اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• "المدن الخضراء" والفقرة المتيسرة والمفقودة في عقودنا مع المستثمرين الأجانب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د.هاشم عبود الموسوي

مساهمات اخرى للكاتب

        "المدن الخضراء" والفقرة المتيسرة والمفقودة

                          في عقودنا مع المستثمرين الأجانب

 

وصلتني دعوة هاتفية من أحد الأصدقاء العاملين بالتدريس في جامعة عراقية للمشاركة في مؤتمر علمي ينعقد تحت شعار "الغطاء الأخضر ضمان لبيئة نظيفة". ورغم أن المنظم لهذا المؤتمر هو كلية العلوم في تلك الجامعة وليس أحد أقسام العمارة في كليات الهندسة. فرحت أن يعود الإهتمام بالغطاء الأخضر لمدننا المُنهكة من عوادي أزمان وأحداث قاهرة ... وكنت أتمنى أن أكون قد علمت عن إنعقاد هذا المُؤتمر بشكل مُبكر ... لاستطعت أن أعدّ بحثاً يليق بعنوان المؤتمرعن جماليات المُدن وبيئتها الخضراء وتوجهات التحضر المطلوبة لمدننا التي لم تعد صديقة للبيئة ... ولكني وجدت نفسي مُندفعاً للإسراع لتنقيح أحد مسودات الدراسات التي كنت أعددتها مع أحد الزملاء عن المقومات البيئية الواجب إتباعها في المدن الصناعية المزمع تشييدها في العراق.

وبالفعل تم تقديم هذه الدراسة المتعجلة وقُبلت للإلقاء ضمن جلسات المؤتمر ... أنا شخصياً لم أستطع المشاركة بالمؤتمر ، لزحمة الأعمال المُتراكمة لدي في مكان إقامتي الجديد.

لكنني فوجئت بأن البحوث العلمية المُقدمة لهذا المؤتمر رغم أهميتها وقيمتها العلمية إلا أنّها لم تتطابق بتوجهاتها مع عنوان المؤتمر.

ومن أغرب ما وجدت في دليل منهاج المؤتمر هو تحديد وتسمية المحاور الثلاثة له كالآتي:

1-    التلوث الإشعاعي وتلوث الصوت والضوضاء.

2-    تلوث المياه ، وتلوث الهواء وتلوث الغذاء.

(ولا أدري لِمَ تم تكرار كلمة تلوث؟!)

3-    التلوث الناتج من المواد الكيميائية أو الخطرة أو السامة (فأين هو الغطاء  الذي سيكون ضمانة لبيئة نظيفة ؟؟!)

ولم يكن هنالك أي محور يخص الغطاء الأخضر. وقد خيّل لي عند قراءتي لعنوانه أن المؤتمر كان يُراد له أن يتوجه بالدراسات عن سُبل تؤدي إلى معالجة النقص في الغطاء الأخضر بالمدن الجرداء ... بما يتلائم ذلك في سعينا وراء المُحافظة على البيئة وتعديل المناخ المحلي وتلطيفه وعلى تحسين التربة وزيادة خصوبتها وعلى منع التلوث وحدوث العواصف الغبارية ، وكسر حدة الرياح والتقليل من الضجيج والأصوات المُزعجة التي باتت تنبعث من المولدات الكهربائية الخاصة في كل بيت وحي من أحياء مدننا ، بالإضافة الى الناحية الجمالية والتنسيقية والإقتصادية.

        وليس خافياً على أحد ما للنباتات من وظائف بيئية في تنمية المُدن ... وعدم وجودها أو قلة إعدادها في أي منطقة يؤدي الى خلل في التوازن البيئي في تلك المنطقة ويمكن تلخيص هذا الدور في النقاط التالية:

أ‌-       تقليل التلوث ، حيث تعمل النباتات على زيادة نسبة الأوكسجين في الجو من خلال عملية التمثيل الضوئي التي يقوم  بها النبات بإمتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون وهو من أهم مسببات التلوث وإطلاق غاز الأوكسجين وهذه العملية التي هي بداية للسلسة الغذائية لجميع الكائنات الحية.

ب‌-  تلطيف الجو عن طريق عملية النتح وتحسين المناخ فوجود النباتات في مكان ما يؤدي إلى خفض درجة الحرارة وخاصةً خلال فصل الصيف.

ج‌-    تخفيف وهج أشعة الشمس وإنبهار الأعين من الضوء الشديد. حيث تعترض أوراق الأشجار أشعة الشمس فتمتص جزء منها وتعكس البعض الآخر من الأشعة.

د- المساهمة في إمتصاص الأصوات وتخفيف حدة الضوضاء وخاصة بالأماكن المُزدحمة في المدن.

هـ- إيقاف زحف الرمال والحد من ظاهرة التصحر.

و- حماية التربة والحد من مشكلة تعرية التربة وإنجرافها بفعل عوامل التعرية كالرياح والمياه.

ز- حماية المدن من الرياح الشديدة وكسر حدتها.

        وهنالك وظائف بنائية (هندسية) لبعض النباتات حيث تعمل على القيام بوظيفة بعض المنشآت البنائية مثل زراعة مجموعة من نباتات الأسيجة متقاربة من بعضها لتكوين أسوار نباتية تؤدي الغرض الذي تقوم به الأسوار البنائية وذلك لعزل الحديقة أو لتحديد وتقسيم مساحات معينة أو فصل أجزاء الحديقة عن بعضها البعض أو لحجب المناظر غير المرغوب فيها. بالإضافة إلى تحديد المشايات والطرق في الحديقة بزراعة نباتات الأسيجة على جوانبها لتوجه الزائر بإتجاه معين. كما تُستَخدم في تكملة أجزاء أو فراغ في وحدات من المنازل وذلك لربط الحديقة بالمنزل أو لتعمل على تكوين إطار لإبراز مجسّم أو منشأ بنائي معيّن. بالإضافة إلى تغطية عيوب المباني أو عمل تعديل وهمي لأشكالها وإرتفاعاتها.

         وحيث يتأثر وطننا بعوامل مناخية مُتعددة عالمية وإقليمية ومحلية ، وأهمها إتساع الصحاري الداخلية وإمتداد العروق الرملية ، وإرتفاع درجات الحرارة الى أكثر من 45 درجة في فصل الصيف وفد تتخطى الخمسين ، بالإضافة إلى الجفاف والعطش وقلة مياه الأمطار والينابيع والآبار في أكثر مناطق العراق وإنخفاض الرطوبة الى حد كبير ، وقلة وخصوبة التربة ، وارتفاع نسبة الأملاح فيها وافتقارها الى المادة العضوية بالإضافة إلى سرعة الرياح وما تُثيره من غبار مُحدثة العواصف الرملية ... وهناك الكثير مما يجب أن يُقال في هذا المجال ... ولكنني وددت أن اتحدث هنا عن فقرة جوهرية ، سهلة التطبيق يمكن لها أن تُحدث قفزة نوعية في تكوين تصور واندفاع مجتمعي مُشترك لجماليات المُدن وبيئتها الخضراء.

المقترح المهم:

        من الملموس وبسبب الوضع المتخلف لصورة المُدن العراقية فإن الكثير من الشركات الإستثمارية الأجنبية ، تُبدي رغبة كبيرة للمُشاركة في إعادة الإعمار في العراق  ... ومن خلال تنافسها بتقديم عروضها للحصول على عقود  ، لتشييد مشاريع ومباني في مختلف أنحاء المُحافظات ، فلا بد لنا من الإستفادة من هذه الفرصة بإلزام هذه الشركات المُنفذة بوضع تصاميم حدائقية في داخل وخارج المواقع التي تنفذ مشاريعها عليها وبمحيط محدد ... شرط أن يبدأ الإنبات مع البدء بتنفيذ المشروع ،  لتكون النباتات قد نمت بالشكل المطلوب مع موعد تسليم المشروع.

        ومن الإيجابيات التقنية والإقتصادية لهذا المُقترح هو:

1-    ان الكلف الإضافية للتنسيق الحدائقي للموقع مع التنفيذ لا تتجاوز 3% من كلفة المشروع الكلية.

2-    بالنظر الى الصعوبات والتكاليف التي ستتحملها لاحقاً الإدارات الشاغلة لهذه المباني بعد إستلامها للمشاريع ، من حيث تحضير وتسميد الأرض وإزالة مخلفات البناء المدفونة تحت سطح الأرض ، إضافة الى عدم وجود شعبة هندسية مُتخصصة أحياناً تمتلك الخبرة المُتقدمة في التنسيق الحدائقي للموقع ... لذلك فإن التعاقد مع الشركات الأجنبية على هذه الفقرة هو أكثر جدوى ، وأقل كلفة ، وأجود من ناحية النوعية وكذلك بالتأسيسات المائية للسقي التي لم تبرمج ضمن إحتياجات المشروع واحتساب كمية المياه المطلوبة له. 

3-    لاشك وإن العنصر الجمالي في المواقع المُنسقة حدائقياً بشكل مسبق ، يضفي عنصر الطبيعة والجمال على المُنشآت والمرافق ويكسر من حدتها وصلابتها ، ويبعث البهجة في نفوس شاغلي هذه المشاريع ، ويزيد من قدرتهم على الإنتاج ويهذب كثيراً في طباعهم.

 

ما يجب مراعاته:

ومن أهم ما يجب مراعاته عند التعاقد على هذه الفقرة ، هو إختيار أنواع الأشجار التي سيتم التنسيق والإنبات بها ، سواء كانت محلية أو مستوردة مُدخلة ، والتي يجب أن تتوفر فيها الصفات التالية:

1-    أن تكون من الأنواع المعمرة التي لها مقدرة عالية على تحمل الظروف البيئية المحلية للمنطقة التي تُزرَع فيها من حيث إرتفاع وإنخفاض درجات الحرارة والجفاف والرياح والملوحية وغيرها.

2-    أن تكون لها مقاومة عالية للإصابة بالآفات الحشرية والمرضية أو الديدان الثعبانية.

3-    أن تكون سريعة وكثيفة النمو وذات تفرع غزير.

4-    أن يكون لها مجموع جذري قوي مُتعمق وغير منتشر أفقياً حتى لا يعوق نمو النباتات الأخرى ولا يؤثر على المُنشآت المُجاورة.

5-    أن يتناسب طبيعة نموها وشكل تاجها وإرتفاعاتها مع المكان الذي تُزرع فيه والغرض من زراعتها.

6-    أن تكون شتلات النباتات بحجم وعمر مناسب عند الزراعة لضمان نجاحها وحالتها الجيدة من حيث النمو الخضري والجذري وسليمة من الكسور والإصابات بالآفات.

7-    أن تكون مرغوبة ومتوفرة محلياً وتحتاج الى أقل عناية وتكاليف ممكنة خلال فترة زراعتها ونموها.

8-    أن تكون لها القدرة على التكاثر ولها إنتاج وافر من البذور للإستفادة منها مُستقبلاً في برامج التربية والإنتخاب.

        ومن المجموعات النباتية التي يمكن إختيارها في هذه العقود نقترح على الجهات الرسمية ذات العلاقة أن تهتم بها ما يأتي:

·        أشجار النخيل وأشباهها

·        أشجار الزينة

·        الشجيرات     

·        الأسيجة النباتية

·        المتسلقات والمدادات

·        النباتات العشبية المُزهرة

متمنياً الإستفادة من هذا المقترح .. من قبل الوزارات والمؤسسات المعنية ، واللجان الإستشارية المختصة والله ولي التوفيق.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.