اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• هل أصبح أطفالنا أشراراً !؟

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

د. ناهدة محمد علي

هل أصبح أطفالنا أشراراً !؟

إن الخير والشر سمتان موجودتان في كل مخلوق بشري منذ الخليقة وتتنازع هاتان السمتان مواقع القوة حسب المحفزات وردود الأفعال لها , وتختلف المحفزات من فرد الى آخر حسب قوتها وحسب العوامل الوراثية والنشاط الهرموني وطرق تفريغ شحنات الطاقة وهذه الطرق تختلف من فرد الى آخر ايضاً , فقد يستخدم الإنسان طاقته بنواحي إيجابية وقد يستخدمها بإتجاهات سلبية , والإيجابية هي ما نسميه بالخير والنشاطات السلبية هي ما تسمى بالشر , ومن المعروف أن الطفل يولد كما يقال ) صفحة بيضاء ( غير مدنسة برغبات الإستحواذ على المال أو الإستحواذ على البشر أو التمتع بالتخريب وإلغاء ذوات الآخرين إبتداءاً بالوالدين , وكلٌ ينمو تدريجياً مع وجود الإستعدادات الوراثية وعلى الأُسرة ثم المدرسة تشذيب النشاط السلبي لدى الطفل فهو قد يكون في ساحة اللعب مخرباً لأدوات اللعب معتدياً , لكن دور العائلة هنا هو تعديل هذه التوجهات السلبية وتحويل طاقته التخريبية الى طاقة إيجابية بانِيّة . إن الطفل الذي يحمل سمات الشر قد يكون دون أُخوته ( كالخروف الأسود ) مميز بالشر وحب الأذى للآخرين وخاصة أُخوته ثم بعد ذلك مجتمعه , ولهذا الطفل يُخصص وقت أطول وجهد أكبر لتحويل طاقته التخريبية الى طاقة بناءة , فقد يكون طفلاً ذكياً وقوياً لكنه يحتاج الى التنظيم والسيطرة على نشاطه العقلي والعصبي وقد يكون البعض منهم مصاب بـ Hyperactive وليس لديه أي نوايا عدوانية لكنه يحتاج الى علاج نفسي لتحجيمه والإستفادة من طاقته العشوائية .

إن الطاقة السلبية لدى الطفل لن تتحول الى طاقة شريرة إلا إذا إصطدمت بمحفزات على الشر وهي أما أن تكون التربية الأُسرية أو المحيط الإجتماعي ووسائل الإعلام وجماعة الأقران وكل هذه يجب أن تكون مجتمعة للتحفيز على أخلاق الشر والرغبة فيه , فهو قد ينمو مع والدين شرسين وعدوانيين وتنمو له الرغبة في الإنتقام لنفسه وقد يتعرض للضرب أو الإغتصاب وهو في هذه الحالة سيتحول الى شاب عدواني ومغتصِب أيضاً وقد يكون الطفل متواجداً في بيئة فقيرة ويعيش ظروفاً حياتية قاسية فيتجه الى تغيير محيطه إيجابياً أو الى تخريبه وتخريب المحيطين به بشكل عشوائي متوسعاً في عدوانيته الى البيئة الإجتماعية وقد تتشكل مجاميع عدوانية أو إرهابية مع مجموعة من الأقران فيشكلون عصبة قد تتجه الى السرقة والنشل ومداهمة البيوت والمحلات التجارية بشكل خطر ومنظم وقد تنتقل العدوى من خلال الإختلاط والفائدة المادية الى مجموعة أكبر من الأصدقاء الذين تتشابه بينهم الظروف الإجتماعية ولديهم الرغبة في تقليد قائدهم أو منظمهم الإجتماعي , فينخرط الأطفال الصغار الى الإتجاه العدواني للتأكيد على الذات ولرفع الغُبن وقد يجده البعض نوع من أنواع اللعب يقلدون به أفلام ( الأكشن ) والتي لها دور تخريبي كبير في تشويه الصفات الأخلاقية للأطفال وتحريف الإتجاهات الحياتية وحفر أخاديد في نفوس الأطفال الذين سيجدون صعوبة في التخلص منها إلا بمساعدة طبية , كما تلعب أفلام الرومانس المبالغ بها والدراما الخطرة في تنمية فلسفة الإنتحار لدى الأطفال والمراهقين كحل سلبي للمشاكل الإجتماعية والمادية , فقد يحب المراهق هذه الدراما ويختزن عقله كل التجارب المفتعلة وكل إحباط قد مرّ به البطل وقد يجد فيه ما يشابه إحباطه كاليتم والفقر والفشل الدراسي والإحباط العاطفي فيبدأ بمراقبة البطل وحلوله لمشاكله فيحذو حذوه فيبدأ أولاً بتكسير آثاث بيته غضباً لنفسه وبضرب صديقه تفريغاً لشحنات غضبه وهو بكل هذا يقلد البطل الذي أعجبه وإذا وجد البطل في الدراما أن الحل الأمثل هو الإنتحار فقد يتردد بتقليده وقد يقلده , وهكذا نجد أن العشرات من الذين قاموا بعمليات قتل عشوائي ثم إنتحروا في مدارسهم ومجمعاتهم السكنية في أُوربا وأمريكا لا يعانون من الفشل الدراسي بل قد تكون لديهم مشاكل عائلية ومدمنين قطعاً على مشاهدة أفلام ( الأكشن والدراما الخطرة ) , وقد يتساءل المتسائل عن السبب في هذا والجواب هو الرغبة في التقليد والتي هي موجودة لدى كل طفل ومراهق , فهو كي يبني ذاته يحتاج الى مراقبة الآخرين والإستفادة من تفصيلات حياتهم وإذا كان النموذج الذي أمامه سلبياً ومخرباً لذاته وذوات الآخرين فقد يتعلم أُسلوبه لإيجاد ذاته والمهم هنا هو أنه قد وجد ما يعجبه ويلائمه وقد لا يعجب هذا جميع الأطفال خاصة الذين لديهم علاقات عائلية متماسكة فتمر هذه الأفلام أمام عقولهم بشكل سريع غير مختزنين لأي ذكريات عنها ولا تتكون لديهم إنطباعات سلبية موافقة لأفعال البطل .

إن نوازع الشر تكبر لدى الأطفال بالعالم جيلاً بعد جيل لأن الأسباب الأساسية لها أخذت تكبر وتتوسع والتي هي المصالح المادية والمشاكل الإجتماعية كمشكلة الطلاق التي تزداد تأثيراتها في العالم كله سواءاً لدى الدول المتحضرة أو المتخلفة , وهناك ايضاً مشكلة الإدمان التي أخذت تدخل البيوت والمدارس والجامعات بكل سهولة كذلك مشكلة الإغتصاب والشذوذ الجنسي , وتبقى مشكلة الفقر هي المشكلة الأساسية في حياة الأطفال والمراهقين ومع وجود المشاكل السياسية والتي تُحدث تخريبات إجتماعية وتشويهات نفسية وعصبية وجسدية للأطفال , فحينما تتنازع القوى السياسية وتتنشر الشراسة في المجتمعات ومع وجود الحروب الأهلية تتولد لدى الطفل العادي ردود أفعال شرسة وقوية فهو يُطحن في رحى الجو العام وحتى لو كانت التربية الأسرية سوية وذات منظور قيّمي جيد فإن الطفل والمراهق قد يدخل الى داخل هذه العواصف الإجتماعية ولن تستطيع أسوار البيت ولا العائلة أن تحميه منها لأنه وببساطة يقضي ساعات محددة داخل البيت والجزء الآخر من حياته سيكون خارج هذا البيت وهكذا فإن تأثير المعارك السياسية والجو المجتمعي المشحون هو أقوى تأثيراً من وسائل الإعلام والدراما المعروضة حيث إستطاعت العائلة تحجيم تأثير الدراما على نفسية الأطفال لكنها ستجد صعوبة في تحجيم تأثير المعارك السياسية والخراب الإجتماعي على قولبة ونمو الشخصية السوية للطفل لأن العائلة وببساطة ستدخل هي أيضاً ضمن المعترك السياسي وتعصف بها الرياح السياسية وقد تدمرها بكل مكوناتها وبضمنها الأطفال وهذه لن تتوقف عند القاعدة المادية للعائلة بل تنتقل الى البناء القيّمي الأعلى فتحطمه ايضاً .

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.