اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

السياسة السعودية وثقافة الكفيل// عادل نعمان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

السياسة السعودية وثقافة الكفيل

عادل نعمان

مصر

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

مقدمة لا بد منها.. لامنى البعض على مقالى فى «الوطن» تحت عنوان (الأخوة السعوديون.. ماذا لو زرنا إيران؟) واعتبروه مكراً وكيداً للأخوة السعوديين، فإذا كان الأمر كذلك وأظنه هو، فهم الذين بدأوا بالكيد وبالمكر، وعلى نفسها جنت براقش!! وإذا كان اللوم مخافة أن نزيد هوة الخلاف والشقاق، ونضيع من الطرفين فرصة لم الشمل، فأنا أول من يدعو إلى ذلك، لكنى أرفض وبإصرار أن يكون لم الشمل هو تغليب المصلحة السعودية على المصلحة المصرية، وزيادة نفوذ الحزب السعودى وهو أقوى الأحزاب المصرية الآن!! وشعاره «جلابية ولحية وسيفان متقاطعان»، الذى يطالب بتسليم تيران وصنافير المصريتين ثمناً لرأب الصدع، أو عربون لم الشمل، فلهؤلاء أقول لا وألف لا. وعليكم جميعاً الرجوع لما يكتب ويقال عن مصر وعن قيادتها، وهم الأولى بالنصيحة، وإن عدتم عدنا.

 

الكفالة هى نظام اجتماعى خاص بدول الخليج ظهر مع بداية ظهور ثرواته البترولية، وكانت هذه الدول قليلة السكان وافرة الثروة، ولا تمتلك من أدوات التعليم والمهن والحرف ما يؤهلها لتوظيف هذه الثروات واستثمارها، وكان استقدام العمالة الأجنبية أمراً ضرورياً لتحقيق التنوع العلمى والمعرفى والمهارى المأمول من دول متنوعة، وبأعداد قد تزيد على عدد السكان الأصليين، لتحقيق الهدف المرجو من الاستثمار والنهوض بالبلاد فى كافة المجالات، وصاحب هذا اختلاف فى العادات والتقاليد والثقافات والمعتقدات والأديان والمذاهب المختلفة، المتباينة والمتنافرة، ولما كان لهذه التجربة مخاطر على البنية الثقافية، وتهديد التركيبة المجتمعية، ومخافة تأثيرها على سلوكيات الشعب وثقافته وعاداته وطموحاته إلى الحد الذى تأباه الأسر الحاكمة الراغبة فى استقرار حكمها وثباته، فكان من الضرورى بناء جدار عازل بين الشعب والمستقدمين من خارج البلاد، وإنشاء ثقافة طائفية وطبقية جديدة تفصل بين أبناء الديار والغرباء، ويعزل الكل عن الآخر، فيأمن الحاكم والمحكوم، وكان جدار «الكفالة» وهو نظام استعلائى عنصرى طبقى، يرفع سلطان شعوبهم على المستقدمين، ويعلى من قدرهم عليهم، وكان هذا الاستعلاء وهذه العنصرية والطبقية لا تشعرهم بعزلة واستعلاء حكامهم، كلما نظروا تحت أقدامهم ورأوا بشراً دونهم، فكان نظام الكفيل أسوأ ما عرفته البشرية من القهر والاحتكار والغبن واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان، ولا يضاهيه سوى العبودية فى التاريخ البشرى القديم، الذى تخلصت منه دول العالم، لكنه ما زال محفوراً فى الذاكرة العربية، فهو موروث تاريخى ارتبط بالفتوحات الإسلامية واستيطان بلاد الله وتحويل أهلها الأصليين إلى ذميين من الدرجة الثانية، يدفعون الجزية من عرقهم وهم صاغرون، فإذا كانوا قد مارسوا الاستعلاء على أصحاب البلاد الأصليين حين غزوها، فما بالهم إذا كانوا فى بلادهم وبين صفحات كتابهم.

 

الأخوة فى السعودية فى بلادهم، يصنعون ما شاء لهم أن يصنعوا، وعلى من يقبل هذا النظام فله أن يقبل قدر احتياجه وقدر طاقته، فلا تأنيب لمن يقبل، ولا ثناء لمن يرفض، ولا يمنع من أحب ولا تصريح لمن يكره، لكن الأخوة تحكمهم ثقافة الكفيل والتملك والاستعلاء على الدول التى قبلت يوماً مساعدتهم، تطلبهم وقت الطلب ليلاً أو نهاراً فلا يتأخرون، ولا يسألون عما يفعلون، فلم نكن حين قبلنا المساعدات كما قبلوها من قبل، نظن أننا على كفالتهم، ولم نكن نحسب أن أقدارنا رهن أقدارهم، أو أننا نحمل سلاحنا ومتاعنا وعتادنا وأرواح أبنائنا إلى غزوات الأجداد وفتوحات الأحفاد، أو أن أمتنا العريقة تسلم مقود إدارتها لشباب قليلى الخبرة والكفاءة، خاضوا غمار حروب لم تكن قدرهم، بل سعوا إليها سعياً، فأضاعوا ما ليس لهم حق فيه أن يضيعوه، وفقدوا من رصيد الحب والأخوة ما ليس لهم فرصة أن يعوضوه، وخسروا من الثروات ما ليس لهم فيه نصيب أن يعيدوه، بل زادوا استعلاء على استعلاء ولم يتراجعوا، وظنوا أن أمر الناس بأيديهم وعلى كفالتهم.

 

الأخوة فى الحزب السعودى المصرى، أذكركم بموقف باكستان حين رفض البرلمان الباكستانى الانضمام لتحالف الحرب الدائرة الآن فى اليمن، تحت غطاء اتفاقية الدفاع المشترك بينهما، التى وقعها ضياء الحق فى ثمانينات القرن الماضى، وكان قرار البرلمان جريئاً وصادماً للأخوة فى السعودية الذين دفعوا ما دفعوه انتظاراً ليومهم المعلوم، وكان القرار أن الاتفاقية تسرى فى حالة الدفاع عن الأراضى السعودبة حال الاعتداء على أراضيه، وليس الاعتداء على أراضى الغير، وتعاملت معها السعودية أيضاً بثقافة الكفيل «وضيقت عليهم الطريق حتى يسلكوا أضيقه» ولسنا أقل شأناً من باكستان، وليضيقوا ما شاء لهم أن يضيقوه على أولادنا تحت كفالتهم، أو فى تمويل سد النهضة فى إثيوبيا، ومليارات تستثمر فى أفريقيا. وأقول رغم الوجع ودون كيد لأحد.. لا أمان لأموالهم سوى بلادى، حفظاً ورعاية واستقراراً.ولنا فى هذا تجربتان. الأولى: مليارات السعودية فى أمريكا وهى فى فخ قانون جاستا، والثانية: مليارات دول الخليج فى مصر وسط الأحداث الهائلة التى مرت بنا، ولن يمر علينا أسوأ منها، كانت كلها فى الحفظ وفى الصون، هذه مصر شرف فى الخصومة وأمانة حين الوفاء.

 

وأهمس لكم أيضاً: لا تنازل عن أرض حتى الموت، ولا تفريط فى روح دون وجه حق، ولن نقبل باعتداء على أراضى الخليج حتى لو دفعنا أرواحنا ثمناً دون تردد أو تكاسل، وبإرادتنا وشرفنا، ودون مقابل أو كفالة من أحد، وهذا هو الحق. وقسم لو تعلمون عظيم.

 

"الوطن" المصرية

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.