اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

المربي الفاضل, الشماس المناضل أپرم عَمّا// لطيف پـولا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

المربي الفاضل, الشماس المناضل أپرم عَمّا

لطيف پـولا

 

حينما كنت في الأول الإبتدائي, كان لنا الشرف العظيم ليدرسنا درس الدين وأوليات اللغة السريانية الشماس والخطاط والمربي الفاضل پولص قاشا. وفي الصف الثاني الإبتدائي كان لنا ايضا الشرف الكبير ليعلمنا نفس المادة الشماس والمربي الفاضل والمناضل الخالد أپرم عـَمـّا. وحياة هذا المربي والمناضل المنسي مليئة بمتاعب الحياة وعذابات السجون وتبعات ذلك من فقر مدقع  وملاحقات. عانت عائلته ما عانته بسبب صموده وصلابته وهو يقارع الأنظمة الدكتاتورية واعداء التقدم, ويزرع القيم الوطنية والإنسانية حيثما جلس, إذ كان ماركسيا من الطراز الأول ومتبحرا في اللغة السريانية وتاريخها وآدابها ومتحمسا لتاريخ اجداده الآشوريين يقف كالطود الشامخ مدافعا عن الحقيقة بوعي وشجاعة. يحارب الباطل ولا يخشى في قول الحق لومة لائم .. كان حنونا محبا لطلابه الصغار, حاملا هموم شعبه ووطنه ليل نهار. كان يغيب عنا كثيرا ولا نعرف سبب غيابه. وإذا ما سالنا عن سبب اختفائه لا يجبنا احد. ولم نكن نعلم ان في ذلك السؤال وجوابه خطورة !!.

في منتصف الخمسينيات من القرن العشرين جاء والدي يوما وتحت جنح الظلام وهمس ما يلي في أذن جدتي: (الشماس أپـرم عـمَّا مسجون, مُعلق في السقف يعذب ليل نهار بدون اكل ولا شرب!). كنت التقط بعض الكلمات دون علم الوالد. فسمعته يذكر اسم الشماس أپـرم عمـّا. أحقا ما أسمع؟ الشماس أپرم  معلمنا في درس الدين في السجن ومُعلق في السقف ويُضرب؟ يا للدهشة! حاولت أن أسال والدي عن سبب سجنه .. فصرخ بوجهي: (وهل سمعتَ ما كنا نتحدث به؟! اياك ان تخبر أحدا بما سمعته! إنه مجرد كلام! ربما هي دعاية وكذب !)  

ولد الشماس المناضل سنة 1924م في القوش وبسبب السجون والمحاربة والملاحقة نهش به الفقر والعوز ولم يجد له بيتا يسكن فيه فالتجأ الى كنيسة مار گوركيس في القوش, والتي كان شماسا فيها, واحتمى تحت سقفها لفترة هو وعائلته واضطر بعد ذلك للتنقل بين كركوك واربيل والسليمانية وبغداد والبصرة بحثا عن العمل وهروبا من مراقبة أزلام الأنظمة وعملائها. إذ كان من اوائل المبشرين بالماركسية, ومن الرواد الشيوعيين الذين كان لهم دورا بارزا في الحركة العمالية والدفاع عن حقوق الشعب. ساهم في معظم الإضرابات والمظاهرات التي نظمها عمال العراق وفي اكثر من محافظة. دخل السجون وتحمل الفقر والملاحقات حتى مرحلة الثمانينيات من القرن العشرين حين  القبض عليه وتحمل السجن والتعذيب. وعلى اثرها اصيب بمرض قاتل, فخبا ذلك النجم الساطع, ولكن نوره ظل يشع بقدر ما احرق من زيت عطائه. وحينما جاء خبر وفاته وانا في بغداد أبى قلبي الذي أحبه إلا ان اكتب له قصيدة باللغة السريانية التي عشقها وكتب بها احسن القصائد. وقصيدتي هذه تحت عنوان (أپرم عَـمَّـا) من ديواني الخامس (قصائد في مهب الريح) .وها انا ذا ايها الشماس المناضل اُحيي ذكراك واتغنى بها وحدي ليسمعها من يجهلك او يعمل على نسيانك لسبب أو لآخر .

 

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.