اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

أحد أهم قضاة العهد الملكي العراقي...القاضي داود سمرة -//- نبيل عبد الأمير الربيعي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

 

اقرأ ايضا للكاتب

نبيل عبد الأمير الربيعي

أحد أهم قضاة العهد الملكي العراقي...القاضي داود سمرة

اهتم أبناء الطائفة اليهودية في العراق بالتعليم ونشر الوعي الفكري والثقافي  من خلال بناء المدارس و توفير  المناهج التعليمية  وفق الطراز الأوربي الحديث , فقد "أسست الطائفة أول مدرسة عام 1830 لتعليم التوراة وأصول الدين ومبادئ القراءة والكتابة والحساب وفي عام 1864 أسست جمعية الإليانس  الإسرائيلية الفرنسية مدرسة عصرية ابتدائية ومتوسطة للبنين, وأخذت تدرّس العلوم واللغات بالإضافة إلى اللغتين العبرية والعربية والديانة الموسوية ...ثم أسست الجمعية الفرنسية سنة 1893 مدرسة للبنات لعلها كانت أول مدرسة للبنات في العراق"(1), كان الاهتمام بالجانب التعليمي من قبل الطائفة  كي ينالوا أبنائهم الشهادات العليا والعمل في الوظائف الحكومية , ففي مطلع القرن العشرين أخذ أبناء الطائفة بالتطلع لدراسة الحقوق في استنبول وفي طليعتهم " نعيم زلخة وداود سمرة ويوسف إلياس" الذين نالوا إجازة الحقوق عام 1905 من مدرسة الحقوق في استانبول وعادوا إلى بغداد للعمل وفق اختصاصهم , لكن في بغداد افتتحت مدرسة الحقوق عام 1908 فانتمى إليها عدد غير قليل من الشباب  ومنهم " صالح قحطان وإبراهيم الكبير وروبين بطاط وعبودي سيتي وإبراهيم خزوّم وسليم اسحق وغيرهم "(2).

ساهم أغلب هؤلاء الحقوقيين في نشر مقالاتهم في المجلات , وقد عرف بذلك صالح قحطان الذي ولد في بغداد عام 1893 وعمل مستشاراَ حقوقياً لدى وزارة المالية عام 1922 وانتخب نائباَ عن بغداد عام 1939, كما عمل  القاضي داود سمرة في مجال القضاء في الحقبة الملكية وكان من أبرز قضاة العهد وقتذاك , حيث اختارته محكمة التمييز في سنة تأسيسها نائباَ للرئيس وهو أول عراقي يشغل هذا المنصب , أما رئيس محكمة التمييز فكان بريطاني الجنسية, استمر سمرة بهذا المنصب لمدة ثلاثين عاماَ ولم يتركه إلا باختياره.

ولد القاضي داود سمرة في بغداد في " 2 طبيث5638 عبرية المصادف في أوائل كانون الثاني سنة 1878 ميلادية من أبوين عثمانيين هما حسقيل وكحيلة"(3), أكمل داود سمرة دراسته الابتدائية في مدرسة الأليانس (school ) ببغداد, فدرس اللغات كل من العبرية والعربية والانكليزية والفرنسية وبعض العلوم, وقد كان من الطلبة المتفوقين على دفعته في الدراسة الابتدائية , ثم أكمل الدراسة الإعدادية في الإعدادية الملكية عام 1894, ويذكر القاضي سمرة في مذكراته" كانت المدرسة مؤلفة من سبعة صفوف , ثلاثة ابتدائية وصفان للمتوسطة وصفان للإعدادية, لكن التلاميذ المتفوقين على الدفعة  في الإعدادية وعدهم مديرهم سليم سامي بأن يسعى لإرسال الطالبين الأولين  من الصف المنتهي  إلى استانبول للالتحاق بالمدارس العالية على نفقة الحكومة"(4), لكن صديقه الحميم نعيم زلخة  قد طلب  منهً أن يترك وعد المدير ويسافر سويتاً لغرض الدراسة , وقد لجأ نعيم إلى أحد معارفه وطلب منه  أن يواجه كبير الحاخاميين في بغداد(يوسف حييم) لكتابة رسالة إلى رئيس الطائفة الإسرائيلية في الإستانة  لغرض تأمين معيشة الطالبين على نفقة الطائفة طيلة أيام دراستهم في  تحقيق ذلك , فسافروا من بغداد في أوائل أيام آب عام 1899 فكانت سفرة شاقة على البغال من بغداد إلى حلب حسب ما يذكره سمرة في مذكراته ص22 مروراَ بالفلوجة ودير الزور ثم حلب فالاسكندرية عن طريق البحر الأبيض المتوسط بواسطة باخرة حتى وصولهم استنبول في 14 أيلول عام 1899.

كان هم داود سمرة ونعيم زلخة تحقيق أمانيهم واعتمادهم على رسالة الحاخام (يوسف حاييم) لرئيس الطائفة الاسرائيلية في الاستانة, إلا أن أمانيهم باءت بالفشل لأن كان رد رئيس الطائفة في الاستانة (إن المبالغ تصرف على المحتاجين ولا يمكن صرفه على طلاب المدارس) , وبجهود ومعاناة يومية قد تحقق هدفهم لتوفير وسائل العيش والراحة والدراسة من خلال اتصال داود سمرة بأحد أقاربه لأمه وهو رجل ثري معروف كان يسكن بغداد ورحل لغرض العمل في استنبول لغرض التجارة, فخصص لداود سمر نصف ليرة تركية شهرياً مقابل تحريره المكاتبات من الفرنسية إلى التركية والعربية والعبرية في أوقات الفراغ حتى يوم تخرجه وقد نال إجازة مدرسة الحقوق  وعاد إلى بغداد في نيسان عام 1905.

مارس داود سمرة" المحاماة في بادئ الأمر, ثم عين حاكماَ في محكمة استئناف الموصل (تشرين الأول 1909) فمحكمة استئناف بغداد( كانون الثاني 1910) ونقل في آيار 1914 م إلى الشام فآثر الاستقالة واستئناف مزاولة المحاماة"(5).

شغل سمرة وظائف هامة في القضاء العراقي بدءاَ من عضوية استئناف محكمة الموصل  ثم محكمة بغداد فمحكمة تمييز بغداد , حيث شغل المنصب زهاء خمسة عشر عاماَ ليصبح نائب رئيسها حتى تاريخ اعتزاله عام 1946 , لكن في نفس الوقت كان سمرة يقوم" بالتدريس في كلية الحقوق(1919-1951) ووضع كتاباَ في أصول المرافعات الحقوقية وقانون محاكم الصلح والإفلاس والتنفيذ  ,أعيد طبعها مراراَ"(6).

عمل سمرة في ديوان التدوين القانوني , فكان له دوراَ في كتابة قانون الحكام والقضاة رقم(31)لسنة1929 والقانون الذي حل محلهً رقم(27)لسنة1945 وقانون الخدمة القضائية رقم(58)لسنة 1956 والقانون المدني رقم(41) لسنة 1951 وقانون المرافعات المدنية والتجارية رقم(88) لسنة 1956 , كان له دور في كتابة أول دستور عراقي لسنة 1925.

من المعروف عن القاضي داود سمرة انه يمتلك القدرة في أحكام الشريعة والفقه الإسلامي بحكم دراسته لها وتوليه القضاء على وفق أحكامها الفقهية في النزاعات و الخصومات حتى عام 1955 , ويعرف عن سمرة  إن له مجلس ثقافي عام يعقده في داره ببغداد تناقش مختلف المواضيع من لغة وتأريخ وثقافة وأدب وفلسفة وموروث شعبي وفقه إسلامي  , كما إنه يتميز بفلسفته القانونية والقضائية  التي برع فيها أكثر من غيرها.

حصل القاضي داود سمرة أبان العهد الملكي على وسام الرافدين من الدرجة الرابعة ومن النوع المدني عام 1932 , وقد منحهً الوسام جلالة الملك فيصل الأول تقديراً لخدمته في القضاء والتدريس.

رحل داود سمرة عن الحياة عام 1960 وقد تجاوز من العمر (82) عاماَ , وقد قدم للمكتبة القانونية مصنفات ومؤلفات في القانون منها :

1)شرح قانون الجزاء

2) شرح قانون الإجراء

3)شرح قانون أصول المحاكمات الحقوقية

4)شرح قانون المحاكم العلمية

5)قانون أحكام الصلح المؤقت وما يتعلق به من الأنظمة والبيانات

6)مذكرات داود سمرة نائب رئيس محكمة تمييز العراق عن دار ميزوبوتامبيا

عرفت الأوساط الثقافية العراقية داود سمرة "فقيهاَ ضليعاَ وحاكماَ صلباَ نزيهاَ لا تأخذهَ في الحق لومة لائم, معتزاَ بحرمة القضاء, معتزلاَ للمجتمع خشية التأثر في أحكامه القانونية "(7). غادرت  عائلة داود سمرة العراق عام 1971 بعد مضايقات رجال الأمن أبان حكم البعث , وكان من ضمن أبناءه فريد داود سمرة الذي عمل مهندساَ في مديرية البريد والبرق العامة , فقد انتخب نائباَ عن البصرة ثم بغداد, وقد مارس الأعمال التجارية المختلفة حتى رحيله من الحياة عام 1982.

المصادر

(1) يوسف غنيمة – نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق ص305

(2) نفس المصدر السابق ص227

(3) مذكرات داود سمرة ص9 عن دار ميزوبوتاميا

(4) مذكرات داود سمرة ص15

(5) مير بصري-اعلام اليهود في العراق الحديثص73

(6) مير بصري- اعلام اليهود في العراق الحديثص74

 

(7) يوسف غنيمة- نزهة المشتاق في تأريخ يهود العراق ص278

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.