اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

"الما يغار حمار".. يا بسام!// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صائب خليل

 

عرض صفحة الكاتب

"الما يغار حمار".. يا بسام!

صائب خليل

24 كانون الثاني 2019

 

لم أشأ ان اكتب عن الطفل الغر بسام الراوي، لكن مزحة من احد اصدقائي المتألمين، ورسالة من آخر تقول "شتان بين بسام الراوي وصائب الراوي" دفعتاني لابدي رأيي بهذا، رغم اني لا اتابع كرة القدم ولا اهتم بها إطلاقاً..

بدأً أقول، أنا اعرف المجتمع الراوي.. مجتمع رغم ما فيه من تناقضات بين اعلى المثقفين والمتعلمين واسذج البسطاء السطحيين، فمعروف أنه إن كانت له ميزة تميزه ويفتخر بها، فهي "الكرامة". قد يخطئ الكثير منهم في الطريق اليها ويرى بعضهم ان داعش هي طريق الكرامة، بكل ما يسبب ذلك من دهشة للعقلاء، لكن حين يكون الخطأ واضحاً فإنه مجتمع لا يرحم من يتخلى عنها. فيمكنك ان تلاحظ في راوة على سبيل المثال، أن افقر شخص أو طفل، لا يشعر بأنه أقل من الآخرين. حتى ان في راوه مثلا سمعته لأول مرة وكنت طفلا، فدهشت منه إلى درجة أني لم انسه منذ ذلك الحين، يقول: "الما يغار حمار"!

وسبب دهشتي أننا كأطفال كانوا يعلمونا اننا يجب ان لا "نغار" من بعضنا! لكني فهمت أن كلمة "يغار" هنا لها معنى آخر هو "الاعتزاز بالنفس". أي من لا يشعر بالغيرة من أي شخص يتفوق عليه بشيء ما، وليس لديه من الاحساس بعزة النفس والقيمة أن يحاول ان يصبح مثله.. فهو حمار! وهو ما يمكن ان نترجمه بشكل افضل تعبيراً: "الما عنده عزة نفس، حمار".

إلى هذه الدرجة يقسوا مجتمع راوه على من ينقص عنده الاعتزاز والكرامة.

ولو شخصنا حالة بسام هذا، فيمكننا ان نقول أنه ربما أضاع طريق الكرامة، وأن سبب ذلك الضياع أنه مريض يعاني من نقص حاد في "التربية الوطنية" مصحوباً ببلادة حادة.

.

اذكر حادثة ذات دلالة قوية. مرة وحيدة زار صدام حسين عنه وراوه. وكان من ضمن ما حدث أن امرأة عجوز يبدو انها تعاني من التشوش، توسلت به أن يساعدها، وادعت انها لا تملك معيلا..

ما حدث بعدها كان كارثياً وفوق كل تصور. فالسخرية والاحتقار لم تشمل العجوز وعائلتها فقط، بل استغلت من قبل جيران راوه للإساءة والسخرية من كل الراويين: "ان ليس لهم معيل". ابن تلك المرأة لم يتحمل فقام بضربها بشدة رغم أنها أمه وتخلى عنها علنا أمام الناس! الله يعلم أي ألم تحمله الإبن قبل ان يفعل ذلك، وكم من الحزن اصاب كل الراويين، ويعلم كم من الندم اصاب تلك العجوز بعدها. اجيء بهذه الحادثة النادرة لإيضاح مدى قسوة المجتمع الراوي في هذه الأمور، لمن لا يعرفه.

.

من المؤكد أنه، لو أن بسام اعتذر من فريقه القطري عن اللعب امام العراق، حتى لو بحجة خشيته أن لا يلعب بكل طاقته، لكسب احترام العراقيين والقطريين على السواء، وكان يمكنه ان يثبت نفسه كلاعب في أية مباراة أخرى مستقبلا.. لكنه ببلادته وبلادة والده، اختار الخيار الذي اكسبه احتقار "شعبيه"، العراقي والقطري على السواء..

فسرعان ما تمر سكرة الانتصار والضجة.. ولا يبقى منها لهذا الطفل وابيه، سوى الاحتقار العراقي والقطري، لعنة ستلازمهما طوال حياتهما، ولن يبقى في الذاكرة عن بسام بشيء اقوى من حقيقة أنه اللاعب الذي اخرج بلده من التصفيات!

.

هذه المعادلة البسيطة التي كان بإمكان اي طفل أي يحلها، كانت فوق طاقة بسام العقلية وطاقة والده. أؤكد أن الثمن لن يكون بسيطاً، وقد سمعت أن الأب يشتكي منذ الآن أن الحادث تسبب له في ضرر صحي. وصدق المثل الراوي: "الما عنده عزة نفس حمار". وكل من يسيء لشعبه ويسبب له الألم، حمار.. والحمار سيدفع الثمن غاليا.. وبلا داع!

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.