اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

إشكالية اندماج المهاجرين في المجتمعات الجديدة// د. هاشم عبود الموسوي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

إشكالية اندماج المهاجرين في المجتمعات الجديدة

د. هاشم عبود الموسوي

 

تُعتبر الهجرة خاصية إنسانية سكانية تتمثل في الانتقال من مكانٍ إلى آخر بحثاً عن حياةٍ أفضل أو هروباً من وضعٍ سيء. هذه الخاصية الديموغرافية والمتمثّلة في حق التنقّل، تم الاعتراف بها دولياً من أكثر من ربع قرنٍ ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقد وضعت برامج وتم تحويلها من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لحل مشاكل المهاجرين. ومن ناحية اقتصادية يُمكن أن يكون للهجرة المنظّمة ردوداً إيجابية كبيرة سواء على المجتمعات المُهاجَر منها أو المُهاجَر إليها، بما في ذلك نقل المهارات وإثراء الثقافات. وتُشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عدد المهاجرين في العالم وصل إلى أكثر من 200 مليون شخص. ولكن بقدر ما يُسهم المهاجرون في بناء المجتمعات المستضيفة بقدر ما يمثّل ذلك خسارة موارد بشرية للدول المُهاجَر منها أي ما يُعرف بهجرة العقول والكفاءات. كما أن الهجرة قد تسبب في خلق توترات سياسية واقتصادية أو اجتماعية في البلدان المُهاجر إليها وبضمنها نمو المستوطنات الغير رسمية ذات المستوى المتدنّي للسكن البشري وهو ما جعل موضوع الهجرة الدولية ينتقل إلى صدارة الاهتمامات الوطنية والدولية.

 

تدفق المهاجرين إلى الدول الغنية يحمل في طياته مشاكل كثيرة بينها البطالة وصعوبة الاندماج،  إضافة إلى حرمان بلدانهم الأم من كفاءات نادرة، واللجنة الدولية للهجرة تُطالب بسياسة جديدة، لكن الحل الأكثر عملية يتطلّب سلوك طريقٍ آخر.

 

أفاد تقرير اللجنة الدولية للهجرة GCIM إلى أن عدد المهاجرين في العالم وصل في الوقت الحاضر إلى 200 مليون نسمة مقابل 75 مليوناً قبل ثلاثين سنة. ويتوقع التقرير الذي تم عرضه في برلين اتساع ظاهرة الهجرة خلال السنوات القادمة. وفي هذا الإطار برز التزايد المضطرد في عدد المهاجرين من الدول الأفريقية والعربية منذ أكثر من عقدين. ويُشير إلى أنّه في الوقت الحاضر يتوجه آلاف الأفارقة يومياً إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط الشمالي قاصدين أوروبا ومتحملين عناء الصحراء الكبرى الذي يؤدي بعددٍ منهم إلى الهلاك. أما الاتساع المذكور فيعود بالدرجة الأولى إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في هذه الدول على خلفية غياب الحريات وانتشار الفساد والتسلط السياسي والدكتاتوريات.

 

مشكلة الاندماج:

يتوجه معظم المهاجرين في عالمنا إلى الدول الغنية، وفي مقدمتها دول شمال أمريكا واستراليا والاتحاد الأوروبي، ويعود اختيارهم لهذه البلدان إلى سعيهم لإيجاد فرصة عمل تساعدهم على تحسين مستواهم المعيشي. غير أن غالبيتهم تُعاني هناك من صعوبات كثيرة على صعيد الاندماج في مجتمعاتهم الجديدة وفي سوق العمل فيها. ويبرز من بين هذه الصعوبات ضعف مستوى التأهيل مقارنةً بالمستوى السائد في الدول الصناعية الغنية. ويزيد من تعقيد الأمور ظاهرة التمييز العلني والمبطن ضد المهاجرين وأبنائهم، بسبب ازدياد حدة البطالة في هذه الدول. ولعل خير مثال على ذلك هو ألمانيا التي تعاني هذه الأيام من نسبة بطالة عالية وصل تعداد الذين يعانون منها إلى خمسة ملايين. ونظراً إلى صعوبة إيجاد عمل حتى بالنسبة للألمان، فإن الكثيرين منهم ينظرون إلى المهاجر أو أبنائه كمنافسين لهم في سوق العمل الآخذة بالتراجع. ومن شأن ذلك أن يولّد حساسيات ويُساعد على شيوع أحكام مُسبقة تقف عائقاً أمام اندماج القسم الأكبر منهم من المهاجرين في مجتمعهم الجديد وتنميته.

 

وحين يشعر المهاجر ولفترة طويلة بأن إقامته مؤقتة، فهو لا يسعى إلى تكييف محيطه وبيئته السكنية بدرجة مقبولة، حسب احتياجاته الاجتماعية والعائلية، وتبعاً لمقدرته الاقتصادية المحدودة، وفي الغالب يكون التحسين أو الارتقاء بالمأوى في حدودٍ ضيقة، وذلك لعدم قدرته على دفع نفقات التحسين. كما لا يشعر القاطن المُهاجِر بالاستقرار في المنطقة والأمان من حيث عدم امتلاكه لوحدة الإيواء.

 

والذي نُريد أن نقوله هنا هو أن نظرة المُهاجرين أنفسهم أثناء إقامتهم الفعلية في موطنهم الجديد، وتقويمهم لتلك التجربة التي يمرّون بها وبخاصة فيما يتّصل بعلاقتهم بالمجتمع الأصلي الذي نزحوا منه، ومدى ارتباطهم به، ونوع هذه العلاقات والروابط التي لا تزال كلها بحاجة إلى مزيد من الدراسة المتعمّقة عن طريق الاتصال المُباشر وتطبيق مناهج وأساليب البحث الأنثروبولوجي. ومثل هذه الدراسات خليقة بأن تكشف لنا عن جوانب إنسانية قلّما يُعطيها الباحثون ما تستحق من عناية واهتمام. والدراسات التي أجريت في الخارج، كلها تكشف عن قوة الرابطة التي تربط بين هؤلاء المهاجرين وأوطانهم الأصلية، وعن صدق الرغبة في العودة إلى الوطن.. وإن كانت هذه الرغبة لا تتحقق بالفعل في كل الحالات بل وقلما يبذل المهاجرون جهوداً حقيقية لإخراجها إلى حيز التنفيذ..

 

وقد يُفلح عددٌ منهم في تحقيق ذلك بعد أن يكونوا قد حققوا أهدافهم من الهجرة، أو نتيجة لتغيير الظروف في المجتمع الأصلي وزوال الأسباب والعوامل التي دفعتهم في الأصل إلى الهجرة، أو لعدم رغبة المجتمع المُضيف في الاحتفاظ بهم. نتيجة لبعض الأزمات الاقتصادية التي يُعاني منها. أو بعدما يكون قد استنفذ هو نفسه أغراضه منهم.

 

وعلى أي حال، فإن مثل هذه الدراسة تحتاج إلى مناهج وأساليب تختلف تماماً عن الأساليب السوسيولوجية والإحصائية التقليدية المتّبعة حالياً في مُعظم الدراسات التي بأيدينا، وتتطلب الاتصال المُباشر وتوطيد الثقة المتبادلة بين الباحث والأشخاص أو الجماعات الذين يُجري عليهم دراسته.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.