اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

خفايا برامج المنوعات العربية ... "عرب آيدول" أنموذجا!// يوسف أبو الفوز

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

خفايا برامج المنوعات العربية ... "عرب آيدول" أنموذجا!

يوسف أبو الفوز

 

أختتمت مؤخرا الحلقات الثماني والعشرين من برنامج المنوعات الموسيقي"عرب آيدول" (Arab idol )، للموسم الثالث، الذي عرض عبر شاشة "mbc" و"مصرmbc"، واعلنت النتائج، التي أثارت حولها الكثير من اللغط بين موافق ورافض، لكن  كل الاطراف كانوا متفقين على ان البرنامج رافقه الكثير من العيوب التي يتطلب مراجعتها ومعالجتها. وبرنامج "عرب آيدول"، الذي لاقي  إقبالاً كبيراً ونسبة مشاهدة عالية، هو أساسا النسخة العربية من برنامج المسابقات الغنائي العالمي"Pop Idol"الذي أوجده الموسيقي ورجل الاعمال سيمون فيلر (هو غير المحكم سيمون كاويل) وطورته شركة فريمانتل البريطانية وقدم في اكثر من مئة بلد في انحاء العالم . سبقه برنامج "سوبر ستار" الذي تم عرضه منذ عام 2003 وانتجه وبثه تلفزيون المستقبل لخمس مواسم، ولاسباب تتعلق بأمكانيات تمويل برنامج منوعات ضخم، أعربت مجموعة "mbc" عن رغبتها في احياء البرنامج وامتلاك حقوق المسابقة، فغيرت اسم البرنامج الى "عرب آيدول"، وكان الموسم الاول من البرنامج انطلق في التاسع من ديسمبر/كانون أول 2011 ، عبر قناة "mbc". واثار اسم البرنامج بعض اللغط  بين القوى الدينية السلفية لاستخدام كلمة  "آيدول" والتي احدى معانيها  "المعبود" ، وقالوا ان المعبود هو الله وحده ، مما اضطر مجموعة "mbc" لاصدار بيان خاص اوضحت فيه أن اسم البرنامج معناه هنا "محبوب العرب" ولا يمت بأي صلة لأمور ومعتقدات دينية.

وضمن تفاصيل الواقع الثقافي المزري في الاقطار العربية، ونشاط الاسلام السياسي في مواجهة الحركات الليبرالية والمدنية التي تعاني انحسارا في نشاطها، وانتشار الفكر الظلامي والرجعي والمتطرف، وارتفاع نسبة الامية، والانخفاض الكارثي لنسب القراءة، والدور المتعاظم لفضائيات النفط في نشر الثقافة السطحية،  فأن برنامج منوعات موسيقي مثل "عرب آيدول"، يمكن القول عنه من افضل المتوفر من برامج المنوعات، رغم كل ما يحمله من ثغرات، وبعضها فضائحي. في اول ذلك يأتي حال لجنة التحكيم، والتي ضمت الفنانة الإماراتية أحلام والفنانة اللبنانية نانسي عجرم والموزع الموسيقي المصري حسن الشافعي، والفنان اللبناني وائل كفوري ،الذي شارك في الموسم الثالث، وللموسمين الماضيين سبقه الفنان اللبناني راغب علامة، والذي ترك البرنامج، وكما تردد كثيرا، أثر خلافاته مع الفنانة احلام التي طالما كانت تعليقاتها الجارحة والفظة تثير الاشكاليات والجدل بين المتسابقين والمشاهدين. لجنة التحكيم يفترض ان يكون لها دور تربوي، بحكم وجودهم الاعتباري، الى جانب الدور الفني، لكننا نجدها ــ  خاصة في الحلقات الاولى لاختيار المشتركين ــ تسخر وبشكل فج من  الشباب وتواضع مواهبهم او تصرفاتهم وسلوكهم ، ووصف الموسيقار العراقي حميد البصري ذلك في تعليق على صفحته في فيس بوك بأنه " سلوك غير لائق". وايضا الحاح بعض اعضاء لجنة التحكيم، على تسويق انفسهم، بشكل سافر، من خلال الحديث المستمر عن انفسهم ونشاطاتهم ونجوميتهم، واستعراض اكسسواراتهم وثيابهم،  واستغلال منصة البرنامج لتكرار تقديم الدعايات لشركات الطيران والمشروبات، التي يبدو انها تدفع جيدا، مما اعطى البرنامج اهدافا اخرى بعيدة عن الفن ورسالته السامية، ولا ننسى ايضا التعامل الفوقي مع الصحافة، التي تتابع وقائع البرنامج، من قبل بعض اعضاء لجنة التحكيم. كل هذا يلقي بمسؤولية كبيرة امام منتجي البرنامج، لاختيار فنانين يتميزون بحد ادنى من اللياقة والدبلوماسية في التعامل مع المشتركين والصحافة والظهور على الشاشة بشكل ينسجم وما يفترض ان يكون عليه الفنان كرسول للتعامل الحضاري.  ويمكن التوقف عند ما تسرب من معلومات عن الضغوط التي تمارسها ادارة البرنامج، في تعاملها مع المشتركين سواء في اختيار الاغاني او حتى اختيار الملابس، والاهم من كل هذا هو عقود الاحتكار بشروط جزائية صعبة، لاجل احتكارهم لسنوات طويلة، ــ  المشترك السعودي فارس المدني من الموسم الثاني في حديث تلفزيوني ــ ويكشف الطبيعة التجارية الربحية للبرنامج، ويوضح بأن المشتركين، وخصوصا الفائزين منهم، ما هم الا خيول سباق لجني الارباح، من خلال الجولات الفنية والحفلات التي تنظم لهم من بعد انتهاء البرنامج والنسبة العالية من الارباح (60% وفقا لتصريحات فارس المدني ) من اي حفلة أو نشاط . اما اختيار الفائزين ـ  مربط الفرس ـ التي تتم باجراءات خفية لا يعلم بها الا المطلعون على الغيب،  فأليتها تخضع لاغراض اصحاب البرنامج، فالممول هنا كما يبدو هو من يقرر وليس ما يقال انه تصويت المشاهدين !  

في الموسم الاول تم أختيار المشتركة المصرية كارمن سليمان لتفوز باللقب، وفي الموسم الثاني المشترك الفلسطيني محمد عساف، والموسم الثالث المشترك السوري حازم شريف. فكيف تم ذلك؟ عن أسلوب اختيار الفائزين، ووصول احد المشتركين الى المركز ألاول، قيل الكثير الذي يشكك بألية الاختيار ونزاهتها، وجرت أحاديث وانطلقت اقاويل عن ما يجري في الكواليس للدوافع الحقيقية لاختيار الفائزين. في الموسم الثالث اشتعلت التعليقات مع اقصاء المشترك عمار الكوفي من كردستان العراق، والمصري محمد رشاد ، حيث اثار خروجهما موجة من ردود فعل غاضبة، ورافضة حتى داخل البرنامج، اذ امتنعت هيئة التحكيم، التي هي جزء اساس من قوام البرنامج،عن التعليق بأي كلمة تعبيرا عن الصدمة التي شكلها ابعاد عمار الكوفي ومحمد رشاد . فهناك من اعتبر سبب خروج عمار الكوفي لكونه من القومية الكردية والبرنامج طبيعته عروبيه، وان وجود مشتركين اكراد ما هو الى جزء شكلي وديكور لاغراض تجارية ولاجل رواج البرنامج وايجاد مساحة مشاهدة اكبر، وان هناك تلاعبا في نتائج البرنامج، وهناك من ذكر اسباب اخرى .

ورغم كوني لست متخصصا بالموسيقى والغناء، ولكن كمستمع ومتابع، وجدتني، وحسب الوقائع، اتفق مع الملاحظات التي اشارت الى ان هناك تلاعبا ملحوظا في نتائج البرنامج  بشكل يخدم اغراض ممولي البرنامج . في الموسم الاول، رغم ان الكثير من التوقعات، كانت تشير الى امكانية فوز المتسابقة المغربية فاطمة بطمة بالمركز الاول، منح اللقب للمصرية كارمن سليمان، وفي الموسم الثاني، وفي المراحل قبل الاخيرة تم وبشكل مفاجيء اقصاء صوت متميز لمشترك سوري هو عبد الكريم حمدان، لينفتح الطريق سهلا امام الفائز الفلسطيني محمد عساف، حيث وقفت الى جانبه في الحلقة الاخيرة مواهب يفوقها كثيرا بقدراته. وتكرر ذات السيناريو في الموسم الثالث مع اقصاء العراقي الكردستاني عمار الكوفي والمصري محمد رشاد لينفتح الطريق بسهولة امام المشترك السوري حازم شريف. يكاد لا يختلف المختصون بالشأن الموسيقي، على موهبة وقدرات المشاركين في المراحل الاخيرة، فكل الفائزين بالمراكز الاولى هم بكل الاحوال موهوبون فنيا ولديهم قدرات جيدة ، وهذا الذي تحتمي به ادارة البرنامج كدرع لتنفيذ العابها التي كثر اللغط حولها.  كان المطلوب فوز محمد عساف لدغدغة الشارع الفلسلطيني، مما تطلب اقصاء المشترك السوري، لانه يشكل تهديدا فنيا واضحا له، وبخروجه، لا يمكن  الاعتراض على افضلية محمد عساف على الاصوات التي وصلت معه للمرحلة النهائية، وكذا الامر تكرر مع حازم شريف، أذ تم اقصاء عمار الكوفي ومحمد رشاد المنافسيين القويين، ليكون حازم شريف الافضل بين الاصوات المتبقية. والى جانب الاجندة الخاصة بالقناة المنتجة للبرنامج ، لا يمكن اقصاء الجانب السياسي الذي يلقي بضلاله على أحتساب النتائج، فلا توجد أي شفافية لاحتساب الاصوات لتتوفر الثقة بالنتائج المعلنة. في العديد من برامج اليانصيب التلفزيونية يرى المشاهد عادة السلة التي تحوي كرات الارقام، لاختيار الارقام الفائزة، والعملية تجري مباشرة امام الكاميرات وبحضور مراقبين قانونين، فيمنح ذلك الثقة بالبرنامج وبعملية اختيار الفائز، فما هي معلومات المشاهد عن أستلام الاتصالات واحتسابها في برنامج "عرب آيدول" ؟

 أن فوز السوري حازم شريف، وهو صوت متميز ومذهل، يأتي هنا برأينا،  وفي جانب منه محاكاة ساخرة لدبلوماسية هنري كيسنجر في التقرب الى الصين الشعبية في أتباع (سياسة البينغ بونغ)، التي فتحت الابواب مشرعة في العلاقات بين الولايات المتحدة الامريكية والصين الشيوعية في عام 1972. ان الاوضاع السياسية التي بثت فيها حلقات الموسم الثاني من البرنامج جرت في اجواء كان الجميع ينادي بسقوط النظام السوري ورئيسه بشار الاسد، فجاء حرمان المتسابق السوري عبد الكريم من وصوله للمراكز الثلاث الاخيرة، انعكاسا لما يجري على الشارع السياسي. الان وامام المتغيرات الحاصلة، في ذات المشهد، والاشارات عن امكانيات العودة للتفاهم والتعايش مع النظام السوري ورئيسه الاسد، من قبل الدول الداعمة لقوى المعارضة السورية، بشكل يخدم سياسة التصدي للمجاميع الارهابية العاملة تحت اسم "الدولة الاسلامية في العراق وسوريا"، التي صارت وبالا يهدد الدول الغربية وحلفائها من دول الخليج وفي عقر دارها، وفق معادلة انقلاب السحر على الساحر، فأن ذلك كما يبدو دفع المشرفين على برنامج "عرب آيدول"، لتعويض ما سبق وحدث في الموسم الثاني، ولربما لاتباع سياسة (دبلوماسية "عرب آيدول")، واختيار المتسابق السوري حازم شريف ، الذي قتل والده خلال الاحداث برصاصة قناص، فهاجرت عائلته الى لبنان ، ولكن النظام السوري دفع بوسائل اعلامه وشجع فنانيه لدعمه ليبدو وكأنه مرشح النظام ، رغم امتناع  حازم شريف عند اعلان فوزه من رفع اي من الاعلام السورية، سواء علم النظام او المعارضة . 

 

  * " شاشات " المدى البغدادية . العدد رقم (3246) بتاريخ 2014/12/25

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.