اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

عندما تتسبب السلطة في تشويه صورة الدين أو حينما يُسقط الدين الدولة// د. هاشم عبود الموسوي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

عندما تتسبب السلطة في تشويه صورة الدين

أو حينما يُسقط الدين الدولة

الكاتب المُستقل: د. هاشم عبود الموسوي

 

إن أول الأحاديث النبوية الشريفة التي سمعناها ونحن صغار هو: (بُني الدين على خمسٍ ...)، أنا اليوم أفهم هذا الحديث فهماً آخر غير الفهم الذي يشرحه مُعظم من يُسمون برجال الدين أو علماء الدين أو أئمة المساجد وحتى ممثلي الأحزاب الدينية المتربعين على سدة الحكم في بعض بلداننا، (وأخص منهم الممسكين بالسلطة في العراق، وما جروه على وطننا وشعبنا من كوارث طائفية لا ترى لها نهاية في وقت قريب). إذا تصورت الإسلام كبناء يرتكز على أعمدة، فالأعمدة هي حقاً ما ذُكر في هذا الحديث الشريف، ولكن الإسلام ليس هو الأعمدة التي يرتكز عليها البناء فقط، كما يتصور كثيرٌ من الناس نتيجة جهلهم بدينهم. فعندما أحاول أن أتدبر القرآن الكريم بفهم وتأمل أستطيع أن استخرج ثلاثة أركان رئيسية هي: الأخلاق، والعلم، والعمل. بعد أن أرى العدد الكبير من الآيات ترتكز على هذه الأركان. وقد أمرنا ألله سبحانه وتعالى باستعمال العقل الذي نعتبره نعمته الكبرى على البشر، الذي يُميزهم عن سائر مخلوقاته، فاستعماله هو بمنزلة شكر على هذه النعمة. وإذا طَلَبَ مني أحد أن أذكر الركن الرئيسي للإسلام، لذكرت العلم. لأن العلم بكتاب ألله العزيز وسنة رسوله (ص) يتضمن الركنين الأخيرين، الأخلاق، والعمل. وإني أرى بشكلٍ واضح وصريح، بأن إغلاق باب الاجتهاد والحجر على حرية الفكر كان هو السبب الحقيقي وراء إنحطاط أوضاع مجتمعنا في وقتنا الراهن.

فهل يستطيع من تبوأ منصباً قيادياً في الدولة أن يسعى إلى إزالة جزء مما ترسّب لديه من القناعات والخرافات التي علقت بفهمه للدين، والتركيز على أن العلم ركن أساسي من الدين؟ وبذلك ستعود أوطاننا إلى المشاركة في التقدم العلمي والتكنولوجي معتمدة على تطوير الفكر الذي توقف منذ أكثر من ثمانية قرون. علماً بأن هناك (750) آية قرآنية تحض على العلم واستعمال العقل في كل شؤون الحياة.

تعالوا لأعود بكم إلى سبعة آلاف عام لأذكركم بملكٍ ربما لم يسمع باسمه جهلة هذا العصر من الحكام. فهل يعرفون من هو (نرام سين)؟ وماذا كانت توجهاته في قيادة أكبر إمبراطورية في التاريخ؟

من الحقائق التي لاتقبل الشك على الإطلاق هو أن الأكديين وعلى رأسهم الملك (سرجون) قد كونوا أول امبراطورية في التاريخ شملت مساحة واسعة امتدت من جبال زاكروس شرقاً وحتى البحر الأبيض المتوسط غرباً ومن جبال طوروس شمالاً وحتى الخليج العربي جنوباً.

وإضافةً إلى ذلك فقد برز من بين الأكديين فضلاً عن الملك سرجون مؤسس الإمبراطورية، الملك (نرام سين) حيث تمكن هذا الملك من تثبيت أُسس السياسة الصائبة التي يجب أن يعتمد عليها كل ملك يطمح إلى إقامة امبراطورية.

ومما يؤكد هذه الحقيقة هو أن كل الملوك الذين أقاموا إمبراطوريات في التاريخ قد ساروا على النهج الذي رسمه الملك نرام سين والمتمثل في فصل السياسة عن الدين قبل أي إجراء آخر يجب أن يُتخذ، لأن ذلك يُجنب الملك الحاكم من إمكانية اتهامه بتحيزه لدينه على حساب الأديان الأخرى، كما أنه في الوقت نفسه يمنح مقاطعات الامبراطورية فرصة الحفاظ على معتقداتهم الدينية من دون أن تتعرض لأي تأثير خارجي.

والخطوة الثانية التي تضمنها النهج الذي الذي سار عليه الملك نرام سين ومن قبله الملك سرجون هي تبني سياسة ربط أواصر الأخوة فيما بين الأقوام المختلفة التي تحتويها الامبراطورية، لأن ذلك يسد الطريق أمام الطامعين والحاقدين من أجل إثارة الفتن وأعمال الشغب ويمنح في الوقت نفسه سكان الامبراطورية فرصة الشعور بالوحدة وعدم التفرقة.

والخطوة الثالثة تمثلت بفسحه المجال أمام القضاة ليحكموا بأسم الملك وعدّ قراراتهم لازمة التنفيذ، مضافاً إلى ذلك ربط القضاء بالسلطة المركزية وعدم وضعه تحت رحمة حكام الولايات أو المقاطعات، لأن هذه الإجراءات قد مكنت القضاء من إرساء أسس العدالة الممكنة وسد الطريق أمام حكام الولايات من استغلال القضاء لتحقيق مطامعهم الشخصية.

 

أتمنى على كل شريف تبوأ منصياً إدارياً مهماً في الدولة أن يعود ويقرأ التاريخ وليفهم الدين بعقلٍ واعٍ ومتفتح من أجل أن نبقى على قيد الحياة.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.