اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يا نقادنا لو شئتم أشتومنا! // يوسف ابو الفوز

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

يا نقادنا لو شئتم أشتومنا!

يوسف ابو الفوز

اتصل بي مؤخرا احد الاصدقاء، وهو روائي معروف ، تشهد له كتبه بأتقانه لصنعته، ويعرفه اصدقائه بأرائه الواضحة وعدم المجاملة في ارائه النقدية، اتحفظ على ذكر اسمه فقط لاجنبه اي نوع من الحرج ، واترك له خيار الاعلان عن ما اورده هنا على لسانه. اذ بجهوده الخاصة وبحثه حصل على رابط اليكتروني لروايتي "تحت سماء القطب" الصادرة عام 2010 عن دار موكرياني في اربيل، وبعد اكمال قراءتها، اسمعني على الهاتف كلاما طيبا عنها، اسكرني وزاد من اعتزازي بجهودي وعملي، وجعلني ادور لايام مغتبطا ودفعني لأكتب هذه السطور!

فاذا كانت حقا رواية "تحت سماء القطب" بهذه الجودة والاهمية، التي تحدث عنها صديقي الروائي وبأطراء كبير وصادق، لم لم تنال حظها من الكتابة من قبل النقاد العراقيين والاخوة الكتاب الذين ارسلت لهم شخصيا بعض النسخ مباشرة او بواسطة اصدقاء ويشهد على ذلك الصديق الناشر مازن لطيف الذي حملته هذه المسؤولية وجعلت من ساعي بريد لي؟!

عملت بجد وانشغلت لفترة اربع سنوات مع هذه الرواية، وسبق ذلك فترة اعداد وبحث لتخرج بالشكل الذي اشاد به صديقي الروائي، والتي دفعت الصحفي الصديق جمال الخرسان ليكتب عنها عمودا صحفيا ويقول فيه (ولو كانت رسالة ابن فضلان تحظى باهمية كبيرة عند الباحثين لانها سجلت منذ قرابة الالف عام ووثقت طبيعة حياة الشعوب التي عاشت في اسكندنافيا او بالقرب منها فان رواية "تحت سماء القطب" تكتسب اهمية كبيرة هي الاخرى حاليا لانها تمثل مشروعا فريدا غير مسبوق في ذات الاتجاه، ومن الضروري ان يلتفت اليه النقاد المتخصصون لتسليط المزيد من الاضواء عليه) ـ الملحق الثقافي "اوراق" ـ المدى البغدادية العدد 1990 في 19.12.2010ـ

 فهل انتبه احد من النقاد لذلك؟

لا اريد التسويق لكتابي هنا، بقدر مايؤلمني  كون انتاج الكاتب العراقي على العموم صار لا يحضى بالاهتمام الكافي من قبل العديد من نقادنا الذين يفترض ان يتعاملوا بموضوعية مع المنتج الابداعي، وتحمل المسؤولية في التعريف به ومساعدة القراء في تلمس الطريق الى الاعمال التي يستوجب قراءتها والاطلاع عليها. فيا ترى هل الكاتب العراقي حقا بحاجة ـ كما يقول البعض ـ الى شبكة علاقات شخصية خاصة لتسويق كتاباته وافكاره؟ أكنت ـ وكما همس لي احد المعارف ـ بحاجة الى عزيمة سمك مسقوف على نهر دجلة او حفلة في مطعم فاخر ليقتنع الناقد الفلاني بجودة عملي ليكتب عنه عدة مرات لا مرة واحدة؟ هل يتطلب من الكاتب ان ان يطرق بنفسه ابواب النقاد ويتوسلهم بأشكال مختلفة ليكتبوا عن اعماله؟ وهل وصل الحال بـ "أمة اقرأ" ان تكون المحاباة والاخوانيات عند بعض نقادنا على حساب جودة الابداع الادبي؟

اؤمن من خلال تجربتي الادبية المتواضعة، وقد صدرت لي عشرة كتب ادبية، بين مجموعات قصصية ومذكرات وروايات، بأن اي كتاب، حين يدفعه كاتبه للنشر لا يعود ملكا له. لا اتحدث هنا عن الحقوق المادية بالطبع، على الرغم اني نادرا ما سمعت ان كاتبا في بلدان الشرق يعيش من موارد كتبه، وانما اقصد ما تتضمه صفحات الكتاب، فبألتاكيد ان الكاتب هو المسؤول الاول عن الافكار ورسالة كتابه، لكن عوالم الكتاب وأفكاره، والشخصيات والمعلومات، تصبح ملك نفسها، وللنقاد العالميين المحترفين نظريات بهذه الخصوص ودونكم  كمثال حركة النقد البنيوية وابرزهم الفرنسي "رولان بارت" (1915ـ 1985) ونظريتة "موت المولف" ، التي تهدف ضمن ما تهدف اليه "إلى تحرير النص من سلطة الطرف المتمثل بالأب المهيمن أي المؤلف" ، وتقول ضمن ما تقول بأن "النص له ديمومة الحياة والمؤلف له ديمومة الموت" .

كنت اتمنى جدا ان نقادنا، خصوصا في داخل الوطن، وادبائنا على العموم، أن يكتبون شيئا عن رواية "تحت سماء القطب"، حتى لو كان ضدها! وان يقولوا كلمة موضوعية بحقها، خصوصا وانها رشحت لجائزة البوكر العربية لعام 2011 ، وقال الكاتب كاروان عبد الله مدير دار النشر يومها لوكالة «أصوات العراق»: "إن الأسباب التي دفعت المؤسسة إلى طباعة هذه الرواية هي ذاتها التي دفعتها إلى ترشيحها لجائزة البوكر للرواية العربية، مشيرًا إلى أن الكاتب في عمله هذا وعموم أعماله ينتمي إلى هموم الإنسان بشكل عام، ويحمل تقديرًا عاليًا للثقافات الأخرى غير العربية». وان هذه الرواية «تحاول أن تحكي، بنفس ملحمي، عن المجتمع العراقي بتكويناته القومية المختلفة عربًا وكردًا؛ إنها تتناول، تحديدًا، تأثير المنفى والدكتاتورية والحروب في الأسرة العراقية وأجيالها المختلفة، إلى جانب تناول موضوع التلاقح الحضاري من خلال مقاربات ميثولوجية، ومناقشة قضية الانتماء والجذور".

مرارا تحرجني شادمان ـ شريكة حياتي ـ بسؤال لا اجد له جوابا : " لديك كل هذا الكم من المعارف والاصدقاء المثقفين من كتاب وصحفيين، لم لا يكتبون عن رواياتك، خصوصا ان قراء عاديين يشيدون بها ويعبرون صادقين عن اعجابهم المتواصل؟" كيف تكون اجابتي لها؟ على من اضع المسؤولية؟ على الناشر الذي لم يقم بتوزيع الكتاب بشكل جيد مما وفر للبعض حجة مقنعة للقول بأنه لم يطلع على الكتاب؟ على الصديق الكاتب الذي سلمته روايتي كهدية، فدفعني للتفكير لحظتها بسحبها منه فورا، لولا  لحظة ضعف داهمتني وخوفي من احراجه امام الاخرين، فمنعت نفسي من القيام بما فكرت به حين قال لي بشكل صادم "أوووه ، رواية من 500 صفحة ؟ اين نجد الوقت لنقرأ ذلك ؟! "!

 يوما وصلتني بالبريد هدية من الزميلة الكاتبة نادية الالوسي مجموعتها القصصية "رجل النهر"، أصدار خاص عام 2007 وتضم ست قصص قصيرة، والتي كانت المفتاح لصداقة عائلية طيبة معها، حال انتهائي من قراءة الكتاب، سجلت انطباعاتي عن قصص المجموعة ونشرتها معلنا فرحي بوجود كاتبه مثلها، ففي ظل ظروف العراق في العقود الاخيرة، وسنوات حكم النظام البعثي الديكتاتوري وحروبه الخارجية والداخلية، وما تبعه من سنوات احتلال للعراق وعنف ذو صبغة طائفية وفي ظل حكومات محاصصة طائفية واثنية، ومع التدهور والتراجع في العديد من قيم الحياة الاجتماعية والسياسية، والذي تسلل الى الحياة الثقافية وسبب تراجعها في ميادين معينة، فان كل ذلك اثر وبشكل كبير ومباشر على اوضاع المرأة العراقية، وشهد موقعها في المجتمع تراجعا كبيرا، وعليه فحين اقرأ كتابا لكاتبة عراقية واجده بجودة عالية، يمنحني ذلك المزيد من الامل والفرح والتفائل بأن نهر الحياة لن يتوقف وان الثقافة العراقية ستكون بخير على يد بنات وابناء العراق المخلصين. بعد نشر المقال المتواضع وهو قراءة في كتاب "رجل النهر" في صحيفة الصباح البغدادية في 10 /09/2011 ،  وفي حديث هاتفي مع احد الزملاء الصحفيين في بغداد سألني: "هل تعرف الكاتبة شخصيا؟ هل اوصاك بها احد ؟" استغربت لصيغة السؤال، واخبرته الحقيقة بأني للكاد تعرفت عليها عبر صفحات فيس بوك، واعتقد بأننا سنكون اصدقاء جيدين، وهذا الذي حصل فعلا وافتخر به. الان يمكن استرجاع سؤال هذا الزميل الصحفي، لاشعر بالندم الكبير لان اجابتي كانت ناقصة حينها، كان يفترض بي ان اجيب بأني لا اعرفها شخصيا جيدا لكني اعرف كتابها. ترى الا يكفي ان نتعرف على كتاب جيد لنفرح به او نكتب عنه حتى دون معرفة كاتبه؟ اريد ان اصرخ، لماذا يظلمنا النقاد ولا ينصفون جهدنا وسنوات عمرنا التي نبذلها لاجل ان نكتب كتابا سيبقى بعد موت الكاتب؟  في لقاءاتي مع العديد من الزملاء والاصدقاء الكتاب، اكاد اسمع نفس الشكوى وبأشكال وتفاصيل مختلفة. ويخبرني اصدقاء كتاب بأنهم يسمعون الكثير من الاطراء والاشادة باعمالهم الادبية، لكن لا ينتقل ذلك الكلام الى الورق، ليكون شهادة مكتوبة تحفظ للاجيال القادمة وليتعرف القراء على مواطن ضعف او قوة كتاب ما. أرى ان الامر هنا لا يخص كاتبا فردا بعينه، انه قضية عامة. وأكاد اسمع من يصيح نيابة عن كثير من الكتاب: يا نقادنا، يا اصدقائنا الاعزاء اشتمونا، نحن موافقون، لكن فقط اتعبوا انفسكم قليلا واكتبوا شيئا!

باب مراجعات / جريدة تاتو ـ الملحق الثقافي للمدى البغدادية العدد 54 السنة الخامسة ـ تشرين الثاني 2013

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.