اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الإصلاح .. أم تحديث الدولة والمجتمع ؟!!// صباح كنجي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

الإصلاح .. أم تحديث الدولة والمجتمع ؟!!

صباح كنجي

هامبورغ/ المانيا

11/11/2015

 

افرز المشهد السياسي العراقي منذ أربعة اشهر مضت، من وسط الخراب الشامل المرافق لحالة الفساد الناجمة من طبيعة الأزمة البنيوية التي يعاني منها المجتمع العراقي الراهن حركة احتجاج جماهيرية ثورية، بدأت بالمطالبة بتوفير الخدمات في المقدمة منها الكهرباء والماء، وتطورت لتصبح شعاراتها السياسية المنددة باللصوص والحرامية في الحكومة المركزية والسلطات المحلية في المحافظات ذات بعد تغييري رافضة سلطة اللصوص والحرامية والنظام السياسي العاجز عن تجاوز ازماته، مركزة في نطاق هذه الاحتجاجات وتطورها ،جمعة بعد أخرى، على القوى والاحزاب السياسية /الدينية الطائفية التي تحكمت بمسار الأحداث، بعد سقوط الدكتاتورية البعثية، مع بقية الكتل والاحزاب التي شرعت بالعمل وفقاً للمحاصصة، وأصبح الشعار الهادر للثوار المحتجين (بأسم الدين باكونا الحرامية) زلزالاً في مسيرة الحركة الجماهيرية الناهضة بوجه الفساد والاستبداد، أيقظ ما يعرف بالمرجعية الدينية الشيعية التي تراقب الحدث وتطوراته عبر أكثر من مفصل في بغداد وبقية المحافظات وادخلها في خط  المواجهة الداعمة للاحتجاجات في الظاهر والمعلن من المواقف المساندة لمطالب المحتجين، ورضوخ رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي واعلانه عن تضامنه وتبنيه لمطالبهم هو الآخر، الى حدٍ بتنا نسمع ما أخذ البعض يسميها باصلاحاته وينسبها اليه مستخدماً تعبير (إصلاحات العبادي)!!..

أيّاَ كانت النوايا والغايات.. سواءً من خندق الفاسدين والمفسدين الذين يساهمون الى اليوم بخلق وتفشي المزيد من الخراب والدمار المتراكم في المجتمع، من اتباع القوى الدينية وغيرها من الأحزاب التي ساهمت بنظام واقرار المحاصصة الاثنية والدينية التي جمعت بينهم (الفُسّاد المتدينين من احزاب الدعوة  والمجلس الاعلى والفضلية وقوات بدر والصدريين وعصائب الحق وبقية الأحزاب في الشطر السني من المعادلة الدينية دون استثناء).. وبين بقية الفساد من العلمانيين والمحسوبين عليهم.. ابتداء من علاوي والمطلك والجبوري والاخوين النجيفي ومن يحسب نفسه في الصف الديمقراطي من الاحزاب الكردية والشيوعيون  والمستقلين.. المنسبين للعمل في الوزارات ممن أصبحوا جزء من نظام المحاصصة المنتجة لحالة التأزم والخراب، بالاضافة الى رؤساء العشائر الانتهازيين والضباط البعثيين) .. الذين ركبوا موجة الاصلاح وأخذوا يطبلون ويزمرون في الاعلام ليلا ونهاراً بتبنيهم لحزم الاصلاحات المسرحية التي بدأ يطلقها حيدر العبادي ومن معه من المنافقين في التيار الديني المُهيمن على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وبقية المؤسسات في دولة الخراب المتآكلة المنهارة أمام الدواعش المجرمين الذين استباحوا المدن وهتكوا الاعراض وسبوا المواطنين في الرمادي والموصل وسنجار وتلعفر وسهل نينوى..

أمْ في خندق المحتجين من الثوار المطالبين بتحسين الخدمات والحالمين بالتغيير والخلاص من الأوضاع المبتذلة عبر شعارات متداخلة تنادي بالاصلاح والثورة والرحيل الى غيرها من الشعارات التي تعكس مفاهيماً مختلفة غالبيتها لا ينطبق مع الحالة المخزية في العراق، تطرح لجهل وعدم معرفة بطبيعة الازمة الراهنة، أم لنوايا مخادعة الغرض والهدف منها البقاء والاستمرار في السلطة، عبر وسائل ماكرة لا تنتجُ الا المزيد من الزيف والعفونة ..

لن تقدم حلاً للمعضلات التي تواجه المجتمع العراقي واستحقاقات مواطنيه، ولن تقترب عبر الآليات المتبعة من أية حالة حل ممكنة لأية معضلة في مجال أزمة الطاقة والكهرباء أو توفير الخدمات في مجالات الصحة والتعليم وتحسين مستوى المعيشة ورفع الغبن عن المواطنين.. ناهيكم عن مواجهة الدواعش ومجرمي دولة الخلافة الاسلامية واسترجاع المدن المستباحة منها وتحرير سكانها من قبضتهم وتعويض خسائرهم وبناء مؤسسات دولة المواطنة وكفالة وضمان مستقبلهم وتأمين سلامتهم وحفظ كرامتهم..

مِنْ حقنا أن نتساءل..

إنْ كان كل هؤلاء مع الاصلاح!!.. فمنْ إذن صنع كل هذا الخراب؟ ومن يتحمل مسؤولية هذا الدمار؟ .. هل حقاً انهم صادقون في موقفهم؟.. هل ان مواقفهم جاءت بعد مراجعة ذاتية ناجمة عن اكتشاف حجم الاخطاء بعد أن زكمت رائحة الفساد الأنوف ولم يعد بالامكان تغطية حجم الخراب والسرقات!! .. هل يمكن أن يصبح هؤلاء الفاسدون بين ليلة وضحاها دعاتاً للاصلاح؟!! ..

هل يمكن البدء بالاصلاح بذات الأيادي التي نهبت وسرقت وقتلت وتواطأت مع الدواعش والقتلة والبعثيين وسهلت امر تسليم المدن لهم واحداة بعد الاخرى في مشاهد مسرحية مبتذلة رخيصة لا ترضي جمهوراً.. الا إذا كان بليدَ الإحساس.

هل الاصلاح .. او الدعوة للاصلاح ممكنة مع هذا الكم الهائل من الخراب والدمار والسرقات والفساد؟..

هل الاصلاح ممكن في دولة منهارة متفسخة تتآكل حدودها وتضمحل يوماً بعد آخر وتشهد المزيد من كانتونات العشائر ودويلاتهم بتسميات دينية واثنية بين كيلومتراً وأخر..

هل الاصلاح ممكن مع اقتصاد منهوب.. مسلوب .. وخزينة فارغة وديون تتراكم وتزداد، ونفط مهرب ومرتهن مباع بالمجان للشركات وفق اتفاقات لا يعرف خفاياها وخباياها الا حفنة من لصوص ومافيات يتحكمون بأسرارها؟..

هل الاصلاح ممكن في الدولة والمجتمع مع هذا الكم الفاسد من الاحزاب المتهرئة والعفنة التي تتسابق لتزوير ارادة الناخبين وتضحك على ذقونهم؟..

اليس من واجب هؤلاء "الاصلاحيون" بمن فيهم حيدر العبادي وغيره البدء باصلاح أحزابهم؟ .. الا تحتاج احزابهم الا اصلاحات!!.. كيف يمكن ان نصدق مصلحاً اسلامياً أوكردياً او ماركسياً أو رجل عشيرة ركب موجة الاصلاح دون ان يلتفت لما هو عليه من بؤس وترهل وتكلس اصابه مع حزبه وابناء عشيرته دون ان يتزحزح من موقعه قيد انملة، ويرفض تسليم الراية / قل الكرسي  .. كرسي قيادة الحزب وكرسي السلطة لغيره بعد ان طاب له المقام وأصبح يعتقد انه القائد الضرورة لقومه .. عشيرته .. حزبه.. او إنْ شئت زبالته.. مع الاعتذار لحجي زبالة وشربت الزبيب الذي نتمنى أن يكون خارج دائرة الفساد والطعن والاحتجاج.

هل يمكن ان نخرج لساحات الاحتجاج ونطالب بالإصلاح والتغيير ونتمسك بقادة ومسؤولين انتهت صلاحيتهم وفقاً للقوانين والانظمة الداخلية السائدة في منظماتنا   وأحزابنا يصرون على البقاء في ذات المواقع القيادية مبررين وجودهم بالضرورة ولهذا لا يتم تهيئة البديل ويجري رفض الحلول الممكنة المقبولة الا إذا جاءت من نفس الطاس ولذات الحمام كما يقول المثل الشعبي..

الاصلاح .. بمعنى تحسين أو تعديل حالة خطأ ومعالجة اوضاع غير مرضية وفقاً لسياقات مفهوم الاصلاح مع حركة كريستوفر ومسعاه لأصلاح البرلمان في اواخر عام 1700.. الاصلاح بمعناه الآخر معالجة جزء من المشكلة.. اصلاح لا يتجاوز القشرة الخارجية للظاهرة ويبقي جوهر النظام السياسي المعرقل للتقدم والمكبل للحلول الجدية..

هل نصلح فُسّاد الدين ونعدل من وضع عمامات المنافقين؟!.. هل يمكن ان نصلح من فقد ضميره ونوازعه الانسانية واشترك في نهب ثروات العراق وسلم المدن للدواعش ودولة الخلافة الاسلامية ومهد لجريمة سبايكر وسبي النساء والاطفال في سنجار وسهل نينوى وتلعفر.. 

في حين نحن نواجه أزمة بنيوية شاملة تطال كافة نواحي المجتمع.. ومهاماً جسيمة تتعلق ببناء الدولة الحديثة واستحقاقات المواطنة.. دولة سيادة القانون وفصل الدين عن الدولة.. دولة تؤمن الحياة الحرة الكريمة لمواطنيها.. ومجتمع يرفض العنف ويجنح للسلم ويحقق التنمية وشكل من اشكال العدالة الاجتماعية ويرفض التمييز بين ابنائه وبناته ..

هذه الاستحقاقات والمهام التي تتعارض وتتناقض مع نظام المحاصصة الذي يحمي المقصرين والفساد ويغطي على المجرمين ويحميهم بحكم فساد القضاء وتواطؤ رئيس مجلسه مدحت المحمود مع اللصوص والحرامية والحكام الفاسدين ..

لهذا فنحن كشعب ومجتمع مطالبون.. في المقدمة منهم الثوار المحتجون في ساحات التحرير.. برفع شعارات ملائمة تنسجم مع طموحات ودوافع المواطنين. شعارات تطالب بتحديث وبناء دولة المواطنة، والمؤسسات التي يكفل قضاؤها محاسبة المقصرين والمفسدين والمجرمين وتوفر الخدمات وتضمن سلامة المجتمع وتحقق التنمية وتحفظ كرامة مواطنيها .

دولة تنهي الاوضاع الشاذة الراهنة وتضع حداً لنهب ثرواته بتشريعات جديدة تثبت في دستوره لا تسمح بتخصيص اكثر من 10% من وارداته للجيش وبقية المؤسسات العسكرية بما فيها وزارة الداخلية واجهزة المخابرات وتضع 50% من الواردات في خدمة التنمية وتطوير الخدمات ورفع المستوى المعاشي للسكان وتحفظ الـ 40% المتبقية للاجيال القادمة وحالات الطوارئ..

هذه المهام والمطالب التي يعجز السستاني من استيعابها ولن يتمكن حيدر العبادي من تحقيقها وتنفيذها ولا اية جهة دينية سياسية تعتمد على الحلول الميثولوجية وتنظر مهدياً يحل مشاكلها ويعالج المعضلات التي تواجهها ..

كما لن يقبل بها رؤساء العشائر المتخلفون الذين تتناقض توجهاتهم ومصالهم مع اهداف الدولة المدنية الديمقراطية المتجاوزة لسلطة العشيرة وتحالفات القبائل الانتهازية .. ولن لن يقبل بها ايضا فيما يسمى بالحشد الشعبي .. الذي هو امتداد لظواهر تاريخية سابقة كالمقاومة الشعبية والحرس القومي يعكس في جوهره رفض الدولة المدنية وحالة الانضباط المطلوبة في الجيش، مقابل ظاهرة ميلشيات فوضوية تكون البديل للدولة والسلطة بهذا الحجم او ذاك وهي ظاهرة معرقلة لنمو وخلق الدولة المدنية المطلوبة التي ينادي بها المحتجون ويطالب بها المواطنون..

وختاما أقول يا حبذا لو طرح المحتجون في الجمعة القادمة اسماء بديلة لأربعة وزارات خدمية تشهد فساداً مثلاً الكهرباء والصحة والتجارة والتعليم مع مرشح لرئاسة مؤسسة القضاء الاعلى مع اسماء لثلاثة محافظين.. فليس من الصحيح ان نواصل الاحتجاجات ونطالب بالتغيير والاصلاح دون ان نساهم في خلق البدائل..

كأن نقدم..

الاسماء التالية لتكون البديل المطلوب..

1ـ  ترشيح القاضي زهير كاظم عبود لرئاسة مجلس القضاء الاعلى.

2ـ ترشيح الدكتور ماجد الياسري وزيراً للصحة .

3ـ ترشيح المهندس سبهان ملا جياد وزيراً للكهرباء

4ـ  ترشيح النائب هيثم الجبوري وزيراً للتجارة

5ـ ترشيح الدكتورة كاترين ميخائيل وزيرة للتعليم

6ـ ترشيح النائب فائق الشيخ علي  لمنصب المُحافظ في العاصمة بغداد

7ـ ترشيح النائب محمد الطائي لمنصب المحافظ في البصرة

وتشكيل وفد مصغر في كل اسبوع لمقابلة رئيس الوزراء او من ينوب عنه لمعالجة المستجدات المطروحة في البدائل المقترحة .

دون ان ننسى ان التغيير والاصلاح وبناء دولة المواطنة يحتاج فيما يحتاج لمؤسسات وفترة زمنية نستطيع ان نبدأ بها من خلال المطالبة بانتخابات قادمة، تعقب تحرير المدن المستباحة، والتصويت لقائمة وطنية شاملة تطرحها قوى الاحتجاج الرافضة عبر ساحات التحرير لتكون جزء من حالة البديل والتغيير المطلوب ..

فليس من الصحيح ان نواصل الصراخ ومطالبة العبادي او السستاني بتحقيق الاصلاحات والتغيير.. التغيير الحقيقي لن تحققه الا الجماهير الحيّة الواعية الفاعلة المنتفضة المنضوية في ساحات التحرير ودونها فأن الامر لن يكون الا ضحكاً عل الذقون..

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.