اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

مساومة على دماء الإنتفاضة الشبابية// معتصم حمادة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

مساومة على دماء الإنتفاضة الشبابية

معتصم حمادة

فلسطين

 

إلى متى ستستطيع القيادة الرسمية إدارة لعبة باتت قواعدها وأهدافها مكشوفة، وبات «أبطالها» في دائرة التشكيك الوطني؟

سلسلة التصريحات، التي أدلى بها المستوى السياسي في السلطة الفلسطينية، الأسبوع الماضي، لا تعكس، كما يبدو، حقيقة السياسة التي تصر السلطة على إتباعها إزاء العلاقات مع سلطات الإحتلال، وإزاء العملية السياسية واحتمالات إعادة نبش جثتها من القبور، ونفخ الروح فيها مرة أخرى، بذات المواصفات الهابطة والتي أدت إلى كوارث سياسية فلسطينية، أكثرها أهمية إتساع مشاريع الإستيطان والتهويد، في القدس الشرقية المحتلة، وفي أنحاء واسعة من الضفة الفلسطينية وتزايد أعداد المستوطنين بطريقة باتت تهدد حقيقة المشروع الوطني الفلسطيني. كذلك لا تعكس هذه التصريحات حقيقة السياسة العملية التي تتبعها السلطة ومؤسساتها في العلاقة مع الإنتفاضة الشبابية، التي شقت، وسط بحر من الدم، طريقها نحو الشهر الخامس، مقدمة في ذلك أكثر من 160 شهيداً، غالبيتهم العظمى من الشباب دون الخامسة والعشرين من العمر. وهو رقم، إذا ما تأملناه بإحساس وطني صادق ومسؤول، أدركنا معناه وحقيقة مضمونه، وما يمثله من تضحيات غالية، يصر شباب فلسطين على تقديمها، حتى في ظل الحالة الضبابية التي تعيشها الأجواء السياسية الفلسطينية.

رئيس السلطة يتحدث عن تحركات سياسية لعقد مؤتمر دولي للقضية الفلسطينية، عملاُ بقرارات المجلس المركزي. رئيس الحكومة يتحدث عن تحرك بإتجاه الأمم المتحدة لتوفير الحماية الدولية لشعب فلسطين تحت الإحتلال. وزير الخارجية يؤكد أن لا عودة بعد الآن إلى المفاوضات الثنائية مع الجانب الإسرائيلي. غير أن ترجمة هذه التصريحات، مازالت معطلة ومازال الكلام مجرد كلام، بل ذهبت السلطة إلى أبعد من ذلك، حين حاولت أن تصنع من هذا الكلام، غطاء لسياستها الحقيقية، بعيداً، بل وبالضد، من توجهات وقرارات المجلس المركزي واللجنة التنفيذية. والوقائع التالية التي لم تعد سراً، تؤكد صحة هذا الحكم على سياسات السلطة والقيادة الرسمية.

***

وفقاً لمعلومات موثوقة، غير قابلة للشك إطلاقاً، عقد في فندق الملك داود، في القدس المحتلة، ظهر يوم الخميس في 11/2/2016، إجتماع ضم عن الجانب الفلسطيني حسين الشيخ، وزير الإدارة المدنية، وماجد فرج رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية العامة، واللواء زياد هب الريح رئيس جهاز الأمن الوقائي. وضم عن الجانب الإسرائيلي، يؤاف مردخاي، وإلى جانبه عدد من ضباط الإحتلال.

ويؤاف مردخاي، هو رئيس الإدارة المدنية، التابعة لسلطات الإحتلال. الإدارة المدنية كما هو معروف، جهاز تم إلغاؤه عام 1995 تطبيقاً لإتفاق أوسلو، بعد أن أحيلت إلى السلطة الفلسطينية إدارة المنطقتين (أ) و (ب). غير أن نتنياهو، وفي سياق السياسات الإسرائيلية، القائمة على مبدأ تجاوز وإنتهاك الإتفاقات الموقعة مع السلطة الفلسطينية والإستهتار بالبروتوكولات التنفيذية لهذه الاتفاقات، أعاد منذ سنوات قليلة، إحياء الإدارة المدنية، لتصبح هي المرجعية الإدارية والأمنية والسياسية للسلطة الفلسطينية. ومع أن معظم أعضاء اللجنة التنفيذية، في م.ت.ف، في إطار مناقشاتهم العديدة لمجمل الحالة، قد أوصوا أكثر من مرة بضرورة «عدم التعامل مع الإدارة المدنية الإسرائيلية حتى لا يعاد تكريسها كأمر واقع»، إلا أن الجهات المختصة في السلطة، تجاهلت هذه التحذيرات، وعادت للتعامل مع الإدارة المدنية الإسرائيلية التابعة للإحتلال؛ في ممارسة فاضحة وبالضد من الشكاوى المتكررة من المستوى السياسي في السلطة الفلسطينية من تعطيل الجانب الإسرائيلي للإتفاقات الموقعة، والتهديد /المتكرر/ بالمعاملة بالمثل: مثال هذه التصريحات خطاب الرئيس عباس في الأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) الماضي، حين قال مخاطباً الإسرائيليين، «نلتزم بالاتفاقات ما دمتم تلتزمون بها».

 كان يفترض أن يسلم الوفد الفلسطيني، إلى الوفد الإسرائيلي، كما أوضح الرئيس عباس، وصائب عريقات، أكثر من مرة، في اللجنة التنفيذية، مذكرة إلى الجانب الإسرائيلي، تنذره بأن القيادة الفلسطينية مصممة على البدء بتنفيذ قرارات المجلس المركزي بما في ذلك وقف التنسيق الأمني، والبدء بمقاطعة الإقتصاد الإسرائيلي. غير أن ما تم الكشف عنه يخالف هذه المعلومات تماماً، ويؤكد، بشكل صارم، أن الوفد الفلسطيني قدم صيغة أخرى تدعو إلى التعاون بين الجانبين لمحاصرة الإنتفاضة الشبابية، والحالة الشعبية الفلسطينية، وتطويق التحركات في المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية، و«إعادة الهدوء» إلى مناطق الضفة الفلسطينية، مع الطلب في الوقت نفسه من الجانب الإسرائيلي، بعدم اللجوء إلى إجراءات من شأنها أن «تحرج» السلطة الفلسطينية، أمام الشارع. ومن القضايا التي أثارها الجانب الفلسطيني في هذا السياق، تمحورت في نقاط معينة، خرجت عن السياق العام للحديث، ودخلت في التفاصيل.

***

الوفد الفلسطيني نقل إلى الجانب الإسرائيلي الموقف التالي:

• «نود أن نؤكد، أننا ما زلنا متمسكين بالتنسيق الأمني بيننا، وأننا سوف نواصل العمل للحفاظ عليه، وأننا في هذا السياق أتخذنا العديد من الإجراءات لإعادة الهدوء إلى مناطقنا وتطويق تحركات الشباب [المقصود الإنتفاضة الشبابية]».  وقدم الوفد وفي سياق التأكيدات، نسخة من مقابلة الصحيفة الأميركية «ديفنس نيوز» مع فرج التي تحدث فيها عن إحباط جهازه لمئة عملية ضد الإحتلال، واعتقال 200 ناشط ومناضل فلسطيني.

• أبلغ الوفد الفلسطيني الجانب الإسرائيلي بإجراءاته لإخماد التحركات في الشارع الفلسطيني الداعية لمقاطعة الاقتصاد الإسرائيلي. وطمأن الجانب الفلسطيني نظيره الإسرائيلي بحرص السلطة على سلامة بروتوكول باريس وتطبيقاته.

• بالمقابل تمنى الوفد الفلسطيني على مردخاي التدخل لدى السلطات المعينة للكف عن الإجراءات «المحرجة» للسلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، لأن من شأن هذه الإجراءات أن تضعف موقع هذه الأجهزة في عيون الشارع الفلسطيني. مثال على ذلك إقتحام المدن والقرى والمخيمات، أو إغلاق بعض المناطق، على غرار ما جرى لمدينة رام الله ــــ البيرة مؤخراً بعد العملية العسكرية التي طالت دورية للاحتلال.

• تمنى الجانب الفلسطيني على الإسرائيليين «الكف عن استخدام القوة المفرطة وبصورة قاسية» ضد المواطنين الفلسطينيين لأن سقوط الشهداء من شأنه أن يحرض الشارع «ضدكم وضدنا».

• تمنى الجانب الفلسطيني التخفيف من الإجراءات الخاصة بالمسجد الأقصى والتي «تبدو بعيون الفلسطينيين إستفزازية» وتمنى على الجانب الإسرائيلي «أن يأخذ بالإعتبار موقعية الأقصى في النفوس الفلسطينية»، 

• وأخيراً، وليس أخراً، تمنى عليه إعادة النظر بالمشاريع الإستيطانية خاصة التي «تتطلب مصادرة المزيد من الأراضي»، ما يشكل عنصراً من عناصر تحريض الشارع الفلسطيني. «في إطار التمييز» بين التوسع الإستيطاني الذي «يستجيب للزيادة السكانية» وبين «التوسع العشوائي في الأماكن المعزولة».

خلافاً لذلك لم يقدم الجانب الفلسطيني أي مطالب أخرى، بما في ذلك رهن الإلتزام بالإتفاقات الموقعة، بالإلتزام الإسرائيلي، كما كان يصرح المستوى السياسي في السلطة. وقد أعاد الجانب الفلسطيني التأكيد أن التعاون بين تطبيقات التنسيق الأمني هو «السبيل إلى إعادة الهدوء إلى مناطق السلطة، الخطوة الملحة لإعادة إحياء المفاوضات بين الجانبين».

المصادر أوضحت أن الجاب الإسرائيلي «أخذ علماً بالالتزامات الفلسطينية». أما بشأن المطالب فإنه «سيحيلها إلى القيادة السياسية لتبت بها».

مرة أخرى تثبت القيادة السياسية أنها تمارس سياستين، وتتبع خطابين، الأول هو المعلن، وهدفه دغدغة عواطف الشارع الفلسطيني لإدراكها حقيقة المشاعر التي تجتاح هذا الشارع، والثاني وهو العملي، وتمارسه من تحت الطاولة، في العلاقة مع الجانب الإسرائيلي، مغلبة المصالح الفئوية، التي تراكمت لصف من النخب السياسية والعسكرية في ظل الوضع القائم، على حساب المصالح الوطنية العليا.

لكن يبقى السؤال: إلى متى ستستطيع القيادة السياسية الفلسطينية إدارة لعبة باتت قواعدها وأهدافها مكشوفة، وبات «أبطالها» في دائرة التشكيك الوطني

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.