اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

وهم تجديد الخطاب الدينى فى دولة سلفية// عادل نعمان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

وهم تجديد الخطاب الدينى فى دولة سلفية

عادل نعمان

مصر

 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

لا تحدثنى سيدى الرئيس عن تجديد الخطاب الدينى مرة أخرى فى دولة تتبنى الفكر الوهابى منهجاً ورسالة. لا تفتح لنا شبابيك الحرية لننتقد ونناقش ونحاور ونخطئ وننير الطريق ونجدد للناس ما ابتلانا به تراثنا، فإذا ما دخلنا من الشباك أُغلقت الأبواب وحُبسنا وسُجنا خلف سجون دولتك. لا تشعرنا بقوتك ومددك فإذا ما استقوينا بك، وأحاطتنا رياح محبتك، واشتد بك عودنا، وخرجنا نتلمس خطواتنا دهستنا جحافل التتار، وطوقتنا جيوش الظلام التى تسيطر وتهيمن على أطراف دولتك. لا تؤاخذنى سيدى الرئيس.. هؤلاء يتآمرون عليك فإذا ما دعوتنا إلى المسير والتفكير والتدبير والتنوير، وفتحوا لنا الأبواب إرضاءً لك، ونزولاً على رغبتك، وطمعاً فى محبتك، وجبراً لخاطرك فإذا ما انصرفت عنا، أغلقوا الأبواب وكمموا الأفواه وقيدوا العقول وحبسونا فى سجون محيطها جدران قصرك ومسجدك. لا تغصب إن قلت لك ليسوا أقرب الناس إليك، وليسوا أولى الناس بك، قلوبهم معك حتى إذا جاء بأسهم يوماً كانت سيوفهم عليك. أغلق علينا الأبواب مرة أخرى، وردنا إلى أمواتنا نقرأ لهم ونسمع منهم وندع الملك للمالك، فلسنا أكثر صبراً من الذين قُتلوا على أعتاب التنوير، أو الذين سُجنوا على بساط الازدراء، أو الذين سحلوا بتهمة الزندقة. قلناها مراراً لن تستطيع تجديد الخطاب الدينى طالما يتربص بنا المتربصون، ويقف على أعتابنا السلفيون، ويبسط لنا أيديهم المنافقون، ويتسلط على رقاب العباد الجهلاء والمشعوذون، ويهددنا بدعاوى الحسبة والازدراء وسيوف التكفير المتأسلمون منهم والمتأخرون. لن تستطيع إلا إذا أوقفت كل الخصوم على الحياد، وضمنت للجميع حرية الرأى والفكر والنقد والخطأ دون حساب أو عقاب، فكيف يعطى الله الحق للبشر فى الكفر، وتكون تهمة التفكير قبل الكفر ذنب. لن تستطيع تجديد الخطاب الدينى إلا إذا جعلته مهمة المثقفين قبل رجال الدين، والمعترضين قبل المؤيدين، والنساء قبل الرجال، فهى مهمة المجتمع بأسره وليست مهمة من يلقبون أنفسهم بالمتخصصين وإلا سنظل فى غرفة الإنعاش قروناً عدداً. إننا نحن البشر لسنا نتاج الأديان فقط بل نحن نتاج ثقافى اجتماعى بيئى حضارى تاريخى وسياسى واقتصادى. لن تستطيع تجديد الخطاب الدينى طالما أن القائمين عليه وحراسه، هم المستفيدون من بقائه ثابتاً راسخاً مقدساً لا حركة فيه ولا حياة، جامداً بلا حركة، ثقيل الظل، انطوائى النزعة، متصادماً مع العصر، متخاصماً مع خلق الله، يرى بعين الماضى ولا يفتح عينه عن مستجدات العصر وحركات التطور الإنسانى، هؤلاء الأصوليون طالما يملكون هذا الفكر الاستعلائى النرجسى الربانى، وأنهم وحدهم يملكون الحقيقة المطلقة ويحملون وحدهم كلمة التوحيد التى خصهم الله بها فستكون مهمة التجديد ثقيلة عليهم لن يتنازلوا عنها إلا إذا انتزعتها منهم نزعاً، وأجبرتهم عليها جبراً، وأزحت من فكر هؤلاء أنهم حزب الله وباقى البشر حزب الشيطان. لن تستطيع تجديد الخطاب إلا إذا نزعت منهم حق التكفير، وتوزيع التهم على عباد الله، فهذا ليس حقاً أو حكراً لهم وليسوا أوصياء من الله على خلقه، فهذا ديننا جميعاً، بيتنا وملاذنا ووجهتنا فلا احتكار لجماعة له، ولا سلطان لأحد عليه. فى عهدك سيدى الرئيس حبسوا الفكر وواجهوا القلم الرصاص بالسيف والعزل والسجن دون سند أو معين. فى عهد الحرية يقضى باحث عاماً خلف القضبان على تهمة ازدراء الأديان، حكمت المحكمة عليه بالبراء ة وحكمت أخرى على ذات التهمة بالحبس، خدعته رياح التنوير والتفكير ووعود الحرية البراقة ففتح فكره وترك لقلمه حرية الكتابة فأوقعه غلاة التطرف فى الفخ. فى عهد الحرية تحبس كاتبة وشاعرة خلف الأسوار ثلاثة أعوام وإن كان الاستئناف حكماً فى هذا الأمر، عن خاطرة شاعر تمر عابرة بحرية مع كل شعراء العالم دون حبس أو عزل، دولتك ومؤسساتك سيدى الرئيس تتآمر مع السلفيين على المثقفين، عمالك يكيلون أمامك بينهم بالقسط فإذا انصرفت عنهم يُخسرون العدل ويطففون الميزان. سيذكر التاريخ يوماً أن الفكر والرأى حبسوهما فى عهدك، وسجنوهما دونك خلف أسوارك، إن حبس مفكر واحد مخالف لدستور أقسمت على احترامه وتعاهدنا عليه، وائتمناك على تنفيذه، هو إهانة لتاريخ أمة عريقة كانت يوماً ما تحترم القلم والفكر وأنارت للدنيا كلها ظلام العقل وفتحت أبواب العلم والاستنارة. نحن أمة تهين مثقفيها ولا تستحى أن تسجنهم مع القوادين والفاسدين. هذا تاريخهم العربى عامر بازدراء العقول وتعذيب المفكرين وسجن أصحاب الفكر والرأى ولسنا سيدى منهم، فمصر القديمة عرفت الأديان وتنوعت وتعددت ولم نسمع مظلمة من دين على آخر. ومصر الحديثة حتى سنوات مضت لم تعرف هذا الظلم إلا بعد تغلغل الفكر الوهابى الذى بدأ يغزو مصر من قمة رأسها إلى أخمص قدميها، نداعبه ونلاعبه ونلاطفه حرصاً على أمواله ونفحاته.

 

يا سيدى.. مع حبنا لك هذا فراق بيننا وبينك إلا إذا أصلحت المعوج، وضمنت لنا العدل، وعزلت الظلم، وأمنتنا من خوف، وسلمنا وأولادنا من كل شر، فلا حرية مع الخوف ولا إبداع فى جو يسيطر عليه جحافل الشر والتكفير. لن يقول التاريخ سجن القانون المفكرين، التاريخ يا سيدى معلوم بحاكمه.

 

 

"الوطن" المصرية

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.