كـتـاب ألموقع
الجامعات الصينية في صدارة العالم// ترجمة حازم كويي
- المجموعة: حازم كويي
- تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 03 آب/أغسطس 2025 22:01
- كتب بواسطة: حازم كويي
- الزيارات: 690
ترجمة حازم كويي
الجامعات الصينية في صدارة العالم
فولفغانغ بومرهِن*
ترجمة حازم كويي
يشهد المشهد العلمي العالمي تحوّلاً عميقًا. ففي حين يُقْدِم الغرب على سياسة التقشف، تستثمر الصين في التعليم والبحث العلمي.
العالم الأكاديمي العالمي يشهد في الوقت الحالي اضطراباً كبيراً. ففي الوقت الذي تمر فيه أوروبا الغربية والولايات المتحدة بتطورات سلبية، تشهد الصين صعوداً صاروخياً في مجالي البحث والتطوير. وبينما يُقَلَّص الإنفاق على التعليم والبحث في الغرب، تُؤَسَّس في الصين العديد من الجامعات الجديدة، وتُستقطب نُخبة من الأساتذة والأستاذات من مختلف أنحاء العالم.
لكن العلوم العالمية لاتعاني من تقليص التمويل فحسب، بل أيضاً من انقطاع التعاونات الدولية والتدخلات السياسية. فعلى سبيل المثال، أوقف الاتحاد الأوروبي تعاونه العلمي مع روسيا في إطار العقوبات المفروضة، وهو ما يشكّل ضرراً بالغاً، لا سيما في مجال أبحاث المناخ في منطقة القطب الشمالي. لم تعد هناك الآن بعثات مشتركة إلى بحر الشمال القطبي لقياس كمية غاز الميثان المُتسربة من قاع البحر، والتي تؤثر على الغلاف الجوي كغاز دفيئة فائق القوة. وتُعدّ سلاسل القياس الطويلة لغاز الميثان في المحيط المتجمد الشمالي أمراً ضرورياً للغاية لتقدير تطورات العقود القادمة.
منذ توليه منصبه في يناير، يشنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حملة شرسة ضد الجامعات وأبحاث المناخ. فقد تم إيقاف العديد من البرامج التي كانت تدرس مخاطر التغير المناخي. حتى المشاريع المتعلقة بالإحصاءات الطبية، التي كانت تركز على الفروقات بين الجنسين في تأثير الأدوية أو على الأعباء الصحية الخاصة التي تواجهها المجتمعات غير البيضاء في الولايات المتحدة، تم حرمانها من التمويل. كما تتعرض جامعة هارفارد، إحدى أرقى الجامعات، لضغوط من أجل التوقف عن قبول الطلاب الأجانب. وفي نهاية مايو، أعلنت الحكومة في واشنطن عن عزمها تقليص عدد تأشيرات الطلاب الممنوحة للصينيين بشكل حاد.
وقد يُشكّل هذا الوضع مشكلة حقيقية لبعض الجامعات التي تعتمد في الولايات المتحدة على الرسوم الدراسية كمصدر دخل رئيسي. فبالنسبة لها، يُمثّل 222 ألف طالب وطالبة صينيين يدرسون هناك مصدراً مالياً مهماً. ووفقاً لموقع "Statista"، بلغ عدد الطلاب الصينيين في ذروته خلال العام الدراسي 2019/2020 حوالي 373 ألفاً. ووفقاً لما ذكره كريس غلاس، الأستاذ والباحث في مركز التعليم العالي في بوسطن، فقد انخفض عدد الطلاب الأجانب في الجامعات الأمريكية حتى مارس 2025 بنسبة 11%، علماً أن هذا التراجع بدأ حتى قبل تولّي ترامب منصبه رسمياً. وفي هذه الأثناء، ما تزال جامعة هارفارد تقاوم هذا الضغط، وقد حصلت بالفعل على دعم قضائي لصالح موقفها.
وبحسب صحيفة *South China Morning Post* الصادرة في هونغ كونغ، فإن عدد الطلاب الصينيين في الولايات المتحدة لم يشهد حتى الآن انخفاضاً كبيراً، رغم كل ذلك، في حين أن التراجع الأكبر حتى الآن كان في صفوف الطلاب الهنود الذين باتوا أقل رغبة في الدراسة هناك. إلا أن هذا الوضع قد يتغير في الأشهر المقبلة، إذ يشعر الكثير من المهتمين وأُسرهم بالقلق بسبب تصاعد المشاعر المعادية للصين في الولايات المتحدة. ففي الولاية الأولى لدونالد ترامب، أطلق وزارة العدل ما عُرف بـ "مبادرة الصين"، والتي وُجّهت في إطارها اتهامات – غالباً دون مبرر – إلى مئات العلماء والباحثين من أصول صينية بالتجسس لصالح جمهورية الصين الشعبية. وقد أدى ذلك إلى فقدان بعضهم لوظائفهم أو على الأقل تم حرمانهم من تمويل أبحاثهم، بينما تضررت سمعة كثيرين منهم بشكل كبير.
هذا، إلى جانب العروض المغرية القادمة من الصين، أدّى إلى أن بعض كبار الباحثين قد غادروا الولايات المتحدة بالفعل. ووفقاً لاستطلاع أجرته جامعة ستانفورد، كان 61٪ من الباحثين من أصول صينية يفكرون في مغادرة الولايات المتحدة حتى قبل تولّي ترامب لمنصبه. ويأتي هذا في توقيت مناسب لجمهورية الصين الشعبية، حيث تنتشر الجامعات الجديدة هناك بسرعة هائلة، كما تنمو الفطريات بعد المطر الدافئ. ففي مدينة شينزين المجاورة لهونغ كونغ – والتي كانت قبل 45 عاماً مجرد قرية زراعية صغيرة – تم تأسيس 20 جامعة وكلية جديدة خلال السنوات الخمس الماضية فقط.
وبحلول عام 2024، بلغ عدد مؤسسات التعليم العالي في الصين أكثر من 3000 (مقارنة بـ 4298 في الولايات المتحدة)، وكان يدرس فيها أكثر من 40 مليون شاب وشابة، من بينهم عدد متزايد من الطلاب الأفارقة. وبات الآن 60٪ من كل فئة عمرية في الصين يلتحقون بالتعليم العالي. للمقارنة: تبلغ النسبة في ألمانيا نحو 56٪، وفي الولايات المتحدة حوالي 65٪.
الرواتب الجيدة وتمويل الأبحاث السخي يجذبان الآن أساتذة جامعات من جميع أنحاء العالم. فقد نشرت صحيفة «جوونغ آنغ إلبو» الكورية الجنوبية مؤخراً على منصة «X» تقريراًعن العالِمين الكوريين البارزين لي كي-ميونغ ولي يونغ-هي — الأول فيزياء نظرية، والثاني خبير مشهور في مجال أنابيب الكربون النانوية — اللذين بعد تقاعدهما في وطنهما لم يجدَا فرصة لمواصلة البحث، فتم استقطابهما من قبل مؤسسات صينية.
ووفقاً لحملته المكثفة في مجالي البحث والتعليم، أصبحت الصين الآن تتقدم على الولايات المتحدة في عدة معايير، بعدما كانت الولايات المتحدة لعقود طويلة تعتبر مهد العلوم. فقد تجاوزت جمهورية الصين الشعبية الولايات المتحدة في أحدث تصنيف لمركز تصنيف الجامعات العالمية. إذ جاء 346 مؤسسة صينية ضمن أفضل 2000 جامعة، في حين انخفض عدد المؤسسات الأمريكية إلى 319 فقط. وتعتمد هذه التقييمات على نجاح الخريجين الأكاديمي والمهني، وعدد الجوائز المرموقة التي يحصل عليها أعضاء هيئة التدريس، بالإضافة إلى عدد المنشورات العلمية وعدد الاستشهادات بها.
في عام 2018، كانت الصين قد تفوّقت بالفعل على الولايات المتحدة في عدد المنشورات العلمية، وفقاً لما كشفت عنه حينها المجلة العلمية *Nature*. ومنذ عام 2022، تقدّمت أيضاً في عدد الأبحاث الأكثر استشهاداً بها، رغم أن ذلك قد يعود جزئياً إلى أن الباحثين الصينيين يميلون إلى الاقتباس من زملائهم في البلاد بنسبة أعلى من المتوسط. وفي الوقت نفسه، لا تزال وزارة التعليم في بكين غير راضية عما تم تحقيقه، وتسعى حتى عام 2030 إلى إنشاء العديد من معاهد البحوث المتقدمة في مجالات علوم المواد والهندسة، وتعزيز التعاون الدولي لها.
فولفغانغ بومرهِن*: ألماني حاصل على شهادة الدبلوم في الفيزياء الأرضية، عمل كموظف علمي ثم انتقل للعمل في عدة مكاتب تحرير مختلفة.
المتواجون الان
518 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع