اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

مما قُلتُ في الكاتبة بيان مقبل بالأمس// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب

 

عرض صفحة الكاتب 

مما قُلتُ في الكاتبة بيان مقبل بالأمس

" كتاب عيشي صح "

الدكتور سمير محمد ايوب

 

برفقة الكاتبة رباب الناجي، ومن على منصة منتدى البيت العربي الثقافي في عمان، في الامس الثلاثاء 2023/6/13، شاركت في حفل اداره الصحفي الكاتب محمود الداوود، لأشهار وتوقيع المولود الورقي الاول للكاتبة الاعلامية بيان مقبل وهو بعنوان "عيشي صح"، مما قلت في كلمتي، امام باقات الحضور المثقف المميز، وبحضور المهندس صالح الجعافرة رئيس المنتدى والسيدة ميرنا حاتوقه امينة السر/ مديرة البرامج:    

 

......  كنتُ قبل ايام كعادتي، ابحثُ عن شيءٍ أطالِعَه، يُمْتِعني ويُفيدُني، حين جاءت منْ أطاحَت بحيرتي، وقدمَت ليَ باكورةَ انتاجهِا، الصديقُه بنان ناصر مقبل. وأنا أواصلُ تصفحَ ما قُدِّمَ لي، وجدت نفسي أمام كاتبة تحاول بنبل مشاغبة بعض تجليات واقع المرأة، الذي يرسمه مجتمع يهيمن عليه الى حد كبير رجل سيد مستبد.

 

 باخلاص تحاول في هذا الجهد، ان تلتقطُ من الواقع ما يُحققُ قصديةَ الكتابة، وفق رؤية منحازة للحياة، فوجدتُ في سردها شيئا من ضالتي. فأنا اشبه جيلا قد تربى على حكي وخراريف الجدات والامهات والعمات والخالات المبدعات ، بأخيلتهن الجريئة المجنحة، وقدراتهن على الحكي الممتع المفيد، قد نقشن وطرزن به مساحات واسعة شاسعة من وجداننا وأغنين به اكثر مناطقه قربا من القلوب.  

 

علمت بعدها ان السرد الفني، ما هو الا الشكل الحديث لاقدم ممارسة ثقافية عرفها الانسان في تاريخه، الا وهو الحكي. المُشْبِعُ لرغبةِ الانسانِ في معرفةِ ما حدَث، من خلالِ إعادةِ تشكيلِه وفقَ رؤيةٍ إبداعيةٍ.

 

شجعتني هذه المعرفة على أن أسأل بجرأة: لماذا نكتب ولمن؟ أمن اجل الكتابة كعمل نمارسه أم لهدف آخر، كالاخبار والامتاع والافاده؟ ان كانت الكتابة من اجل فهم افضل، فهي فعل أعم من كل المحاولات الجارية لتحديد شكلها ومضامينها.

 

منذ بزوغ نجم السرد كابداع ادبي، اتسعت رحابه للبوح بماهيات لا محدودة، حتى صارت السمة المعاصرة التي تطبعه، هي رفض التجنيس، والاستفادة من كل الاجناس الادبية الاخرى، وصار السارد حُرًّا في الاتكاء على الطريق التي تستجيب برحابة لتجربته، بعيدا عن هيمنة العناصر السردية، وضرورة وجودها في نسيج سرديته. 

 

فرس الرهان الرابح في نصوص هذا الكتاب، هو فكرالمرأة وسلوكها المعجون بجبروت ظلم مستدام متصل، بما يفرضه الارث الفكري للواقع.

 

كاتبة هذه النصوص واثقة بنفسها، مثقلة بتفاصيل تحاول عبروصايا خارطة الطريق هذه، تحقيق اختراق في واقع المراة بكل تجلياته، واعادة ترتيب اولوياته في الحياة.

 

لذا، وهي تتحصن بجرأة قلم متعدد الرؤوس، رغبة في الحياة الطبيعية ورغبة في تجاوز الحالة غير الطبيعية التي يفرضها جبروت هذا الارث الظالم ،  تقارع الذوات الفردية والحواضن الاسرية الصغرى والاجتماعية الكبرى عبر جبهتين متلازمتين ، جبهة الانضباط لمجتمع تحاول عبر هذه النصوص رسم ملامحه، وجبهة التمرد على مجتمع لا تقبله وتلح في التمرد عليه.

 

ولتحويل الكلمات الى بقع مضيئة في هذه المقاومة الشجاعة، تتكئ الكاتبة كثيرا على مقاربة الواقع بالمباشرة بعيدا عن اي رمزية، بكلمات وجمل مكثفة متماسكة تمكنها من اثارة مشاعر المتلقي وتحفيزه على المشاركة في بناء النص وانجاحه في تأويله وهي تنقله  من مرحلة الى اخرى، دون ان توقعه في متاهات النظريات الكبيرة والمعقدة.

 

لم تفارِقَني الدهشةُ، وأنا أتابعُ بشغفٍ مقاربات بيان لمقولاتها. وما أنْ انهيتُها حتى تذكرتُ أنَّ بعضَ الكتاباتِ، تشهدُ لأصحابِها بالبراعةِ في انتقاء مواضيعهم، وفي طرحِ قضاياهُا الشائكة، وببراعة تدخلُكَ في حوارٍ واعٍ مع بعض تفاصيلها.

 

اقتحام دواخلِ نصوص بيان، اوصلني لقضايا تتجاذبُها ثلاثُ مستوياتٍ من المُقارباتِ، مستوى اجتماعيٍّ بما فيه من انوثة مُصادرةٍ وشبابٍ محاصَر، ومستوى نفسيٍّ بما فيه من جدلِ العقلِ والقلب،ومستوى جمالي بما فيه من بساطة في اللغة. تقودنا بيان  باقتدارٍ عبرَها، إلى عقدِ صفقةٍ مُدهشةٍ بين الادبِ والعقلِ وعلومِ النفس الاجتماع والسياسة والتربية الملتزمة، توصلك في النهاية الى أن تسألَ عن هويةِ هذه النصوص؟

 

وانا انساب مستمتعا بينها، لم افكر للحظة بان بيان تاجرة لغة ستكتسح المنصات الادبية، كهمنجواي او محفوظ او عرار، بل وجدتها تتشابه كثيرا مع من هم على خط البداية من الكتاب.

 

وتذكرت ايضا ان لحظة المُمكن في الابداع هي لحظة تاريخية تحاول ايقاظ ملكات مسترخية، علها تلتئم مع مهارات مكتسبة، لتقم واقفة على اقدام قوية، تخطو بعد حبو طويل، وتتمرد على فلسفة الشلفقة وهات ايدك والحقني ، خطوة قد يكون لها ما بعدها، وقد لا يكون لها الا ما قبلها.

 

قبل ان اختم، اجد من واجبي لفت انتباه كاتبتنا الى واقع ثقافي ليس بخير، تماما كغيرة في عوالم السياسة والاقتصاد والاجتماع، فليس سرا ان كلاما يغلب عليه التذمر من خطايا كثيرة موجعة تدور في اروقة المثاقفة كالتفريط في الامانة وفوضى التصنيف والالقاب والتكريم والنقد الشللي.

 

وأجد من الضروري التأكيد لها أيضا، على ان النقد المعني بالتقييم والتقويم وفق معايير واضحة ورؤى محددة، فإن المنصف منه لا ذاك الشللي،  باق قبلة انظار القراء والنقاد على حد سواء.

 

اقول هذا وفي البال ان النص كمنتج ادبي هو الذي كان في البدء، ومن ثم جاء نقد النص، لذا اقول لمن يعنيهم الامر، لا تتوقفوا كثيرا عند المعايير التي يستخدمها بعض النقاد، فهي ليست آياتا بيناتا منزلة من لوح  محفوظ لا يصح المساس بها. ينابيغ الكثير منها، لاسباب شتى خطرة التزمت ، لذا من هنا، اوصيك يا بيان، بضرورة التمييز بين النقد، وشلل التقريظ المفرط وشطحات النقد غير المنصف، فكلاهما يقف سدا منيعا في وجه الابداع وتراكمه. تماما كخطر بعض المنصات الادبية والندوات والاحتفالات والتكريمات والتصنيفات والالقاب. وانت تحاولين التقدم بنجاحاتك، انصحك باتقان كل فنون القراءة والكتابة دون الالتفات الى دهماء المتثاقفين، فبينهم الكثير من كذبة الكتاب وبينهم الكثير من نقاد اكذب متضخمون بأنا واهمة.

 

ايها المقتحمون مع بنان لخطوط البداية، اعلموا ان الرغبة في انضاج موهبة تعشق الابداع، رحلة تعلُّم مستدامة لا تنتقص من قدر اي موهبة. فسيرورات كبار المبدعين، تشي بان النجاح منجم يتسع لفطرة سليمة وموهبة متنامية واستعداد نشط، ومهارات متنوعة، ونية صادقة، وبوصلة دقيقة ، وادوات تنفيذ تتقن بصبر جميل عملها.

 

صحيح ان جل مستلزمات النجاج باتت لحسن الحظ متاحة للجميع دون احتكار من احد او لاحد، ولكنها لا تنضج الا برعاية منظومة من المهارات المتكاملة. لذا لا تهابوا، اكتبوا دون الدوس على المستلزمات، وأنتم تلملمون حاجيات النجاح، تمرسوا في مهارات الانصات دون الاصغاء لأبالسة تركب الرؤوس وهي توسوس لكم بأنكم استثناء لم يأت الزمان بمثلكم ، ما اجمل القلوب المهمومة بمستلزمات التميز ولكن الزمن ليس زمن ركوب الرؤوس.

 

وانتم تنطلقون، تواصلوا مع قدراتكم واحلامكم فان لحظة الكتابة لا يمكن تفويتها في انتظار الاكمل، كل خطوة قد تخطونها بمسؤولية قد تسمو عاليا بكم، وقد تهبط بكم لا سمح الله الى مزالق غير مستحبة. وتذكروا وانتم بحميمية تحتضنون أقلامكم، بأن لا عصمة لأحد في حرفة الكتابة. 

 

وأختم قائلا: ابداعات ادبية كثيرة تضخها دور النشر يوميا في ثنايا المشهد العام للثقافة، قلة منها تنجح في مهامها الاقتحامية، اظن ان هذه التجربة هي واحدة منها. لذا ونحنُ نودعُها أقول بالفمِ المَليانِ للقراءِ والنقاد في آنٍ، هذا عملٌ ظامئ للتشجيع المثري، فهو رغم بساطته يستحقُ الاحتفاء به.

 

ولأني من المؤمنينَ بأنَّ الكاتب الجيد مضطرٌّ للتفوقِ دائما على نفسِه، اقولَ لمن نحتفي بباكورة انتاجها الورقي الليلة ، مبارك لك وليدك، وتذكري بأنَّ كثيرا منَ النصوصِ والكتابِ يشيخون، حينَ يعجزونَ عن المراكمةِ، وفقَ مستلزماتِ الإبداع. ولاني بضمير مرتاح ازعمُ ان طموحَكَ للارتقاءِ ما زال بكرا، إعلمْي أنَّ بعدَ الخُطوةِ الاولى، لا يعودُ التوقفُ الاراديُّ مُباحاً يا سيدتي، ولا جائزا ولا متاحا.

 

سيداتي سادتي: في عوالم الكتابة الصاعدة، إحفظواهذا الاسمَ، بيان ناصر مقبل فسيكونُ لها إن اخذت بصرامة الاسباب ، شأنٌ في المشاهد الثقافية. فهي تمتلك حلُما جادا ملتزما، محصنا بجهدٍ يتشذب ويتهذب بصبرٍ جميل، وعزمٍ مُتجدد على الارتقاء لا ينفذ ولن يلين ان شاء الله.

 

الاردن – 14/6/2023

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.