اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

نعم الشيعة يتعرضون للإبادة.. ولكن بطريقة اخرى// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

نعم الشيعة يتعرضون للإبادة.. ولكن بطريقة اخرى

صائب خليل

8 تموز 2016

 

كما هي العادة، تنطلق بعد كل عملية إرهابية تفجيرية، عملية إرهابية إعلامية. الأولى تخلق الغضب والخوف، والثانية توجههما نحو الوجهة السياسية التي يريدها من صنع العملية الأولى. ولم تختلف عملية الكرادة عن ذلك التقليد، رغم أن داعشيو الإعلام وجدوا بعض الصعوبة في توجيه غضب الناس وخوفهم نحو الهدف الطائفي وإقناعهم بأن الطائفية هي السبب في الجريمة، بسبب حملة التضامن غير مسبوقة الحجم من قبل السنة وغيرهم، وكان آخر فعالياتها الصلاة المختلطة في موقع المجزرة، إضافة إلى حقائق تعقيد وحجم الجريمة بما يفند طائفية الجريمة ويؤكد ان وراءها شيء مختلف عن مجانين يسعون لتسلط طائفتهم و "إعادة الحكم" اليها.

 

رغم ذلك نشطت الصفحات الطائفية المشبوهة والمتخصصة في مثل هذا العمل مثل صفحة علي مارد الأسدي إلى الدعوة إلى تظاهرات "شيعية" ودعوات استقلال الخوف أو إقامة اقليم شيعي. كذلك هناك دعوات نشطة إلى تدويل القضية و الحصول على اعتراف الأمم المتحدة بأن هناك محاولة إبادة للشيعة، مع تلميح أو تصريح بأن "السنة" يقفون وراءها. ويذهب البعض إلى الدعوة الصريحة إلى قصف "الحواضن الإرهابية" بالصواريخ والراجمات.

يكتب علي مارد الأسدي: "من الكرادة.. من موقع التفجير الارهابي "السني" الجبان" و "عدسة (السي ان ان) الامريكية تبين حجم الدمار الكبير الذي خلفه التفجير الارهابي "السني" في منطقة الكرادة الشيعية." ثم يبحث عن فيديو يحتوي كلام تافه مستفز ليؤكد أنه "يمثل رأي غالبية سنة العراق" وكأن جنابه قد قام باحصائية استنتج منها رأيه الذي "يأسف" عليه! والحقيقة انه سعيد به، إلى درجة انه يقوم بتعميمه وتأكيد انه يمثل السنة.

وبدلا من نقل حقيقة تضامن الاعظمية بالشموع مع الكرادة، يتم تزييف الصور باللصق لإظهار الاعظمية شامتة بضحايا الكرادة.

 

الصديق بسيم محمد مصطفى وصف صفحة "ويكيليكس العراق" بأنها "تحاول أن تكمل الغرض من كل تفجير إرهابي: إثارة الطائفية و الكلام عن عدم إمكانية التعايش بين الطائفتين."

وتنشر الصفحة – دون أية مصادر لمعلوماتها، ورغم تناقض تلك المعلومات مع كل ما نشر عن الجريمة عن مواد غريبة متطورة - بأن من قام بها هو "انتحاري" أسمه "أبو مها".

ولإظهار المقابل كمجرم شرس وليس كضحية، (لأنه إن تبين أنه ضحية هو أيضاً، فهذا سيثير التساؤل عن الجهة الثالثة التي تقوم بالجريمة) يتم إنكار قصف الهاونات الذي استهدف مخيم النازحين من الفلوجة، بانه انفجار "جراء تصنيع عبوة ناسفة بالمخيم"!!

 

لكن، رغم كل الدماء والصدمات والخسائر الهائلة، فهناك سبب للتفاؤل فالمشاركات التي بلغت أكثر من 300 مشاركة للصورة المزيفة التي تسعى لإقناع الشيعة بأن السنة اعداءهم، وجد بسيم بأن "معظم من شاركوا المنشورات ، شاركوها مع التعليق بأن الصورة مفبركة و أن الصفحة مشبوهة و تحاول إثارة الفتنة الطائفية" واغرقت تلك الصفحات بـ "الرزالات" و "الشهادات عن عدم احتفال اهالي الأعظمية و إغلاق المحلات و إشعال الشموع و تعليق قطع التعزية و التضامن... وعدم الإحتفال بالعيد". استنتج بسيم من هذا كله ومن "ندرة الأصوات الناهقة بالطائفية و عزلها ، فإننا نلمس هذه المرة تحولاً في الوعي الشعبي ضد المشعلين لنيران الطائفية، و المتاجرين بمآسي العراقيين".

 

ماذا نستنتج من كل هذا؟ هل يتعرض "الشيعة" لخطر "إبادة" أم لا؟ وماذا نسمي كل أنهار الدم هذه إن لم تكن كذلك؟

 

دعونا نحاول ان ننظر إلى الأمر من وجهة نظر الجهة التي أدارت الجريمة لنفهم دوافعها، ومن أجل ذلك لا بد أن ننسى إنسانيتنا للحظة فنحسب الضحايا كأرقام، لنفهم إن كان الهدف من هذا القتل هو "الإبادة" للشيعة، وإن كان هذا الأسلوب يمكن ان يحقق هذا الهدف. لنحسب كم يحتاج هؤلاء من قتل لتحقيق "إبادة" الشيعة في العراق وحده. لنفترض تبسيطاً أن عدد شيعة العراق هو 17 مليون نسمة وأن نسبة تكاثرهم هي 3% في العام(1). هذا يعطينا تكاثراً بـ 500 الف شيعي عراقي في السنة، أي حوالي 1400 في اليوم الواحد. والآن لنفرض ان كل ضحايا المجزرة الـ 300 كانوا من الشيعة، فهذا يعني أن من يهدف إلى إبادة الشيعة، إن تمكن من تحقيق خمسة تفجيرات مثل تفجير الكرادة كل يوم!! وفي مناطق شيعية خالصة، فإنه لن يستطيع ان يسجل أي خفض في عدد الشيعة، فكيف ومتى سيتحقق له إبادتهم؟!! أن الإبادة هدف غير معقول إذن ويستحيل تحقيقه.

 

هل هو غبي؟ هذا الذي يخطط الأعمال الإرهابية، فلا يستطيع ان يقوم بحساباته قبل ان يدخل في هذا المشروع الكبير؟ إن من يتمكن من تخطيط مثل هذه الأعمال الضخمة والمتطورة جداً مثل تفجير الكرادة، ليس غبيا أبداً، بل غبي من يعتقد انه كذلك! نستنتج من ذلك أن الهدف لم يكن ابادة الشيعة بمعنى قتلهم او تقليل عددهم!

 

التفجيرات الإرهابية ليست اسلحة تدمير شامل لتؤثر على حجم الشعوب. إذن ما هو الهدف من هذه المجازر كلها؟ إنها إبادة النفسية والشجاعة والصمود في نفوس الشيعة والسنة على السواء! إبادة الإحساس بالروابط الوطنية بين افراد الشعب العراقي! نار المجزرة الكيمياوية احرقت 300 شخص، لكن اخبارها وصورها وأفلامها والتعليقات الطائفية والعدوانية التي أثارتها، احرقت الكثير من نفسية أكثر من 30 مليون عراقي، الإعلام الناشر للإرهاب، إذن سلاح تدمير شامل، وما يحققه هو ما يهدف اليه من خطط للعملية!.

 

إنها إبادة أخرى، إبادة ممكنة، وهي لا تتحقق بالزيادات المتتالية بالقتل، وإنما بمراحل، يكون القتل اولها فقط. تهدف هذه الإبادة إلى فصل الشيعة عن السنة أولا وتحويلهم إلى دول صغيرة سهلة القضم ثم يتم خلق الخلافات الداخلية في كل منها، ويستمر الإرهاب للمزيد من التقسيم أو اصابتها بالشلل. وستكون هذه الدولة تحت حكم نفس الحكام الذين يحكمون العراق اليوم، أو بمن هم اشد انبطاحا للأمريكان وتضحية بمصالح البلد.

سيكون على الدول الجديدة دفع الديون الكثيرة التي وقعها قادتها مع المؤسسات المالية العالمية، وديون شركات النفط، عندما كان العراق موحداً. ولدهشة الشيعة فأن قادتهم يستمرون بدفع الجزية النفطية الأردنية بلا نقصان حتى في حالة استقلالهم! بل أن ذلك سيزيد بعد مد انابيب النفط إلى الأردن. وستعود البصرة للمطالبة بالإنفصال وكذلك بقية المحافظات النفطية، وتبدأ قصة "الفدرالية" من جديد..

 

أما السنة بعد الانفصال فسيجدون انفسهم بكل بساطة في أحضان إسرائيل والسعودية لأسباب متعددة واحدة منها الفقر الشديد والتخلف في كل شيء ودعوات التطرف الخطرة وعودة الدعوة الى "دولة الخلافة" في حالة من الجنون المرعب الذي يصيب كل من لا يؤمن بها وهرب كل من يستطيع الهرب من البلد وسقوط الدولة تحت نظام عشائري لصوصي عنيف ومدعوم بشدة من أميركا وإسرائيل، ويبقيه الخوف من عودة داعش إلى الحكم.

 

هذه هي "الإبادة" الممكنة! ليست إبادة "اهل البيت" أو إبادة "السنة" بقتل اعداد منهم في انفجارات، القتل لا يبيد.. ما يبيد هو مشاعر الطائفية والخوف من الطائفية المقابلة.

 

ما هو الحل إذن؟ كيف نوقف القتل وكيف نوقف تقسيم البلد؟ المسألة تعتمد على تصورنا لما يحدث. فعندما ندرك من خلال الأكاذيب والتزويرات بأن الإرهاب بإدارة قوة خارجية دولية فأن الدعوات إلى اعتراف دولي بـ "إبادة الشيعة" ستكون سخيفة في افضل احوالها، لأنها لا معنى لها ولا تقدم اي شيء، وهي في اسوأ احوالها جنون خطير لأنها تقفز حسب هذا التحليل إلى حضن القاتل نفسه وتسلمه فرصة اكبر للتدخل الذي سيستخدمه لتنفيذ خططه بالتأكيد!

 

كذلك فأن الإشارة إلى الطائفية كسبب للإرهاب، سواء كانت اشارة بريئة أو بقصد، تشجع الإرهاب على المزيد لأنه سيرى انه يسير نحو تحقيق هدفه، بينما توجيه اصبع الإتهام إلى الفاعل الحقيقي، يفشل وصول الخطة إلى هدفها، فتنتفي الجدوى من ذلك الإرهاب ويتم إحباطه.. ويتوقف بالضرورة. هكذا يمكننا ان نشجع القتل والتقسيم أو نوقفهما معاً! ليس كذبا ان هناك حملة إبادة للشيعة، ولكن ليس وحدهم، وليس بالطريقة التي يتصورها البعض!

 

 (1)  العراق يسجل أعلى نمو سكاني في العالم

http://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2013/05/iraq

-population-growth-housing-crisis.html

نشرت المقالة على:

https://www.facebook.com/saiebkhalil/posts/1129595083764226:0

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.