اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

تداعيات سور بغداد واقتطاع جزء من قوت المتقاعدين!// مصطفى محمد غريب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

تداعيات سور بغداد واقتطاع جزء من قوت المتقاعدين!

مصطفى محمد غريب

 

طوال سنين ما بعد الاحتلال والسقوط والوضع الأمني لم يكن يوماً يبشر بالخير والتفاؤل منذ أول وزارة عراقية وبخاصة وزارة إبراهيم الجعفري وزميله نوري المالكي ثم حيدر العبادي وهؤلاء الثلاثة من حزب الدعوة حتى استقال أو خرج منه إبراهيم الجعفري وأسس كتلة الإصلاح الوطني وهذا الخروج كان مرتبطاً بعدم مساندته في قضية رئاسة مجلس الوزراء، وخلال تلك السنين بقت الأوضاع الأمنية تنحدر من السيء إلى الأسوأ بدون إي بريق للخلاص واستتباب الأمن حتى النسبي، والمواطنين العراقيين يدفعون ضريبتها المعنوية والمادية، وفي كل مرة أو في كل تصريح وخطبة عصماء تتوافد علينا التأكيدات أن الأمن أفضل اليوم أو هذا الشهر من سابقه، ولكن يبقى الحال على هذا المنوال، المهم اليوم وبعد أن هدأت قليلاً ضجة خندق الانفصال الكردي وإقامة الدولة الكردية التي تنتظر حفر خندق كركوك! سمعنا أن كربلاء تحفر خندقاً لحمايتها ولم يعلن أي خبرٍ لانفصال كربلاء وإقامة الدولة الكربلائية!!، وفجأة وبدون سابق إنذار أعلن عن إقامة سور حول العاصمة بغداد وبدون أية مقدمات حتى أن القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية "مثل الأطرش بالزفة " حسبما أخبرتنا البعض من وسائل الإعلام بان مجلس المحافظة في بغداد حاله حال الآخرين وينطبق المثل المذكور أعلاه على هذا المجلس وهو أمر غريب وعجيب لان مجلس المحافظة الذي يجب أن يكون على دراية بما يخص العاصمة باعتبار ذلك من المسؤوليات التي تقع على عاتق المجلس، وفي خضم هذه التداعيات التي عمت على كامل الوضع الأمني والإعلامي والسياسي انبرى محمد الربيعي نائب رئيس اللجنة الأمنية لمحافظة بغداد وصرح أن مجلس المحافظة والمحافظ لم يكونا على علم ولا دراية بالموضوع، وأشار لذلك طلبنا اللقاء بصاحبة المشروع وهي قيادة عمليات بغداد، والتي أكدت لنا أن " سور بغداد سيحمي مناطق العاصمة من الهجمات الإرهابية والسيارات المفخخة، واستهداف المطار والمناطق المحيطة به من صواريخ الكاتيوشا والنشاطات المسلحة الأخرى" .

 ولم يختصر خبر إنشاء السور على جهة واحدة على الرغم من وجود البعض من التصريحات الخجلة  بان سور بغداد عبارة عن " إشاعة " لضرب العملية السياسية وان رئيس الوزراء حيدر العبادي قال رافضاً إن "بغداد عاصمة جميع العراقيين، وتبقى لهم جميعا، ولا يمكن لسور أو جدار أن يعزلها أو يمنع باقي المواطنين من دخولها"، كما وافق هذا الرأي تقريباً  سعد المطلبي عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد حيث نفى وجود سور العاصمة بغداد بقوله إنه " كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن سور بغداد ، فيما اتهم البعض الحكومة ببناء السور لبث الطائفية من جديد، إنما في حقيقة الأمر هناك ثغرات أمنية في بعض الاقضية والنواحي التابعة لبغداد"،  لكن الحقيقة تبدو على خلاف ما ذكر من إنكار أو رفض أو تمويه لأنها أكدت على لسان العديد من المسؤولين الأمنيين بالقول أن بغداد تحتاج إلى سور " حديدي" لمنع الإرهاب والتفجيرات الإرهابية، ولكن ما شأن الانتحاريين الذين يدخلون فرادى بدون أي اثر لإرهابهم ثم يرتدون الأحزمة المهيأة داخل السور! أو ما حال السيارات والمركبات التي تفخخ داخل السور بدون الحاجة إلى خارجه؟ وما هو وضع الميليشيات المسلحة الطائفية التي تتحرك بكل حرية وتحت مظلات من المؤسسات الأمنية بما فيها استغلال الحشد الشعبي وهي تفعل ما تريده وما تشاء بدون أية رادع أو خشية من العقاب القانوني؟ وكيف تتم معالجة قضايا المافيا المنظمة وقضايا الخطف والاعتداء والسرقة واقتحام المحلات التجارية ومحلات الصيرفة والصاغة وسرقة رواتب البعض من دوائر الدولة والبيوت الخاصة داخل السور؟  وهل سيحمي سور بغداد المال العام من الفساد والفاسدين وفيهم مسؤولين حكوميين كبار وهذا ما أشارت  له لجنة النزاهة والعديد من وسائل الإعلام ومؤسسات لها علاقة بقضايا متابعة الفساد المالي والإداري؟

إن هذه الاستفسارات وغيرها لا تعني الاعتراض على هدف حماية بغداد من الإرهاب أو من أولئك الذين يقال عنهم كذباً وتمويهاً أنهم ميلشيات غير إرهابية ولا يجري ردعهم القانوني!! فحماية بغداد يجب أن تكون بالدرجة الأولى على عاتق الأجهزة الأمنية " الجيش والشرطة والمخابرات وغيرهم "وليس على الأسوار والجدران وما أكثرها في زمن نوري المالكي عندما قسم المناطق السكنية وخلق أمام المواطنين صعوبات غير طبيعية بوضع الحواجز الكونكريتية في العاصمة ومدن ومحافظات أخرى كي يوقف التداعيات الأمنية لكن بدون جدوى فقد استمر الوضع الأمني بالتردي وكلنا نتذكر كيف كانت وبالاً على تنقلات المواطنين، وبالتالي قسمت الجدران والحواجز حتى العائلات والأقرباء عن بعضها البعض،  فإذا كانت المؤسسة الأمنية مخترقة مثلما قيل ويقال وإذا كانت غير مهيأة من النواحي التدريبية والتقنية والعسكرية وإذا كانت الطائفية سياسة مستمرة على الواقع الموضوعي والذاتي فما فائدة للجدران؟ وما جدوى من إقامتها وهي تكلف أموالاً طائلة في زمن تدعي الحكومة التقشف ولا تقطع جزء من رواتب الموظفين فحسب بل من رواتب المتقاعدين أصحاب الدخل الضعيف كما حدث في الشهرين السابقين، وبكل صراحة احتار المواطن العراقي واحتار المتابعين للأوضاع بمن يصدق! فالإشاعة المغرضة تلعب ادوار لا تقل خطورة عن الأعمال الإجرامية الإرهابية والتصريحات الحكومية متناقضة وانتقائية حتى أصبح المواطن لا يصدقها لكثرة ما كذب عليه، فأمام إنكار إقامة السور وتفلسف البعض لكي يغطي الأهداف الحقيقية من إقامته بتسميته " سور الكتروني " أو حسب القول انه يحمي العاصمة ولا يعزلها وبهذا فان خالد العبيدي وزير الدفاع دخل على الخط فصرح أن السور " سيبنى حول العاصمة بغداد " لغرض الحماية وليس المقصود منه منع " دخول المواطنين إلى بغداد" أو عزل المناطق لكنه اقر أن الصورة لم تكن واضحة للقيادات السياسية العراقية وهنا نطرح سؤلاً على السيد وزير الدفاع في ظروف الحرب على داعش والإرهاب

ــــ  إذا كانت الأسوار تحمي المدن فما فائدة السلاح والجيش والشرطة والباقي من الأجهزة الأمنية؟،  أما عدنان الاسدي نائب عن ائتلاف دولة القانون وعضو لجنة الأمن والدفاع النيابية فقد صرح يوم الاثنين 8 /2 / 2016 بان فكرة بناء السور تعود لعام ( 2009 ) في زمن رئاسة نوري المالكي وبتكليف شركة فرنسية وان "الهدف من سور بغداد توحيد المداخل والمخارج للعاصمة وليس عزلها عن سائر المحافظات" كما أكد بأنه "توجد طرق نيسمية ( ترابية) تدخل منها العصابات، فضلاً عن الإرهابيين، ويصعب السيطرة على هذه الطرق"، إلا أن قضية السور تبقى غامضة بعض الشيء بأهدافها وجغرافيتها فهناك تحليلات واستنتاجات تشير أنها عملية سياسية لتقسيم المناطق على أساس طائفي بهدف التغيير الديموغرافي وهناك اتهامات مختلفة لكنها تبقى في دائرة الشكوك بالسور وأسباب إقامته ومنها اعتباره سجناً واقتطاع مناطق من المحافظات وبخاصة الانبار ... الخ  بينما هناك أيضاً من المبررات على انه ليس للتقسيم الطائفي.

لقد اشرنا في المقدمة أن الأسوار التي تبنى من اجل الحماية الأمنية وبخاصة في ظروف الصواريخ والراجمات والهاونات والاختراقات لا يمكن أن تمنع قوى الإرهاب بكل أصنافها ومشاربها من تنفيذ مخططاتها الإجرامية بما فيها عمليات من داخل الأسوار فنحن لا نعيش في القرون الغابرة ذات الأسلحة البدائية البسيطة التي كانت تبنى القلاع والأسوار العالية للحماية والدفاع بل عصر التكنولوجيا والأسلحة المتطورة والالكترونية وهذه الأدوات وآلياتها ممكن أن لا تخترق الأسوار فقط بل تهدمها، فالذي يحمي المدن وغيرها من القصبات هي التفاف المواطنين حول الأجهزة الأمنية والوثوق فيها ومساعدتها فضلاً عن بناء هذه المؤسسات على أسس وطنية  وبناء علاقات وطنية بعيداً عن العلاقات الطائفية والمحاصصة المريضة، ولهذا تحتاج الحكومة ومسؤوليها إلى خطاب حكومي موحد وسليم وليس لتصريحات مغرضة انتقائية تخلق تداعيات غير أمينة لدى المواطن، تصريحات لرموز سياسية منتمية لبعض الأحزاب والتكتلات المتنفذة التي أصبحت نكرة وهي تقريباً كما قيل على لسان  وزير الدعاية في عهد هتلر بول جوزيف غوبلز " اكذب ثم اكذب ثم واصل الكذب حتى يُصَدّقك الناس " وهؤلاء مازالوا على العهد المقدس المعادي للحريات والديمقراطية ولتطلعات شعبنا في بناء دولته المدنية الديمقراطية الاتحادية، وهم جزء لا يتجزأ من أجندة تخدم قوى خارجية باتت معروفة والتستر عليها أصبح  مثل التستر بأوراق شجرة التوت، ولهذا السبب وأسباب وطنية نوصي الحكومة أن تقوم بتنفيذ ما وعدت به من إصلاحات وان تكون رواتب الموظفين والمتقاعدين أصحاب الدخل الضعيف خطوط حمراء وان تنتهي من لعبة الانتظار بخصوص الإصلاحات والتلكؤ في الإنجاز ورمي ثقل الأزمة الاقتصادية على عاتق أصحاب الدخل الضعيف والشغيلة فهذه القطاعات الأساسية من الشعب فاض بها الغيض وهي تُعبر جزئياً عن مواقفها الرافضة للفساد وجرائم الإرهاب والميليشيات في التظاهرات والاعتصامات التي تجري كل جمعة أو أيام أخرى في العاصمة بغداد أو البعض من المحافظات، على السيد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي أن يفهم أن للصبر حدود وان البلاد على شفى شبه انهيار عام بسبب الأوضاع الكارثية التي هدفها تدمير العراق، فإذا كان العراق يهمه فعليه أن يكون بصف الشعب الفقير أولاً من موظفين وشغيلة وأصحاب الدخل الضعيف وأن يفهم، لم يعد مجال واسع للمناورات غير المجدية.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.