اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (1038)- الصوفية والصوفيون/ 1

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (1038)

 

الصوفية والصوفيون/ 1

      قادتني التعابير الادائية في موسيقى وغناء المقامات العراقية منذ بواكير حياتي، الى نموٍ تدريجيٍ متواصل في التأثر بها، بل جننتُ في تأثري بهذه التعابير الادائية المقامية المفعمة بالاحاسيس المكثفة المعبرة عن الروح الانسانية والقرب من الدين. وبالتالي هي ايضا هوية بلدنا وتاريخه وثقافته..! فغنيتُ وانا في مقتبل تجربتي الغنائية للمقامات العراقية بعض القصائد ذات المضمون المكثف في التعبير عن المحبة والتقرب الى الله بصورة مباشرة. وسارت تجربتي حتى يوم الناس هذا، على تطور هذا النمو العارم من التأثر بالتعابير الروحية وكأنني اتعبد في كل لحظة من حياتي..! وعندما بلغتُ سن الاربعين سنة، وصل تأثري بالقصائد الروحية والصوفية ذروته، متلذذا بإطلاعاتي على الشعر الصوفي وشعرائه المشاهير عبر التاريخ، واخترتُ الكثير من قصائد شعراء الصوفية وقمتُ بغنائها في مقامات عديدة خلال مسيرتي الفنية. وسوف نتحدث عن هذه التسجيلات المقامية لاحقاً.

 

الشعر الصوفي

    يتصف شعراء الصوفية بالغموض في توضيح المعنى والمقاصد، وقصائدهم غالبا تحتاج الى من يفهم ويعشق الصوفية، ودون ذلك فالامر يكون صعب الاستيعاب والفهم..! فالصوفيين يتحدثون بالرموز، والعشق الالهي عندهم يحلق بأجنحة المحبة نحو آفاق المستحيل ويبلغ منتهى المنتهى. وشعراء الصوفية يهتمون بجمال قصائدهم في لغتها وايقاعها الموسيقي والعروضي وهم يتغزلون بالحبيب بضمائرهم، والحبيب هو الله جلّ جلاله ومن هذا المعنى يقول عمر ابن الفارض.

(ولقد خلوت مع الحبيب وبيننا / سرٌ أرقُّ من النسيم اذا سرى)

      وهكذا نرى اتصال الصوفيين فكراً وعشقاً ومشاعراً بالإله مباشرة دون اتخاذ الواسطات من الانبياء او غيرهم من الاولياء..! فالصوفية فلسفة انسانية موجودة في كيان الانسان منذ بدء الخليقة وقبل ظهور الاديان..! ونلاحظ ايضا ابن الفارض وهو يتعبد في شعره بمحراب الروح اذ يقول.

(زدني بفرطِ الحبِّ منك تحيُّرا / وارحم حشىً بلظى هواكَ تسعّرا)

    فالشعر الصوفي يعبر عن الاتحاد الروحي بين الانسان وخالقه. وهي حالة استثنائية من الكمال الروحي والديني. والتصوف في الشعر العربي، يعد أحد الأنماط الشعرية التي أقبل عليها الزُهّاد والمتورعون، فأخذوا يُنظمون القصائد الصوفية، ويتفننون في التغزل بالذات الإلهية وإبراز مشاعرهم وعشقهم الالهي، فانكبوا على سكب المفردات في قصائد شعرية تفيض بالأحاسيس النقية الصادقة. فجعلوا من الموسيقى الشعرية وسيلة للتعبير عن مكنوناتهم، فكان الإيقاع أحد الميِّزات الصوتية التي تفردت بها الرقعة الصوفية من الخريطة الشعرية، إذ تتميز بنبرتها الحزينة المُفعمة بالعشق الإلهي، والمُشبعة بنغمات الحب المُتدفق، ومُترنمة بألحان الوجود الروحاني. وقد عبر عن ذلك في الشعر العربي الكثير من شعراء الصوفية، منهم الشاعرة رابعة العدوية في مطلع احدى قصائدها.

(عَرَفْتُ الهَوى مُذْ عرفْتُ هَواكَ / وأَغْـــــلقتُ قلبي عّمَّن سِواكَ).

او مطلع قصيدة للحلاج.

(فَما لِيَ بَعدَ بُعدِكَ بَعدَما / تَيَقَّنتُ أَنَّ القُربَ وَالبُعدَ واحِدُ)

 

أو عمر ابن الفارض في قوله بمطلع احدى قصائده الصوفية.

(تِهْ دَلالًا فأَنْتَ أهْلٌ لِذَاكا / وتحَكّمْ فالحُسْنُ قد أعطاكا)

 

والى حلقة تالية نكمل في الموضوع ان شاء الله

 

https://www.youtube.com/watch?v=kfIfXhsmnKc&ab_channel=%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7%D

9%84%D8%A7%D8%B9%D8%B8%D9%85%D9%8A

 

حسين الاعظمي، مقام الحسيني.

قصيدة عمر ابن الفارض (زدني بفرط الحب منك تحيرا/ وارحم حشىً بلظى هواك تسعرا)

 

 

حسين الاعظمي وسط اعضاء فرقته الموسيقية في دار الاوبرا السلطانية بمسقط في سلطنة عمان ، 6/ شباط 2016 في الصف الامامي من اليمين المرحوم علاء السماوي ووسام العزاوي و د.محمد قمر وعلاء مجيد . وفي الصف الخلفي اديب الجاف وعبد الكريم هربود وحسين علي الدليمي واحمد سليم وخالد محمد علي ورافد عبد اللطيف واخيرا عازف العود الاردني المعروف صخر حتر.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.