اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• ماذا فعل الغزاة بالشأن الثقافي والمكتبات العامة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

نبيل عبد الأمير الربيعي

مقالات اخريى للكاتب

ماذا فعل الغزاة بالشأن الثقافي والمكتبات العامة

سوف يذهب هذا العراق إلى آخر المقبرة

سوف يدفن أبناؤه في البطائح جيلاً فجيلاً

ويمنح جلادهُ المغفرة

لن يعود العراق المسمى , ولن تصدح القبُرة .... الشاعر سعدي يوسف

لقد شهد العراق من الحروب الدامية والنزاعات ما لم تشهدهُ أي من دول هذا الكوكب, دخل الغزاة على شكل موجات متتابعة, حتى اتخذوا منه قاعدة لضرب الحضارات المجاورة من فارسية ورومانية , وأخيراً بنيت بغداد بعصر الدولة العباسية وخليفتها أبو جعفر المنصور ثم أكمل بنائها المعتضد , حيث حكم العراق 37 خليفة عباسي , ثم أحتلَ من قبل البويهيين الفرس والسلاجقة والأتراك والمغول وسلوكهم المرعب في محاربة كل ما هو مبدع في هذا البلد وأغرقت كل المكتبات والمخطوطات في نهر دجلة, إذ خربت ما كان لحضارة وعمران ودام حكمهم 250 عاماً , ثم أحتلً من قبل الدولة العثمانية حيث استغلً كل ثروات البلد من قبل الولاة والسلاطين حتى حكم بغداد السلطان سليمان القانوني عام 1534 فبدأت الحروب الطويلة بين الأتراك والفرس لخلق العداء الطائفي داخل بغداد , فمنهم من يسارع لنصرة الأتراك ومنهم من يسارع لنصرة الفرس حتى هلك الحرث والنسل وتخريب المدن , كان تعداد العراقيين أيام الدولة العباسية قد تجاوز العشرين مليون فأصبح يتناقص إلى أقل من مليونين , كانت البلاد تئن تحت نير الحكم العثماني وتنقل خيراتهُ إلى الأستانة من قبل الولاة الأتراك بينما أهلها يعانون شغف العيش والجوع والجهل والمرض.

بعد الحرب العالمية الأولى دخلت الجيوش البريطانية العراق , ولكن لو نتابع ما قام به الغزاة السابقين واللاحقين من إهمال الجانب الثقافي والتراثي العراقي وحماية المؤسسات النفطية فقط من قبل الاحتلال الجديد (الأمريكي) وفسح المجال للغوغاء بسرقة المال العام وتخريبها ثم سرقة المكتبات العامة والمتحف الوطني ومواقع الآثار ليطمسوا ثقافة وتأريخ هذا البلد , قد يكون ذلك مقصوداً لطمر التأريخ العراقي وثقافته .

طقوس حرق المكتبات:

لو نعود للتأريخ ونتذكر ما فعل المغول وجيوشهم عند الهجوم على بغداد, فقد رمى أطناناً من الكتب والرسائل في نهر دجلة, فذهبت مؤلفات واصل بن عطاء وكتب أبي الهذيل ومصنفات النظام المعتزلي في الفكر والفلسفة والتوحيد والكثير من كتب الطبقة الحاكمة ومفكريها وأدبائها ومعارضيها , كل هذا بسبب الصراعات الفكرية والسياسية و الدينية والقبلية لمسلسل الحروب الطائفية,ثم لجان التحقيقات ومكاتبها في العهد الملكي من مصادرة الكتب التي لا تنسجم مع أفكارهم المتخلفة والتي تدعو للتحرر ونبذ المعاهدات الجائرة, متغاضين عن الظلم والقهر والبؤس المنتشر في البلاد, وختمها الدكتاتور صدام بسحب كل الكتب للمذاهب المغايرة من المكتبات العامة وللفكر اليساري, فقد كانت هذه الحملة بعد فض الاتفاق الجبهوي .

كل هذا سببهُ الانتهازية الفكرية وثم ظهور المتعصبون للمذهبية للطائفية ,فلو تابعنا ما يحصل في دول الجوار والعراق من تكفير بعضهم البعض والذي شمل المفكرين والباحثين أمثال السيد القمني والدكتور الراحل نصر حامد أبو زيد وقتل الدكتور فرج فوده والمفكر حسين مروه والمناضل مهدي عامل والمفكر كامل شياع , فأين يقف الفكر الطائفي والتكفيري من عمالقة الفكر العربي والمطرودين والمطاردين , هدفهم من هذه الأفعال التغييب العام للعقل والفكر المعاصر .

أما عربياً فقد أحرق اخناتون النصوص التي تختلف مع فكرة الوحدانية وأحرقت مكتبة الإسكندرية مستخدمها مشعلاً للحمامات لأربع سنوات حين كانت أكبر مكتبات العالم , كما أحرق السلطان محمود بن سكتكين الغزنوي إحدى المكتبات في الري الذي كان فهرسها فقط يحتوي عشرة مجلدات , وأحرق صلاح الدين الأيوبي كتب دار العلم للدولة الفاطمية الذي بلغ عددها مليون مجلد فقد نزعت جلودها للاستفادة منها لصناعة الأحذية ثم احرق مكتبتها , ثم غزا طبخيل مكتبة طرابلس فأحرقها ونقل المتبقي منها إلى أوروبا , كانت تحتوي ثلاثة ملايين كتاب , أما مكتبة الحسن بن صباح صاحب قلعة آلموت فقد جاوزت المليون ونصف مجلد ثم حولها هولاكو إلى رماد , ثم إحراق كتب أبي حيان التوحيدي وابن رشد وكتب الفقيه الزاهد داوود الطائي والزاهد يوسف بن أسباط والمتصوف الزاهد الحسين الحلاج وصلبهُ على أبواب بغداد , ثم إحراق كتب أبي السعادات وهو معها ثم تبعتها كتب الرازي وابن سينا من قبل السلطات جهلاً وتعسفاً من العلم , هذه المهرجانات التاريخية والتصفية للفكر والثقافة و لعشاق الحرية ومصيرهم ومصير فكرهم ومكتباتهم من طب وهندسة ومعمار في أوج ما يكون.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.