اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

شعب ورئيس وحكومة.. أنقذوا ما يمكن إنقاذه// عادل نعمان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

 

 

شعب ورئيس وحكومة.. أنقذوا ما يمكن إنقاذه

عادل نعمان

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

الحكومات الذكية أو الغبية فى البلاد الفقيرة أو الغنية، تقدم للناخبين رشاوى انتخابية قبل الانتخابات، إما علاوة استثنائية، أو تخفيض أسعار بعض السلع، أو توزيع مواد غذائية فى المنافذ الاستهلاكية. حتى لو لم يكن من المرشحين من ينتمى إليها، وذلك لتشجيع الناخب على المشاركة فى الانتخابات، مخافة أن تتهم الدولة بعزوف الشعب عنها أو مخاصمتها. وتضمن الدولة من ناحية أخرى أن يختار الناخب من يمتّ لها بصلة قربى أو معرفة فيكون عوناً لها فى مجلسها الموقر (وما دام مفيش ابن نافع ينفع ابن الجيران).لكن حكومتنا فاق ذكاؤها كل الأذكياء. اتخذت قراراً عجيباً قبل العملية الانتخابية بتخفيض قيمة الجنيه عشرة قروش. الأمر يعنى ببساطة تنام حضرتك وفى جيبك عشرة آلاف جنيه، وتصبح وهم تسعة آلاف جنيه. هذا العبقرى الجهبذ الذى اتخذ هذا القرار زاد المحبط إحباطاً على إحباط. وأضاف للعازفين مبرراً أقوى من كل مبررات عزوفهم وتكاسلهم، ونسف فى لحظة واحدة جداراً شفافاً أملس ناعماً هشاً كان يفصل بينهم وبين الناس، وكان ستراً وغطاءً فانكشف الستر عن الحكومة والغطاء عن شعبها. الأغرب أن السيد رئيس الوزراء، يصرح أيضاً ويزيد طيننا بللاً، أنه سيتخذ إجراءات إصلاحية صعبة لكنها ضرورية (وستى أخيب من سيدى).

 

أما وقد حدث ما حدث، وسبق السيف العذل. وعزف من عزف عن المشاركة، تعالوا نصحح أخطاءنا جميعاً.

 

هؤلاء الذين عزفوا عن المشاركة قلوبهم وأسبابهم شتى. منهم شباب يرى أصحاباً خلف الأسوار. منهم بسطاء يدفعون فاتورة الإصلاح الاقتصادى من غذائهم وكسائهم وصحتهم. منهم من يرى المشهد أمامه يعتليه المنافقون والمشعوذون والفاسدون ويُستَبعد الإصلاحيون وأصحاب الفكر والمجددون. منهم من يرى أهل الثقة فى صدارة المشهد ويستبعد أهل الخبرة دون مبرر. منهم من يرى الرئيس أوْلى بهم من أنفسهم، يثقون فيه، تاركين له الحمل وليذهب كل منهم إلى حال سبيله. منهم فاقد الأمل وتمكن منه الإحباط وفرمه نتيجة طول المعاناة ونفاد صبره وقلة حيلته. منهم من أشاح بوجهه من كثرة التأجيل وطول الانتظار حتى خف حماسه وفترت حرارته فعاد لبياته الشتوى. منهم من بحث عن برامج انتخابية سواء للقوائم أو الفردى فلم يجد سطراً واحداً يحكم به وعليه. منهم من تعود على معرفة الناخب وجهاً لوجه فوجد نفسه أمام قائمة يجهل من فيها تمتد من شمال وطنه إلى جنوبه ومن خارج البلاد. منهم من يرى أن الدولة تهتم بالمشروعات الكبرى على حساب حل مشاكله الحياتية، وهو أوْلى بها لتخفيف العبء عن كاهله. منهم من استفزه الإعلام الخاص فأدار ظهره لأمر ظنه محسوماً للنظام. منهم من صدّق إشاعة بحل المجلس بحكم الدستورية بعد الانتخابات فلم يجد فائدة من المشاركة. منهم المغتربون الذين عجزوا عن السفر إلى مقرهم الانتخابى ولم توفر لهم الدولة مقار انتخابية للإدلاء بأصواتهم كالمقيمين بالخارج. كل العازفين واحد مما سبق. أقلهم الذين استجابوا للمقاطعة تلبيةً للإخوان، وهذا يؤكد سهولة العلاج.

 

أول خطوة للتصحيح فى الفترة البسيطة هى إعادة جسور الثقة بين العازفين والنظام. أن يتم الإفراج عن كل أصحاب الفكر والرأى، والعفو الرئاسى عن الذى لم تلوث يده بدم برىء أو خرج شاهراً سيفه على الدولة. وأقولها لرئيس أحبه وأقدره: أنقذ يا سيدى ما يمكن إنقاذه، الأمر فى يديك، وطوع بنانك. الخطأ فى العفو مقدم على صواب العقوبة. وإذا حاول أحد رجالك تبرير استمرار قليل من الظلم لقليل من الوقت، فقليله هذا كثير على المظلومين وأسرهم. وإذا حاول أحدهم الاستشهاد بظلم الثورات التحررية وتجاوزها مع خلق الله، ونحن لسنا أفضل من غيرنا. فقلوب الأمهات تلعن الثورات إذا كان الظلم القليل الجائز قد طال أحد فراخها.عانِ يا سيدى من عشرة فى عفوك واكسب الآلاف فى صفك.هذا ما على الرئيس. وما على الحكومة الذكية استخدام نفس أسلوب المرشحين، وبدلاً من تقديم الرشاوى فترة الانتخابات تظل الحكومة تقدم الرشاوى لشعبها طوال الأعوام المقبلة حتى تضمن الولاء والرضا. فنحن شعب ألفناها وأدمنّاها (وهى من الحكومة لنا أشرف) الحكومات المتعاقبة لم تفهم أن البسطاء والفقراء أول من يأخذون وآخر من يدفعون. وتجهل أن من حقهم معرفة موقعهم فى طابور دافعى فاتورة الإصلاح وأخطاء سادتهم من وزراء الغبرة. على الحكومة تقديم كشف حساب عما يدفعه أسيادنا ثمناً للإصلاح قبل أن يدفع الفقراء والبسطاء، وإلغاء مظاهر البذخ والإسراف والاحتفالات فى الجهات الحكومية وتخفيض عدد المرافقين فى سفريات السادة ولاة الأمور، والاستغناء عن السادة المستشارين وبدلات الانتقال، وإلغاء كافة امتيازات أصحاب المعالى من أسيادنا والذين يحصلون على الملايين. على حكومتنا غير الرشيدة الاستعانة بعقلاء الأمة لإيجاد صيغة مصالحة فى كل ما سبق بينها وبين رعاياها، وألا تستنكف وساطة بينها وبينهم.

 

وأما ما على الشعب وشبابه العازف: حقكم على العين والرأس. كل ما فات صواب، وعلى الحكومة حل عقدة كل أسباب العزوف، وهذا حقك. لكن لا تسحب خصامك للنظام إلى خصام مع وطنك ومع مستقبلك. واعلم أن الأمل على قدر العمل. والممكن على قدر ما نملك، والحصاد على قدر الزرع، والنجاح على قدر الجهد، والأخذ على قدر العطاء، والشفاء على قدرة الطبيب والدواء. كن معنا فإن نجونا نجوت وإن هلكنا هلكت. أجمل ما فيك أيها الشعب الغاضب أنك أطفأت نور النور. والله المستعان والمقبل أفضل.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.