريخ الجمعة, 26 شباط/فبراير 2016 17:01

كتب بواسطة: صائب خليل

الزيارات: 2654

الموقع الفرعي للكاتب

نهاية المجلس الأعلى!

صائب خليل

26 شباط 2016

المجلس الأعلى يجد نفسه اليوم في موقف حرج، كشخص يقف على رمال متحركة. إنه يغرق باستمرار ويدفن تدريجيا في رمال الفساد وغضب الشعب العراقي على تلك المظاهر المتمثلة ببذخ الحكيم والمواقف الاقتصادية المدمرة لعادل عبد المهدي وبقية أعضاء المجلس، وباتت الناس تنظر إليهم كرمز للفساد والخطر على الشعب، وإن لم يكونوا وحدهم الفاسدين ولم يكونوا وحدهم الخطرين على الوطن.

لقد كان المجلس الأعلى من اهم اعمدة حكومة العبادي الأمريكية، ووضع كل ثقله فيها – واعطاها أثقل لصوصه أيضاً. لقد وضع عادل عبد المهدي على وزارة النفط ليكمل جريمته التي بدأها حين قدم الـ 17% لكردستان حينما كان في وزارة علاوي مقابل شيء لا نعرفه، وكانت تلك فاتحة الابتزاز الكردستاني المتصاعد حتى اليوم والذي كلف العراق عشرات المليارات من الدولارات، والكثير من الإهانة والتدمير لوحدة العراق، ثم عاد ليوقع بلا مناقشة، اتفاقية مشؤومة جديدة مع كردستان، ليمنحها فيها ضمنا السيطرة على نفط كركوك الذي كانت قد سيطرة عليه عسكريا بمساعدة داعش، وصلاحيات غير محددة لتصدير النفط وبيعه بشكل مستقل، وهو ما يمثل ليس فقط خسارة اقتصادية كبيرة بل خطرا شديدا على وحدة العراق بتشجيع الآخرين على اتباع خطى كردستان نحو الانفصال.

وكذلك قدم المجلس للعراق، باقر جبر صولاغ، الذي شغل مناصب عديدة لتنتهي بوزارة المواصلات وكان آخر إنجازاته تحطيم الخطوط الجوية العراقية، في عملية يشتبه بأنها متعمدة وتهدف إلى خصخصة هذه المؤسسة لصالح شركة خاصة للقطط السمان ومنهم الوزير نفسه.

لقد كان المجلس جزءاً أساسيا من مؤامرة اميركا وكردستان على العراق والمتمثلة بحكومة العبادي. لذلك حين تصدت النائب حنان الفتلاوي لكشف تفاصيل المؤامرة والتزويرات التي تمت لإيصال العبادي إلى الكرسي، قام الناطق الرسمي باسم المجلس الأعلى، بليغ أبو گلل، بالتصدي لها رغم عدم وجود علاقة مباشرة له بالأمر. وقد لعب ذلك الاصطدام الحاد دور خلفية التوتر التي أدت فيما بعد إلى المستوى الذي هبط إليه أبو گلل في انفلاتته الأولى.

إن رعب المجلس وهو يرى نفسه يغرق ولا يجد طريقا للخلاص، يبدو من خلال اطلالتي الشيخ جلال الدين الصغير الذي كان يهذي، وأبو گلل الذي لم يجد للدفاع عن هذيان الصغير، سوى الصلافة. (1)

فالشيخ جلال الدين الصغير، قال كلاما لا يمكن الدفاع عنه وكان يقلب الحقائق حينما يتحدث عن النفط والاقتصاد فيقول: "الحروب تخفض الأسعار دائما"! او عندما يدعو العائلة العراقية لحل المشكلة الاقتصادية بالاكتفاء بمبلغ 30 ألف دينار في الشهر، أي حوالي ثلاثة ارباع الدولار في اليوم الواحد، علما بأن رقم البنك الدولي لخط الفقر حوالي دولارين، أي أن الصغير يريد لعائلة عراقية كاملة أن تعيش بأقل من نصف خط الفقر العالمي للشخص الواحد!! وكان لخطبة الصغير معان ودلائل خطيرة في دعوته للناس ان يتذكروا دائما شظف العيش ليشكروا نعمتهم، وقمت بشرحها في مقالتي السابقة (2)

لماذا يتصدى الصغير لمثل هذه المهمة؟ لأن الحكومة في حيرة من امرها، ولأن الصغير يعلم انهم جزء أساس منها، وربما يعلم ان عبد المهدي جزء أساسي من الكارثة المالية التي تصيب العراق وأنه كان قد أعلن تأييده لسياسة المملكة العربية السعودية، والتي أدت إلى إغراق سوق النفط وتبعاتها المتوقعة. ونحن نتساءل باستغراب عن هذا الدفاع غير المدرك لما قد يثيره من غضب بين الناس، فما الذي منع الصغير من رؤية الحفرة التي أسقط نفسه فيها؟ وكيف لم يشعر بأن في كلامه إهانة للناس، حين يطلب منهم التقشف الشديد، وهو وحزبه يعيشون في بحبوحة علنية مثيرة للغضب من سرقات أموال الناس؟

في تقديري أن الأمر لا يعود للإمكانية الذهنية المحدودة للصغير، بقدر ما يعود إلى حالة من الهذيان التي يصل إليها سكنة الأبراج العاجية فلا يعودون قادرين على رؤية ان الآخرين بشر مثلهم، لهم حاجات مثل حاجاتهم وأولاد مثل أولادهم، وأن هؤلاء من الصعب عليهم ان يقتنعوا بضرورة حرمان أولادهم من حقيبة المدرسة، من اجل ان يمارس أولاد كبار المجلس الأعلى ركوب الخيل في ساحات خاصة ويسكنون قصور صدام حسين ويتمتعون بحمايات ضخمة وطائرات خاصة خيالية الكلفة.

إن هذا الإحساس بأن الآخرين مجرد خدم أو حتى "حشرات" يجب ألا تتذمر من الفقر، وأن تقبل بنصيبها وتتذكر اشد أيام فقرها دائما كمؤشر لطموحها، وتشكر ساستها والقدر أنها مازالت على قيد الحياة، ظاهرة عامة بين الأثرياء وأصحاب السلطة وهي من أكثر ما يزيد احتمال الثورات. أنظروا معي إلى هاتين الصورتين وأخبروني: هل يمكن لمن يعيش في اعلاها أن يرى من في اسفلها إنسانا مثله؟ يشعر بألمه؟ كيف له إذن أن يسافر في مقعد الدرجة الأولى ويدفع الفرق لراحته في بضعة ساعات الاف الدولارات، في الوقت الذي يهرب طلبة الفقراء من المدرسة بسبب الجوع؟ كيف يفكر من يسافر في طائرات خاصة إذن؟ أي انفصال عن الشعب يجب يعيش وأية حالة فقدان للوعي بما يدور حوله من بؤس؟

ومن الصعوبات التي يعاني منها افراد عصابة المجلس، ان تبرير قدسيتهم هو بادعائهم انتمائهم إلى إمام الفقراء علي، وتقليدهم له، وهو ما يضعهم في موقف شديد الحرج حين يراهم الناس في بذخهم مطابقين تماما لنقيضه الأشد والذي يحتقره: معاوية! (3)

ولو ان المجلس الأعلى لم يكن في حالة الهذيان وفقدان الوعي تلك، لكان شعر بما يحدث بين الناس، وقد جاءته تنبيهات عديدة، لعل اكثرها وضوحاً هو اكثرها بساطة: تلك الصورة التي نشرت لعمار الحكيم وهو يسير في الشارع مع حاشيته، فلا يقوم العمال من على عربتهم لتحيته أو ابداء الاحترام له! وكانت تلك الحادثة على بساطتها مؤشرا خطيرا وكبيرا ويحدث لأول مرة في العراق، وكان جديرا بعمار وزبانيته، لو كان قد أبقى الثراء الفاحش لهم وعيا، أن يستيقظوا على جرس إنذاره. لكن الانفصال تام، وعبثا يدعو الشاعر محمود درويش الواحد من هؤلاء ان: "فكّر بغيرك"!(4)

إن أبا گلل بشخصيته، وبانفجاراته المتتالية، وباعتباره الناطق الرسمي للمجلس الأعلى، مؤشر لا يخطئ بأن المجلس كله قد فقد اتصاله بالواقع، وانه قد خطا خطوة كبيرة نحو نهايته وأن الانهيارات ستتوالى بسرعة على مدى أوسع. وأود أن الفت انتباهكم إلى ان أبو گلل الذي اثار موجة سخط عارمة على النت باعتباره قد "أهان العراقيين" ككل، لم يفعل ذلك بل وجه إهانته تحديداً إلى من هاجم وسخر من الشيخ الصغير فقط. لكن الذي حدث ان الجميع اعتبر نفسه ساخرا وغاضبا من الصغير. (5) وبالتالي فقد اعتبر ان بليغ قد هاجمه واهانه شخصياً، وأهان الشعب العراقي. وهذا يدل على أن مشاعر العداء للمجلس عامة تشمل الشعب كله. (6) ولو كان أبو گلل يدرك هذا الشعور لتردد كثيرا قبل ان يقذف بما جاد به فمه من كلام، لكن كما قلنا فإن هؤلاء آخر من يدرك شيئا، حتى يحس بحبل السحل يلتف على رقبته.

المجلس الأعلى، كما قلنا يقف على رمال متحركة من الفساد، يغرق فيها تدريجيا، وحين يحاول الحركة، فإنه لا يفعل سوى ان يزيد سرعة غرقه في الرمال. وقد لاحظنا من قبل، ان أية محاولة لعادل عبد المهدي لشرح خططه المستقبلية (إقرأ: التعليمات الأمريكية) وتبريرها، كانت تثير الغضب فيضطر إلى إنكارها ويدعي أنها فهمت خطأً. واليوم حين حاول الصغير الدفاع عن هذه الحكومة الغارقة، لم يثر سوى الغضب الشديد فزاد سرعة هبوط المجلس نحو الأسفل، وأخيرا جاءت حركة بليغ، ممثل المجلس، لتكرر نفس الحدث وتثير الغضب الشديد وتدفع بالمجلس أسرع وأسرع نحو قبره.

الأمر ذاته لكل حكومة العبادي، فيمكن لأي كان أن يراجع خطابات العبادي، وسيرى في لعثمته وفي كل حركة من عينيه وارتفاع وانخفاض صوته وكل الحركات التي يبدو أنه تدرب طويلا على تمثيلها، محاولة مفضوحة لتغطية قلق لا يقل وضوحا في كشفه للرعب المتزايد لدى هذه الطبقة والذي كشفه فقدان اعصاب أبو گلل.

أريد ان أضيف هنا خبرا وصلني تواً بأن زيارة وزير التعليم الشهرستاني، إلى جامعة السماوة قد تحولت إلى رمي الوزير بالأحذية والقناني الفارغة وانه سارع إلى ركوب سيارته والهرب وتحول الحدث إلى تظاهرة في الجامعة. ربما لا يكون الشهرستاني شخصياً مذنبا في هذا الخراب إلا باشتراكه في هذه الحكومة، لكنه الغضب الشديد الذي يلف الشعب العراقي من الحكومة كلها ومن رموزها. كذلك وصلني خبر تقديم وزراء المجلس الأعلى لاستقالتهم أعلنه عمار الحكيم، بحجة عدم عرقلة الإصلاح، وكأنه يقر بأنهم من أسباب الفساد!

إن مثل هذه العلامات كلها لن تفوت الأمريكان الذين اسسوا هذه الحكومة، وهم بلا شك يعملون منذ أول علامة منها، للاستعداد لتغيير حكومتهم العبادية، لتأمين ألا يحدث التغيير من الشعب ويكون في غير صالحهم. وبالنسبة للشعب، فيجب أن يدرك بوضوح أن التغيير واجب ولكن أيضاً أن لا فائدة من أي تغيير إن كان سيحدث تحت سيطرة وإشراف ورضا الأمريكان كما كان بتغيير المالكي إلى العبادي، لأن الوجوه وحدها ستتغير، أما الاتجاه فسيبقى نفسه إن لم يكن أسوأ. هذا هو التحدي الكبير للشعب العراقي: من سيحكم العراق؟ – حكومة تأتي بأجندة لخدمة شعبه، أم نسخة جديدة من حكومة العبادي يرتبها الأمريكان من وجوه أخرى من الفاسدين والعملاء لخدمة اجندتهم التدميرية والتقسيمية المعروفة للعراق؟

(1) بليغ أبو گلل يدافع عن جلال الصغير ويهاجم العراقيين ويقول لهم انه حمى اعراضكم!!

https://www.facebook.com/theCommandernecessary/videos/1761787650716625/

(2) ‏صائب خليل:‏ ذكّر المواطنين بحالهم قبل الثورة – شعار بعثي آخر يعود

https://www.facebook.com/saiebkhalil/photos/a.350693164987759.831

77.320945874629155/1033015906755478/

(3) Neseer EL Mehdi - احتفالا بمجازر سبايكر والصقلاوية وتشريد أهالي...

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=1621251511489290&set=p.1621251511489290&type=3&theater

(4) محمود درويش: فكر بغيرك

https://www.youtube.com/watch?v=CPLGTvQFTiM

(5) إلى قيادات المجلس الاعمى وزبانية، الى عمار الحكيم، الى جلال الدين الصغيرون الى بليغ ابو گلل

https://www.facebook.com/1526527700922959/videos/vb.15265277

00922959/1721906151385112/?type=2&theater