اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

من أوراق مذكراتي الليبية- موقف محرج ومهلك من الوزن الثقيل// د. جعفر عبد المهدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. جعفر عبد المهدي

 

عرض صفحة الكاتب 

من أوراق مذكراتي الليبية

موقف محرج ومهلك من الوزن الثقيل

أ‌. د. جعفر عبد المهدي الحسناوي

أوسلو

 

قليلة هي المواقف المحرجة العصيبة ولكن الإنفلات منها يحتاج الى رد لبق سريع ... فقذ تعرضت مطلع عام 1991 لموقف سياسي محرج لا احسد عليه بل ربما بسببه أروح (بستين داهية)..

ذلك في اليوم الأول لدخولي مدينة الزاوية الليبية قادماً من بلغراد عاصمة جمهورية  يوغسلافيا السابقة... والموقف المحرج كان من تصميم وانتاج ابنتي الوحيدة (رغد)،  وعمرها كان يومذاك أقل من ستة أعوام.

فقد قبلت طلبات تعييننا في كلية التربية – جامعة 7 أبريل (حالياً جامعة الزاوية) أنا وزوجتي الدكتورة وسن عبد الرزاق حسن. وحسب توجيهات مكتب اعضاء هيئة التدريس في الجامعة، عرفنا بأن علينا القيام بالإجراءات الإدارية المتبعة ومنها الذهاب الى المجمع الإداري... لكننا لا نعرف اين يقع المجمع الإداري؟.

 

 كان مكتب أعضاء هيئة التدريس يُدار من قبل أستاذين فاضلين، يتمتعان بروح عروبية طيبة وتعامل إنساني مهذب هما إبراهيم شكشك والعجمي إبراهيم. وقد طلبا من أحد الدكاترة المراجعين أن ينلقنا بسيارته، وهو في طريقه، الى المجمع الإداري الذي يقع في نفس شارع الجامعة (شارع جمال عبد الناصر). 

تبرع أحدهم، بنقلنا بسيارته، وكان واضح لدينا انه دكتور (ثورجي)، عرفنا ذلك بجلاء من سياقات حديثه الذي يردد فيه وبشكل ممل عبارة (مكتب الإتصال) مثل: عرفت من مكتب الاتصال... كنت في مكتب الإتصال.. او ذهبت الى مكتب الإتصال... او التقيت في مكتب الاتصال. المقصود منه مكتب الإتصال لحركة اللجان الثورية وهي التنظيم السياسي الوحيد في البلاد. تبرع بنقلنا مشكوراً بسيارته انا والدكتورة وطفلتنا الى المجمع الإداري القريب جداً من مبنى الجامعة  لكننا لأول مرة نحل في المدينة التي نجهل شوارعها تماماً.

 

هذا الشارع المحوري في المدينة مزدحم أغلب النهار مما يعني ان السرعة فيه لا تتجاوز حداً معيناً. كانت السيارة التي نقلها (سيارة زميلنا) تسير أمامها سيارة بيجو خيمة، اي (بيكاب بالعراقي) وهي تحمل جملاً ضخماً جداً. ... ركزت الطفلة رغد على البعير العملاق ونطقت جملة صعقت أذنا الزميل الليبي.

قالت الطفلة (وهي تشير الى البعير الشارف): هذا أبو القذافي!

انتفض صاحبنا وقال: ماذا تقول الفرخة؟ ماذا قالت؟

تدخلت على الفور لأخمد الفتيل الذي شعلته رغد، وقلت له: الطفلة لا تجيد العربية بشكل طليق، وتوجهت لرغد وسألتها باليوغسلافية وبهدوء: كيف هذ البعير ابو ذاك؟ فاجابتني بكل براءة وعرفت اللغز.

 

توجهت فوراً الى الرجل وقلت له: دكتور قبل سنة جاء العقيد القذافي الى بلغراد حيث حضر اجتماع قمة عدم الانحياز. ومعه ثلاث نوق شرب منها الحليب وعند حلول عودته تبرع بها الى حديقة حيوان بلغراد... اصبحت تلك النوق مكسباً كبيراً للحديقة فأخذ الناس يتوجهون لرؤيتها في بلد يخلو من الجِمال تماماً. وخصوصا الأطفال الذين لا يكتفون بزيارة واحدة ومنهم رغد التي زارت الحديقة مرات عديدة.

فالطفلة لا تعرف أن تعبر فهي تقول هذا البعير كبير وهو أب الأباعر الصغار (إبل القذافي).

 

الحمد لله اقتنع الزميل (الدكتور الثوري) ومرت القضية بسلام. وفي الحقيقة يبدو انه قدّر براءة الطفلة وصدق نقلنا للصورة كما هي.... وبارك الله فيه ولو كان شخصاً آخر وبروحية مغايرة لحصلت لنا كارثة على (الفاضي)... ربنا ستر.

 

وفيما بعد اخذت أقص هذه القصة للاصدقاء الذين أثق بهم مثل الحاج المرح رجب شطوش ود. حسين الرميح ود. حسين شفشه ورمضان الجامع ود. بلقاسم خماج ود. الهادي المغيربي ود. عبد الله الترهوني ود. سالم الزروق وعبد الحميد الذيب ود. مصطفى خشيم ود. علي حمزة وجمال اشكندالي ومحمود فحيل البوم والسوري الورشفاني وحافظ جنزور ورمضان المقرحي والحاج محمد ضو وغيرهم.

 

ونحن خلال مدة اقامتنا الطويلة في ليبيا لم نتدخل في الشؤون الداخلية للبلد ونحترم ونقدر الضيافة ونقدر المجتمع والبلد الذي ضمنا في ربوعه في ساعة الشدة.

 

موقف محرج نادر من بين ألوف المشاهد الجميلة والعلاقات الطيبة التي عشناها مع أهلنا الليبيين الطيبين.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.