اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

ثلاثة أنظمة مختلفة وهي في توازن وتكامل وتتحكم في حياتنا// د. هاشم عبود الموسوي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

ثلاثة أنظمة مختلفة وهي في توازن وتكامل وتتحكم في حياتنا

(ملاحظات أولية)

د. هاشم عبود الموسوي

 

من السمات الأساسية للوجود الانساني وتطور الفكر البشري هو وجود التوازن والتكامل بين النظام الهندسي والنظام الطبيعي وفي آن واحد. يظهر هذا التوازن كعلاقة شد بين الظاهر والخفي، الثابت والمتغير، البسيط والمعقد،المحدد واللانهائي،الحقيقي والخيالي فالانسان بطبيعته يحتاج الى النظام الهندسي الحقيقي والمادي والثابت والمحدد لتكوين نظامه الوجودي حيث يستطيع ان يعرف نفسه ويحدد اتجاهه ضمن هذا النظام ولكنه في نفس الوقت يدرك وجود النظام الطبيعي المثالي والأزلي واللانهائي والذي يلبي حاجاته الروحية في فهم الكون والظواهر الطبيعية المختلفة. وعلى الرغم من ان الدراسات الفكرية والعلمية قد اثبتت محدودية النظام الهندسي وعدم وجود فكرة الحقيقة المطلقة الا ان هذا النظام بصفته المحدودة وغير الشاملة يبقى اساسيا كنقطة انطلاق. ان القيم القياسية تبقى ذات اهمية كبيرة في صياغة النظام والتجانس في بيئة الانسان وحياته،ولكنها تصبح عاجزة عن الابداع والتقدم بدون تكاملها مع القيم اللاقياسية. ان هذا الاتجاه من الدراسة ينظر الى اي ظاهرة طبيعية او عنصر من عناصر الحياة او الوجود على انه يحمل في داخله خصائص النظام الكلي الذي جزء منه هو نظام خفي يربط بين الجزء والكل.

 

النظام الطبيعي يرتبط هذا النظام بالطبيعة والكون وينعكس من خلال الظواهر والاشكال الطبيعية، والتي تبدو وكأنها ظواهر وأشكال فوضوية غير منتظمة. ان العديد من الدراسات الحديثة في الرياضيات والهندسة والفيزياء تتجه لدراسة هذا النظام ومحاولة تحديد السمات العامة له وذلك بسبب تكون الاحساس الأكيد بأن اشكال هذا النظام ليست اشكالا عفوية قائمة على الصدفة بقدر ما هي ذات نظام معقد ودقيق لا تستطيع الهندسة التجريدية البسيطة من اكتشاف قوانينه الخفية ([i]).

 

استنادا الى دراسات عدد من الباحثين فأنه يمكن تحديد بعض سمات النظام الطبيعي بالنقاط التالية ([ii]):

 

أولا: يتسم باللانهائية فليس له حدود لأصغر جزء ولا لأكبر نظام أو شكل في الطبيعة أو الكون.

 

ثانيا: يفتقد الى فكرة القياسات التي تظهر في النظام الهندسي التقليدي، فهو يعتمد على مبدأ العلاقات ويظهر درجة واحدة من التعقيد مهما كانت درجة البعد او القرب،حيث يحتوي على ما لانهاية من العناصر وبمختلف المقاييس.

 

ثالثا: يظهر بصورة متكاملة من اي مستوى يلاحظ منه،فهو متكامل بحد ذاته ويتكون عادة من اجزاء اصغر ولكنه في نفس الوقت يمثل جزءا من نظام اكبر.

 

رابعا: الأنظمة المعقدة والأنظمة البسيطة وبمستويات مختلفة تظهر نفس الأشكال ونفس العلاقات والذي يعكس وجود قانون كوني عام وشامل.

 

يدرك هذا النظام ويطور بصورة غير واعية كتحسس وادراك للعلاقات والأشكال الكونية في الطبيعة، يعكس هذا النظام وجود أزلية عالية وقوانين خالدة تحمل قيم روحية ([iii]).

 

النظام الهندسي يرتبط هذا النظام بالطريقة العقلانية للتفكير ويعبر عنه بالأشكال الهندسية المجردة، وبالعلاقات الرقمية المجردة ويستند هذا النظام على الهندسة الاقليدية حيث يفترض ان مسلمات هذه الهندسة هي حقائق مطلقة ونهائية، فهي ليست فرضيات في المنطق قابلة للنقاش والتطوير او معلومات يمكن تغيرها مع الزمن نحو فهم افضل للظواهر الطبيعية والكونية ([iv]).

 

يدرك هذا النظام ويطور بصورة واعية وهو يعتمد طريقة التفكير العمودي والمنهج التحليلي، حيث يقسم الكل الى اجزاء يتم دراستها بصورة منفصلة ومنعزلة. هذا النظام نظرا لكونه محدد ويفتقر الى الخيال فهو يعتمد الطريقة الاستنتاجية كعلاقة مباشرة وحتمية ([v]).

 

النظام في العمارة والتخطيط العمراني

عن النظام الطبيعي: Schulz على هذه القيم يعبر مصطلح (Topological) وهو يستند في ذلك على دراسات (Piaget) ويؤكد على انها الأساس في تكوين النظام في البيئة وانها تستبق العلاقات الهندسية التي يطورها الانسان فيما بعد لكي تخدم اغراضا اخرى ذات اهداف اكثر خصوصية.

 

حيث تمثل العمارة العضوية للمدن العربية الاسلامية احد النماذج الواضحة للنظام الطبيعي في العمارة، إذ يظهر التخطيط العام للمدينة اشكالا عفوية ذات تطابق عالي مع اشكال الطبيعة، تنتج هذه الاشكال عادة عبر تراكمات زمنية وتخضع في تكوينها لسمات النظام الطبيعي اكثر من خضوعها للقوانين الهندسية.

 

هذه ملاحظات ومقدمات مقتضبة.. أرجو من الدارسين في هذا المجال الخوض فيها بشكل أوسع، من أجل الوصول الى إستنتاجات عملية، يعتمد عليها للخوض في دراسات تطبيقية معاصرة.

 

([i]) Cleick, James, (1988), Chaos: Making a New Science, Penguin Books.

 

([ii]) Bohm, David and Peat, F.David, (1989), Science, Order and Creativity,Routledge,London.

 

([iii]) Ardelan, N. and Bakhtiar, L., (1979), The Sense of Unity, Publication of the Center for Middle Eastern Studies.

 

([iv]) Ivins JR, W.M.,(1964),Art & Geometry: A Study in Space Intuitions, Dover Pub.,Inc.,N.Y.

 

Sans Serif

 

([v]) Hampden-Turner, Charles,(1982),Maps of the Mind, Collier Pub.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.