اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الشعر العربي المعاصر الى أين؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. هاشم عبود الموسوي

مساهمات اخرى للكاتب

              الشعر العربي  المعاصر الى أين؟

"ملف يحتاج الى مناقشة "

 

  لقد ودعنا قبل عشر سنوات قرنا ليس كالقرون السابقة ، وسميناه بالقرن القصير ، لكثرة و سرعة المتغيرات فيه الى جانب انعدام الثقة بالثوابت... فقد شاهدنا  كيف أن بنيوية الستينات أطاحت بها بنيوية السبعينات... وكمبيوتر الخمسينات الضخم  لقى حتفه على يد  ميكروكمبيوتر ،تم تطويره في الثمانينات من القرن الماضي .

  نحن البشر صنعنا عالمنا  يغص بالاحتمالات  و التوقعات و اللايقين، فأصبحتا نخشى النجاح، مثلما نخشى الفشل، بل أحيانا فضلنا الفشل.

   ثم استدرجنا التعقيد الى شباكه ، حتى كاد يتجاوز قدراتنا على الحل ...وفي مثل هذا العالم المغاير و المثير، أصبحنا جوعى للحكمة و المعرفة أكثر من ذي قبل ...وحاولنا كثيرا أن نرتد قليلا

لنسترجع مع عقلنا الأول... و بعدما أصبحت اسطورة عقلنا هي البحث عن  لاعقلانيته ، لنفهم لغز حداثتنا ، وما بعد حداثتنا وما تبعتهما من توجهات فكرية و ثقافية.

  وفي وقتنا الراهن تعالت الأصوات ، تنادي أن يكون الشعر متاثرا

بالثورة الرقمية ، وأن يلبس شكلا ومضمونا جديدين !! ..

    وأنا المتحمس لاستثمار ايجابيات هذه الثورة الرقمية في التعليم و التخطيط و التصميم لوضع برامج تنموية في مختلف نواحي الحياة

بقيت متحيرا في تصور الصيغة و المضمون  الذي يجب أن يكون عليه الشعر ، مثلما يطالبون به ، ومثلما يريدون .

     نعم لقد لاحظ الكثير من شعراءنا الكبار في منتصف القرن الماضي، عدم توافق الشعر العربي المعاصر ( آنذاك ) ، مع ضرورات  قديمة لنظم البيت الشعري التقليدي  ذو الشطرين المتماثلين، وكأنه يمثل مبنى ديني ، فجربوا الشعر الحديث ثم  النثري ، وقد نجح عدد كبير منهم  نجاحا مبهرا .. وظل السؤال مفتوحا هل كانت هنالك لغة وشكلا و مضمونا  موحدة  وثابتة للشعر .. وهل هذه كلها  ملائمة للوضع المعاصر أكثر من غيرها ؟

ومنذ مطلع القرن التاسع عشر و السؤال لا زال يتكرر: بأي اسلوب على الشعراء أن يصيغوا شعرهم  ؟ .

   لقد سبق وأن أنصف " كانط " الشعر عندما اعتبره ، هو أقدر الرسائل على اجتذاب العقل ، وهو أفضل الفنون التي تساعد في الجمع بين العقل والتعبير .. والشعر كان ولا زال يمثل ظاهرة فريدة ، فكلما قل لفظه ، زادت قدرته على التعبير .. وقد استطاع الشعر أحيانا أن يفلت من قيود اللغة ، ومن قيود المنطق ، ليسمو بخياله ، ومجازه الى ما يعجز غيره عن الوصول اليه.

    وقد أفرط "نوفاليس" في حماسته للشعر، فراح يعلن أنه لا يهتمالا بالشعر ، ويجب اضفاء الشعرية على كل العلوم .

   وبعيدا عن هذا التطرف و المبالغات  ، فأنا أعتقد بأنه لم يعد هناك شك أو جدل ، في موضوعة ، أن الشعر هو طليعة اللغة ، واللغة هي طليعة المعرفة .. وأجزم أيضا أنه من الكفر اعتبار الشعر هو ضربا من الرفاهية الوجدانية ، ويلجأ اليه الشعراء ومتذوقيهم بحثا عن السلوى  والتسامي ، وربما يكون قد حدث ذلك فعلا في قصور بعض الأمراء و السلاطين  و بعض الحكام الظالمين.. ولكن لم ذاك هو هدفه النبيل .

    ومنذ العصور الأولى للبشرية ، عندما تم تنفيذ رسوم الكهوف ونقوش المعابد وكتابات ألواح الطين  وحتى يومنا هذا عندما وصلنا الى رسوم الكمبيوتر وفنونه الذهنية والخيالية  ، كانت هنالك علاقة شائكة بين  الفن والتكنلوجيا .. فأحيانا يكونا متوافقين  وفي غيرها يكونا على خلاف حد القطيعة  .. وهنالك من قال : أنه لا يوجد فن راقي دون تقنية راقية ، وهنا أريد أن اؤكد على أن الشعر هو ضرب من ضروب الفن  .. وقد وصل الحد ببعض التقنين بأن رأوا في الفن بأنه عملا غير جاد ، ونظروا الى الفنانين ومنهم الشعراء

كنوع من الطفيليات الأجتماعية ، وهم يروجون للفوضى والتلقائية

ويثيرون الرغبات الجامحة على حساب سيادة العقل .

 

وظل الفن ينفر أحيانا بشدة  من المادية المقيتة للتكنلوجيا و برغماتيتها الصارمة ، ويرى فيها تناقضا جوهريا مع ما يتحلى هو به من رهافة وحساسية ، مع نزوعه الدائم نحو المجرد و احتفائه بالغامض ، ورضاه بسكنى الجوار مع المستحيل .

    لقد انتاب التكنلوجيا المعاصرة و أصحابها الغرور .. فراحوا  يحاولون أن يطأوا بأقدامهم الثقيلة أراضي الفنون اللينة  ويسعون الى محاكات ابداعها ، وتهميشها ، محاولين سلب جماهيرها منها ، والعبث بتراثها ونتاج ابداعها .. ومن هنا دعى بعض المتمسين للثورة الرقمية الى جعل الشعر خاضعا لتأثيراتها .

    تنحاز ثقافة المعلومات  وعولمة اعلامها بشدة الى ثقافة العامة   على حساب ثقافة  النخبة  ، مما يثير قلق الفن ( و الشعر بضمنه ) على مصير طليعنه المبدعة .

   لا شك وان ارتقاء الفنون في كل المجتمعات الانسانية  يتماشى مع ارتقاء و تطور معتقداتها  و ممارساتها الدينية والسياسية والثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية و أيضا التربوية . وعندما نتبع تطور الفنون  وبضمنها الشعر الراقي ، فاننا نتتبع طموحات الشعوب و أحلامها  و رؤيتها ومعتقداتها الاساسية أو فلسفتها العامة

حول الكون و الانسان والحياة .

   وأخيرا في ضوء كل المناحي المعرفية يكون المتلقي الذي تتوافر لديه خلفية في فهم المعلومات الجمالية  هو الذي سيكون قادرا فقط على تذوق الاعمال الفنية ، وتكون هذه المعلومات محددة في ضوء العلامات والرموز و التمثيلات  والصور التي تظهر في عمل معين ، ومرتبطة كذلك باسلوب فني معين ،او فترة فنية معينة ، فالمتلقي الذي توجد لديه مخططات معرفية مملوءة بالتفاصيل المناسبة

( التمثيلات المعرفية ) الخاصة بعمل فني معين او أكثر ، هو فقط الذي يكون قادرا على تذوق هذا العمل و تفضيله .

     وفي النهاية ليكون سؤال البداية  : من أين نبدأ ؟

     راجيا أن يكون هذا السؤال انطلاقة لنقاش مثمر .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.