اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

من السخرية إلى القلق – خطوة أولى لإنقاذ أنفسنا!// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

من السخرية إلى القلق – خطوة أولى لإنقاذ أنفسنا!

صائب خليل

30 آب 2016

 

واجه رؤساء الحكومات العراقية منذ الغزو الأمريكي إذلالات غير معهودة، وتبين لنا من الجزء الأول (1) من هذه المقالة، ان المسالة ليست مجرد ممارسة لكسب الإحساس بالتفوق من قبل الآخرين، ولا مجرد مشاعر خوف وضعف من قبل الزعماء العراقيين من الجهة الأخرى، بل أن ترسيخ وتثيبت الإذلال على رئيس الحكومة العراقي كان جزءاً ضروريا من ابتزاز العراق واستنزافه ماديا ونفسيا وسيادياً.

 

ولاحظنا لدهشتنا، ان زعماء العراق بعد 2003 يمتنعون عن استعمال الحجج المتوفرة لديهم لرد هجمات الابتزاز والإهانة التي كان يوجهها لهم حكام كردستان والأردن (أقرب الجهات إلى إسرائيل داخل العراق وفي المنطقة). والسبب هو تحضيرهم الحالة النفسية للمواطن العراقي ليتقبل تقديمهم لتنازل جديد عن حقوقه، إلى من يتحكم في كرسيهم. لأنهم إن حاججوا جيداً وظهروا بمظهر صاحب الحق، فسوف يجعل هذا تقديمهم للتنازل المطلوب، والتنازل القادم، أصعب قبولا لدى الشعب. فالمذلة والسكوت ساعدت أن تستمر سلسلة التنازلات والمذلة بلا نهاية، وبدون خطر على كرسيهم، ليستمر الجرح نازفا حتى يأتي على آخر قطرة دم في جسم الضحية!

 

و"هكذا صحونا اليوم وقد تبخرت ثروة من مئات المليارات، وفرصة لن تتكرر وقد لا نجد غيرها مستقبلا، لبناء العراق. وتضاعفت مساحة خارطة كردستان وتوسعت الكويت على حساب خرائطنا وأهلنا، وعادت إلى الأرض العراقية البساطيل الأمريكية التي بذل العراق الكثير لإخراجها، ومعها قوات تركية وإسرائيلية بشكل (داعش)، وكركوك قد ذهبت وإسرائيل تجهز ثلاث ارباع نفطها من نفط المواطن العراقي المنهوب، والموصل على بعد خطوات من مؤامرة الفصل، والقلق والحيرة تسيطران على الشعب الذي أنهكه احساس طويل بالضياع التام واليأس".

والحقيقة أن هناك تاريخا كاملا من الإهانة والمذلة، ذكرنا جزء منه في الجزء الأول، ومازال مستمراً ويتزايد. ولم نعرف ما هي العبارة التي اثارت "كرامة" العبادي، فلم يذكرها الخبر. ولو قلبنا الأخبار كيفما اتفق فسنجد في كل يوم إهانة له. ومن أواخر تلك الإهانات ما قاله النائب الكردستاني شاخة وان عبد الله مؤخراً في إطار الجدل على أراضي الموصل، يصف العبادي الذي قال بضرورة أن لا تستغل كردستان الاحداث للتوسع، بأن: "كلامه يشبه تصريحات شخص من الشارع وليس رئيس وزراء"!، محذراً إياه ألا "يطلق التصريحات جزافا".(2)

 

وطبعاً لم ينبس العبادي بأية كلمة ولم يشتك عند اية محكمة. فالكرد (تنفيذا لأوامر أمريكية) هم من جاء به من قعر حزبه ليصبح على قمة الحكومة، وهو يعلم انهم يستطيعون إزاحته بلا صعوبة. ولعله يذكر أن كردستان هي من ازاحت اول رئيس حكومة عراقي منتخب وهو إبراهيم الجعفري، وكانت حجتهم أنه "زار تركيا بدون التشاور معهم!" وسخف الحجة بذاته أكثر إهانة من الفعل فهم يفعلون كل ما بدا لهم من أفاعيل مع تركيا بالذات وبتحد تام لبغداد! وقد عرف المالكي الذي جاءوا به بديلا للجعفري الأمر، فكان يخضع طويلا ويتنازل كثيراً ليصرخ بين الحين والآخر أنه "ولي الدم"! ثم يعود للخضوع وتقديم التنازلات. أما العبادي، فهو يقدم كل شيء، ولا يصرخ أبداً، بل كأنه يريد متعمدا تأكيد إذلاله وتبعيته وأنه يتقصد استدرار الضحك حين يعلن بصراحة أنه ليس تابعا لأميركا وأن "لا أحد يجرؤ على الضغط علينا"! 

 

وفي نهاية ذلك الجزء (الأول) تساءلنا عن الحل وقلنا انه "من الوهم ان نتخيل ان هناك حلاً يمكن ان يعيد كل ما نزفناه أو حتى جزء منه، ... لكني اعتقد ان هناك ما نستطيع ان نفعله لنخطو خطوة في تصحيح هذا الوضع الخطير ووقف أو إبطاء هذا التدهور المخيف، وهو موضوع هذا الجزء (الثاني والأخير) من المقالة.

 

المؤكد أن لدينا حكاما يتميزون بالمذلة، فما هو رد الفعل المناسب لذلك؟ السخرية من رؤساء حكوماتنا؟ الغضب منهم؟ احتقارهم؟ إنها المشاعر الطبيعية المتوقعة، ورغم ذلك فهناك شيء أساسي خطأ فيها، وأنها مسؤولة إلى حد بعيد عما يجري لنا! لماذا؟

 

الديمقراطية، هي توكيل أشخاص ليديروا تفاصيل الحكم بالطريقة التي نريدها وتضمن مصالحنا. تماماً مثلما نعطي دلالاً وكالة لبيع منزلنا او أرضنا. إن صورة "الدلّلال" هي الأنسب لتمثيل السياسي المنتخب ويجب ان لا يعطى السياسي أكثر من صورة الدلال الوكيل، وهي الصورة المناسبة لمراجعة سلامة العلاقة بينه وبين الشعب، وإن كانت قد سارت بطريق خطأ.

والآن لنتخيل دلالنا، يتذلل لأحد المشترين، ويبيعه بيتنا بنصف سعره في السوق. ما الذي سنشعر تجاهه؟ الاحتقار؟ ربما، لكننا لن نكتفي بهذا، ولن يستغرق أكثر من ثانية لننتقل إلى القلق والغضب، وهو الشعور الصحيح الذي سيدفعنا نحو الفعل الصحيح: سحب توكيله وتغييره قبل ان يسبب لنا المزيد من الضرر!

وماذا عن صاحب الدار الذي يكتفي بالاحتقار، ويترك الأمر يسير، وينظر إلى الدلال وهو يتذلل لمشتر آخر ويبيع له ارضه بثلث سعرها؟ ... وصاحب الأملاك يسخر منه ويضحك ويصفه بالتخاذل وانعدام الشخصية، ولا يفعل شيئاً؟! ثم يبيع له سيارته بربع سعرها، وصاحبنا لا يفعل شيئا سوى ان يزداد احتقاراً لدلاله وضحكا عليه؟

 

كيف سننظر إلى صاحب الأملاك الذي يكتفي بهذا؟ سنضحك عليه طبعاً وليس من الدلال! سنعتبره هو الغبي وليس الدلال! بل قد نفكر ان الدلال لص ذكي متفق مع المشتري على المسرحية كلها! الغبي الوحيد الأكيد والذي يجب الضحك عليه هو صاحب الأملاك الذي يراقب ثرواته تسرق من يده الواحدة تلو الأخرى ولا يفعل شيئا سوى السخرية ممن يسرقها منه!

 

والغبي الوحيد في سلسلة رؤساء الحكومات الأذلاء ...  هم نحن يا اصحابي. المبتز حصل على اراضينا وبقية ممتلكاتنا بجزء من سعرها، والرئيس المنتخب، احتفظ بكرسيه وراتبه وسرقاته من ثرواتنا، ونحن الوحيدون من بين هؤلاء، الذين خسروا! فمن هو الذي يتوجب الضحك عليه؟ نحن! نحن فقط! أما ضحكنا على الرئيس فهو ليس سوى خيبة وبلاهة وانتفاخ فارغ يعطي شعورا كاذبا بالتفوق وبالإحساس المزيف بالذكاء او الكرامة!

 

ستقول اننا لا نستطيع. ربما لا نستطيع، وهذه هزيمة أخرى وخيبة تستوجب القلق والخجل. لكن ان نعي أن علينا ان نستبدل الضحك اما بالبحث بسرعة عن طريقة لوقف نهب ثرواتنا، أو بالحزن إن وجدنا أنفسنا عاجزين، نكون قد وضعنا قدمنا على الطريق الصحيح.

لكن هل نحن عاجزون فعلا؟ هل حاولنا حقاً ان نفعل شيئا؟ هل كان هناك إحساس بالخطر على ثرواتنا وضرورة ان نختار "الدلال" الذي يلائمنا؟ بل هل احسسنا حقا أنها "ثروتنا" وأنها مثل بيتنا، نثور على من يحاول سرقتها منا ونفعل المستحيل لإيقافه؟

 

وهل اخترنا الدلال فعلا؟ لننظر كيف تم تبديل رؤساء الحكومات "المنتخبين": اخترنا دلّالنا الأول الجعفري، فلم يبق إلا بضعة أشهر ثم جاءت كونداليزا رايس واستبدلته بالمالكي بعد ان أطلق نواب كردستان حملة احتجاج على زيارته لتركيا. لم ننتبه هنا الى ان احداً استبدل الدلال الذي اخترناه، بآخر يريده هو، ولم نقلق لهذا الاستبدال، ولم نفكر ما يعني ذلك! السبب الواضح هو ان الدلال يخدم من جاء به ومن يستطيع إزالته، بكل بساطة، فلماذا ننتظر من الدلال الجديد أن يخدمنا؟

لم نتعلم الدرس، فتكرر الحال بإزاحة الدلال الثاني والإتيان بمن هو أشد إخلاصاً لهم: "دامبي". لم نعترض ولم نشعر بالقلق، بل رحنا نراقب و "نأمل" ببلاهة كالسابق "لعل وعسى". ورأينا ثرواتنا واراضينا وسيادتنا تتحول إلى الغرباء بوتيرة أسرع..

 

لماذا نعامل ثروات بلادنا بغير ما نعامل ممتلكاتنا؟ لأننا لا ولم نحس حقاً ان البلاد بلادنا وأن نفطها لنا، لذلك نضحك وكأنها ثروة غريب هي التي تضيع!! لم يدخل في أعماق شعورنا بعد أنها ملكنا.

ما الذي يجب عمله؟ كيف نغير الرئيس والحكومة؟ انا لا اعرف الحل السحري، لكن الذي نفعله خطأ بالتأكيد. أننا نعلم أن جهة أخرى وضعت الدلالين الحاليين ممثلين لها في البلاد، وأنهم يمثلون مصالحها وينهبوننا، وبدلا من القلق والغضب والمسارعة للبحث عن حل لتبديل الدلال قبل ان تحل الكارثة بكل ما نملك، فإننا نقف لنضحك.. بكل بلاهة!

 

والحقيقة ان هذه البلاهة قد تكون مخططة. فليس من المستحيل ان بعض استدراج الضحك والسخرية قد يكون متعمداً. وهناك رأي يقول ان بوش الإبن كان يتعمد استجلاب الضحك والاحتقار بحركاته، فهي تدرأ عنه الغضب وتسهل الاستسلام لبرنامجه لزيادة سلطته بتدمير الحقوق المدنية للأمريكان. ومن الممكن ان تكون الخدعة مطبقة معنا أيضا. لا نستطيع ان نجزم بذلك، لكن سواء كانت كذلك او لا، فالإلتهاء بالسخرية والضحك ممن يبيع ثرواتنا، حماقة مكلفة جداً، يجب ان تتوقف!

 

إن الدور الذي تؤديه هذه المسرحية هو تحويل وجه الدلّال المكلف بنهب ثرواتنا لحساب الجهة التي وضعته، إلى وجه "مهرج" يثير الضحك فينا، ليخفي وجهه الحقيقي الذي يجب ان نراه: العدو! وجه مصاص الدماء الذي ننزف بسببه فرصتنا للحياة، فأيهما أقرب إلى دور العبادي وهو يبدأ حكمه بمشروع "الحرس الوطني" المخصص لتفتيت البلاد إلى محافظات والتبرع لكردستان بمليار دولار بلا سبب قانوني، ويضع لها عادل عبد المهدي على النفط وزيباري على المالية ويتبرع لها بنفط كركوك التي احتلتها بمساعدة داعش ويترك لها حرية تصدير النفط ويوقع الاتفاقات لتطوير النهب الأردني للنفط إلى الأنابيب بدلا من الشاحنات ويتفق على قروض تكبل العراق مع مؤسسات المال الدولية ويحمي الأمريكان من افتضاح دعمهم لداعش وضربهم للحشد والجيش وتأخير الحشد قدر الإمكان إلى ان يؤمن الأمريكان خروج داعش من المدن ويبقى المسؤولون عن احتلال الأنبار بفضله طلقاء (كما بقي المسؤولون عن احتلال الموصل طلقاء بفضل من سبقه) ويدخل الجيش التركي ويبني قواعد له ويتعاون مع عملائه علنا، وتتزايد بتسارع كبير في زمنه حملة النهب المنظم المسماة خصخصة... .

هل يجب النظر إلى من يقوم بكل هذا على انه "مهرج" و "ذليل"، أم انه "عدو" شديد الخطر، ومصاص دماء بينه وبين الشعب صراع حياة أو موت؟

 

إن اقتنعت بالخطأ والخطر أيها القارئ، فإنني أدعوك للخطوة الأولى: إن الانتقال من السخرية والضحك إلى الغضب والخجل من وضعنا الشائن والإحساس بالقلق الشديد من خطورته – خطوة مهمة إلى الأمام حان وقت اتخاذها! لنتذكر ذلك كلما دعتنا مذلة جديدة للعبادي أو غيره للسخرية منه! لنخجل بدلا من ذلك، من بلاهتنا وليحركنا الخجل للتصرف قبل ان تباع آخر أمتار أرضنا وآخر برميل من نفطنا، ونحن نضحك من المالكي ومن دامبي وممن سيأتي به الأمريكان بعده...لنتوقف عن هذا الخطأ الآن، وبلا عودة! وهذا لا يعني التخلص من مصاصي الدماء الحاليين، وإنما أن نرفض أي دلال قادم، لم نفهم كيف وصل الى السلطة وأن نراه عدواً.

 

تمرين: تجد على هذا الرابط صوراً واخباراً كثيرة تستوجب الاحتقار تجاه العبادي. تمرن على الامتناع عن السخرية وحاول ان تحسب كم ربح من جاء بالعبادي من خلالها وكم خسرنا.. لعل ذلك يتحول إلى قلق وغضب فعال من النفس، ودفع نحو البحث عن طريقة لإبدال هذا الدلال الأمريكي الخطر، بدلال نختاره نحن، قبل فوات الأوان.

https://www.facebook.com/%D9%85%D9%86%

 

(1) إدامة المذلة - تحليل تكنولوجيا ابتزاز الحكومات العراقية المتعاقبة

https://www.facebook.com/saiebkhalil/photos/a.3506931649

(2) الكردستاني يصف تصريحات العبادي بشأن المعارك التي تخوضها البيشمركة في نينوى بـ"كلام شخص من الشارع"

 http://www.albaghdadianews.com/politics/item/100625-

 

روابط اخرى

(1) الحياة - إقليم كردستان يرفض دعوة العبادي إلى وقف تقدم «البيشمركة» في اتجاه الموصل

http://www.alhayat.com/Articles/16915422/

(2) مكتب العبادي يرد على الاقليم: لن نسمح بانتهاز الفرص لفرض أمر واقع في نينوى

http://www.iraqicp.com/…/sec…/news/46987-2016-08-18-07-36-29

(3) صائب خليل - دورات “كالبريث” لابتزاز كردستان لبغداد – 1- كيف تعمل وكيف وصلنا إلى هنا؟

https://www.facebook.com/saiebkhalil/photos/a.350693164987759

.83177.320945874629155/916611978395872/

(4) صائب خليل دورات الإصطدام والإبتزاز بين كردستان وبغداد 2 – المالكي والعبادي!

http://www.sahat-altahreer.com/?p=6449

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.