اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

استثمار الكهرباء في العراق كارثة اقتصادية وسيادية (فيديو)// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

استثمار الكهرباء في العراق كارثة اقتصادية وسيادية (فيديو)

صائب خليل

 1 ك1 2017

 

على الشعب ان يرفض كل أنواع الخصخصة وليس جباية الكهرباء فقط. والذين يتساءلون أين تذهب عشرات المليارات التي صرفت على الكهرباء وعلى بقية مرافق البلد، ربما يجدون في هذا الفيديو تفسيراً معقولاً.

الخصخصة هي أحد السموم الشديدة التي يحقن بها الاحتلال الأمريكي الحديث، الدول التي يسيطر عليها. والذين يقرأون، يعرفون الخصخصة والاستثمار ومدى الدمار الذي تسببت به في كل مكان في العالم الثالث، وأحيانا كثيرة في العالم الرأسمالي أيضا (إقرأ عن خصخصة السكك الحديد في بريطانيا مثلا). وكلما كان البلد أكثر فساداً كانت الخصخصة اشد ضرراً (إقرأ عن الدمار الاقتصادي الذي تسببت به خصخصة قطاع النفط والصناعة الروسية في زمن السكير المفضل من قبل واشنطن، بوريس يلتسين) حيث تباع الأصول في الغرف المظلمة، ويطلق للأثرياء العنان كاملا لخنق الشعب بسيطرتهم على مقدراته. ولهذا السبب أيضا، فإن خصخصة الخدمات الأساسية (مثل المواصلات العامة والبريد والتلفونات والكهرباء والتعليم والصحة وغيرها..) تعتبر خطيرة جداً ولم تتم حتى في اشد البلدان الرأسمالية تطرفاً، إلا في فترة متأخرة نسبياً.

 

 ولكي نعرف الكلفة الهائلة للخصخصة والاستثمار على الشعب، فلدينا في العراق فرصة ممتازة قلما يجود بمثلها الزمن، لمقارنةٍ بالأرقام بين القطاع العام والخصخصة في الكهرباء، لنفس المشروع، قدمها لنا وزير الكهرباء السابق رعد شلال قبل تقديم استقالته، في خطابه في البرلمان، والذي تمكنت من تسجيله صوتيا واعرضه هنا. (1)

 

 يتحدث الوزير السابق في الدقائق الأولى من الفيديو، عن عقد تم إبرامه بين وزير الكهرباء الذي كان في الوزارة قبله، و “مستثمرين” من كردستان وبغداد وآخرين عرب، يتضمن أن تقدم وزارة الكهرباء لهم المكائن والوقود ليقوم المستثمرون بالأعمال الإنشائية لتثبيت المكائن فقط، ثم يقومون بتجهيز وزارة الكهرباء بـ 2000 ميكاواط (وهي كمية صغيرة نسبيا) من الطاقة الكهربائية من هذه المكائن. ويمتد العقد لمدة 25 عاماً، تدفع فيها الحكومة 500 مليون دولار (نصف مليار دولار) كل عام، وطوال فترة العقد (أي ما يعادل 12 ونصف مليار دولار في المجموع). نكرر: نصف مليار دولار في العام ولمدة ربع قرن (25 عاما)، ولكمية بسيطة من الكهرباء، رغم ان المكائن تجهز من قبل الدولة والوقود من قبل الدولة، وما على المقاولين سوى نصب الأجهزة وإدامتها)!

 

يقول الوزير السابق: حسبت كم احتاج من المال لنصب تلك المحطات بنفسي، للحصول على نفس الإنتاج، فوجدت انني احتاج في السنة في اقصى الحسابات، 880 مليون دولار، كمجموع يدفع لمرة واحدة (يعني اقل من مليار دولار مقابل 12 ونصف مليار في حالة الاستثمار في القطاع الخاص). ثم أضاف أنه يمكن لمدة سنتين بتكلفة 440 مليون دولار.

 

وقد أبلغني الوزير فيما بعد، وقبل تركه مكتبه مباشرة، بأنه تمكن من الحصول على عروض للمشروع تكلف 800 مليون دولار فقط بدلا من 880 مليون، وأنه قام بتوقيع العقود قبل مغادرته.

 

 فإذا حسبنا النسبة بين المبلغين نرى ان الاستثمار في القطاع الخاص يكلف العراق أكثر مما لو قام البلد بنفسه بالإنتاج أكثر من 15 مرة! أي ان المواطن سيدفع أسعاراً أكثر بـ 15 مرة لو تمت خصخصة الكهرباء مما يدفع للحكومة، حتى لو غطى تكاليفها كاملة!

 

 يمكنكم بالطبع أن تحسبوا الأرباح الهائلة التي يجنيها القطاع الخاص من خصخصة حتى هذا الجزء البسيط من الإنتاج، وتبلغ 12500 – 800 = 11 مليار و 700 مليون دولار ولو فرضنا ان اعمال الصيانة والإدارة كلفت مليار و700 مليون، فسيكون هناك 10 مليارات دولارات أرباح صافية للقطاع الخاص! أي ان كلفة "الاستثمار" تبلغ خمسة اضعاف كلفة العمل الحكومي المباشر ولإنتاج نفس السلعة وبنفس الجودة، وبشروط أسوأ للمستقبل!

 من اين تأتي هذه المليارات؟ من الناس طبعا، اما بشكل مباشر كأسعار عالية للكهرباء أو بشكل غير مباشر من الدعم الحكومي الذي يدفع أيضا من فلوس الناس. لذلك فمن الممكن ان تسعى الحكومة الى لعبة خبيثة وهي ان تبقي الأسعار منخفضة عن طريق زيادة في الدعم، لكنها ستكون طبعا من أموال الناس، فيجب تغطية الزيادة الهائلة في الكلفة من جهة ما، ولا توجد سوى أموال البلد، أي أموال الناس لتغطيتها.

 

هذا فضلا عن الحقيقة المقلقة وهي ان "المستثمر"، سيمتلك المولدات وسيتحكم بالأسعار والإنتاج وأنه سيستخدم إمكانياته المالية لرشوة المسؤولين من اجل المزيد من الأرباح وأنه سيكون مستفيدا من الفساد الحكومي، فكلما كان الفساد أكثر انتشاراً استطاع المقاول زيادة الأسعار وأرباحه، وبالتالي سيعمل على إدامة الفساد وغيرها من الكوارث.

 

هكذا يدفع الشعب بنفسه عشرات المليارات لتكوين طبقة فاسدة شديدة الثراء والتأثير، يجلس اعضاؤها في بيوتهم او يخوتهم بقية حياتهم ويستلم كل منهم عشرات او مئات الملايين من الدولارات سنوياً، يصرفونها لبذخهم ولحماية الفساد الذي أتاح لهم هذه الحياة!

 

ولا يقتصر هذا الأمر على خصخصة الكهرباء ففي كل يوم تهجم عصابات الخصخصة على إحدى المؤسسات العراقية وكأن مهمة الحكومة الأساسية هي خصخصة البلد وليس خدمة شعبه! والطريقة المتبعة هي افشال المؤسسة لتقديم الحجة الأساسية دائما هي "عجز الحكومة"! وتبلغ هذه الحجة أحيانا مرحلة مضحكة حين تخبرنا الحكومة انها عاجزة عن جباية أجور الكهرباء! وكان من آخر ما خصخصوا الجامعة التكنولوجية ذاتها، والتي خرجت عشرات  الآلاف من المهندسين في عمرها الطويل، فهل كانت الجامعة التكنولوجية فاشلة أيضا، ولم يكن بالإمكان إدارتها إلا من قبل شركة خاصة؟

 

إنهم يستولون على البلد، وبحماية المؤسسات المالية الدولية. وليس من السهل مجابهة قوة هؤلاء، فالسيد رعد شلال كان ضحية مؤامرة حاكها هؤلاء لتوجيه تهمة الفساد إليه على أساس عقود مع شركات وهمية. وفي النهاية تمت تبرئته من التهم، بعد ان حققوا غايتهم في استبعاده، والمجيء بوزير أعلن ولاءه المباشر لـ "الاستثمار" و "الخصخصة". كذلك ليس من السهل في المستقبل استئصال الشبكات الفاسدة التي تنتجها الخصخصة والاستثمار. ففي عالم اليوم وبفضل اتفاقات التجارة الحرة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي الذين وقع العراق العديد من العقود معهما وخاصة في زمن العبادي، والتي تحمي بشكل أو بآخر عصابات الاستثمار في كل البلدان من قبل المؤسسات المالية والتجارية الدولية التي ستهب لمنع أي اصلاح لاحق إذا ما اكتشف الناس هول الكارثة التي وقعوا فيها. لذلك فالطريقة الوحيدة لتجنب انزلاق العراق في هذا المطب هو في الوعي والحزم اللازم لرفض كل مشاريع الخصخصة والاستثمار.. لا حل غير ذلك! نقطة راس سطر!

 

وزير الكهرباء السابق رعد شلال يتكلم في مجلس النواب 2011

https://www.youtube.com/watch?v=e-ZayqU0fp4

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.