اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• محاولة في فهم لغة الحيوان ومناجاته - الجزء الثالث

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د.هاشم عبود الموسوي  

 مقالات اخرى للكاتب

 محاولة في فهم لغة الحيوان ومناجاته

 لغة الطيور

 الجزء الثالث

 

      مقدمة مُلزمة:

             بعد قيامي بآقتناء بعض الطيور الثمينة وتربيتها .. قادني شغفي إلى شراء كتب تتحدث عن كيفية ايوائها والمحافظة عليها .. كما أصبحت في سني السبعينات والثمانينات من القرن الماضي من مُرتادي سوق الغزل في بغداد ، والذي يمارس فيه الباعة والمُشترون طقوسهم وتواجدهم كل يوم جمعة .. هناك تعرفتُ على أشخاص ممن يمتلكون الخبرة الواسعة في تربية الحيوانات والطيور ، بل وصادقتُ بعضهم  ..واستمرت جهودي بزيارة عدد من الأطباء البيطريين ومُصادقتهم .. وقد استفدتُ من خبرة عديلي "ناطق نعوش " الذي كان قد رَبّى أنواعاً مُختلفة من الطيور وخَبِرَها ..

      أغلب الحيوانات تملك أنواعاً من الإشارات كنظام للإتصال فبين العناكب هناك نظام مُعقّد ، فلكي يغازل الذكر الأنثى  قبل الوصول إلى محبوبته عليه أن يؤدي بعض الإشارات لكي يُعلِمها إنه حقاً عنكبوت وليس ذبابة أو كسرة خبز ، وهذه الإيماءات ثابتة. ولن ينكر أحد أن العنكبوت " المُبدع " يضيف أو يغير من طريقة مغازلته  ، فنفس نوع لغة الإشارات وجدت عند السرطان ، وهنالك أكثر من أربعين من الأنواع المُختلفة منها وكل مخلوق يستعمل طريقته الخاصة به مثل " التلويح بالمخلب " وهي إشارة حركية لأحد أقرانه . فالتوقيت والحركة ووضع الجسم لا يتغير من وقت إلى آخر أو من سرطان إلى آخر مهما كانت الإشارة تعني فإنها مُختلفة فقط في المعنى التي تحمله .

      والأصوات التي تقلدها الطيور الناطقة تشترك قليلاً مع لغة الإنسان ، ولكن غناء ونداء العديد من الطيور لديها وظيفة إتصال مع الآخرين وأيضاً تشبه لغة الإنسان في اللهجة ، وفيما يتعلق بالأغاني فإنها تُكتَسَبْ في مراحل مُتلاحقة ، أما نداء الطيور فإنه يتكون من نغمة أو عدّة نغمات قصيرة وهي التي تحدد فطرياً رسائل شفوية تُصاحب صفات هذه الطبيعة مثل الخطر والطعام  والعش والطيران وإلى آخره غير ذلك .

      إذاً نداء الطيور له معنى وإن لهذه الصفات شكلاً مُتقدماً من الإتصالات أكثر من حديث الطير . ولكن المعنى يُشكّل تغييراً محدوداً وبسيطاً وهذه الإستجابات قد تكون لأنواع معينة من المُثيرات داخل الطير مثل (هنا ، والآن ). أما الحيوانات فهي على نحو مُختلف عن الطيور ، ولديها أنظمة مُتشابهة للنداء مع أصناف ثابتة ومتشابهة مع المعنى . وأغاني الطيور ذات مقاطع لفظية طويلة ونماذج مُعقدة أكثر من نداء الطيور التي اعتادت على مُراقبة الإقليم وجذب الآخرين من نفس الصنف فهي تستعمل نفس الأغنية في كلا الغرضين بينما أصناف أخرى تستعمل أغاني مُختلفة.

      وبالرغم من تعقيد أغاني الطيور لا يوجد دليل لتركيبها الداخلي ولا يمكن أن تنفصل إلى جزء ذي معنى ككلمات لغة الإنسان أو تنقسم إلى مورفيم " لاحقة ".

      لقد وُجِدَ في دراسة الأغاني الإقليمية لطيور أبى الحناء * أن هناك تنافساً بين هذه الطيور في التنبيه المُتعاقب بين النغمة العالية والنغمة المُنخفضة ولا يهم إطلاقاً تعاقبهما.

      فالرسائل مُتنوعة في كيفية مدى تعبير أبى الحناء بما يشعر تجاه مُمتلكاته وماذا أعَدّ ليدافع عنها ؟ وكيف يبني أسرته في ذلك الإقليم؟ واختلاف التعاقب لكي يعبر عن حدّة المشاعر . فهو مُبدع في غنائه ، ولكن ليس مُبدعاً في إستعمال نفس الوحدات ليعبر عن أشياء مُختلفة لأن لكل تعبير معنى مُختلف .

      تتكون اللغة من لهجات مُختلفة فنفس الجملة في اللغة الإنجليزية تلفظ بشكلٍ مُختلف من قبل الأمريكي وبشكل آخر من الأسترالي ولهذا فإن لّڵغة أشكالاً مُختلفة ونلاحظ نفس الظاهرة بين الطيور على سبيل المثال نداء طائر الصغنج** متعدد ويتوقف على المنطقة الجغرافية التي يقطن فيها ، وقد تكون الرسائل هي نفسها ولكن الإختلاف في اللفظ والشكل . عادةً ما يتعرض العصفور أو الطائر الصغير لترجمة الأغاني بعد فترة قصيرة من تفقيسه وبعد ذلك يجتاز هذه المراحل لتعلم ترجمة هذه الأغنية بلهجتها.

      بما إن الطيور من نفس الحضنة ( الفقسة ) تكتسب لهجات مُختلفة ومتوقفة على ذلك المكان الذي تسكن فيه إذ يمكننا القول أن جزءاً من الأغاني مُكتَسَبْ والجزء الآخر فطري .

      إلى أي حد تعتبر لغة الإنسان فطرية ؟ وإلى أي حد تكون مُكتَسَبة ؟ هذا سؤال أساسي لّّڵغويين ..

      فنداء بعض أنواع الطيور يكون بوجه عام فطري وهذا النوع لا يحتاج إلى أن يسمع أقرانه لكي يكتسب اللغة لأنه فطري التعلم ونفس الشيء مع بعض الأغاني لبعض الطيور مثل طائر الوقواق الذي يغني بغناء أقرانه حتى وإن لم يسبق له سماعه ، وأيضاً صنف آخر مثل طائر الدغناش *** فإن أغانيه مُكتَسَبة تماماً ولديه القدرة على تعلم أي أغنية حتى وإن لم تكن من نفس الصنف وهناك أصنافاً أخرى مثل الصغنج فيغني مثل أغاني أقرانه بسهولة ويستعمل اللهجة بشكل تام بعد تعلمه ويكتسب اللغة في عدّة مراحل ، مثله مثل الأطفال فإذا عُزِلَ الصغنج في مرحلة من المراحل فإنه لن يستطيع تعلم المرحلة التي تليها ومن وجهة نظر دراسة لغة الإنسان فإن العلاقة بين مظهري العزلة والإكتساب تحدده الطبيعة الإساسية لڵحن الذي يتحدد بيولوجياً أما التفاصيل فتُكتَسَب إكتساباً . العديد من اللغويين مثل " تشومسكى " يعتقد بأن الطبيعة هي أساس اللغة وتُحدَدْ بيولوجياً للجنس البشري بينما تفاصيلها التي تكون مُختلفة من  شخص إلى آخر تُكتَسَب إكتساباً ، وأما خصائص اللغة المُعتمدة على البيولوجيا فإنها من الطبيعي أن تكون مُتنوعة ومُتعددة اللغة.

      وبالرغم من التشابه الكبير مع اللغة البشرية فإن نداء الطيور وغنائها فهو يُكوّن بشكل أساسي أنواعاً مُختلفة من أنظمة الإتصال .

      وهي محددة كإشارات إتصال قابلة للبث فقط . ولذلك فهي لا تستطيع أن تُجاري العناصر الإبداعية التي تمتلكها اللغة البشرية.

*  أبو الحناء – طائر مُغرّد اوربي .

** الصغنج – طائر مُغرّد .

*** الدغناش – عصفور مُغرّد .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.