اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

التحولات الدستورية في العراق بين الأمس واليوم -//- نبيل عبد الأمير الربيعي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

نبيل عبد الأمير الربيعي

التحولات الدستورية في العراق بين الأمس واليوم

يعتبر الدستور أرفع وثيقة قانونية ومنظم  رئيسي للعلاقات الاجتماعية ونظام الدولة ومبادئ تجسيد سلطة الدولة , وهو القانون الأساسي الوحيد والمناسب لهذه التكوينة الوطنية الاجتماعية التي تعلن الطبقة الحاكمة باسمها المبادئ الحيوية الهامة  لوجودها .

لكن نلاحظ إن أغلب الأحكام بسبب ذاتيتها تكاد تحدد الأهواء الشخصية أو الانتماءات العقائدية , كما إن هنالك جفاف في الإعلان القانوني الأساسي لهذا الدستور نتيجة الجهل بالخلفيات التي سُنّ في ظلها هذا القانون , وخاصة ما حصل في العراق , منها الخلفيات التاريخية لظهور الدولة والظروف الداخلية التي تطورت فيها العملية السياسية , وتأثير القوى الخارجية على هذه العملية .

لقد تم إعداد أول دستور عراقي عام 1924 , كانت تلك مهمة الساسة العراقيين الفاعلين في العملية السياسية الداخلية , حيث يعتبر أول دستور عراقي لوسيلة بناءه لتوحيد كافة مكونات المجتمع العراقي وفق الوطن الواحد والتطلع للمستقبل والمُثل العليا لإقامة مجتمع عراقي وطني حقاً لخلق نظام ديمقراطي موحد وطنياً , إلا أن هذا الهدف قد انحرف إلى الطريق  الغير صحيح بعد استلام السلطة عام 1968 , نحو وحدة مؤقتة بعد أن تمكن بعض أبناء منطقة واحدة كان على رأسها رئيس ينحدر من تلك المنطقة , لكن بعد عام التغيير 2003 وعندما تمَ الاستفتاء في تشرين الأول  عام2005 , فقد ظهر خطر قائم بسبب التسرع في الاستفتاء العام على الدستور .

يعتبر الدستور" القانون الأساسي للدولة كقاعدة تصوغ بصورة مكثفة القيم الأساسية والروحانية الرئيسية التي ينبغي أن تتشكل في ضوءها ليس فقط التصرفات والتوجهات اليومية للمواطنين  العاديين والمسؤولين وإنما الممارسات السياسية للدولة " ,لكن نلاحظ سن الدساتير في الأنظمة العربية من خلال إقامة أساس قانوني ملموس للدولة ومؤسساتها ومنظماتها الحقوقية , فقد أصبحت أكثر الأنظمة العربية ذات نظام دستوري صوري كونه تحجيم للسلطة ويتم تحقيق ذلك بعدة طرق منها "اقرار صلاحيات دستورية قانونية كثيرة لرأس الدولة والإبقاء على فجوات في نص الدستور ,وخصوصية الممارسة السياسية التي تكون دائماً لصالح السلطة , مما أعطى للسلطة والدولة طابعاً قطرياً و قومياً , وفرضت مصالح النخب السياسية الحاكمة في تبني السلطة , مما أشاع إلى خلق زعماء كارزميين وإشاعة الديمقراطية من دون الديمقراطية , وهذا يدعوا إلى ضرورة إشاعة الديمقراطية بين الأجيال الجديدة للابتعاد عن هذا النمط الذي وصلت به البلاد على حافة الهاوية وضرورة استيعاب العناصر الجوهرية الجديدة  مع إشاعة الديمقراطية كمفهوم في الحياة والابتعاد عن المفاهيم العرقية والطائفية  والدينية في العملية السياسية المعاصرة , إلا إن هذا لم يحدث مما ساعد على استغلال القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية بالتلاعب بعقول معتنقي الأديان والطوائف القومية والعرقية , وإلى خلق وضع سياسي شائك , الهدف  هو استغلال هذا الجانب للفوز بالعملية السياسية وفق التكتل لغاية تنفيذ نهجها السياسي مضطرة للمساعدة النشطة على البحث  على نقاط تماس بين الجماعات المتصارعة وعدم السماح بتقديم أحداها كقوة تحظى بالأولوية المطلقة والقيادة .

لكن الدستور  الجديد الذي صوت عليه بشكل متسرع عليه عام 2005 , قد قطع التطور الوطني للدولة , وكان الهدف إدخال عناصر  جديدة كمفهوم الفدرالية وتقليص صلاحيات رأس الدولة  ومنع احتكار أحزاب السلطة  , إلا إن هذا في الواقع لم يحصل وقد تم عكس ذلك وسيطرة على السلطة تحالفات هدفها السيطرة على رقاب المجتمع  والتلاعب بالمال العام وغض النظر عن السلبيات التي تحدث في  السلطات والدوائر من  التزوير وسرقة المال العام .

لقد تم توقيع اتفاقية بصدد العملية السياسية أثناء تواجد سلطة التحالف المؤقتة في 15 تشرين الثاني 2003 , على إعداد وإقرار مشروع القانون الأساسي (الدستور المؤقت) حتى عام 2004 , يتم تشكيل أجهزة سلطة مؤقتة وقد صادق مجلس الحكم وقتذاك في 8 آذار 2004 , على دستور مؤقت جديد يسري مفعولة على مدى المرحلة المؤقتة وسميت هذه الوثيقة بـ( قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية) وتم تحديد صلاحيات السلطة الانتقالية ومنح المواطنين جملة من الحقوق والحريات الهامة , لكن دستور عام 2004 قد تميز بكونه قد صادق عليه في ظل ظروف الاحتلال  الأجنبي, وانطوت عليه أهمية خاصة بمشاركة المستشارين الغربيين  ومنهم الأمريكيين بالدرجة الأولى وبعض الحقوقيين العرب  في إعداد الدستور ,وهذا ما يؤكده البروفسور خالد أبو الفضل , مما خلق رأي في الوسط العراقي مفاده إن مجلس الحكم هو صيغة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها , فقد منح الدستور الجديد بعض الحقوق للأكراد وهي حقوق ملموسة .

تضمن الدستور الجديد تسعة أبواب و(62) مادة , واعتبر الدستور ساري المفعول في كافة أنحاء العراق  بصيغة (قانون الدولة الأسمى) , ووضعت آليات صارمة لإجراء التعديلات  عليه , فقد تم التصويت عليه من قبل أغلبية أعضاء مجلس الحكم وإجماع أعضاء المجلس  الرئاسي عليها , وجرى التأكيد على أولوية الدستور الحالي  على منظومة كافة تشريعات الدولة  وقوتها القانونية , وأي قانون يتناقض مع أحكام الدستور الحالي يعتبر ملغياً ,وقد بدأت أحكام المرحلة الانتقالية اعتباراً من يوم 30 حزيران 2004 وذلك بتشكيل  الحكومة العراقية على أساس الدستور المؤقت , وقد استمرت  المرحلة الانتقالية لفترة زمنية انتقالية بعد أن يقر المجلس  الوطني نهائياً مشروع الدستور الدائم , وقد تم الاستفتاء على الدستور المؤقت وتوجّبَ نشره بوسائل الإعلام للمناقشة قبل الاستفتاء واشترط الإقرار أن يصوت المشاركين في الاستفتاء بنسبة (2:3) على أن يتم رفضه في ثلاثة  محافظات أو أكثر .

لقد ثبتَ الدستور إن نظام الدولة نظام جمهوري فيدرالي ديمقراطي تعددي , والنظام المتداول ينبغي أن  يقوم على المبادئ الجغرافية والتاريخية وليس على السمات  القومية والعرقية والدينية , كما ثبت الدستور مبدأ الرقابة المدنية على القوات المسلحة العراقية وحددت صفتها  بالدفاع عن العراق فقط , ومنعت وجود قوة مسلحة أو تشكيلات  عسكرية غير خاضعة للحكومة الانتقالية , وحظر الجيش التدخل  بالحياة السياسية , وسمح للعسكريين المشاركة في الانتخابات بصفة ناخبين  وليس كمرشحين لمؤسسات نيابية , كما لا يحق لهم القيام بفعاليات سياسية أو القيام بحملات انتخابية لصالح مرشحين آخرين , كما لا يسمح الدستور باستخدام المؤسسات العسكرية أداة  لقمع الشعب العراقي وحظر تشكيلي ميليشيات عسكرية خارج  إطار القوات المسلحة , كما تخضع دائرة الاستخبارات أيضاً  للرقابة المدنية وتمارس نشاطها في إطار القانون  وبما ينسجم  ومبادئ الدفاع عن حقوق الإنسان , وأعلن الدستور إن الإسلام ديناً رسمياً للدولة وأحد مصادر التشريع , ولكن إن  يوفر الضمانات الكاملة لمختلف الحقوق والحريات (حرية العقيدة وممارسة الشعارات الدينية ), ولكن لم يذكر الدستور مقاييس الشريعة ومكانتها في النظام التشريعي والحياة الاجتماعية ,و نلاحظ إن هذا يعارض الديمقراطية كونها هدفاً علمانياً , مع العلم إن الدستور العراقي المؤقت  أبقى مشكلة تأثير معايير الإسلام على الحياة الشخصية  مفتوحة , الأمر الذي نظرت فيه دساتير الدولة العربية الأخرى , كما أجرى الدستور اعتماد العربية والكردية لغتين رسميتين  للدولة , كما أقر الدستور المبادئ الرئيسية لحقوق  الإنسان واعتبر أي شخص يتمتع بالجنسية العراقية يمكن  أن يعتبر مواطن عراقي , وحظر إسقاط الجنسية عن المواطن  العراقي وسمح للعراقيين الذين اسقط العهد السابق هويتهم العراقية لأسباب سياسية أو دينية أو عرقية وغيرها تقديم  طلب لاستعادتها عن طريق المحاكم , وثبت الدستور مبدأ المساواة بين كافة العراقيين عند ممارسة حقوقهم بصرف النظر عن الجنس  أو المعتقد أو القومية أو الأصل , ومساواتهم أمام القانون  وحماية المواطن من الاعتقال التعسفي   وضمان جلسات محكمة عادلة وعلنية للمتهم وحق الدفاع ومنع التعذيب  والتعامل القاسي وغير الإنساني , وإدخال المعايير الديمقراطية  لحقوق الانتخابات لكل عراقي تتوفر فيه الشروط المنصوص  عليها في القانون , ومنعت ممارسة التمييز ضد الناخبين  على أي أساس كان .

يعتبر إقامة النظام الفدرالي  بأسلوب يمنع إمكانية استعمال صلاحية الحكومة الفدرالية لاستمرار سياسة الاستبداد مع العلم إن النظام الفدرالي يساعد على قيام حكم ذاتي  لكل منطقة من أجل خلق عراق  موحد يشارك كل مواطن فيه بشؤون  الحكم ويضمن لهُ حقوقه ويجعله متحرراً من أي تسلط , ومنح  الحق لكل محافظة بتشكيل مجلس محافظة وبلدية ومحلية  , ولا يحق للحكومة الفدرالية أن  تقيل بصورة تعسفية أعضاء مجالس  المحافظة أو البلدية أو المجالس المحلية.

فقد بدأ بديباجته والإشارة إلى خصوصية العراق كونه مهد الحضارة في العالم , واحترام  العراق لقواعد القانون وتحول السلطة سلمياً , ومبدأ التوزيع العادل للثروة , وتوفير تكافؤ الفرص  للجميع , وتثبيت الباب الأول من الدستور المبادئ الأساسية التي  تبني عليها أركان الدولة الجديدة , باعتبار العراق دولة مستقلة ذات  سيادة ونظام رسمي للدولة ومصدر أساسي للتشريع , وقد منح الدستور العراقيين حق تعدد الجنسية مستثنياً من ذلك من قبول منصباً سيادياً , ونلاحظ  إن الدستور يقّر حماية الحريات وكرامة الإنسان وحرية التعبير عن الرأي والفكر والكلمة  ومنع الاعتقال التعسفي والتعذيب والتعامل الوحشي , كما يضمن الدستور حرية الصحافة والاجتماع والتظاهر السلمي وحرية تأسيس الأحزاب السياسية والانضمام لها ومنع إرغام أي شخص على الانضمام إلى أية منظمة سياسية  , مما يمهد إلى إقامة نظام سياسي ديمقراطي وتعزيز المجتمع المدني وحماية مختلف أركانه .

لكن في هذا الدستور نجد هنالك ثغرات جديدة  ونقائص تعكس عدم استقرار الوضع السياسي العام بالعراق  وغياب التسوية للمشاكل القومية المستديمة وللاقتصاد الممسوخ وللعلاقات السياسية الخارجية , وأن تسوية هذه  الإشكاليات يعود إلى واقع القوى السياسية والاصطفافات  في البلد بعد انسحاب القوات الأجنبية مع العلم إن واقع  العراق السياسي أصبح معقد للغاية ويجب عليه عبور  واقع النهضة الاقتصادية وإعادة بناء المجتمع .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.