اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

هل أزاحة نوري المالكي تحلّ مشاكل العراق؟ -//- يوسف أبو الفوز

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

يوسف أبو الفوز

هل أزاحة نوري المالكي تحلّ مشاكل العراق؟

في الاونة الاخيرة بدأت تزداد الكتابات والدعوات لتنحية ـ البعض يقرأها أسقاط ـ نوري المالكي عن رئاسة الحكومة العراقية، والامر يتعلق بالاوضاع التي وصلها العراق، خلال فترة ادارته لمجلس الوزراء، في دورتين انتخابيتين للبرلمان، بدأها عام 2006، حيث تزداد الاوضاع الامنية تدهورا، فالدائرة الجغرافية للعمليات الارهابية اتسعت، واساليب الارهابين في تنفيذ اعمالهم، التي تحصد ارواح العراقيين بدون تمييز بالطائفة او القومية، تطورت، وكل ذلك مصحوب بسوء ادارة الدولة واستشراء الفساد الاداري والمالي في كل مفاصلها، يرافقه تخبط الحكومة وسياسة التسويف والتلكؤ في حل المشاكل والقضايا العالقة، ومعها يتفاقم الصراع السياسي بين الاطراف المتنفذة وتتعمق الهوة فيما بينها مما يغذي سياسة التصعيد الطائفي، في لعبة كر وفر لا تنتهي، بينما المواطن العراقي المهمش وذو الدخل المحدود، والضحية الاولى لنشاط الارهابيين، يعاني الويل من عدم توفير الخدمات وفي المقدمة منها الكهرباء، رغم كل الوعود المقدمة من المالكي، الذي يحمل من الالقاب في ادارة الدولة ما يفوق اي حاكم اخر في المنطقة، فهو رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، ويدير بالوكالة وزارات، الدفاع والداخلية ومعها والى جانبها عدد لا يستهان به من مؤسسات الدولة ومنها مؤسسات امنية !

لا يمكن التغاضي أيضا عن انه وفي ظل التطورات الجارية في عموم المنطقة، والتداعيات في مجمل الاحداث، فأن هناك دعوات مكشوفة لاسقاط المالكي من قبل اطراف تستند الى دعم اقليمي هدفها الاساس اسقاط العملية السياسية في العراق ، هذه الدعوات صارت مكشوفة الى درجة ان اصحابها لا يملكون القدرة للتستر على انفسهم ودعمهم للجماعات الارهابية فصاروا حجة بيد نوري المالكي وانصاره ومبررا دائما لكل ما يجري في العراق، مما جعلهم لا يكلون من الحديث عن المؤامرة ، التي تهدف عبر عمليات ارهابية واشاعة عدم الاستقرار والفوضى، القيام بعمل انقلابي والعودة الى النظام السابق .

السؤال الذي يتكرر في البال، وتصدّر هذا الكلام : هل تنحي نوري المالكي عن مواقعه  الحالية يحل مشاكل العراق؟

ايام محاكمة الديكتاتور المقبور صدام حسين، دعيت شخصيا، الى جانب كثيرين، الى ألا تتم محاكمة المجرم صدام حسين كفرد، بل ان تتحول محاكمته الى محاكمة للنهج والفكر "القومانجي" الشوفيني ــ وهذا غير الفكر القومي ــ الذي انتج النظام الديكتاتوري، ووفر الفرصة لمجرم دموي سادي اسمه صدام حسين ان يكون على رأسه، فربما كان يمكن ووفقا لطبيعة الصراعات والتوازنات داخل حزب البعث العربي الاشتراكي الفاشي، ان يكون المجرم صالح مهدي عماش او المجرم ناظم كزار او اي من الاسماء المجرمة الاخرى، لان تتولى المراكز الاولى، فتسعى لتنفيذ سياسات هذا الفكر "القومانجي" الشوفيني الشمولي. ومن بعد التغيير في عام 2003 ، استبشر العراقيون واصدقائهم خيرا وأملوا مجيء نظام سياسي مختلف، يؤمن بالديمقراطية والتعددية والعدالة الاجتماعية ويبني دولة القانون والمؤسسات الدستورية، يضمن الفصل بين السلطات، تأمين استقلال القضاء، وتفعيل مبدأ المواطنة ومساواة المواطنين أمام القانون وضمان تمتعهم بحقوقهم وحرياتهم العامة والخاصة، كما جاءت في الدستور ولائحة حقوق الإنسان الدولية ، لكن سلطات الاحتلال ، التي كان لها اليد العليا في أزاحة نظام الديكتاتور صدام حسين، زرعت وصنّعت لنا نظام على اساس المحاصصة الطائفية والاثنية، الذي جاء ، ضمن ماجاء به ، بنوري المالكي الى سدة السلطة !

حين بدأت مسيرات الاحتجاج في البلدان العربية، وما عرف بـ "الربيع العربي" كان الشعار الاساس، الذي سرى كالنار في الهشيم، هو "الشعب يريد اسقاط النظام "، فالشعوب المقهورة ومن خبرتها التأريخية تدرك جيدا، أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك او اليمني علي عبد صالح وغيرهم ، لم يكونوا سوى رؤوس هرم لانظمة فاسدة، أستباحت كرامة الناس والبلاد وانتهكت القوانين السماوية والارضية. وفي العراق حين بدأ المسيرات الشعبية والشبابية الاحتجاجية، رفعت شعار "الشعب يريد اصلاح النظام"، اذ كان شباب العراق  يدركون جيدا ان ثمة خللا لابد من اصلاحه في العملية السياسية وهو ما ينتج كل مصائبهم، ومؤخرا نشر بعض المثقفين رسائل اعتذار من الشعب العراقي لخصها الكاتب عدنان حسين بقوله " أعترف بانني أخطأت إذ كتبت في الصحف والمجلات التي عملت فيها خارج الوطن، وإذ قلت في الندوات والمؤتمرات واللقاءات التلفزيونية والاذاعية، ان النظام الذي تشكّل بعد 9 نيسان 2003 سيكون أحسن من نظام صدام ... أعترف بانني اخطأت في دفاعي المستميت عن هذه الفكرة، فيومها لم أكن أتخيل ان العراق سيشهد نظاماً سيئاً كنظام صدام" !

خلاصة القول، ان السيد نوري المالكي، جاء وفق صفقات معادلات المحاصصة الطائفية والاثنية، التي بني عليها نظام الحكم الجديد في العراق، وان تمت تنحيته او ازاحتة او اسقاطه ــ كما يريدها البعض ـ ، فأن من يخلفه ــ من اية جهة كانت ـــ ان جاء وفقا لنهج المحاصصات والتوظيف السياسي للدين، فأنه سوف لن يختلف كثيرا عنه، وان كان ففي بعض التفاصيل، وعندها ستستمر معاناة العراقيين ويستمر نشاط الارهابيين، ويتواصل ندم المثقفين  واعتذارهم .

ليس امام العراقيين، الحريصين على مستقبل العراق، والاجيال القادمة، سوى السعي والعمل بجد ومسؤولية لاجل احداث التغيير الحقيقي باتجاه بناء الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، دولة القانون الحقيقي والمؤسسات الدستورية وفقاً لقواعد المواطنة والكفاءة والمهنية والنزاهة وتكريس الوحدة الوطنية، وبدون ذلك فكل كلام ، سيكون هواء في شبك !

*     المدى البغدادية  . صفحة اراء . العدد رقم (2881) بتاريخ 2013/09/02

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.