اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الشعب الهولندي يكره إسرائيل ولا يستطيع منها فكاكاً// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

الشعب الهولندي يكره إسرائيل ولا يستطيع منها فكاكاً

صائب خليل

13 أيلول 2016

 

"اليوم رأينا بشكل واضح من الذي يريد السلام ومن الذي لا يريده"! (1)

عبارة معبرة عن عدم الرضا، ودّع بها نتانياهو هولندا بعد زيارة لا يمكن ان يقال عنها انها كانت مريحة. لكن من يعرف العلاقة الهولندية الإسرائيلية قد يرى في العبارة معنى كوميديا ساخراً. فنتانياهو آخر من يحق له ان يتكلم عن "السلام"، وهو أمر أوضح ما يكون بالنسبة للشعب الهولندي الذي قال انه يرى في إسرائيل الخطر الأكبر على السلام العالمي.

رئيس الوزراء الهولندي السابق "دريس فان آخت" استبق وصول نتانياهو إلى هولندا بالقول: "إن مجرم حرب في طريقه إلى هذا البلد" وقال الرجل الذي يبلغ 85 عاماً وحكم هولندا لخمس سنوات حتى عام 1982 حين كان يرأس الحزب الديمقراطي المسيحي: "الاحتلال والتوسع.. بناء المستوطنات على المناطق المحتلة.. تلك جريمة حرب.. لماذا يتوجب علينا أن نستقبل شخصاً يستمر بممارسة تلك الاعمال؟ لو اننا ارسلناه مباشرة إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمته لكان أفضل"

وكان "فان آخت" قد صرح في عام 2012 أنه كان يجب ان يحصل اليهود على دولة في المانيا بدلا من فلسطين. (2)

 

أما رأي الشعب الهولندي بـ "السلام" الإسرائيلي، فيكشفه لنا بوضوح، استبيان رأي قامت به المفوضية الأوروبية، ونشر عام 2003 حول الدولة التي تعتبر الأشد خطرا على "السلام" العالمي من وجهة نظر شعوب الاتحاد الأوروبي. فـ "فازت" إسرائيل باللقب وبلا منازع، وفي جميع دول الاتحاد الأوروبي بلا استثناء، وكانت تلك المفاجأة الأولى للمفوضية الأوروبية التي امتنعت عن نشره لمدة سنتين! وكان المفاجأة الثانية هي المعدل المرتفع جداً للتصويت على إسرائيل كأكبر خطر على السلام والذي بلغ 60%، والمفاجأة الأخرى أن الدولة ذات الحكومة الشديدة الصداقة لإسرائيل، - هولندا، قد صوت شعبها بأعلى نسبة في الاتحاد، وهي 74%! (3)

 

على الجانب الحكومي نرى العجب ايضاً، ولكن بالاتجاه الآخر. فعلى إثر عرض نتائج هذا الاستبيان، وبعد محاولات عديدة لإخفائها، سئل أحد الساسة "الكبار" إن كانت هذه النتيجة ستؤثر على العلاقات الهولندية الإسرائيلية، فأجاب بالنفي، ، وقال بان تلك العلاقة لن تتأثر أبداً! محتقراً راي شعبه بشكل واضح ووقح، بل انه كاد يعتذر لإسرائيل عن رأي شعبه بها! وهذه المواقف تكشف الحدود التي تقف عندها الديمقراطية في الغرب، فلا ديمقراطية في أوروبا حينما يصل الأمر إلى المصالح الإسرائيلية أو الأمريكية.

 

هذا الشعور الهولندي المضاد للسياسة الإسرائيلية يصاحبه شعور قوي بالاضطهاد الإسرائيلي لحريتهم في الراي حتى داخل بلادهم. لكن الصحافة الإسرائيلية تحاول ان تضع الحصان مكان العربة، وأن تقرأ التاريخ بشكل معكوس، وان تلقي بمسؤولية المشاعر الهولندية المضادة لإسرائيل، على عاتق الشعب الهولندي نفسه وليس على جرائم إسرائيل.

 

وقد نشر أحد مراكز البحوث الإسرائيلية تقريرا في جيروساليم بوست عن "الأحداث المضادة لإسرائيل" في هولندا. (4)

وأشار التقرير إلى ان مشاعر العداء لإسرائيل قوية في هولندا مذكراً باستبيان للرأي أجرته جامعة بيلفيلد الألمانية (Bielefeld) عام 2011، والذي بين ان 38% من الشعب الهولندي يرى أن إسرائيل تنفذ حرب إبادة ضد الفلسطينيين. وأشار إلى انه ولأول مرة في تاريخ هولندا المستقلة، فأن رجال اعمال يهود اضطروا عام 2014 إلى استئجار حراس شخصيين لحمايتهم، بعد تهديدهم. وأشار إلى تقرير للجريدة اليومية الهولندية المهمة (NRC)، أكد ان الموساد قد هدد الناشطين في حقوق الإنسان في هولندا.

 

وقد تابعت في مقالة لي قبل 11 عاماً تحت عنوان "إسرائيل صديقاً: هولندا مثالاً، والعراق مرشحاً"(5)، هذا الصراع بين الشعب الهولندي ومؤسساته من جهة، وإسرائيل ولوبيها من الجهة الأخرى، وبينت فيها بعض المواقف التي كشفت الخلل في الديمقراطية الهولندية ممثلا بالتناقض بين موقفي كل من الحكومة الهولندية من جهة والشعب الهولندي من الجهة الأخرى، من قضايا هامة.

 

أشرت في المقالة إلى فلم وثائقي تحت عنوان (Zwijgen over Israel) "الصمت عن اسرائيل"، عرض في هولندا قبل سنوات، وتحدث فيه ساسة كبار وصحفيون هولنديون عما يمكن ان يسمى بالفعل "الإرهاب" الإسرائيلي لهم ولكل من يجرؤ على نقد إسرائيل. تحدثوا عن الضغط الذي يواجهونه للوقوف بعكس ما تمليه مبادئهم ومواجهتهم دائما بتهمة معاداة السامية بمجرد دعوة إسرائيل للالتزام بالقانون الدولي. تحدث الراحل هانس فان ميرلو، مؤسس حزب (D66) وبرت كوندرز، ومارسيل فان دام، ومينت يان فابر. واشتكى صحفيون عديدون من كثرة تدخل السفارة الإسرائيلية واللوبي الاسرائيلي فيما يكتبون وقيامها بالضغط عليهم لكي يستعملوا كلمات معينة دون غيرها لصياغة الخبر، وتهديدهم بالموت أحيانا! وأكدت فرح كريمي عضوة البرلمان عن حزب الخضر "أن السياسة تجاه اسرائيل هو موضوع سياسة داخلية" أي ان إسرائيل دولة داخل هولندا.

 

أما ميئير حاجو، أحد الناجين من معسكرات الاعتقال النازية ومؤسس منظمة "صوت يهودي اخر" المنتقدة للسياسة الإسرائيلية، فقال:"إن انتقاد تلك الأعمال اللاإنسانية أصبح يعتبر معادياً للسامية... تلك جريمة! لقد اتهموني بالخيانة. إن كان عليّ ان اختار بين الاتهام بالخيانة او ان أشارك بالجريمة، فسأختار تهمة الخيانة."

ويشرح فان ميرلو كيف عرقل اللوبي الإسرائيلي في هولندا مشروعه لتنشيط الوحدة الاوربية من خلال التخلص من اهم معرقلاتها وهو حق الفيتو، والذي كان يشل مشروع اي قرار أوروبي، لأنهم يرون ان الفيتو ضروري لحماية إسرائيل من اية قرارات اوروبية ضاغطة أو حادة. ويؤكد كوندرز انهم يريدون وضع هولندا بوجه القرار الأوربي. من ذلك نرى ان العلاقة الأوروبية مع إسرائيل عرقلت تطوير الاتحاد الأوروبي، الذي كانت دوله تمدها بالدعم الباذخ، وعلى حساب شعوبها.

 

وزير الدفاع يمد اسرائيل بالسلاح دون علم دولته!

إلا ان النقطة الاكثر خطورة بما لا يقاس في الفلم جاءت من سكرتير الدفاع الهولندي السابق. ففي حرب الـ 73 انبرى وزير الدفاع هنك فريديلنك وسكرتير الدولة لشؤون الدفاع برام ستيمردنك في حكومة دن اويل حينها، إلى اقامة جسر جوي لمساعدة اسرائيل ومدها بالأسلحة دون علم رئيس الحكومة الهولندية! وقال سكرتير الدفاع: "لقد بقي الأمر سراً لمدة طويلة، فحين قابل رئيس الوزراء السابق دن اويل كولدا مائير في لندن فيما بعد، ولم يكن قد علم بعد بما حدث، انقضت عليه وعانقته شاكرة الدعم والمساعدة. استغرب دن اويل الحماس لكنه اعتقد ان ذلك بسبب فتح هولندا لمطاراتها امام الطائرات الامريكية المساندة لإسرائيل!"

 

كريتا داوزنبرغ: فتاة العلم

تلاحظ في الفلم الحذر الشديد لدى من يتحدث عن إسرائيل، فالقوى الممثلة لإسرائيل في هولندا وغيرها قادرة على تحطيم من يتعدى الحدود في نقده تحطيماً حقيقياً. فعندما علقت كريتا داوزنبرغ، (ارملة ويم داوزنبرغ، رئيس البنك الاوروبي السابق) العلم الفلسطيني على شرفتها احتجاجا على وحشية اسرائيل وإنكارها للدولة الفلسطينية، بدأت حملة لتحطيمها من مضايقات وسخة الى تهديدات وتشويه سمعة. وحين كانت تجمع التواقيع مرة، حصلت على 6000 توقيع سألها صحفي كم تأملين ان يصل العدد، اجابت بعفوية: "اقصى ما يمكن، ربما 6 ملايين!" وهنا انقض اللوبي الاسرائيلي عليها متهماً اياها انها تسخر من الـ 6 ملايين يهودي من ضحايا المحارق النازية، وصار هذا الموضوع حديث الساعة رغم انكارها أي قصد لها.

 

حادثة بيلمر

أخيراً اود الإشارة بسرعة الى حادثة بيلمر. ففي 4 اكتوبر 1992, ولم يكن قد مضى على وصولنا الى هولندا سوى بضعة أشهر، سقطت طائرة شحن تابعة لخطوط "العال" الاسرائيلية على بناية سكنية كبيرة في منطقة بيلمر (bijlmer) في أمستردام. وتردد ان الطائرة كانت تنقل مواد كيمياوية شديدة الخطورة، وبعد التحقيق الاولي تبين ان الطائرة، وعلى عكس المفروض، لم تكن تحمل اوراق نقل تكشف حمولتها، كما رفضت إسرائيل الكشف عن ماهية الحمولة بصلافة تامة، وتحدثت الصحافة عن رجال يرتدون ملابس بيضاء واقية أزالوا سراً بعض اجزاء من الطائرة. ولم تجر الحكومة الهولندية أي تحقيق إلا بعد ست سنوات من الضغط. وتبين ان إسرائيل كانت تنقل مواد خطرة ليس في طائراتها فقط بل في الشاحنات والموانئ الهولندية، وتستثنى وحدها من أي تفتيش، حيث يفتحها في المطارات والموانئ رجال امن اسرائيليون ويغلقونها. وعلق صحفي في التلفزيون: اننا لا نعلم ما يطير في سمائنا ولا ما يسير على طرقنا. أنها دولة داخل الدولة".

 

لذلك التاريخ كله، فإننا لا نعتقد ان الشعب الهولندي قد استاء من موقف السيد دريس فان آخت، ولا من البرلماني من الأصل التركي، الذي رفض أن يصافح نتانياهو، بل ربما أحس الشعب بأن هذين خير من يمثلهم، وليس الساسة الذين عقدوا اجتماعاتهم المغلقة مع نتانياهو، ولم يعلم الشعب عنها شيئا، ولا يشعر ان له ان يعلم عنها شيئاً، تماما مثل الطائرات والشاحنات الإسرائيلية المغلقة التي تجوب سماءه وأرضه، رضي عن ذلك ام لم يرضَ.

 

(1) Netanyahu thanks Christian Zionists in Netherlands for support

 http://www.timesofisrael.com/netanyahu-thanks-christian-zionists

-in-netherlands-for-support/

(2)  Dutch ex-PM: Benjamin Netanyahu should be tried for war crimes

 http://www.jpost.com/Israel-News/Benjamin-Netanyahu/Dutch-ex

-PM-Netanyahu-should-be-tried-for-war-crimes-466986

(3)  EU poll: "Israel poses biggest threat to world peace"

 http://electronicintifada.net/v2/article2129.shtml

(4)  A short review of Dutch anti-Israel incitement

 http://www.jpost.com/Opinion/A-short-review-of-Dutch-

anti-Israel-incitement-466684

(5) صائب خليل - إسرائيل صديقاً: هولندا مثالاً, والعراق مرشحاً

 http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=51901

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.