اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

مراهقة إعلامية// صبحي ساله يي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

مراهقة إعلامية

صبحي ساله يي

 

من يرصد الإعلام الكوردستاني، وبالذات البرامج الحوارية في بعض القنوات الفضائية، يلاحظ بيسر عدم الموضوعية والتجاهل المقصود للمعايير المهنية، وأن المصالح في الكثير من الاحيان تتغلب على الحقائق والوقائع، وتتحداهما علنا أمام أنظار الجميع، ويلاحظ كماً هائلاً من الانتهاكات من خلال استثمار ملفات وأحداث سياسية وأمنية وإقتصادية عديدة، لأجل إسقاط شخصيات وقوى سياسية أخرى، وتغليب خطاب العنف على لغة الحوار، والكراهية والانتقام على التسامح والتعايش، ويلاحظ أن لكل قناة ميول وانتماءات، ولكل برنامج اهتمامات أساسية بالشأن السياسي، وله نجوم معينين يسميهم مرة بالناشطين المدنيين، ومرة بالخبراء في الشأن الفلاني، وأخرى بالمحللين السياسيين وأحيانا بالاستراتيجيين. والغريب في الامر ان في تلك البرامج، وخاصة التي يفتقد فيها المقدم سيطرته بسبب ضعف الشخصية وإفتقاد المعايير المهنية وضياع الموضوعية، أو بسبب مراعاة الضيف  والحرص على عدم إحراجه وإغضابه، تستعمل عبارات ومصطلحات يخجل الانسان من تكرارها أمام الاخرين، ويذكر فيها معلومات وأحداث وأرقام دون أدلة ودون خوف أو وجل من المحاسبة، وتوجه فيها اتهامات بالسرقة والفساد والخيانة والدعشنة والبعثنة..

هؤلاء (الضيوف غير الكرام) مازالوا يؤمنون بأن هناك منطقة وسطى بين الحق والباطل، ويعتقدون أنهم يقفون ويقاتلون فيها، وأن بإمكانهم أن يدفعوا الحقيقة الى إغماض عينها، فيرتكبون حماقات لاتعد ولاتحصى، وهي مخالفات لايرتكبها إلا الذي تاريخه موغل بالنسيان والتناسي، وذاكرته معطوبة لاتفرق بين الابيض والاسود، وإلا الذي لايمتلك الشجاعة الكافية لمحاسبة ذاته الذي يسير نحو المصير المجهول ومراجعة ودراسة ممارساته، لذلك نسمع منهم ذرائع وحجج وتبريرات، هدفها الأساس إثارة البلبلة والإرباك والقلق والخوف بين صفوف المجتمع لتحقيق أهداف سياسية خبيثة وتسريع الخطوات نحو إنتشار الفوضى ودوامة الاختلاف والتفرقة المجتمعية..

والمضحك المبكي في ذلك الاعلام، الذي فتح أبوابه أمام من يتوافق معه، وأغلقه أمام من لا يتوافق معه، هو تحدث أحد السياسيين المنتفعين أمام الكثير من الناس، بهدف خداع العوام، ومن أجل أحلامه الغبية، وهو يتخبط في المتاهات، فيحرف ويهاتر ويهدد ويزايد بالضد من المصالح العامة، ويلحق التهم بالاخرين، ويفرش الطرق الوعرة للمشاهدين رمالا بيضاء، وأزهاراً ملونة، ويصور لهم الامر على إنهم مقبلون على عهد المدينة الفاضلة، لو تسلم حزبه مقاليد الامور.. في حين يظهر غيره في اليوم التالي، فيحاول أن يعدل تصريحات ووعود البارحة أويعيد صياغتها، بإعطاء تبريرات وتفسيرات مختلفة، والمتابع (طبعاً) يقع في حيرة ويقول : إما الاول غير مُطلع على الحقائق الموضوعية على الأرض وعلى مجريات الاحداث في الساحة السياسية، وهناك خطأ جسيم في مكان ما من ماكينة تفكيره السياسي،  وإما الثاني لم يسمع ما قاله الاول او لايريد أن يسمع، وطبعاً هذا الافتراض يخالف العقل ويضعه خارج المنطق التاريخي المعروف، مع ذلك، وفي كلتا الحالتين تكون احتمالات ضياع الحقائق قليلة لأننا نعيش في عصر تنقل فيه الأحداث بكاميرات دقيقة ومقربة وقادرة على متابعة الاقوال وحتى حركات الرموش والعيون، وبإمكانها أن تعيد الاقوال والمشاهد مئات المرات بكل تجلياتها، وهذا يؤشر الى رداءة الاداء السياسي والاعلامي ويعني أن المراهنة على إخضاع أراء الاخرين خاسرة، وتزداد خسرانًا كلما زاد التلكؤ والقراءة الخاطئة والقاصرة للمواقف.

من كل ما تقدم نختصر، ان تلك القنوات تسير في منعطفات تبعدها عن واقع حال الاعلام، وتحصرها في مرحلة المراهقة، والمراهقة كما هي معلومة مرحلة تسبق البلوغ والنضج، والمراهق غالباً يسعى الى حقوقه دون أداء واجباته ومسؤولياته، ومقتنع بصحة آراءه ويصور نفسه كشخصية أسطورية، وللأسف نقول ان المراهقة الاعلامية قد طغت على اسواق بعض الفضائيات الكوردستانية ..

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.