اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• ألإدمان وأنواعه

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

د. ناهده محمد علي

ألإدمان وأنواعه

إن مفهوم الإدمان على مادة ما أو ممارسة ما هو مفهوم عام وشامل ويعني أن هذه المادة المتناولة أو الممارسة المستمرة قد إمتلكت هذا الفرد وجعلته عبداً لها لا يستطيع فك قيوده منها إلا بالمساعدة الطبية مع الإرادة القوية وعوامل مساعدة أُخرى مثل دعم العائلة والمجتمع له والتغيير الشامل لنمط الحياة .

إن قائمة المواد المدمَن عليها واسعة لا حصر لها وتبدأ بالمواد المخدرة والمسكرات ثم أنواع الدخان من التبغ والحشيش والمارجوانا وتنتهي بالحبوب المخدرة والمسكنة والمنومة . وإذا تساءلنا عن كيفية حدوث ظاهرة الإدمان فالجواب إن الطبيعة البشرية تتشبث بكل ما يقدم لها اللذه والإحساس بالمتعة , وإذا لاحظنا تزايد الإحساس بالمتعة عند الشخص الذي يتناول الحلوى مثلاً فإن الإحساس بالمتعة يتزايد حتى القطعة الثالثة أو الرابعة بعدها يبدأ هذا الإحساس بالتناقص حينما تحصل الكفاية , أما في حالة المخدرات فالذي يحصل إن المتعة المتزايدة مع تزايد الكمية المتناولة تتزايد ولا تحصل الكفاية , فالسعادة والفرح الموهوم والإسترخاء العضلي والخيالات الجامحة تتزايد حتى لا يعود الجسم يحتمل الدفعات المتزايدة لأنها تحوي سموماً تفتك بالعقل والقلب والكبد والدورة الدموية ومع ذلك يستمر الفرد المتعاطي لتناولها بأنه وببساطة يضع المتعة في كفة ومواجهة الواقع المُعاش بآلامه ومسؤولياته في كفة أُخرى وهو في هذه الحالة يفضل الكفة الأُولى .

إن مواد الإدمان تتعدى المواد المخدرة وتذهب الى قائمة المأكولات والمشروبات وعلى رأسها المشروبات الغازية والمنشطات .

ويشعر المدمن عليها براحة ولذه كبيرة أثناء تناولها وبعدها وتقوم هذه بتهدئته والمساعدة على إسترخاء جهازه العصبي , ولو حللنا الموضوع لوجدنا إن الحياة اليومية بزخمها وهمومها تترك مرارة في فم الفرد وجهازه العصبي فتقوم المادة الشديدة الحلاوة بكسر هذه المرارة لأن الطعم المر بطبيعته مرفوض للذوق الإنساني فتقوم المادة الحلوة بسحب تأثير المرارة والتشنجات العصبية .

أما الإدمان على الشاي والقهوة والمشروبات الغازية فهو يقدم بالإضافة الى المذاق الحلو مادة ( الكافائين ) التي تتلاعب بالجهاز العصبي وتقوم بتنشيطه بعد الخمول والإحباط الحاصل للفرد بسبب الإجهاد العضلي والعقلي , لذا فهو يقدم اللذة والمتعة فيمكن الإدمان عليه , وبغض النظر عن الأعراض الجابية التي قد تنتج عن ذلك والتي قد تكون معاكسة للإحساس الأولي ومنها التوتر العصبي والإضطرابات الهضمية وإضطرابات القلب , لكن ما يشغل الإنسان دائماً هو الإحساس اللحظي بالسعادة .

وهناك أنواع أُخرى من الإدمان على الأشياء الغير متناولة كألممارسات والأفعال اليومية والتي تصبح تعوداً يمتلك الفرد ولا يستطيع مقاومته حتى يقوم بتدمير جسمه رويداً رويداً ومنها الممارسات الجنسية الشبقية المرضية والتي تقوم بتحفيزها الأدوية المنشطة والتي قد تؤدي الى السلوك الإجرامي وقد تنتهي بالموت المحتم خاصة للأعمار المتأخرة .

وهناك أيضاً إستعباد وإدمان من نوع آخر على التكنولوجيا المعاصرة حتى يصبح الفرد مقيداً بها غير قادر على الحركة أو ممارسة حياته اليومية أو على التفكير والإستنتاج السريع ويصبح تحليله للأُمور خاملاً وبطيئاً ويدع الأجهزة تفكر عنه وهو المتفرج دائماً , كالخدمات التي تقدمها للطلاب الحاسبة الألكترونية في مادة الرياضيات وخدمات الإنترنيت ( والبلي ستيشن ) بألعابها المختلفة وحتى جهاز التلفاز , فالحياة المتحركة في جهاز التلفاز تجعل المتفرج متفرجاً فقط لا فاعلاً وهو ما يدعى بـ ( الإستغراق ) أما ما يحصل أمام جهاز الكومبيوتر فإن الفرد المتعامل معه يستفيد من المعلومات الجاهزة والعلاقات الجاهزة وأحياناً من الممارسات التجارية الجاهزة من بيع وشراء كل هذا يحصل والفرد جالس على مقعده الغير متحرك حتى تصبح عادة السهولة والكسل هي العادة الأساسية التي يتعامل بها الفرد في حياته اليومية , فهو غير محتاج للبحث في المكتبات أو الإنتقال بين الدول للبحث

عن المراجع العلمية وهو لا يحتاج الى بذل أدنى جهد لبناء علاقات صحية وهو لا يبذل أي جهد أيضاً للحفاظ على علاقاته العائلية وزيارة أقربائه , وهو غير محتاج للذهاب الى الأسواق أو بذل الجهد لطلب العمل أو السكن أو الزواج فكل ما يحتاجه موجود في غرفة نومه ولا يحتاج إلا لتحريك إصبع واحد من أصابعه .

إن عادة الكسل والطلب السهل سيصبح شيأ فشيأ قيمة حضارية لدى هذا الفرد ولدى مجاميع كبيرة من الأفراد أو مجتمعات بكاملها , أما لُعب الأطفال الألكترونية

فهي تعوضهم عن الإختلاط وإكتساب المعارف من الأطفال الآخرين والشعور الحي والدافيء والتعامل مع البشر وكذلك تعوضهم عن تقوية جهازهم العضلي والعصبي بل تقوم بتخدير هذا الجهاز والإكتفاء باللعب مع الصور المتحركة وإكتساب المهارات منها , وهنا يبدأ الإحساس بالمتعة والإحساس بالإنتصار لكل ( نقطة ) يحصل عليها الطفل من خلال ألعابه وفي كل ضربة محكمة يُصوبها على عدوه المتحرك الموهوم وهنا ينمو إحساس آخر وهو الإحساس العدواني وهذا لن يموت أبداً بل ينمو ويكبر رويداً . أما جهاز التلفاز فيربي الأطفال على القيم المعروضة فيه ويتربى الكبار أيضاً وتتغير مفاهيمهم نحو الصح والخطأ ويلغي هذا الجهاز ما تعلموه من أبويهم أو جامعاتهم ويزرع فيهم قيماً جديدة تبعد الفرد عن الحياة العملية وعن الحقيقة وتجعله هائماً في خيال غير منطقي سواء كان أفلام البطولة والآكشن أو أفلام الرومانس المبالغ بها , ويخرج الفرد من كل هذا بقيم مفروضة عليه من قِبل منتجي الإنترنيت والدراما والتي قد تجعل هذا الفرد مقطوعاً عن علاقاته الإجتماعية , فهو يطلب من زوجته أن تكون بجمال ورقة بطلة أفلامه المفضلة ويمنعه هذا أن يلتقي إلتقاءً مباشراً مع أفراد عائلته ومجتمعه وكل ما عليه هو النظر الى شاشة الكومبيوتر والتلفزيون وايضاً كتابة بضعة أسطر لمعارفه وهكذا تتحكم الأجهزة المصنوعة من قِبل العقل البشري تتحكم بعقله وعاداته وتعيد بناءه الإنساني وقد يدمره هذا احياناً , إلا إذا أحسن إستعمالها بدون أن تمتلكه لساعات طويلة حتى يصل الى الحد الذي لا يستطيع فيه أن يمضغ طعامه إلا وهو جالس أمامها .

Read more: http://www.sotaliraq.com/mobile-item.php?id=109348#ixzz1v282EtVr

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.