اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• ثقافـة الغضب ...

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

حسن حاتم المذكور

مقالات اخرى للكاتب

   ثقافـة الغضب ...

13/03/2011

 

ثقافـة الغضب ـــ لسلفيي السرب ـــ

 

الغاضب لايمكن له ان يكون محاوراً موضوعياً ومسالماً ’ في الأغلب يكون مسيئاً او يخرج عن طوره فيشتم زوجته ويضرب اطفاله او يهن صديقاً لـه ’ ’ والغاضب احياناً ترتجف شواربه او خده او حاجبيه ’ وعلى صعيد الثقافة’ فالغاضب يرتجف قلمه وشعاراته وهتافاته وتصريحاته ’ وقد يصفع بلسانه ومقالته وكفه احياناً

الغضب يولد الأخطاء ’ ومنها الأكثر فداحة ’ واغلب حلات العنف والأقتتال بين الجماعات والعشائر والأحزاب وحتى الحكومات ناتجة عن اصرار الغاضبون على صحة مواقفهم ’ ثم يتواصل الغضب همجياً حتى النهاية المأساوية .

الغاضب دائماً يستعين بمخيلته المعطوبة ’ فيستحسن الشتيمة والتسقيط والتخوين والألغاء ’ ولا يرغب الحوار الهاديء اطلاقاً ’ أنـه مشحوناً بالغضب تجاه من يحاول اثبات اخطاءه ’ واسوأ ما في الغضب هو المفتعل منـه ’ انه يعتمد الأثارة والتهويل وتضخيم الأشياء وانتقاء مفرداته لترويج بضائع الأتجار بالأحقاد والكراهية والردح الجنوني ’ لكن وكما يقول المثل حتى " تستقر الفأس بالرأس " وتقع الكارثة وتسقط الضحية ’ يسحب الغاضب نفسه متفرجاً ناقداً وشامتاً احياناً ’ ثم يواصل البحث عن سوق آخر لعرض ذات البضائع .

لو اخذنا مظاهرات يوم الغضب في 25 / شباط / 2011 ’ حيث كانت اكثر من 70 % من جماهيرها امتداد لما سبقها من تظاهرات وطنية في ساحة الفردوس وشارع المتنبي ومحافظات عراقية اخرى ’ مسالمة مشروعة المطاليب ’ حريصة على سلامة الناس وامنهم وممتلكاتهم ’ هدفها الأصلاح العام ’ وهتفت " لا للمحاصصة .. لا للفساد ... لا للطائفية ... لا للأرهاب البعثي ’ وكانوا حريصين لمنع اندساس المخربين والكيديين ’ يحملون الورود والشموع ومظاهر الود تجاه الأجهزة الأمنية’ لكن مع الأسف ’ تسربت اليها نوبات الغضب من خارجها وحاولت ان تشوه هويتها ’ فما كان من بين شعارات الجماهير " ثورة الغضب وانتفاضة الغضب ويوم الغضب والثأر والزحف الغاضب لشباب ( الفسبوك ) الثائر وجمعة يوم الندم المخضب بلون الدم " ( ندم عن ماذا . ؟؟؟ ) ولا توجد في مخيلة الجماهير الشعبية حتى مجرد التفكير في مشروع اسقاط الحكومة انهم وبمسؤولية عالية كانوا يتحركون ضمن اطار الأصلاح السلمي ’ انها ثقافة الغضب تلك التي اخترقت صفوف الجماهير المقهورة والتي اساءت الى حقيقة الشعارات المطلبية والحقت الضرر بالأهداف الوطنية والأجتماعية للمتظاهرين ’ وفتحت ثغرة في حسن نواياها ومشروعية مطاليبها .

هياكل ثقافة الغضب لا يرغبون رؤية الحقائق على الواقع العراقي’ وليس من السهل اقناعهم ان الزمن قد تغير والعهد الملكي لا وجود له والجلاد صدام حسين قد سقط نظامه واعدم وان البعث اصبح زمر ارهابية ستختفي بضربات التحولات الديموقراطية ’ وبأستطاعة الجماهير ان تحصل على رخصة التظاهر والأحتجاج والأدانة في الساحات العامة من قبل الحكومة وضدها وبحمايتها ’ ولا يوجد في عراق اليوم ورغم كل المآخذ سجناً للوطنيين ’ يضطرون فيه لحفر نفقاً للهروب ’ او معتقل للنهاية وآخر للأمن العامة والأستخبارات ’ تقلع فيه الأضافر وتسمل العيون ’ او عقوبات بقطع اللسان والأذن وبتر الأيدي وتغييب الاف الضحايا في مقابر جماعية ’ وابادة المدن بالمواد السامة ’ انهم لا يرغبون رؤية ذلك بالتأكيد ’ لأنهم غير مؤهلين ولا يستطيعوا خلق تاريخ وطني جديد بديلاً عن تواريخ اختفت بقضها وقضيضها ’ هم تماماً كجنرالات الأتحاد السوفيتي السابق للحرب العالمية الثانية ’ عندما يستيقظ احدهم من نومه يرتدي بدلته العسكرية المثقلة بالمداليات ليحدث احفاد ابناءه اثناء الفطور عن صمود ستالين كراد واختراق الحدود البولونية وعبور الأودر ودخول برلين ورفع العلم السوفيتي على الرايشتاغ وكأن الحرب مشتعلة حول طاولة الفطور من دون ان يدركوا ان الساحة الحمراء محتلة بأعلانات الكوكو والببسي كولا والماكونالد والهمبركر والدسكوات وافلام رامبو وجيمس بوند’ وان لينين وستالين قد انسحبا الى المتاحف والأحفاد يتهيأون لدروس الفيزياء والكيمياء وعلوم الأتصالات ’ مضطرين لألتهام وجبتهم على عجل او يحملوها معهم هروباً من الثرثرة الثورية الغاضبة لجدهم الجنرال .

كيف لنا ان نقنع سرب مثقفي الغضب الثوري واصحاب المقالات السريعـة ’ بأن الواقع العراقي قد تجاوزهم ... ؟ مرة قال لي الدكتور عبد الحسين شعبان عندما كان صديقاً " اننا ولكثرة ما كتبنا من التقارير الحزبية ’ نستطيع الآن ان ننجز مقالة بدقائق " اصدقه بذلك ’ لكن ليس العبرة بكثرة المقالات ’ بل بحجم قيمتها الوطنية والأنسانية ’ فكتاب السرب لثقافة الغضب ’ ان لم يتجددوا ويتغيرو من داخلهم ’ سيستمروا مياه راكدة لن تغادر مربع صفرها ان لم يحركها تيار جديد .

وصلني نداء يدعو لفصل الدين عن الدولة ’ وهذا امر جيد ’ لكن عندما استعرضت اسماء المبادرين ’ رأيت من الأفضل ان يدعوا اولاً الى فصل دين علمانيتهم وليبراليتهم وحتى يساريتهم عن المجتمع العراقي ’ فدينهم لا يقل تكفيراً وتخويناً والغاءاً للأخر ’ انهم الوجه الآخر للسلفيـة ’ وعليهم ان يمنحوا فرصة للثقافة الوطنية العراقية لمعالجة الأشكالات الملحة داخل المجتمع المدني ومنها فصل الدين عن الدولـة ’ لا ان يضعوا حبل سلفيتهم في عنقها .

ثقافة الغضب ( ثقافة السرب) محكومة بأسباب المركزية المطلقة والطاعة المطلقة والخوف من تفكيك الذات ’ تماماً كما هي الروابط بين افراد العشيرة والمذهب ’ محصنين ضد اختراقات الوعي والتغيير’ فتراهم ذات الوجوه تتكرر في تبني موقف ما او التوقيع على نـداء تضامن او ادانـة ’ انهم سريعيوا الأنفعال والأستنفار ضد كل من يحاول التغريد خارج سربهم ’ انهم جيل متبقي من ذلك الزمان ’ لا يروا ابعد من ظلهم او ما يتخيلوه ويتمنوا ان يحصل حالاً حتى وان كان متخلفاً عن حراك الواقع ’ ومثلما يريدون فصل الدين عن الدوله ــ ونحن معهم ــ نطالبهم ان يكونوا معنا بمطالبتهم فصل سلفية دينهم عن المجتمع .

 

13 / 03 / 2011

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.